السبت، 2 يناير 2016

إلى ثوار يناير: وما أصحاب الجسر عنكم ببعيد !! - فيديو



فلا تكونوا كأصحاب الجسر



بعد أربعة أيام فقط من مبايعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب واستلامه مقاليد الحكم كثاني خلفاء الرسول صل الله عليه وسلم انتدب الناس للخروج مع المثنى بن حارثة الشيباني ليخرج على رأس جيشِ ويلتحق بصاحبه  أبو عبيد بن مسعود الثقفي للقاء الفرس واستكمال ما بدأه خليفة رسول الله الأول ابو بكر الصديق طمعاً في تحقيق نبؤة النبي "فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُفْتَحَنَّ عَلَيْكُمْ أَرْضُ فَارِسَ"!!.
وصل مدد المدينة إلى جيش أبو عبيد بن مسعود الثقفي وتأمر على الجيش الذي كان قوامة نحو عشرة ألاف مقاتل يقاتلون فى سبيل الله وتحت رايته ، صار الجيش صغير العدد عظيم الإرادة قوي العزيمة لتحقيق الحلم يحقق انتصارا عظيما فى معركة بعد معركة على اعظم ممالك الارض حتى استطاع أن يحلق بهم ثلاث هزائم متتالية فى عشرون يوماً فقط انتصر المسلمون في معركة النمارق، انتصروا أيضًا في موقعة السقاطية على القائد الفارسي المحنك "نورسي" وبعدها بخمسة أيام تقدم أبو عبيد إلى "باقسياثا" بالقرب من بابل وانتصر على الجيوش الفارسية بقيادة "الجالينوس" وهو من كبار قادة الفرس، وكان رستم قد أرسله بعد هزيمة الفرس في النمارق والسقاطية.
توجه الجيش الفارسي بهذه الجموع الجرارة لقتال المسلمين الذين لم يزيد عددهم على عشرة الألاف مقاتل، وتوجه أبو عبيد بن مسعود الثقفي بجيشه إلى منطقة في شمال الحيرة - مدينة بالعراق- وعسكر بجيشه على الضفة الغربية لنهر الفرات، ووصل الفرس ووقفوا على الجانب الآخر من النهر، فاصبح المسلمون على الناحية الغربية بقيادة ابو عبيد، والفرس على الناحية الشرقية بقيادة بهمن جاذويه، وكان بين الشاطئين جسر عائم أقامه الفرس في هذه الآونة للحرب.
أرسل "بهمن جاذويه" قائد جيش الفرس رسولاً إلى الجيش الإسلامي يقول له: "إما أن نعبر إليكم، وإما أن تعبروا إلينا" وهنا تكمن القصه كلها.
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد أوصي أبي عبيد قبل أن يخرج إلى القتال فقال له: "لا تفشينَ لك سرًّا؛ لأنك مالك أمرك حتى يخرج سرك من بين جنبيك، ولا تحدثن أمرًا حتى تستشير أصحاب رسول الله" وهذا ما لم يلتزم به أبو عبيد فأخذ يناقش أصحابه ويشاورهم أمام رسول الفرس، وهذا إفشاء للسر، ولأمور التنظيم الحربي فقد فتح أوراقه جميعها على العدو ، كما عرفه بقادة الجيش الميدانيين ومن المفترض ألا يحدث هذا فلكل جيش قادة ميدنيين لا يعرفهم إلا قلة من الجنود، وأخذته الحميَّة عندما وصلته الرسالة؛ وقال: "والله لا أتركهم يعبرون ويقولون: إنا جبنا عن لقائهم" بالرغم من اجماع مستشاريه وقادة جيشه على عدم العبور لجيش الفرس - الأكثر عدداً والأجهز بميزان القوى الحربية- وقالوا له: كيف تعبر إليهم وتقطع على نفسك خط الرجعة، فيكون الفرات من خلفك؟!.
لقد كان المسلمون وأهل الجزيرة العربية يجيدون الحرب في الصحراء، ودائمًا كان المسلمون يجعلون لأنفسهم خط رجعة من خلفهم، حتي إذا حدثت هزيمة يستطيع الجيش أن يعود ولا يهلك بكامله، ولكن أبا عبيد أصرَ على رأيه بالعبور خاصة بعدما أغضب رسول الفرس حميته حين أخبره أن جنود الفرس يعلمون بمدى خوف المسلمين منهم.
كتخطيطاً حرباً نجد أن الجيش الإسلامي دخل في منطقة محصورة بين نهر الفرات والجيش الفارسي بعدده الكبير وافياله الضخمه وأسلحته المتطورة وبهذا فخيار المسلمون الاوحد هو القتال ختى الموت او النصر، والفرس يدركون أهمية هذا الموقع جيدًا، فأخلوا مكانًا ضيقًا ليعبر المسلمون إليهم، ويتكدس الجيش الإسلامي في منطقة صغيرة جدًّا فيسهل القضاء عليهم وبالرغم من أن هذا الامر كان ملحوظاً لقائد جيش المسلمين لكن قد اخذته الحميه وأقسم ألا يقول الفرس أن المسلمون جبنو أو خافوا لقائهم.
بعدما عبر الجيش الإسلامي بالفعل إلى هذه المنطقة، وسارت إليهم الجيوش الفارسية يتقدمها الفيلة ، أجهز الفرس بخيانه مسبقه على جيش المسلمين الذي سرعان ما ارتبك وتفككت صفوفه وسرعان ما تراجعت القوات الإسلامية تدريجيًّا أمام الأفيال، ولكن خلفهم النهر فاضطروا للوقوف انتظارًا لهجوم الفيلة وقتالها، وكانت شجاعة المسلمين وقوتهم فائقة ودخلوا في القتال، ولكن الخيول بمجرد أن رأت الأفيال فزعت وهربت، وكانت سببًا في إعاقة إقدام المسلمين على القتال، وعادت الخيول إلى الوراء وداهمت مشاة المسلمين، ولم تفلح محاولات المسلمين لإجبار الخيول على الإقدام لعدم تمرسها على مواجهة الأفيال، وفي هذه اللحظة -وبعد أن أخطأ أبو عبيد في إفشاء السر أمام رسول الفرس، وأخطأ في العبور مخالفًا مشورة أصحاب رسول الله ، وأخطأ باختياره هذا المكان للمعركة- كان لا بد عليه أن ينسحب بجيشه سريعًا من أرض المعركة.
سارت المعركة على نحو غريب ودهت الأفيال الكثير من جيش المسلمين ومنهم قائد الجيش ابو عبيد وغرق معظمهم بسبب قرار سيطرت عليه الحميه والغضب ومشاعر الانفعال ، نجى من هذه المعركة الفي مقاتل لم يجروء الفرس على ملاحقتهم بالرغم من قلة عددهم وتدني حالتهم النفسيه.
لم تكن الهزيمة التى لحقت بجيش المسلمين متوقعه فلقد اجتاز المسلمون قبلها ثلاث معارك حاسمة هزم فيها جيش الفرس هزائم سحيقه حتى ارتعدت أوصالهم وباتوا يخشون لقاء المسلمين لكن عليك أن تتمعن كثيراً فى  تحليل أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب لتك الهزيمة "غلبتكم الحمية".!!
كل ما أردت أن اقوله من سردي لهذه الواقعه التى يظن الكثير أنها ليست مفيده هو ما حل على جيش المسلمين بعدها ، فما استكانوا ولا ضعفوا وما عادت تأخذهم الحميه وتدفعهم إلى هلاكهم ، بل كانوا أشد بأساً وأقوى فى العزائم ، فنحن - اقصد بها جيل الشباب الذي شارك فى الثورة وما يزال- على مدار خمس سنين تفصلنا عن ثورة يناير لا نزال نفتقد التخطيط والحنكه ونتكل فقط على القادة او يتصيد بعضنا ببعض ليقفز مكانه وهذا بكل تأكيد لن يصل بنا إلى شئ سوي زيادة القهر.
لو تأمل أحدكم فى هذه الواقعه لعلم أن جيش المسلمين لو ظل مكانه عند النهر ولم يعبر احدهما للأخر لكان انتصاراً جديداً لهم على الفرس وتوسيع الدولة والحلم لكن "الحمية" والحماسة المفرطة وحب الانتصار الذي لم يصحبه "تخطيط" جيد وقراءة منطقيه للواقع وحساب موازين القوى والضعف واخراج الحالة النفسية والوقت من حساب المعركة افقد المسلمين انتصاراً عظيماً بل جعلت الجيش يفقد أكثر من نصفه فى قرار خرج فى جزء من الثانية.
ما جلعنى اسرد لكم هذه القصه والتى من المؤكد ان هنالك سرد افضل من هذا هو الشعور بما مر به اصحا11ب الجسر وما نمر به اليوم فما أشبه هذه القصة بحالنا ، جيش من الشباب توحدوا رغم اختلافهم وحددوا هدفهم صاروا يكسرون أصنام الطاغوت واحداً تلو الاخر ، جيشاً فقد الكثير من أصدقائه في سبيل تحقيق هدفه السامي.
ما اشبه معركة الجسر بمعركتنا مع هذا النظام الذي يقتل ويسرق ويتآمر علينا مع أعدائنا وأصبحنا نتلقى الهزائم منه تباعاً بعدما دحرناه فى معركة تلو الآخري ، فنحن من أسقطنا عرش طاغوتهم الأكبر بعد 18 يوم من المعارك المتواصله ، وبعدها غلبنا قائد الجيوش المحنك بمجلسه العسكري بعد معارك طاحنه ظنوا أنهم غالبونا فيها ، أما الأن فقد اكلتنا الحميه وتركنا انفسنا ومصيرنا بيد افراد أما ان غلبتهم الحميه فظلوا ينادون بالالتحام مع عناصر النظام ومليشاته التى تفوقنا بمرات ومرات واما قادة افتقدوا نهج التخطيط السليم والحنكة الاستراتيجه التى تنطبق على الواقع فيسهل تطبيقها.
نحن الأن ومع دخول الذكري الخامسة لثورة يناير لا نزال نسير على نفس النهج التى سارت عليه الثورة فى مهدها معتمدين على عنصر المفاجأة الذي أربك النظام وغفلنا ان استراتجية معركة لا تنطبق على أخرى وأن لكل هدفٍ خطة ولكل جيش ترتيبه.
ونحن نتذكر سوياً معركة الجسر علينا أن نعترف أننا جميعاً غلبتنا الحميه وحاصرنا جيشنا بين غشامة النظام وقهر المعيشه وضنك الحياة ولم نترك لانفسنا طريق ننسحب منه لنعيد ترتيب أوراقنا وتنظيم صفوفنا بل جعلنها معركة واحدة فاصلة وهو ما يستحيل حدوثه فأصبح كل مرة نلتقي فيها مع جيش الفيله الخيار الأوحد أما يموت أو نموت وكل مرة نخسر فيها أصدقاء جدد وتراق دماء جديدة ونصاب بحسرة جديدة وتزرف أعيننا دمعاً وتمتلأ قلوبنا غضبا وتحترق أكبادنا حزناً ونعيد الكرة مره أخرى على أساس الحمية لا التخطيط ونناقش أمورنا على مواقع التواصل وأمام الدانى والقاصى على مرأى ومسمع من رسول الفرس الذي ينتبه لكل حركة وسكون منا ليفزعنا باعتقال احدنا او موته خلف القضبان وحيداً مريضاً فتملأنا الحميه ونعبر له النهر ويسحقنا ونرجع نبكي ونعيد الكره مره أخرى.
خمس سنوات مرت ونحن لم نتعلم من أخطائا ولم نسمع ولم نسمح بالمشورة ولم يأخد أحدنا خطوة لتوحيد الصف إلا وخرجت ألف حنجرة تلعنه ولم نلاحظ أن الجيش الكبير لا يعبر بل يرسل إلينا رسول يقذف فى قلوبنا كرة من جمر تشعل حميتنا وغضبنا فنعبر له ليمكر بنا من جديد.
خمس سنوات شهدت تخون وافتراء وكذب ونفاق وأظهرت بين اظهرنا الف الف من اتباع ابن سلول ، خمس سنوات ضيعت فينا كثيراً من المعانى حتى أصبحت الثورة بالنسبة لنا مطالب فئوية فردية كلاً يتكلم عن جماعته وحركته وحزبه وفكره ونسوا أن جيش الجسر كان يدافع عن الدولة بأكملها وليس مسلموا الدوله ، كان يدافع عن المسلم وغيره ويدافع عن الكبير والصغير والغني والفقر ، كان له هدفٌ واحد ، وحارب لأجله علي قلب رجلٌ واحد.
تفصلنا أيام قليله عن معركة أخرى من معارك الجسر المتلاحقه ، فأما أن تأخذكم فيها الحميه ويشعل فيكم رسول الفرس ناراً وتعودوا نهاية اليوم تبكون وتهرعون إلى بيوتكم خاسرين واما أن يصيبكم فيها جزء من الحنكة والتخطيط فتحافظوا على ما حققتموه من انتصار وإن كان نفسياً فقط.
اليوم وبعد ان صارت أفيال الفرس تدهس أشقاء الميدان واحداً تلو الأخر ما بين اعتقال واحكام عسكرية وتصفيه داخل الزنازين وخارجها ، لم يعد لنا خيار سوي المواجهة ، فإما أن تدهسنا الفيله ، وإما أحدثنا بين صفوفها اخلالاً حتى حققنا نصرنا.
لا تكونوا كأصحاب الجسر اخذتهم الحميه واخطأوا التقدير فجعلوا الفرس يفتخرون إلى يومنا هذا بسبب خطأ لا تجعلوا الضعفاء الفاسدين يذكرهم التاريخ كثيراً بسبب اخطائنا وحميتنا المفرطه وتخطيطنا المنعدم ، انما ادعوكم بما دعا به أمير المؤمين عمر بن الخطاب اصحابه "لا تفشينَ لك سرًّا؛ لأنك مالك أمرك حتى يخرج سرك من بين جنبيك، ولا تحدثن أمرًا حتى تستشير" فلا تكونوا كأصحاب الجسر.


ما هي معركة الجسر أو معركة الشهداء؟ 
ماهو أثرها على فتوح بلاد فارس في عهد الفاروق ؟








ليست هناك تعليقات: