الجمعة، 2 أكتوبر 2015

مسرحية لعبة الشعب .. الكومبارسات المدنية والمسألة الانتخابية (1) فيديو



مسيرة القوى المدنية مع المسألة الانتخابية 
خلال الفترة الانتقالية




رصدنا في المشهد السابق مواقف القوى المسماة مدنية من مسألة الدستور وتغير مواقفها سبعمائة وعشرين درجة بين دستور 2013 ودستور 2014 الذي خرج في شكل عسكري صرف، يفرض وصاية عسكرية على الدولة والمجتمع بأكملهما دون أدنى خجل أو حمرة للوجه من قبل هؤلاء الكومبارسات المدنية.
 المشهد الأول
 مواقف هذه القوى من المٍسألة الانتخابية عمومًا، بدءًا من استفتاء مارس ومرورًا بالانتخابات البرلمانية والرئاسية وانتهاء بالاستفتاء على الدستور وكذلك الموقف من حل البرلمان المنتخب ورفض عودته والإلحاح على حل بقية المؤسسة المنتخبة والتحريض عليها وأخيرًا الدعوة المتبجحة لانتخابات رئاسية مبكرة بدعاوى متهافتة لا تدخل على عقل أي صغير يرى ويسمع ويتابع مواقفهم من الديموقراطية والمسألة الانتخابية على مر السنوات الماضية.
البداية مبكرة جدًا بعد سقوط مبارك بأيام حيث طالبت هذه القوى المجلس العسكري بمد الفترة الانتقالية والبقاء في السلطة لمدة عامين بدلًا من ستة أشهر كما هو معلن تحت دعاوى عدم جاهزية القوى المدنية والشبابية لخوض المنافسة الانتخابية في مقابل استعداد القوى الإسلامية نظزًا لقوة قواعدها الشعبية.
لخص ذلك الاتجاه تصريحين للدكتور البرادعي الأول في 27 فبراير 2011 قائلًا: “أقدر المجلس العسكري، ولكن علينا ألا نستعجل الفترة الانتقالية بعد عقود من نظام قمعي “والثاني في إبريل 2011″ يجب وضع مادة في الدستور تنص على أن الجيش حامي الدولة المدنية”.
كانت تلك التصريحات المبكرة لمد الفترة الانتقالية ومغازلة الجيش بوضع مادة تجعله متدخل في الشأن السياسي بشكل مباشر، كان ذلك مؤشرًا واضحًا لاتجاه هذه القوى إلى رفض العملية الانتخابية خوفًا من فوز الإسلاميين، وقد ظهر هذا مع أول محطة في اللجوء للشعب، وهو الإستفتاء على التعديلات الدستورية المؤقتة لإدارة الفترة الانتقالية في 11 مارس 2011، فقد سعت هذه القوى لعرقلة الإستفتاء بشتى الطرق وتحت دعاوى مختلفة بدت ساعتها وجيهة عبر شعار “الدستور أولًا”، ولكن جاءت النتيجة على عكس رغبتهم بشكل كاسح فقد مر الإستفتاء بنسبة 77% مقابل 23 %.
المشهد الثاني
يتعلق بالانتخابات البرلمانية في نوفمبر-ديسمبر 2011 والتي أسفرت عن فوز الإسلامين بنحو 70% من مقاعد البرلمان، وهو ما أغضب هذه القوى فصبت على البرلمان جام غضبها محاولة التشكيك في شرعيته بأشكال مختلفة عبر مقولات “الزيت والسكر” و”الشعب الجاهل” و”استغلال الدين في السياسة”، وتارة أخرى عبر مقولات “الشرعية الثورية” في مقابل “الشرعية البرلمانية” أو “شرعية الميدان” لا “شرعية البرلمان”، بل إن بعض أعضاء هذا التيار المدني في المجلس مثل “محمد أبو حامد” و”زيادة العليمي” كانوا من أنصار هذه الحملة داخل البرلمان نفسه وأخذوا يثيرون نفس الثنائيات “شرعية البرلمان وشرعية الميدان” وهو أمر مثير للغرابة والإثارة ويحتاج لوقفة تحليلية ربما في مشهد آخر.
ولا ننسى أيضًا مسار التشكيك الدستوري في قانون الانتخابات البرلمانية وما يتعلق بنظام القائمة والفردي،حيث دأبت هذه القوى على إثارة هذه الحالة من التشكيك ورفعت عدد من الدعاوى القضائية لحل المجلس في ساحات القضاء.
المشهد الثالث
ويتعلق بقرار حل البرلمان الذي قوبل بفرح عارم من قبل القوى المدنية، كما لو كان كابوسًا أزيح من على قلوبهم ، حيث قوبل قرار المحكمة الدستورية السريع للغاية بحل المجلس بحالة من الترحاب والمباركة رغم أن العوار الذي يمس القانون لا يتخطى مساحة الفردي المتعلقة بثلث البرلمان.
خرجت الأصوات المدنية تطالب المجلس العسكري بضرورة التنفيذ الفوري للحل، كما خرج بعض فقهاء الاستبداد الدستوري ينظرون للحكم الذي جاء على خلاف كل السوابق القضائية المنظورة أمام المحكمة الدستورية منذ إنشائها سواء في السرعة أو في الحيثيات. كذلك فقد ثارت ثائرتهم عندما أقدم الرئيس مرسي على اتخاذ قرار عودة المجلس لحين انتخاب آخر جديد، فقاموا بشن حملات ضخمة تحت دعاوى “نسف دولة القانون” وخيانة القسم الدستوري الذى حلفه الرئيس “.. إلخ؛ وهو ما أضطر الرئيس للتراجع عن القرار.
المشهد الرابع
ويتعلق بالإستفتاء على الدستور ديسمبر –يناير ( 2012 – 2013 )، حيث شنّت هذه القوى حملة إعلامية ضخمة تطالب بمقاطعة الاستفتاء وتشكّك في الجمعية التأسيسية للدستور وعملية صياغته من خلال الترويج لمقولات “جميعة تأسيسية باطلة ” “دستور باطل” “دستور مسلوق” “دستور الأخونة” “دستور الدولة الدينية”.. إلخ، وكان من أكثر التصريحات فجاجة فى هذا السياق ما قاله الدكتور البرادعي في تسجيل مصور لحث الناس على المقاطعة “عشان أكون واضح وصريح، هذا الدستور باطل حتى لو تم الاستفتاء عليه” هكذا قالها الرجل بكل صراحة.
المشهد الخامس،
بدايات 2013، حيث بدأ الترويج لمقولة “الانتخابات الرئاسية المبكرة” في شكل دعوة لحل الخلاف بين الرئيس ومعارضيه قبل أن تتفاقم إلى ما هو أسوأ، والغريب في هذه الدعوة أنها كانت متزامنة مع دعوة الرئيس المتكررة لهذه القوى للدخول في الانتخابات البرلمانية التي يجرى الإعداد لها من قبل مجلس الشورى وهو ما كان يقابل برفض دائم من تلك القوى تحت دعاوى متهافتة لخصها المراهق حمدين صباحي في مقولة مهمة “البلد لا تحتمل الانتخابات البرلمانية”، وهو أمر في منتهى الغرابة والاستغراب، إذ كيف لا تحتمل البلاد انتخابات برلمانية بينما تحتمل انتخابات رئاسية مبكرة.
وعلى هذا المنوال جرى حديث القوى المدنية بداية من عام 2013 وحتى الانقلاب العسكري في 3 يوليو من نفس العام، أي أن الدعوى للانتخابات المبكرة جاءت بعد ستة أشهر فقط من تولي الرئيس واستمرت في الترويج ستة أشهر أخرى حتى الانقلاب، الأعجب من هذا أن هذه القوى أخذت تخترع أى مبررات واهية للتهرب من دعوة الرئيس المتكررة لاجراء انتخابات برلمانية لتكوين برلمان جديد بدل المنحل. فتارة يقولون لابد من إقالة الحكومة لأنها فاشلة وتارة يقولون لابد من تغيير بعض الوزراء النشطين مثل باسم عودة وزير التموين بحجة إمكانية تأثيره على العملية الانتخابية لأنه يرأس وزارة تختص بالمواد التموينية التي تستخدم في الرشوة الانتخابية على حد قولهم.. وغيرها من الحجج الواهية المتناقضة بعضها البعض، إذ مرة يطالب بحل الحكومة لأنها فاشلة ومرة أخرى يطالب برحيل أكثر وزرائها نشاطًا.
الأكثر غرابة فرحتهم العارمة بالتعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية على قانون الانتخابات المرسل من مجلس الشورى لابداء الرأي وفقًا لمبدأ الرقابة الدستورية المسبقة لقوانين الانتخابات الذي أقره دستور 2013، فقد جاءت هذه التعديلات أشبه بالتعجيزات منها إلى الملاحظات، وبالأخص ما تعلق منها بمنح العسكريين حق التصويت في الانتخابات، فرحت هذه القوى فرحًا عارمًا وأخذت تنظر للمسألة بشكل عجيب للغاية منقبة عن بعض الدول التى تسمح بذلك لتقارنها بالحالة المصرية، المهم في ذلك أن تنجح العرقلة بأي شكل كان.
فاتت مسألة تصويت العسكريين وتم تسويتها بشكل أو بآخر من خلال لقاء عقد مع قضاة المحكمة الدستورية وضم ممثلين للجيش طلبوا تأجيل هذا الحق عشر سنوات على الأقل، في مشهد مثير أقرب للتمثيلية المصطنعة بين قضاة الدستورية وقيادات الجيش، وهذه التمثيلية تكشفت معالمها فيما بعد الانقلاب بشكل أوضح من الوضوح حيث دخلت المحكمة الدستورية إلى عالم السياسة من أوسع الأبواب بمشاركة رئيسها في الانقلاب العسكري وقبوله التعيين رئيسًا شكليًا للبلاد لمدة عام تقريبًا.
كانت فرحتهم الأخرى حينما قام القضاء الإدارى بوقف الانتخابات البرلمانية التي دعا إليها الرئيس مرسي بعد انتهاء أزمة القانون مع المحكمة الدستورية، من خلال قيام مجلس الشورى بتقديم قانون آخر للمحكمة. قضت محكمة القضاء الإدرى ببطلان دعوة الرئيس للانتخابات بحجة أن هذا اختصاص مشترك بينه وبين رئيس الوزراء ولا يجوز أن ينفرد بالدعوة إلى ذلك منفردًا. فرحت القوى المدنية بهذا الإلغاء فرحًا شديدًا وراحت تتغنى بدولة القانون والقضاء الشامخ.. إلخ.
كانت هذه مسيرة القوى المدنية مع المسألة الانتخابية خلال الفترة الانتقالية وحتى عام الدكتور مرسي، نتناول في المشهد القادم مواقفها من المسألة الانتخابية في عهد المنقلب.
سيف الدين عبدالفتاح

القوات المسلحة توزع مواد غذائية ومساعدات
.. قبيل الانتخابات البرلمانية ..




|••| رحماك ربي ما أرحمك |••| 



ليست هناك تعليقات: