الجمعة، 16 سبتمبر 2016

تعليقا على " لم الشمل" : ثورة يناير أسست لنا دولة لن نسمح بالقفز عليها



.. ثورة يناير أسست لنا دولة..
لن نسمح بالقفز عليها والعودة للمربع صفر



نشرت الكاتبة الصحفية "شرين عرفة"عبر صفحتها الشخصية "فيسبوك" تدوينة مطلولة للتعليق من خلالها على مبادرة "لم الشمل" قالت فيها :
ردي على مبادرة "لم الشمل" :
لا أعرف من يمثل هؤلاء الذين اجتمعوا في واشنطون وأخرجوا لنا بما يسمى بمبادرة لم الشمل ، وبالرغم من أن الحديث عما يسمى بالإصطفاف وتوحيد الصف الثوري وخلافه أصبح مبتذل للغاية، ولا معنى له مطلقا ،فالثوار على الأرض متوحدين بالفعل ولا خلافات سوى بين القابعين خلف شاشات اللاب توب ، إلا أني سأحاول الرد عليها باختصار ، المبادرة التي اجتمع فيها ممثل عن حزب الحرية والعدالة و 6أبريل وحركة تدعى غربة لم أسمع بها من قبل وأناس قيل أنهم رموز ثورية ولا نعرف كيف ومتى ثاروا؟ منهم "عصام حجي" ...خرجت علينا بعشرة بنود :
- البند الأول -  ثورة 25 يناير هي الثورة الحقيقية، ويظل شعارها العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية هو الأساس لكل سياسات مستقبليّة، وهنا لا أفهم حقيقة عن أي شعارات يتحدثون ، ثورة 25 يناير لم تظل شعارات جامدة بل أسست لنا دولة ، دولة لها رئيس وبرلمان بغرفتيه "شعب وشورى" ودستور يحكم مناحي الحياة، دولة كاملة ظللنا نؤسس فيها ما يقرب من عامين ، ودفعنا فيها ثمنا غاليا من دماء المصريين ، ونزلنا من أجلها 5 انتخابات حقيقية ، أدلى فيها عشرات الملايين من المصريين بأصواتهم ، وأنفقنا عليها المليارات ، لكن مشكلتها الوحيدة للأسف أنها كانت بدون قوة تحميها، وكان السلاح الذي تحمله سلاح فاسد ، طلقاته تتوجه لصدر مطلقها، لأن من يضغط على الزناد يأخذ أوامره من واشنطون وتل أبيب، وهو ما ساعد على هدمها بكل سهولة وفي عدة ساعات، في انقلاب الثالث من يوليو ، فلا تحدثونا عن شعارات ، حدثونا عن الدولة التي ابتلعها العسكر في بطونهم ، 
2- "التعدد والتنوع يعني التعبير عن توجهات مختلفة وآراء متنوعة، ومن المهم إقرار وقبول هذا التنوع عن طريق آلية الحوار الفعال وآلية ديمقراطية تضمن الحماية من ديكتاتورية الأغلبية أو الأقلية" وهنا لا أفهم صراحة ماذا تعني ديكتاتورية الأغلبية؟! في دول العالم كله ، لا حكم ولا قرار سوى ما اتفقت عليه الأغلبية ، فإذا كان حكم الأغلبية ديكتاتورية ، فلمن نحتكم إذن؟ سنعيد اختراع العجلة مثلا؟ أم سنضع قواعد جديدة لتسيير شئون الدولة، قائمة على مبدأ "كله يحب بعض" و"محدش يزعل التاني" وكل ما نختلف على أمر ؛ نعمل "قرعة" أو نلعب "حجرة ورقة مقص"؟!!!
3- السيادة والسلطة والشرعية من الشعب وللشعب وحده، ويحكم العلاقة بين قواه المختلفة دستور مدني والمساواة التامة بين كل المواطنين، ويتم إعلان وثيقة تضمن الحريات والحقوق لكل فرد من أفراد الشعب دون أية قيود....إلخ
-إذا كنتم تعترفون أن السيادة للشعب ، فالشعب اختار رئيس وبرلمان ودستور ، لا يعترف سوى بهم ، فهذا البند الطويل العريض ، لا نحتاج إليه أساسا لأننا لدينا في دستور الدولة الذي تم إسقاطه ما يغني عنه ، ولا نحتاج لتلك الوثيقة التي يدعون إليها ،كما أنه لم تكن مشكلتنا ابدا في أي وقت هو الدساتير وبنودها بل في تنفيذ ما جاء فيها 
4- صياغة دستور مدني ينص صراحة على عدم تدخل الدولة في المؤسسات الدينية أو العكس، وعدم تدخل المؤسسة العسكرية في العملية السياسية، ويرسخ الحقوق والحريات...إلخ
-أيضا بند لا نحتاج إليه ، لأننا لدينا بالفعل دستور مدني وافق عليه أكثر من 63% من الشعب ، وهي نسبة موافقة قياسية قلما تحدث في بلد من بلاد العالم ، وهذا الدستور قد أسقطه الإنقلاب وجاء إلينا بدستور لقيط اشترك في صنعه بانجو وبرايز وإلهام شاهين ، فيجب الحديث الآن على إعادة دستور 2012 المستفتى عليه وتفعيله على ارض الواقع ..ولا حاجة مطلقا لصنع دستور جديد
5- الدولة لا هوية ولا مرجعية لها إلا مدنيتها، ولا مؤسسات دينية تابعة لها، بحيث لا يتدخل الدين في الدولة ولا تتدخل الدولة في الدين، وتصدر القوانين والممارسات التي تتعلق بها على مسافة واحدة من جميع المواطنين إعمالا لقيمة المساواة وعلى قاعدة المواطنة. وهذا البند تحديدا هو أغرب بنود المبادرة على الإطلاق ، فلاتوجد في العالم دولة بلا هوية ، دولة مجهولة المعالم ، حتى ما تم شرحه بالتفصيله في هذا البند حيث لا اعتراف بأية أديان ولا تتدخل الأديان في صياغة قوانين الدولة ، يمكن أن يمثل هوية حقيقية للدولة،هي الهوية العلمانية ، لكن يبدو أن كلمة العلمانية قد ابتذلت في العقل الجمعي العربي ،ويعلم القائمون على المبادرة كراهية الشعوب الإسلامية لهذه الكلمة المقيتة ، التي ارتبطت دوما بكل الموبقات والرزائل ،فتم استبدالها بكلمة "مدنية" ، وكأنهم استبدلوا مثلا كلمة "حمام" بكلمة "دورة مياه" أو (Wc)، اسم يتم ابتذاله على ألسنة العامة ويرتبط بمعاني قبيحة فنغير الاسم لنفس المحتوى، العجيب أن شعار مدنية التي يرفعها العلمانيون دوما في وجوه أفراد التيارات الإسلامية في مصر ،هي ليست بديلا عن الهوية الإسلامية أو مناقضا لها ، مدنية عكسها عسكرية ، فالمنطقي والطبيعي أننا جميعا ننادي بمدنية الدولة،حتى الإسلاميين منا ، فإذا أردتم حذف الهوية الإسلامية قولوها صراحة نريد دولة علمانية، (من غير لف ودوران وتلاعب بالألفاظ) وهنا يبدو هذا البند وكأنه إحياء لاتفاقية "السلمي" والمباديء الفوق دستورية التي رفضها الشعب المصري من قبل، ويريدون الآن الالتفاف عليها ، وإعادتنا للمربع صفر.
ثم تأتي بعد ذلك بنود لا يختلف عليها أحد مثل :
6- وضع استراتيجية العدالة الانتقالية الشاملة لكل الشهداء والمصابين والمتضررين 
7- محاكمة كل من تورط في الدم 8- الإفراج عن كل المعتقلين ، ومحاكمة من قامت ضدهم الثورة وكل من استغل 30 حزيران/ يونيو في الانقلاب على ثورة 25 يناير. 
9- إعادة هيكلة جناحي حكم القانون (الشرطة والقضاء) 
10- عودة الجيش إلى ثكناته والقيام بدوره الحقيقي في حماية الحدود والدفاع عن الوطن وعدم التدخل في الشؤون السياسية والاقتصادية، وتعليقي على تلك البنود سينحصر فقط في نقطتين .
أولا : تم الحديث على 30يونيو بوصفها ثورة استغلها العسكر للإنقلاب على ثورة 25 يناير، في حين أن الجميع بات يعلم علم اليقين أنها كانت أولى خطوات الإنقلاب العسكري ، تمثيلية سخيفة تم حبكها وتغرير البعض بها، كي يكونوا أداة لتجميل وجه الإنقلاب القبيح ، فلماذا لا يتم الاعتراف بهذا ،أم أن القائمون على هذه المبادرة يريدون الالتفاف على منجزات ثورة يناير من خلال انقلاب جزئي يعترف ب30 يونيو لإسقاط ما تم قبلها ولا يعترف ب3 يوليو لتلافي ما بعدها؟! .
ثانيا :  أين الحديث عن محاكمة قادة الجيش المتورطين في الدماء والذين ارتكبوا مذابح كبرى قبل الحديث عن إعادته لثكناته؟! هل يمكن تصور إعادة الجيش بكل بساطة لحراسة الحدود وقادته غارقين في مستنقع الحكم والسياسة وأياديهم ملطخة بدماء الآلاف من المصريين، ويعومون فوق بحيرات من أموال الدولة وثرواتها ومقدراتها؟! وهل يمكن الحديث عن فصل الجيش عن الحكم والإقتصاد قبل الكلام عن إحكام سيطرة المدنيين على العسكريين ، كما هو الحال في كل دول العالم المتحضر ، وزير دفاع مدني يدير شئون الجيش ، بينما تنحصر مهمة الأخير في الدفاع عن الحدود وحماية البلاد من الأخطار الخارجية!! 
  وختمت تدوينتها بالقول : لا أمانع في أي مبادرات، وأتمنى اجتماع كل الحركات والكيانات في مواجهة الإنقلاب العسكري وتحرير مصر ، لكن على الأرض ، في هيئة أفعال يقترحوها على الصف الثوري وليس مبادرات وكلمات لا مردود لها ، تخرج من واشنطون ، والبداية تكون من 29 يونيو 2013 وليس 25 يناير 2011 ، فلن يسمح الثوار ابدا بالعودة بهم للمربع صفر والقفز على كل ما حققوه بدمائهم خلال السنوات الماضية.




ليست هناك تعليقات: