الاثنين، 12 ديسمبر 2016

داعش: أنهار من الدماء بلا طائل..وتشويه لشعار الخلافة.



كيف تقام دولة الخلافةالاسلامية
بمســاندة أمريكــا وعملاء أمريكـــا؟


داعش: أنهــار من الدمــاء بلا طـــائل..
وتشويه لشعــار "الخلافــة"
بعد عامين ونصف من إعلان "دولة الخلافة الاسلامية" في الموصل 
..والتي تعيش لحظة النزع الأخير الآن..
 في الموصل أيضا فإن الأمر يستحق وقفة تقييمية من رؤية شرعية إسلامية. 
في البداية كان لإعلان الدولة المدوي والذي حدث في لحظات على ثلث الأراضي العراقية وجزء لا بأس به من سوريا كان له صدى إيجابي في أوساط كثير من المسلمين المتعطشين لدولة الخلافة، والمتعطشين لإعلاء كرامة وعزة المسلمين بعد أن خذلهم حكامهم وتيار الاخوان المسلمين ولكن "داعش" (الدولة الاسلامية في الشام والعراق)
... كانت مع الأسف حـلاً زائفاً لعـدة أسباب ...
والمسلمون لن يضيعوا عندما يفشل مشروعها لأن الفناء كان كامنا فيه منذ البداية، 
ولكن المسلمون سيدركون أن الحل هو المشروع الاسلامي الحضاري 
بين تفريط خط الاخوان وإفراط داعش وأن نجاة الأمة مرهونة
..... باكتشاف هذا الطريق الثالث الوسط .....
الذي يمكن استنباطه من القرآن والسنة بمنتهى السهولة
 ... إذا تحلينا بالحد الأدنى المطلوب من التقوى. 
---------------------- 
اليوم نتوقف عند جذور فناء داعش في مشروعها ذاته رغم أن داعش كتيار ستظل مستمرة كتنظيم عسكري سريي حتى وإن سقطت الموصل وبعدها الرقة ولكن بدون دولة أو أرض مستقرة كما هو الحال في أفغانستان وبقاع شتى في الأرض.
أولا: خطأ الافراط في الكفاح المسلح أو العنف تحت شعار "الجهاد" وهو في الأصل شعار إسلامي ومبدأ إسلامي بلا منازع. ولكن كيف؟! 
وخط داعش ينزع مسألة حمل السلاح من السيرة النبوية الشريفة ومن القرآن ويجعلها هي المدخل لكل شيئ والمنظور من خلالها لكافة أمور الشريعة. 
وهو خط لا تحتكره داعش بل بدأ في الستينات في مصر ثم في مجموعة متواصلة من التجارب والتنظيمات نذكر منها على سبيل المثال (تنظيم الفنية العسكرية- تنظيم شكري للتكفير والهجرة- الجهاد المصري- الجماعة الاسلامية على مستوى مصر- وحركة جيهمان العتيبي الذي احتل الكعبة حتى تنظيم القاعدة الذي انبثقت داعش منه). 
ذلك إذاً خط قديم أصبح يطلق عليه "التيار الجهادي" وهي تسمية خاطئة لأن كل المسلمين من المفترض أن يكونوا مجاهدين. 
والحقيقة فإنه تيار العنف المسلح الذي لا يدرك أو لا يريد أن يضع في الحسبان ان ثلثي القرآن نزل في مكة على مدار 13 عاما بدون قتال وحتى عندما أمر الله بالجهاد المسلح (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ). 
فإن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم استخدم السلاح بالحد الأدنى وكأنه مبضع جراح حتى فتح مكة، بل في الأعوام الثلاثة الأخيرة لم ترق نقطة دم واحدة وكان في ذلك أكبر انتشار للاسلام (العام الذي حدث فيه صلح الحديبية - عام عمرة القضاء - عام فتح مكة) وفتح مكة ذاته تم بدون صدام مسلح (عدا واقعة واحدة بسبب تعنت بعض المشركين عندما تصدوا في إحدى النقاط لخالد بن الوليد) فحتى في مرحلة الهجرة للمدينة والاذن بحمل السلاح فإن من يقرأ السيرة بدقة وتمعن يدرك أن الجهد الدعوي السلمي كان هو الغالب على المشروع الاسلامي في الاتصال بالقبائل حتى اليمن والبحرين لنشر الاسلام وكان حمل السلاح محصوراً مع قريش وقوافلها، ثم كان حمل السلاح على جبهة الروم (الشام) توقيا لاعتداءاتهم على المسلمين. 
وكان حمل السلاح واستخدامه رداً على عدوان مباشر أو تعويضاً عن نهب أموال وممتلكات المسلمين في مكة (من خلال التعرض لقبائل قريش) وردعاً لأي عدوان على المدينة كان محتملاً في كل وقت.. { أحد- الخندق}. 
وهكذا فإن القتلى من الطرفين في المعارك كانوا أقل من 300 بين بدر وحتى فتح مكة. 
ومدرسة داعش لا ترى إلا حمل السلاح وإراقة الدماء طول الوقت.  
وبالتالي أخذت المواقف الأكثر تشدداً دائماً ( كتصفية الأسرى) 
رغم أن الشرع يطرح 3 بدائل: 
(1) القتل (2) إطلاق السراح (3) مبادلة الأسرى أو الحصول على فداء. 
ان فيديوهات قتل المدنيين غير المحاربين أثارت الفزع بين الخصوم وحتى لدى عامة المسلمين. 
وعندما يفزع الخصم فإن ذلك سيجعل مقاومتهم أكثر شدة في المواقع التي لم تسقط في يدك بعد. 
  باختصار فان استخدام السلاح تحول إلى مبدأ أعلى يُنظر إلى كل شيئ من خلاله. واستبعاد أو تهميش مسألة الاقناع والفكر، وهي مسألة خطيرة فعندما يُفرض الاسلام بقوة السلاح فلن يكون إسلاماً حقيقياً وسينشئ نوعا من النظم الاستبدادية، السلاح في الاسلام لموازنة السلاح المعادي لاخراج القوة من المعادلة وإطلاق حرية الاختيار بدون إكراه وهو أهم ما يميز الانسان. 
السلاح لمجرد تحييد السلاح المضاد. في حوار مع أحد أنصار داعش قال لي:  لماذا يمكن للنظم الكافرة أن تفرض القوانين الوضعية بالقوة ولا يسمح للاسلام أن يفرض شريعته بالقوة وهي شريعة الله.  
  قلت له: هذا هو الفرق بين الاسلام والكفر، وهذا هو الفرق بين الله وعبيده،  فالله سبحانه وتعالى خلقنا لنختار ثم يحاسبنا في الآخرة بينما هو قادر على محو كل مخلوقاته دون أن ينقصه شيئ.  محمد رسول الله يدخل المدينة فاتحاً دون أن يحمل في جنبه مطواة أو سيف واحد ويُستقبل بالأهازيج وجمهور يتسلق النخل لمجرد أن يتمتع برؤياه (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع..وجب الشكر علينا ما دعا لله داع) ويدخل المجرمون فاتحين مخضبة أيديهم بدماء الأبرياء، يدخل الصليبيون بيت المقدس تخوض خيولهم حتى الركبة في دماء المسلمين كما  ذكر مؤرخو الغرب! ..... ولكننا نحمل السلاح دفاعاً عن أنفسنا والعقيدة حين يُعتدى علينا...... أو لتحييد السلاح الذي يرهبنا به الكفار حتى يمنعونا من الايمان. 
  ثانيا: استراتيجية محاربة الشيعة لا إقامة دولة إسلامية: (هذه الملاحظات كلها تتعلق بفكرة مشروع "الدولة الاسلامية" ولكننا نحتاج إلى حوار عن سوريا وحدها، وعن العراق وحده في مقالين منفصليين ان شاء الله.) عندما تتصدى للعمل العام ومن باب أولى العمل الاسلامي لابد أن تكون لك استراتيجية صحيحة تكون هادية لك في كل تصرفاتك وخطواتك. 
واستراتيجية هنا تعني خطة، فأنت في بؤرة العالم بل بؤرة العالم العربي والاسلامي (ما يسمونه الشرق الأوسط) وهي نفس البؤرة القرآنية أو المسرح الجغرافي القرآني الذي انحصرت كل رواياته فيما نسميه الآن الوطن العربي الآسيوي+ مصر في دلالة على محورية هذا المكان أو الاقليم في تاريخ البشرية. 
الخطة القدوة للرسول عليه الصلاة والسلام كانت نشر الاسلام في جزيرة العرب وتوحيدها والسيطرة على عاصمتها الروحية (مكة) وإقامة أول دولة إسلامية على أرضها. 
وهنا كانت كل الخلافات الأخرى خارج بؤرة الصراع (الروم- الفرس...الخ) مجرد إرسال رسائل للدعوة إلى الملوك مع وجود نظام صديق في الحبشة، ولكن دون أي محاولة لضم الحبشة إلى المشروع في مرحلته الأولى وحتى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. 
وكما ذكرنا فان بداية الاحتكاك بالروم (مؤته- تبوك- بعث أسامة) كان فيما نسميه الآن حملات للردع وتأمين الحدود بعد قتل الغساسنة حلفاء الروم لمن يدخل في الاسلام. 
.إذن كانت البؤرة هي مكة وسلطة قريش.
... ما هي الخريطـة الآن في الاقليـم؟ ...
السلطة الحاكمة الحقيقية على معظم الأراضي العربية هي الحلف الأمريكي- الاسرائيلي من خلال اسرائيل نفسها ثم الأنظمة العربية العميلة لأمريكا، وبالتالي فان العدو الرئيسي لأي مشروع اسلامي حقيقي والذي يعني إعادة السيطرة على ديار العرب والمسلمين هو هذا الحلف الأمريكي- الاسرائيلي. لكن داعش استهدفت النظامين العراقي والسوري بدلا من ذلك! يقول أنصار داعش ان صلاح الدين وحد العرب ليهزم الصليبيين في النهاية. وأقول لهم: إن صلاح الدين جاء من الموصل واستدار لها واتجه صوب الشام ومصر واشتبك فوراً مع الصليبيين. ولكن داعش التي كانت قريبة من دمشق ومن ثم اسرائيل استدارت لها واتجهت إلى الموصل!! ثم استهدفت الوصول إلى بغداد! ومعروف أن بغداد لم تكن أبدا تحت سيطرة صلاح الدين. 
وفي القرن 21 عندما تتجه داعش إلى بغداد التي أصبح الشيعة يمثلون 60% منها فانها معركة تبدأ ولا تنتهي! منذ أكثر من عام قال البغدادي انهم سيصلون العيد في بغداد ودمشق معاً وقلت لمحدثي بحسابات موازين القوى هذا لن يحدث!! وقد كان. 
لست فرحاً، فالخلافة الاسلامية هي حلم كل مسلم، ولكن الطريق كان خطأ وكان هذا واضحاً منذ البداية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، بل أنا في شدة الحزن على كل هذه الأنهار التي جرت بدماء الانغماسيين (الاستشهاديين أو الانتحاريين كما تحب أن تختار) كل هذه الدماء المخلصة التي ذهبت هدراً بلا طائل ومعها أنهار أخرى من المدنيين الأبرياء من الشيعة والسنة أيضا بلا طائل. وفوق كل ذلك احباط الأمة من كل فشل جديد وكأننا تحولنا من هواة إلى محترفي للفشل. 
بينما تقف اسرائيل في أشد حالاتها ارتياحا بل واغتباطاً فما يحدث في المنطقة هو عين ما تريده وتتمناه بل عين ما خططت له. 
والعرب حولها من كل مكان يتحاربون وهم – أي الاسرائيليون- في غمرة لاهون.. بل مستريحون. إذا كان لدى داعش (كتنظيم عابر للحدود والقوميات) خطة سليمة فقد كانت لابد أن تكون في مواجهة اسرائيل ودول المواجهة حولها.
 وإقامة دولة إسلامية سنية لتوازن- لا لتحارب- المشروع الشيعي. 
وبالتالي كان لابد أن تكون مناطق التركيز: 
(1) داخل فلسطين. (2) الجنوب اللبناني. (3) الأردن. (4) الجولان. (5) سيناء. (6) دول الخليج التي بها الخزان المالي للسنة وأيضا النفوذ الأمريكي. 
لو رفعت داعش راية فلسطين لوحدت أمة العرب والمسلمين خلفها. 
ولصححت المسار المنحرف الآن في منطقتنا حيث أضحى الناس- بفضل الأنظمة- ينشغلون بأي شيئ إلا فلسطين وحيث أضحى الاعتراف باسرائيل كأمر واقع مستقر هو "الحقيقة" الوحيدة المجمع حولها في عالمنا السني. 
ولكن داعش استمراراً للتيار الذي نشأ في أفغانستان أيام محاربة السوفيت لا تضع فلسطين في بؤرة الاهتمام. 
وبالتالي كما يرى الجميع فان داعش غير موجودة في فلسطين وقد يكون هناك تأثير اليكتروني ولكنه لا ينعكس في أي تيار أو عملية واحدة ضد اليهود المحتلين.
وبمناسبة حكاية صلاح الدين الأيوبي فان الشائع بين الاسلاميين ان صلاح الدين وحد مصر والشام ثم ضرب الصليبيين في حطين وهي المعركة الحاسمة، وهذا غير صحيح فصلاح الدين اشتبك من الشام دوما مع الصليبيين ودخل في معارك عدة قبل حطين ثم القدس، وكان مقيماً أوقاتاً طويلة في الشام بسبب ذلك، بل ان أقدام صلاح الدين كانت مقوسة من كثرة ركوب الخيل!!
ومن معاركه المشهودة ما جرى مع الصليبي أرباط الذي كان يستهدف الوصول إلى الكعبة وهدمها وكان مقره قريباً من العقبة الحالية، وقد أقسم صلاح الدين أن يقتله بنفسه وقد فعل رضي الله عنه. 
  إذن لا وجود ولا خطة لداعش داخل فلسطين، وإذا قيل بصعوبة ذلك لأن حدود اسرائيل محكمة!! فان لاسرائيل آلاف المواقع خارج اسرائيل في مختلف أنحاء العالم (السفارات مثلا) ونحن لم نسمع عن عملية واحدة ضد سفارة اسرائيلية واحدة أو مكتب طيران شركة العال..الخ ولا تقولوا انه خلال عمليات فرنسا تم استهداف مطعم يملكه يهودي!! لأن الجالسين في المطعم ليسوا يهوداً، كما أن استهداف اليهود المدنيين المقيمين خارج اسرائيل غير مقبول شرعا. 
وانما نتحدث عن أهداف لدولة اسرائيل المغتصبة  لفلسطين. 
ولكن ماذا عن دول المواجهة لاسرائيل حيث توجد تجمعات بمئات الآلاف من الفلسطينيين بالاضافة للعرب؟ تيار داعش موجود في المخيمات الفلسطينية في لبنان ولكن لم يفكر أحد لعمل قاعدة لمهاجمة اسرائيل عبر الحدود. 
وفي سوريا حيث انتهج النظام خط تسكين الحدود مع مساعدة حزب الله اللبناني، على مدار 5 أعوام من القتال في سوريا لم نسمع عن طلقة واحدة ضربت من الجولان على اسرائيل. 
في الأردن حيث يتركز جمهور لخط داعش (ونقصد ما يسمى بالتيار الجهادي السلفي عموما) وحيث يوجد منظرو هذا التوجه مثل المقدسي فلم تحددث عملية واحدة عبر الحدود على اسرائيل، ولا توجد خطة ضد النظام الأردني العميل، في مصر لا توجد (والحمد لله) أي خطة لداعش، والتقدير الحقيقي لداعش أن مصر لا تصلح حاليا للعمل المسلح، وخطتها تركز على جذب الاسلاميين لسوريا أو ليبيا، أما ما يجري في سيناء فهو عمل محلي بالأساس أما اعلان الانتماء للدولة الاسلامية فكان بغرض الحصول على معونات مالية أو فنية. 
وفيما يتعلق بالاهتمام باسرائيل فاننا نرى العمليات ضد اسرائيل من سيناء نادرة أو منقطعة. 
وكانت دائماً قليلة ولكن سيناء تحتاج لمعالجة خاصة ان شاء الله. المهم أن سيناء كجبهة ضد اسرائيل ليست في بؤرة اهتمام قيادة داعش المركزية. أ
ما في جزيرة العرب فانها جبهة لا تكاد تكون موجودة رغم عدد السعوديين المنخريطين في داعش، ولا نسمع إلا عن قتل جندي مسكين بين وقت وآخر في السعودية. 
  إذن مشروع داعش يتركز في العراق وسوريا على مواجهة الشيعة أو حلفاء الشيعة (النظام السوري العلماني) وقتل الشيعة المدنيين في كل مكان في العالم!! (اليمن وهم في الحقيقة زيدية نصف سنة- نصف شيعة- باكستان- أفغانستان- السعودية – العراق).
عندما قامت الثورة الايرانية اتخذت مواقف حادة لا ينكرها أحد ضد أمريكا واسرائيل، وأيدت المقاومة الفلسطينية المسلحة بقيادة عرفات، ورفع الخميني شعار الاسلام بهدف توحيد السنة والشيعة وبغض النظر عن عقائد الشيعة فان ايران ظلت ملتزمة بالقضية الفلسطينية دون أي نظام عربي آخر أو حتى إسلامي (تركيا) من حيث تقديم الدعم المالي حتى السلاح والتدريب عليه وكان القوس الذي يحارب اسرائيل تغلب عليه الطبيعة الشيعية (ايران- النظام السوري - حزب الله) بينما انهارت منظمة التحرير الفلسطينية تماماً، وبالتالي امتد الدعم الايراني لحماس والجهاد وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية. 
وايران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي سارت في خطة التسليح من البندقية إلى الصاروخ والتي انتهجت خط الاستقلال عن أمريكا، وبالتالى فان أي مشروع إسلامي سني- كما ذكرت في مقال سابق- كان عليه أن يجيب على هذه الأسئلة: 

(1) هل نتعاون مع المشروع الايراني ضد اسرائيل- وهذا ما فعله الفلسطينيون وعندما يبتعدون عنها يتوقف الكفاح المسلح كما هو الحال الآن. 
(2) التعاون في إطار المنافسة وهذا وارد وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.  
(3) أو المنافسة دون تعاون حتى نتأكد من إخلاص إيران للقضية الفلسطينية.  ولم يحدث الاحتمالان الأول والثاني (باستثناء حماس والجهاد وهما لا يملكان مشروع سني شامل) والثالث لم يحدث، فلم نجد صواريخ تركية أو سعودية أو مصرية تدك إسرائيل من غزة أو من أي مكان رغم توافر المال والخبرات. 
تخصص حكام أهل السنة والناطقين باسمهم في التشكيك في إخلاص إيران في العداء لأمريكا واسرائيل (الشيطان الأكبر والغدة السرطانية حسب تعبيرات الخميني) عظيم ولكن ماذا فعلتم سيادتكم يا حكامنا ويا فقهاؤنا منذ عام 1979 حتى الآن (37 سنة)، التطبيع أصبح علانية بين كل حكام الخليج واسرائيل، والعداء المستحكم ضد حماس وفكرة المقاومة والمزيد من الارتماء في أحضان أمريكا. 
في المقابل كان حزب الله يحارب الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1982 حتى عام 2000 (عام الانسحاب الاسرائيلي الكامل بدون مفاوضات ولا صلح ولا اعتراف- عدا مزارع شبع). 
ثم شاهدنا حرب 2006 بين حزب الله واسرائيل. 
ثم 3 حروب بين حماس واسرئيل (بدعم ايراني لحماس وسلاح روسي مهرب عبر سوريا (مثل صواريخ كورنيت). 
إن قضية الاسلام وإقامة الخلافة لا يمكن أن تستقل عن المواجهة مع اسرائيل، كما رأينا في عهد فتح الشام الأول ضد الرومان ثم في عهد التتار ثم في عهد الصليبيين وفي هذه العهود كلها كانت القدس هي البؤرة وأرض الشام وفلسطين (المقدسة في القرآن) هي مسرح المعارك الفاصلة. 
بمنطق الحسابات البسيط الذي لا يتعارض مع دروس وسنن السيرة النبوية، فإذا كانت اسرائيل هي العدو الرئيسي فقد كان يجب أن نتئك على المحور الايراني- السوري- اللبناني لنوجع اليهود بمحور آخر سواء كان متعاون أو متنافس مع المحور الشيعي ومن خلال هذه المعمعة يتم اكتشاف من هو الأكثر إخلاصاً للقضية. 
ولكن الاستدارة لمقاتلة الشيعة- دون اسرائيل- في حرب مفتوحة تحتاج لعشرات السنين فهذا هزل أو هدر أو خطأ مميت يجب أن تُسأل داعش من الذي دفعهم إليه؟! 
.... ولكن ماهي مسئولية الشيعة؟ ....
... الخطأ الجوهري للشيعة كان في العراق ...
أي فتنة طائفية لابد لها من طرفين نشيطين حتى تنجح. ولا يمكن أن نحمل قادة أو تيار داعش المسئولية كلها وان كانت تتحمل المسئولية الأكبر، كما انها عممت ما حدث في العراق على المنطقة بأسرها. 
من يتصدر العمل العام خاصة الاسلامي، وهو يضع خططه، فلابد أن يدرس خطط الأعداء..وقد كانت الخطة الجوهرية للحلف الصهيوني- الأمريكي في منطقة المشرق العربي إحداث أكبر فتنة ممكنة بين الشيعة والسنة باعتبارهما أكبر مكونين في هذه المنطقة لأن  أمريكا واسرائيل ليس بمقدورهما باعتبارهم غرباء عن المنطقة أن يحاربوا كل يوم وأن يجوسوا خلال الديار، والأفضل أن يسيطروا على المنطقة من خلال وكلاء وأيضا من خلال تفتيت المنطقة لإضعافها حيث يسهل السيطرة عليها بذلك، وهي خطة قديمة للاستعمار علموها لنا في المدارس (فرق تسد) ولكن تفرق بين من ومن؟
 ...هذا يختلف من وقت لآخر... 
فمع المد الاسلامي وجدوا أن الفرقة بين الشيعة والسنة هي الخطة الناجعة وكُتبت في ذلك كتب ودراسات اسرائيلية ويهودية وأمريكية (برنارد لويس أشهر الأمثلة) وهو يهودي مستشار للادارة الأمريكية. 
والمسألة ليست مقتصرة على الشيعة والسنة، بل يدخل في الخطة العراق (أكراد- عرب) وفي السودان (عرب وزنج، مسلمون ومسيحيون بإدعاء أن جنوب السودان بأغلبية مسيحية) وفي المغرب العربي (عرب وأمازيج) وفي ليبيا قبائل وشرق وغرب وجنوب. وفي لبنان كل التقسيمات، وفي تركيا (كرد وترك) وفي سوريا عدة تقسيمات (كرد- عرب- سنة- علويين- دروز مسيحيين) والمؤسف أن الخطة نجحت بامتياز خاصة في سوريا والعراق ثم ليبيا. 
كان الخطأ الجوهري للشيعة في العراق. كيف؟ 
عندما أطاح النظام الأمريكي بصدام ذي القاعدة السنية وحيث حكم السنة العراق عبر التاريخ فيما عدا فترات احتلال الصفويين لأجزاء من العراق، عندما أطاح الأمريكيون بنظام صدام، تعاونت الأحزاب الشيعية العراقية مع الاحتلال في المرحلة الأولى وثبتت نفسها في الحكم باعتبارها تمثل 60% من الشعب ووافقت على الدستور الطائفي الذي صاغته أمريكا (بخبير يهودي أمريكي)، كذلك عندما تم تأسيس جيش عراقي جديد وأجهزة أمنية جديدة كان يغلب عليها الطابع الشيعي خاصة في القيادة. 
ولذلك عندما استعرت المقاومة العراقية ضد الاحتلال كان الجيش العراقي في جبهة واحدة مع الاحتلال. 
وهذا برر للمقاومة أن تضرب الاثنين معاً، ثم تطور الأمر لاستهداف المدنيين الشيعة. وحدثت في البداية عملية استهداف المساجد السنية والشيعية بالتبادل ووثبت بالدلائل المؤكدة ان الاحتلال الأمريكي والغربي كان يزكي هذه العملية وكان يجند مجموعات من الشيعة للقيام بمثل هذه العمليات بينما كان الزرقاوي زعيم أول دولة اسلامية في المثلث السني لا يحتاج لتشجيع كي يستهدف المدنيين الشيعة. 
ومن أبرز الوقائع المعلنة أن الأمن العراقي في البصرة ألقى القبض على مجموعة من العسكريين البريطانيين وهم يقومون بحرق المساجد من الجانبين بمساعدة بعض العملاء بالطبع، وتم وضع هؤلاء العسكريين في سجن بالبصرة وكان تحويلهم للمحاكمة سيكشف أبعاد هذا المخطط الجهنمي لذلك وفي ظاهرة فريدة من نوعها قامت الدبابات البريطانية بتدمير سور السجن واقتحامه وتهريب العسكريين البريطانيين من سجن البصرة. 
المهم انه في ظل الاحتلال الأمريكي- الغربي استعرت الفتنة الطائفية في أنحاء العراق حيث حدثت أكبر عملية في التركيز الطائفي جغرافياً. 
تركز السنة في أحياء ومدن وتركز الشيعة في أحياء ومدن خاصة وسط العراق وبدأت عملية وضع تحصينات على كل مدينة أو حي. 
  إذن كان خطأ شيعة العراق الجوهري هو التعاون مع الاحتلال ونعني بهم الأحزاب السياسية الكبرى، ولكن في المرحلة الأخيرة تشكلت مجموعات شيعية مسلحة لقتال الأمريكيين والبريطانيين أشهرها عصائب الحق وهو ما أدى إلى إسراع عملية إنسحاب الانجليز من جنوب العراق، وكان الهدف هو إخراج الاحتلال والانفراد بالسلطة. 
ولكن لعبة التعاون مع الأمريكان استمرت حتى بعد الانسحاب الأمريكي ببقاء قوات أمريكية محدودة تحت زعم التدريب بالاضافة لمواصلة أمريكا في تسليح الجيش العراقي، وهو الأمر الذي عاد فتوسع الآن بشدة بعودة آلاف من الأمريكيين بالاضافة إلى الطائرات الأمريكية التي تشارك في محاربة داعش وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا. وهذا امتداد لخطأ التعاون مع الأمريكان بينما كانوا يقولون انها مسألة مؤقتة. 
وبذلك يجد المسلم الحق نفسه لا يستطيع أن يؤيد أيا من الطرفين: الحكومة العراقية وداعش، وهذا ينبئ بأن المأساة العراقية ستستمر حتى وان سقطت الموصل حتى يقيد الله للعراق قيادة رشيدة تجمع الشعب العراقي وتوحده تحت راية الاسلام في ظل تعددية متسامحة.
  نعود لجذور الفتنة ومسئولية الطرف السني، حيث اطلعت منذ سنوات على رسالة من أسامة بن لادن (على الانترنت) موجهة للزرقاوي يناشده عدم المساس بالمدنيين الشيعة ولكن الزرقاوي لم يستجب. 
ويدور الخلاف حتى الآن بين القاعدة (أيمن الظواهري) وبين داعش على أساس أن القاعدة تقول بعدم استهداف عوام الشيعة لعدم تكفيرهم، أما الكفار فهم خواص الشيعة، بينما ترى داعش أن الكل كفار. 
والمهم أن دمغهم بالكفر ينتقل إلى استباحة دمهم جميعا. 
ولا علاقة بين الكفر واستباحة الدماء، في أصل الشريعة، فالحرب أساسها رد الاعتداء (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) لاحظ أن المسألة متعلقة بالاعتداء (أخرجوكم) ... وهذه الاراء أدت في العراق بالذات إلى طريق مسدود. 
...  وأصبح أي سني يحاول التفاهم مع الشيعة خائن ... 
... عقـــائد الشيعــــة ...
تحت مسمى الشيعة في التاريخ تم إحصاء 38 ففرقة أو أكثر معظمها اندثر. ولا أريد مناقشة هذا الموضوع الشائك فهذا يحتاج إلى بحث مستقل ولكن السنة لهم موقفان أساسيان وكذلك للشيعة: 
  (1)اعتبار أن الطرف الآخر مسلم توجد معه خلافات جدية يتصل بعضها بالعقيدة، الله يفصل بيننا فيها يوم القيامة. 
  (2)اعتبار الطرف الآخر غير مسلم. ما يعنينا هو المذهب الجعفري الاثنى عشري مذهب الدولة الايرانية وحزب الله والفرق الشيعية الأساسية في العالم، وهو المذهب الذي اعترف به الأزهر الشريف دون باقي المذاهب الشيعية الأخرى. 
وهو أقرب المذاهب للسنة بعد الزيدية، وجوهر الخلاف حول الامامة أي الأئمة الأوصياء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعددهم اثنى عشر ولذلك يسمى هذا  المذهب مذهب الامامة. بينما نرى- أهل السنة- انه لا وصاية بعد رسول الله عليه السلام، ولكن قرآن وسنة ثم شورى واجتهاد. 
وسنجد اتفاق في أركان الدين: الشهادتين- الصلاة- الصيام- الزكاة- الحج. 
وقد أجمع المسلمون على إدخال هذه الطائفة في عداد المسلمين بالسماح لهم بالحج إلى بيت الله الحرام الذي لا يقربه  إلا المسلمون وكان ذلك عبر اتفاق بين الدولتين العثمانية والصفوية دون اعتراض من أي أحد وحتى الآن. 
وبالتالي فان تكفير هذه الطائفة مسألة لم تحدث إلا بعد الثورة الايرانية المعادية لأمريكا واسرائيل وقد حدث هذا التكفير بقيادة السعودية منذ عام 1979، بينما لم تفعله في عهد الشاه. 
وتم تكوين ترسانة رهيبة من الباحثين وفقهاء السلاطين لنبش الكتب القديمة لتعميق الخلافات وتحويلها إلى عداء مطلق، وكفر وايمان، وتحويل الشيعة إلى الخطر الرئيسي لا اليهود كما علمنا القرآن (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ) والمفترض أنه لا اجتهاد مع النص. 
  ولكننا نناقش من منظور الرأي الثاني (إخراج الشيعة من دائرة الاسلام) فحتى من يأخذ بهذا الرأي لا يجوز له أن يستبيح القتل. تصور مثلاً أن يكون المشروع الاسلامي في العراق هو إبادة 60% من الشعب العراقي!! أي نص في القرآن والسنة يبيح ذلك!!. فنحن في مصر مثلا لا نطرح إبادة المسيحيين لخلاف العقيدة، ولم أسمع بهذا الرأي من أي إسلامي متطرف، فلماذا بالذات إبادة الشيعة؟!! 
... السعودية هي المجرم الأصلي ...
لقد أنفقت السعودية عشرات المليارات من أجل إذكاء هذه الفتنة ومعها دويلات الخليج خاصة قطر والامارات. 
وإن كانت قطر قد تخصصت أكثر في الساحة السورية وخصصت قناة سوريا مباشر بعد مصر مباشر. والسعودية واخواتها كانت تنفذ المخطط الأمريكي- الاسرائيلي.  
المهم هذا ينقلنا إلى داعش، فكيف ستقيم دولة الخلافة بدعم من السعودية الخاضعة تماماً للنفوذ الأمريكي، ولماذا لم تعلن السعودية الخلافة الاسلامية عندها في مكة أو المدينة أو الرياض. تقدر الأموال التي أنفقتها السعودية في هذا المشروع الوهمي: بـ 45 مليار دولار حتى أصبحت الآن على حافة الافلاس. وهذا ينقلنا إلى النقطة الثالثة أو الخطأ الثالث. 
 ثالثا:كيف تقام دولة الخلافة بمساندة أمريكا وعملاء أمريكا؟
قامت دولة الاسلام الأولى بسواعد المسلمين، ولم يتصل الرسول عليه الصلاة والسلام بالفرس أو الرومان لإقامة تحالف ضد سلطة مكة أو للحصول على دعم مالي (حاشا لله) أما هذه الدولة الاسلامية العتيدة في الموصل والرقة وثلث العراق وثلث سوريا في البداية فكانت عبر بحور من أموال الخليج والسلاح الأمريكي ومظاهرة الناتو!! 
سيقول قائل كيف هذا والطائرات الأمريكية تقصف مواقع داعش في سوريا والعراق؟! 
صبرك بالله!! لأن الاسلام هو أخطر عدو للغرب، فان خطة ضرب المسلمين هي أعقد وأخطر خطة يمكن أن تقرأها في التاريخ. 
الاعلام الرسمي يشوه هذه الحقيقة عندما يبسط الأمر ويقول إن داعش صناعة أمريكية فلا يبدو مقنعاً لأحد. 
الموضوع أعقد من ذلك ويصعب أن تجد له مثيلاً في التاريخ، وقد كانت البداية في أفغانستان ضد السوفيت. 
باختصار أمريكا استخدمت البلاد الاسلامية (السعودية- قطر- الامارات- تركيا) لتأسيس كل التحرك المسلح ضد النظامين السوري والعراقي وكان هذا هدفاً في حد ذاته لعلاقات النظامين بإيران (المعادلة الايرانية- الأمريكية تحكم العراق) ولكن لا وجود لأمريكا في سوريا. كان المطلوب ضرب المحور الايراني، وتحجيمه وأيضا فتح الطريق لسايكس بيكو جديد، ولا مانع بعد تحقيق الأهداف من قصقصة جناح هؤلاء المسلحين وهذا ما يحتاج تفصيله إلى حلقة أخرى بإذن الله. (نواصل)


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛




ليست هناك تعليقات: