الجمعة، 7 أكتوبر 2016

مناهج التاريخ في المدارس المصرية "عاش الملك مات الملك" فيديو


إنهــم يزيفــون التـــاريخ 
 استهداف المناهج الدراسية في البلدان العربية



توجه التلاميذ إلى مدارسهم في مصر، حاملين على أكتافهم حقائب ثقيلة الوزن والمحتوى، تضم عدداً كبيراً من الكتب الدراسية متنوعة العناوين والمضامين، ومنها كتاب "التاريخ".. تلك المادة المهمة التي يعشق الطلاب دراستها، رغم أن عدداً كبيراً منهم لا يدرك أهميتها في تشكيل وعيه وإدراكه، فضلاً عن دور التاريخ في حفظ تراث الأوطان، وتنمية تراثها المكتوب وترسيخه في أذهان الأبناء. وفي مصر بالتحديد، هناك ظاهرة ربما لا تعرفها باقي الدول؛ حيث تتغير مناهج التاريخ وفقاً لتغير الحاكم، ملكاً كان أم رئيساً، حيث تزين صوره الكتب، ويصبح الرقم الأول والأهم في صناعة التاريخ، ما دام في السلطة؛ فإذا انتهت فترة حكمه لأي سبب يتوارى اسمه بين السطور، وتتوه صورته بين الصور الكثيرة في كتاب التاريخ، وتتحول إنجازاته "غير المسبوقة" إلى أعمال، واستراتيجيته "المدروسة" إلى إجراءات. وفي بعض الأحوال تتحول فترة حكم "الراحل عن الحكم" إلى "فترة سوداء في تاريخ الوطن"، وتصبح فترة الرئيس الحالي "تحولاً تاريخياً في تاريخ الأمة".
 ●● - تاريخ متغير 
 فالملكية نالها تشويه غير محدود بعد أن جاء الضباط الأحرار إلى الحكم عبر حركة ثورية فاجؤوا بها الشعب المصري في 23 يوليو/ تموز 1952، وبعد أن كانت الملكية فترة ازدهار، تحولت إلى حقبة فساد غير محدود، والملك فاروق الذي كان لقبه "الملك الصالح"، أصبح "العربيد".
 وجاء "الثوار" بمناهج أصبحت معها الثورة هي رمز مقاومة المستعمر، وتخليص المصريين من الاحتلال الإنجليزي، ومانحة الفلاحين البسطاء حق التعليم وتملك الأراضي الزراعية. وحين رحل "عبد الناصر" تحول "الزعيم الملهم" إلى "الرئيس الراحل"، وانقلبت الثورة إلى "حركة".
 وجاء السادات ورحل، ليخفت ذكر "الرئيس المؤمن"، و"صانع الحرب والسلام"، من كتب الدراسة، ويصبح مجرد سطور ينسب له الفضل في انتصار أكتوبر، في نفس الوقت الذي تنسب له اعتقالات سبتمبر التي أمر فيها بالقبض على أكثر من 1000 قيادة سياسية ودينية وعمالية.
 أما "مبارك" فكان "صاحب الضربة الجوية"، والرجل الذي في عهده "سينا رجعت كاملة لينا"، فاكتشف الطلاب في مناهجهم عقب ثورة يناير بأنه "ناهب أموال الشعب، والراغب في توريث ابنه، وبائع القطاع العام، وصديق الصهاينة". وحين جاءت الثورة بالرئيس مرسي، كانت المناهج تؤكد أنه الرئيس المنتخب الأول في تاريخ مصر، ولكنه تحول في مناهج ما بعد يونيو/ حزيران 2013 إلى "خائن وعميل".
 ●● - إنهم يزيفون التاريخ 
 ورغم أن التاريخ لا يجب المساس به، وينبغي الحفاظ عليه بعيداً عن التجاذبات السياسية، وأن مناهجه يجب ألا تخضع لاختلافات سياسية أو انفعالية ناتجة عن ثورات أو تقلبات سياسية، فإن واضعي المناهج المصرية لا يؤمنون بذلك، ويفضل بعضهم العمل بمبدأ "عاش الملك، مات الملك"، واضعين الطلاب إجبارياً أمام تغيرات متتالية في تقدير المواقف والسياسات، وتلوين الأحداث بألوان السياسة التي تتبدل كل عدة سنوات.
 وتجلت رغبة السلطات المصرية في التصريح الذي أعلنته وزارة التربية والتعليم في مصر بأنها أجرت تعديلات في مناهج التاريخ والتربية الوطنية، درس الطلاب بناء عليها "الرواية الرسمية لما جرى من تغيرات سياسية منذ عام 2011"، وهي في الواقع ليست إلا رغبة جامحة في تجريف عقول الطلاب من كل ما يخالف الرأي السائد رسمياً، والذي يعتبر أن ما حدث في 2011 ليس إلا ثورة يوم واحد فحسب، في حين أن "30 يونيو" هي الثورة الكاملة التي خلصت المصريين من حكم الإخوان، وبدأت في صياغة مرحلة جديدة من تاريخ الشعب المصري". ولم يخطئ عميد الأدب العربي طه حسين حين أشار في عام 1952 إلى تلك النقطة، مؤكداً، في مقال تم تناوله في الكتب المدرسية حينئذ، أن الطالب يقع في حيرة بين سرد كتاب التاريخ لحادثة معينة، وقراءة الطالب بعد ذلك لرواية أخرى حول نفس الحادثة، ومطالعته رواية ثالثة في كتاب آخر.
وكان يلمح حينئذ إلى التشويه المتعمد للتاريخ عبر مناهج التعليم التي لا تراعي الموضوعية والتجرد في رواية التاريخ.
 ●● - خيانة للعقل والوجدان 
 من جانبه يشير الدكتور خالد فهمي، الأستاذ بآداب المنوفية والخبير بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، إلى أن مراجعة الكتاب العزيز بما هو أعظم مصدر لدراسة التاريخ في التصور الإسلامي، وأصدقه، تضعنا أمام مجموعة من الملامح المهمة في كيفية كتابة التاريخ. ويفصل ما يقصده قائلاً: منهج عرض التاريخ في القرآن يعتمد على ذكر الحادثة، وأطرافها، وملابساتها، ومنح كل طرف ما قام به، وعمله، ثم تقويم الأمر، والحكم عليه من الوجهة القرآنية، فاستخلاص العظة من الموقف التاريخي، وربطه بالمنطق الإيماني، ثم ترتيب الأعمال المستقبلية على نتائجه.
 ويصف ما يحدث في كتابة مناهج التاريخ، حال عرضها على تلك القواعد، بأنها "خيانة" تمارس ضد العقل والوجدان المسلم المعاصر من زمن بعيد، حيث أصبح التماهي بين المؤرخ وحكام المرحلة نوعاً من خدمة الاستبداد، وخداع الجماهير، والكذب العملي.
 ويضع "فهمي" وصفة لقواعد كتابة منهج التاريخ بأنه يجب "أن نؤرخ لمراحل متفق عليها، بالمنهجية العلمية، مدعومة بالوثائق، وبتحليل منصف، يراعي ظروف كل مرحلة، ويفسر المواقف تفسيراً متوازناً، يراعي طبيعة إنتاج الأحداث، وما يمكن للمعاصرين استلهامه، واستثماره في المستقبل". ولا ينسى الإشارة إلى أنه "من المهم جداً التخلص تدريجياً من الانحصار في ميدان التاريخ السياسي الذي غلب على تناولنا للتاريخ، والتحول إلى مجالات الكتابة التاريخية الجديدة، مثل الكتابة عن تاريخ المخترعات، وتاريخ التجارة، وتاريخ الطرق، وتاريخ العلاقات الحضارية، وتاريخ التأليف في الميادين الجديدة التي لجأت إليها الأمة، وما إلى ذلك".



اللواء سمير فرج: 
مبارك لم يكن داخل غرفة عمليات حرب 6 أكتوبر








ليست هناك تعليقات: