الثلاثاء، 16 يناير 2018

مكاسب النّظام المصريّ من هجمات سيناء .



مكاسب النّظام المصريّ من هجمات سيناء
تنظيم ولاية سيناء يلاحق اقتصاد الجيش المصري
مقتل 6 من الأمن المصري بهجوم في سيناء
"داعش" يتبنى قصف "إسرائيل" بقذيفتين من سيناء

مقتل 15 مجنّدًا مصريًا في هجمات لـ"ولاية سيناء" بالعريش



هذه هي أبرز عناوين الصحف والمواقع الإخبارية خلال الأيام القليلة الماضية، والتي كان آخرها الأنباء التي تحدثت عن إشعال تنظيم ولاية سيناء جبهات العريش والشيخ زويّد ورفح، وإيقاعه أكثر من 17 قتيلا وعشرات المصابين بعدة هجمات استهدفت مقار ومراكز للأمن المصري وبنك كبير، وذلك بحسب آخر ما اطّلعتُ عليه أثناء كتابة المقال.
وقد يتبادر إلى ذهن المتلقي شيئًا من ثلاثة بحسب رؤيته للخبر. فالموالي للنظام في مصر يرى في هذه الأخبار حربًا شرسة لتقويض نظام الثالث من يوليو الذي أنقذ مصر من براثن الإخوان المسلمين، وأن هذه العمليات هي رد من الجماعة على إقصائها.
والمعارض يرى في هذه العناوين جزءًا من خطة تدمير مصر التي يعمل عليها النظام المصري منذ انقلابه على الشرعية وتنفيذًا للمخطط الصهيوني الذي أُعلن عنه في حضرة الرئيس لأمريكي بما سماه السيسي نفسه بصفقة القرن.
أما المحايد فيرى هذه العناوين كجزء من عملية شرسة كبيرة لقتل الاستقرار في العالم تقودها جماعة إرهابية عابرة للمحيطات، تمتلك أذرعًا لها في كل مكان وتثبت وجودها من خلال أتباعها المغرر بهم، لكن وفيما يبدو أن للنظام المصري وجهة نظر أخرى لنتائج هذه العمليات؛ وقيل قديما إذا احترت في معرفة الفاعل فابحث عن المستفيد.
العمليات الجنائية التي تُنفذ من مجموعات لا يمكن تحديدها رغم تبني تنظيم الدولة -فرع سيناء- أو ما يعرف بولاية سيناء لها لا يمكن إثباتها عليها، ذلك أن كل العمليات التي تتم في العالم وحتى تلك التي تظهر فيما بعد أن موتورًا نفّذها أو سكّيرا؛ يسارع التنظيم بتبنيها عبر بيان تتلقفه وكالات الأنباء. وآخر مثال على ذلك حادثة لاس فيجاس في الولايات المتحدة الأمريكية التي راح ضحيتها 50 شخصا وأُصيب أكثر من 200 آخرين.
إذا فإن لصق التهمة في تنظيم الدولة أمر يجب النظر فيه، فقد تكون عناصر مخابرات النظام كما يرى البعض، وقد تكون عناصر القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان الموجودة في سيناء منذ 2007 هي من نفذت العمليات الأخيرة ، بعد خروج زعيمهم من المشهد بعد المصالحة بين حماس وفتح بمباركة النظام المصري والتي يراها البعض إقصاءً له من المشهد.
هذا من ناحية الفاعل ، أما النتائج  التي ستترتب على هذا التصعيد فمتعددة. فالعمليات التي استهدفت أفراد الجيش دون الشرطة كما استهدفت منشآت اقتصادية سواء على مستوى اقتصاد الجيش أو الاقتصاد العام يجب الوقوف عندها لاسيّما وأن رفح محاصرة منذ أكثر من 40 يومًا. 
أما الضربة الأخرى والتي يجب الوقوف عندها وتؤثر بشكل كبير على ترتيب النتائج، هي تلك العملية التي استهدفت منطقة إشكول جنوبي الأراضي المحتلة والتي كالعادة لم تسفر عن أية أضرار بشرية ومادية.هذه العمليات التي استهدفت بدقة أهداف لها مغزى تفضي جميعها إلى نتائج تصبّ في مصلحة أطراف بعينهم لكنهم في النهاية شركاء في جني الثمار.
فهذه العمليات تؤكد رؤية المطالبينمن المسؤولين الأمنيين المصريين بتهجير ما تبقى من سكان سيناء لكشف العناصر الإرهابية ومن ثم القضاء عليهم. وفي سبيل ذلك تبرر الطلعات الجوية التي لا تبقي حجرًا ولا شجرًا إلا وتدمره، كما تبرر محاربة الإرهاب وما يلزمه من فرض حالة الطوارئ التي على أساسها يُسحق المعارضون، مما يمهّد الطريق لولاية ثانية للسيسي الذي لا يملك في أجندته إلا محاربة الإرهاب والحفاظ على الدولة من التفسخ.
كما أنها تلزم الجانب الفلسطيني والمقصود هنا حماس من ضبط أكثر لحدودها وتعاون أكبر مع السلطة الفلسطينية في ذلك، وهو ما قد يعني محاولة لجرّ حماس للتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني دون أن تشعر، كما أنّه مبرر قوي للنظام المصري لعدم فتح معبر رفح للتأكد من عدم تسلل العناصر الإرهابية داخل القطاع، وهو ما يعني أن يتنصلّ النظام من التزاماته كوسيط في المصالحة الفلسطينية وهو ما يعني أيضًا مزيدًا من الضغط على حماس إرضاءً للشريك الإماراتي الذي لن يرضى بغير استئصال شأفة الإسلاميين من المنطقة؛ وهي الرغبة التي تتوافق فيها مع قادة الكيان الصهيوني ومن ثم النظام في مصر، والتي تأتي على هوى الغرب رغم مناورة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بالاعتراف بأن إقصاء حماس كان خطأ كبيرًا، وهو ما يمكن تفهمه الآن من ثعلب مثل بلير.
إن هذه العمليات تمهد لمشروع السيسي للقيادة الأمريكية بما عُرف بصفقة القرن؛والمبنية على إيجاد بديل للفلسطينيين في سيناء، ويمكن هنا الربط بين المصالحة الفلسطينية وتهجير أهالي سيناء بتسوية فلسطينية شاملة مع الكيان الصهيوني في ظل تأكيد الإدارة الأمريكية على حل الدولة الواحدة التي قد تعني الفيدرالية أو إيجاد وطن بديل للفلسطينيين، والمعني بها في المقام الأول هو النظام المصري الذي يرى في إنجاز هذا المشروع عودة إلى مقاعد الفاعلين في المنطقة بعد انحصار الدور المصري خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يعني في مخيلته مزيدًا من الامتيازات المادية في المقابل.
وعليه فإن كل ما سبق يمكن أن يصل بنا إلى مستفيدين عدة من تصاعد وتيرة العنف في سيناء، لكن المستفيد الأكبر بلا شك هو الأكثر احتياجًا للوصول لهذه النتائج ومن ثم استثمارها. 



ليست هناك تعليقات: