الجمعة، 2 سبتمبر 2016

الذين عادوا الآن ليستكملوا مهمة بيع البلد للحلف الأمريكي الصهيوني ..؟



شهادة المستشار طارق البشري
 أنهم يفككون كل شئ
 على المستوى التنظيمي والشعبي 
 وعلى المستوى الفكري والثقافي
لأنهم يبيعون بلدهم بقصد السفر 
 هم أنفسهم الذين عادوا الآن 
ليستكملوا مهمة بيع البلد للحلف الصهيو امريكي


هذه فقرات أنقلها حرفياً من بحث للمستشار الجليل طارق البشري تحت عنوان " الثورة المصرية والنخبة السياسية " كتبه في نهاية عام 2012 كافتتاحية للعدد الحادي عشر من حولية : " أمتي في العالم : الثورة المصرية والتغيير الحضاري والمجتمعي " ، وهي كلمة وجهها في حينها للنخبة المصرية يلفت نظرها إلى أهم المهام التي تواجههم لتحقيق أهداف الثورة ، وسيجد القارئ في نهاية الاقتباس تعليقنا على الفقرات المنقولة .
نحن الذين نشأنا وربينا على رجاء أن تكون بلدنا مصر مستقلة وناهضة ، وأن تكون حرة في إرادتها السياسية التي لا تتوخى إلا الصالح الوطني العام لها ، وأن تكون كبيرة في محيطها العربي والأفريقي ، قوية بجيشها ، وذات نهضة اقتصادية تسند استقلالها السياسي وتتسع به رقعتها الزراعية ، وتنمو به حركة التصنيع بها ، وتنتج – فوق كل ذلك وأهم منه – أبناء من شعبها ذوي تخصصات علمية ومهنية وحرفية رفيعة المستوى في العلوم والمهن والحرف أو في الآداب والفكر الاجتماعي ، بما يبوئها ما نخال أنها تستحقه من مركز حضاري متميز وجاذب ، نحن الذين ربينا وعشنا بهذا الرجاء وتشخصت به هويتنا الفكرية والعاطفية ، لم نكن نستطيع أن نستقر ولا أن نصبر على ما آلت إليه أحوالنا في العقود الثلاثة الأخيرة من هوان وخضوع .
ولم نكن نستحق أبداً ما آلت إليه أحوالنا ، ذلك أن ما رجوناه لبلدنا لم يكن محض حلم ، إنما كان واقعاً محسوساً تتحرك على الأرض تباشيره ، وتنبني أسس صادقة لتشييده ، تنمية زراعية وصناعة وإرادة سياسية مستقلة ترعى الصالح الوطني العام ، وعلى الرغم من أي سلبيات سبق أن عانينا منها فقد كنا على مشارف مستقبل نستحقه بموجب تأسيسه على أرض الواقع ، وكنا بسبيل تدارك الأخطاء وتصحيح الأوضاع .
لقد آلت مصر في العهد السابق إلى أزمة ، وهي ليست أزمة ديمقراطية فقط ، بمعنى أنها لم تكن مجرد أزمة حكم أو أشخاص حاكمين ، فقد كانت سياسة هؤلاء سبب ما تعانيه مصر من ظلم اجتماعي لم تعرفه بهذا القدر حتى في عهد الملكية قبل 1952 م ، وما نعاني من دمار البنية الاقتصادية الزراعية والصناعية ، ولكن زوال المجموعة الحاكمة لا يعني زوال كل هذه الأوزار الاجتماعية ، لأنها تحتاج إلى سياسات في مجالاتها لتعيد بناء مصر على النحو المرجو ، وإن نزع الرصاصة التي أصيب بها الجريح لا يكفي وحده لشفائه ، إنما يلزمه وسائل علاج لما أصابه ، كما أن المجموعة التي أزيحت عن الحكم إنما فعلت ما فعلت تنفيذاً لإملاءات سياسية استجابت بها لمشيئة الولايات المتحدة وإسرائيل لإخضاع مصر وفرض الهيمنة عليها وإشاعة الوهن الحضاري الكامل فيها لئلا تبقى جماعة وطنية تهدد المصالح الغربية في هذه المنطقة ، وكل ذلك لا يزال قائماً ويحتاج إلى خطط معالجة .
إن هذه المجموعة الحاكمة التي فككت أجهزة الدولة التي يحكمون بها ويسيطرون على الشؤون الجارية ، هذه المجموعة التي فعلت ذلك يستحيل ان تكون عاملة لحساب ذاتها ، لأنها قوضت قوائم الاستمرارية لمؤسسات إدارية لا تبقى حكومة رشيدة إلا بها ، وإن من يحطم أجهزة الدولة التي يحكم بها لابد أن تكون لديه حسابات مالية بالخارج وطائرات خاصة قادرة على الإقلاع السريع ، فهو يبيع بلده " بقصد السفر " ، وهذا ما كان حاصلاً .
وإن خصوم هذه الأمة من خارجها ، ومن يأتمر بأمرهم هم وحدهم الذين يعملون جادين على تفكيكها ، وهم لن يضيرهم أن يفككوا كل شئ على المستوى التنظيمي والمؤسسي والحكومي والشعبي ، وعلى المستوى الفكري الثقافي ، ويفككون كل رابطة من روابط الاتصال والانتماء والتجميع والتحريك ، ليكون كل تشكيل خاملاً وبلا حراك سواء في ذلك التشكيلات الاجتماعية الأهلية كالنقابات والاتحادات والجمعيات والروابط والأحزاب ، ويشككون في كل فكرة مهمة ويثيرون التناقض بين وحدات المجتمع .
وهم يفككون أجهزة الدولة ذاتها التي عليها المعول في إدارة المجتمع وتنظيم شؤونه الجمعية من تعليم وصحة ومن وزارات وهيئات ومؤسسات تدير المرافق العامة ، ويقضون على النظرة العامة التي يتعين أن تهيمن على الإقتصاد وهيئات القطاع العام وأجهزة الرقابة على المنشآت الخاصة ، ويفككون الزراعة والدورات الزراعية ، ونظم حماية خصوبة الأرض الزراعية ومنع التصحر وتقليل البناء عليها مما كان سائداً وشائعاً حتى من قبل 1952 م ، ولا يكاد يماثل ما جرى في الثلاثين سنة أو الأربعين سنة الماضية إلا ما جرى لتدمير نهضة محمد علي على مدى الخمسينيات والستينيات من القرن التاسع عشر .
المطلوب من ثورة 25 يناير أن تخرجنا من هذا الوضع كله ، وإن التحدي المطروح على النخب المثقفة في بلدنا يتعلق بالبحث عن السياسات التي يتعين اتباعها وتنفيذها للخروج بمصر من هذا الذي حدث على مدى ثلاثين أو أربعين سنة ، لقد قاومت فيها مصر سنين ثم ضعفت مقاومتها بالتدريج ثم حدث الانهيار في السنوات العشر الأخيرة السابقة على ثورة 2011 م ، والسؤال الذي يثور هو : هل وجدت الاستجابة من مفكري مصر ومثقفيها ومن يسمون قادة الرأي العام فيها للتصدي لكل هذه الأوجاع ولرفع كل هذه الأوزار ؟.
لعل القارئ قد لاحظ أن المخاطر التي تتعرض لها الثورة كانت معروفة لحكيم الأمة ، وأعلنها في الوقت المناسب ، ولعل فشل التجربة الديمقراطية المصرية قد جاء من تجاهل هذا التحذير الذي قدمه البشري وغيره من المخلصين للوطن ، فما نأخذه على نظام الرئيس مرسي من تجاهل لقوى الشعب واعتماده على ذات الأجهزة والأفراد الذين رباهم نظام التبعية على عينه على مدار ثلاثة عقود هو الذي أدى إلى سقوطه وسقوطنا معه ، كما أظن أن القارئ يدرك دون حاجة إلى تنبيه أن هؤلاء الذين قال عنهم البشري أنهم يفككون كل شئ على المستوى التنظيمي والشعبي ، وعلى المستوى الفكري والثقافي ، لأنهم يبيعون بلدهم بقصد السفر ، هم أنفسهم الذين عادوا الآن ليستكملوا مهمة بيع البلد للحلف الأمريكي الصهيوني .  
***
د.م عاصم الفولى



ليست هناك تعليقات: