قيمة النقود الموجودة فى أيدى الناس تتآكل
بنفس معدل ارتفاع الأسعار ،
وهو ما يسمى بمعدل التضخم .
من الطبيعى أن يبحث كل فرد عن الوعاء الإدخارى ، الذى يحقق له أعلى فائدة على أمواله ، ومن هنا يتساءل المدخرون عن أسعار الفوائد ما بين البنوك المختلفة ، ليضعوا مدخراتهم بالبنك الأعلى فائدة ، لكنه داخل البنك الواحد توجد أوعية ادخارية مختلفة العائد ، ما بين الودائع وحسابات التوفير وشهادات الايداع .
وحتى داخل النوع الواحد مثل شهادات الايداع ، سيجد المدخر خيارات عديدة تختلف فى عوائدها ، ومددها وجوائزها ونوع عملاتها .
واذا كان هذا يتعلق بتعدد أنواع الأوعية الادخارية داخل البنوك ، فهناك أوعية أخرى خارج البنوك ، أبرزها صندوق توفير البريد بنوعيه ، وشهادات الاستثمار بأنواعها الثلاثة .
وهناك نصيحة مصرفية من قبل الخبراء ، بأن تُودع فلوسك فى بنك يعانى من أزمة فى السيولة ، لأن حاجته للأموال ستجعله يعطى فائدة أعلى للمودعين ، بينما البنك المتين من حيث السيولة يعطى فائدة أقل .
ولا تخش على فلوسك لأن البنك المركزى ضامن لأموال المودعين بكل البنوك ، ولعل ما حدث مع أزمة بنك الاعتماد والتجارة وتصفية بنك مصر اكستريور والتجاريون والنيل وغيرهم ، خير دليل على عدم تضرر مودع واحد رغم تصفية تلك البنوك .
- ويفضل آخرين مسارا مختلف عن الايداع بالبنوك ، بشراء أذون الخزانة أو سندات الخزانة ، أو الأنواع الأخرى للسندات التى تصدرها الحكومة ، أو السندات التى تصدرها الشركات .
وربما فضل البعض التعامل فى الأسهم بالبورصة ، لكن هذا مجال مختلف عن كل ما سبق ، ففى البورصة هناك إمكانية لتحقيق الربح بمعدلات ربح أعلى من البنوك ، لكنه فى نفس الوقت توجد إمكانية تحقيق خسائر ، بينما ما سبق من نوعيات الودائع بالبنوك وبالبريد وشهادات الإسثتمار والسندات والأذون العوائد فيها مضمونة ، ولا مجال معها للخسارة .
لذا يفضل الملايين فى مصر التعامل مع البنوك ، حتى بلغ عدد المتعاملين معها حوالى عشرة ملايين شخص ، بينما يبلغ عدد المتعاملين مع البورصة حوالى 25 ألف شخص ومؤسسة وشركة فقط .
- والمهم فى التعامل مع الودائع المصرفية ، أن السؤال التقليدى عن أعلى فائدة متاحة بالأوعية الإدخارية المصرفية ، غير كاف تماما ، وربما حقق المدخر خسائر فى مدخراته رغم ما يحصل عليه من فائدة ، وهذا ليس لغزا ولكنها الحقيقة المرة .
لذا يفضل الملايين فى مصر التعامل مع البنوك ، حتى بلغ عدد المتعاملين معها حوالى عشرة ملايين شخص ، بينما يبلغ عدد المتعاملين مع البورصة حوالى 25 ألف شخص ومؤسسة وشركة فقط .
- والمهم فى التعامل مع الودائع المصرفية ، أن السؤال التقليدى عن أعلى فائدة متاحة بالأوعية الإدخارية المصرفية ، غير كاف تماما ، وربما حقق المدخر خسائر فى مدخراته رغم ما يحصل عليه من فائدة ، وهذا ليس لغزا ولكنها الحقيقة المرة .
وحتى نقترب من الحقيقة فإن كل من يدخر أمواله فى البنوك المصرية حاليا ،
هو خاسر فى الحقيقة ، وحتى نفك طلاسم هذا اللغز بالنسبة للعوام
فإن قيمة النقود الموجودة فى أيدى الناس تتآكل بنفس معدل ارتفاع الأسعار ،
وهو ما يسمى بمعدل التضخم .
ولتبسيط الأمر ، لنفرض أن لديك ألف جنيه مصرىقمت بوضعها فى درج مكتب أو دولاب ملابس أو حتى تحت البلاطة ،
فى بداية السنة ، ثم قمت بإخراج هذا المبلغ من مكانه بنهاية السنة
فمن الطبيعى أنك ستجد المبلغ كما هو كما حفظته بنفس عدد الجنيهات
وهو ما يسمى بمعدل التضخم .
ولتبسيط الأمر ، لنفرض أن لديك ألف جنيه مصرىقمت بوضعها فى درج مكتب أو دولاب ملابس أو حتى تحت البلاطة ،
فى بداية السنة ، ثم قمت بإخراج هذا المبلغ من مكانه بنهاية السنة
فمن الطبيعى أنك ستجد المبلغ كما هو كما حفظته بنفس عدد الجنيهات
لكننا نقول أنه إذا كان صحيحا أن رقم الألف جنيه مازال كما هو ، إلا أن قيمته الشرائية قد انخفضت ، بنفس معدل التضخم خلال السنة .
والأمر ببساطة أن كيلو اللحم كان مثلا ببداية العام بسعر 50 جنيه للكيلو ، أى أن الألف جنيه كانت تستطيع فى بداية السنة شراء 20 كيلو من اللحم ، لكنه بنهاية السنة أصبح سعر كيلو اللحم 60 جنيها مثلا ، أى أن الألف جنيه لم تعد تكفى سوى لشراء أقل من 17 كليو من اللحم .
وهو ما يعنى عمليا أنه عند الحاجة لشراء نفس الكمية القديمة من اللحم ، والبالغة 20 كيلو من بنهاية العام ، أننا نحتاج الى 200 جنيه أخرى بخلاف الألف جنيه الموجودة معنا .
وهذا الفرق فى قيمة شراء نفس العشرين كيلو من اللحم ، بنهاية السنة هو ما نسميه قيمة تآكل القيمة الشرائية للنقود ، أو التضخم ، فإذا كان معدل التضخم كما يقول جهاز الإحصاء المصرى الحكومى ، بنهاية مارس الماضى 8ر11 % ، فإن بقاء أى نقود لدينا بلا توظيف أو ايداع بالبنوك خلال السنة يعنى تناقص قيمتها الشرائية بنسبة حوالى 12 % .
أما فى حالة إيداع تلك الأموال فى أحد البنوك ، والحصول على عائد سنوى بنسبة 6 % كما هو الحال بالبنك الأهلى المصرى حاليا ، فإن ذلك يعنى خسارة قيمة الأموال بالفرق بين نسبة العائد البالغة 6 % ، ونسبة التضخم البالغة 12 % ، أى خسارة حقيقية بالمال بنسبة 6 % .
ولأن أعلى معدل على الودائع بالبنوك المصرية حاليا بنسبة 10 % للشهادة البلاتينية ، و75ر9 % لشهادات الاستثمار ذات العائد الجارى ، فمازالت نسبة التضخم أعلى منه ، أى أن جميع العوائد تحق خسارة حقيقية لأصحاب الأموال المودعة .
لأن صندوق التوفير البريد فائدته 5ر8 % ونوع آخر للشهادة البلاتينية فائدته 9 % ، وشهادات الايداع الثلاثية والخماسية فائدتها 5ر6 % ، وربما يقول البعض أن نسبة الفائدة على أذون الخزانة من 2ر11 % الى 5ر11 % ، والفائدة على سندات الخزانة لمدة خمس سنوات 6ر13 % .
ونقول لهؤلاء أن فائدة أذون الخزانة وسندات الخزانة عليها 20 % ضرائب ، أى أن نسبة ال 5ر11 % ستصبح بعد الضرائب 2ر9 % ، وأن نسبة ال6ر13 % ستصبح بعد الضرائب 9ر10 % ، بينما فوائد الودائع بالبنوك ليس عليها ضرائب .
مع الأخذ فى الاعتبار تركز التعاملات علي أذون وسندات الخزانة بالمؤسسات المالية والبنوك ، حيث لا تصلح للأفراد ، نظرا لبلوغ سعر الصك الواحد مليون جنيه .
- لكن الحقيقة الأشد مرارة أن معدل التضخم المذكور ، والذى يعلنه جهاز الإحصاء عليه ملاحظات وتحفظات فنية من قبل المتخصصين ، الذين يرون أن المعدل الحقيقى لارتفاعات الأسعار أعلى من النسبة المذكورة .
ولعل سؤال أى ربة منزل عن مدى اقتناعها بالقول أن نسبة الزيادة فى أسعار السلع المختلفة ، والخدمات الصحية والتعليمية والنقل والمواصلات معا ، كانت 12 % ما بين شهرى مارس من العام الحالى ، الى نفس الشهر من العام الماضى .
حيث ستكون الإجابة بعدم الاقتناع بالنسبة المذكورة ، وأن الواقع للارتفاعات السعرية أعلى من ذلك بكثير ، أى أن نسبة تآكل النقود الموجودة لدينا ، أعلى من النسبة الرسمية المذكورة .
بل أنه من الطريف أن بيانات جهاز الاحصاء تشير الى أن نسبة ارتفاع أسعار الغذاء وحدها دون الخدمات ، ما بين شهر مارس من العام الحالى الى مارس من العام الماضى كانت 3ر9 % فقط .
- ولكن ما هو الحل للأفراد البسطاء وأصحاب المدخرات البسيطة ؟ ، ولمن يرون فى فائدة البنوك مخالفة شرعية ، الحل أن يتم توظيف المدخرات ، فى مجال يدر ربحا أعلى من معدل التضخم .
لأنه لو حقق هذا المجال الخدمى أو التجارى أو الصناعى ، نفس نسبة معدل التضخم لتحقق فقط ، هدف الحفاظ على قيمة النقود من التآكل فقط .
ولهذا يجب أن يكون الربح من مجال التوظيف للمال أعلى من معدل التضخم ، ليكون الربح الحقيقى هو الفرق بينهما ، فلو كانت نسبة الربح 15 % والتضخم 12 % ، فإن نسبة الربح الحقيقى ستكون 3 % فقط .
ولهذا تحرص معظم الدول الأوربية أن تكون نسبة الفوائد على الودائع فى بنوكها ، أعلى من نسبة التضخم بتلك البلدان .
ومما يروى أن أهالى مدينة دمياط لم يضعوا أموالهم فى شركات توظيف الأموال ، التى كانت موجودة أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضى ، رغم أنها كانت تعطى عوائد تزيد عن نسبة العشرين بالمائة سنويا ، بمعدل يزيد عن فائدة البنوك وقتها كثيرا .
وبالطبع لم يكن أهل دمياط يعرفون أنه سيتم ضرب تلك الشركات ، وحدوث مآسى وكوارث لغالبية المودعين بها ، ولكن السر فى عدم إقبال الدمايطة عليها ، هو غلبة سمة التجارة على حياتهم وأنشطتهم ، والتى تحقق لهم عوائد مجزية ، ولهذا نظروا الى نسبة العشرين بالمائة التى تعطيها شركات توظيف الأموال باستخفاف .
إذ كيف يرضون بنسبة العشرين بالمائة كربح خلال السنة ، وهم يحققون عوائد قد تصل الى عدة أضعاف مبالغ النقود الموجودة معهم خلال العام ! ، وصدق الحديث الشريف تسعة أعشار الرزق فى التجارة .
فمع التجارة أو الاستثمار للمال أنت تكسب وتوفر فرص عمل ، وتتيح انتاج أو توزيع سلع وخدمات ، بينما غالب ودائع البنوك لا يتجه لاقراض الشركات الانتاجية ، ولكنه يتجه لعلاج العجز بموازنة الحكومة .
ممدوح الولي
والأمر ببساطة أن كيلو اللحم كان مثلا ببداية العام بسعر 50 جنيه للكيلو ، أى أن الألف جنيه كانت تستطيع فى بداية السنة شراء 20 كيلو من اللحم ، لكنه بنهاية السنة أصبح سعر كيلو اللحم 60 جنيها مثلا ، أى أن الألف جنيه لم تعد تكفى سوى لشراء أقل من 17 كليو من اللحم .
وهو ما يعنى عمليا أنه عند الحاجة لشراء نفس الكمية القديمة من اللحم ، والبالغة 20 كيلو من بنهاية العام ، أننا نحتاج الى 200 جنيه أخرى بخلاف الألف جنيه الموجودة معنا .
وهذا الفرق فى قيمة شراء نفس العشرين كيلو من اللحم ، بنهاية السنة هو ما نسميه قيمة تآكل القيمة الشرائية للنقود ، أو التضخم ، فإذا كان معدل التضخم كما يقول جهاز الإحصاء المصرى الحكومى ، بنهاية مارس الماضى 8ر11 % ، فإن بقاء أى نقود لدينا بلا توظيف أو ايداع بالبنوك خلال السنة يعنى تناقص قيمتها الشرائية بنسبة حوالى 12 % .
أما فى حالة إيداع تلك الأموال فى أحد البنوك ، والحصول على عائد سنوى بنسبة 6 % كما هو الحال بالبنك الأهلى المصرى حاليا ، فإن ذلك يعنى خسارة قيمة الأموال بالفرق بين نسبة العائد البالغة 6 % ، ونسبة التضخم البالغة 12 % ، أى خسارة حقيقية بالمال بنسبة 6 % .
ولأن أعلى معدل على الودائع بالبنوك المصرية حاليا بنسبة 10 % للشهادة البلاتينية ، و75ر9 % لشهادات الاستثمار ذات العائد الجارى ، فمازالت نسبة التضخم أعلى منه ، أى أن جميع العوائد تحق خسارة حقيقية لأصحاب الأموال المودعة .
لأن صندوق التوفير البريد فائدته 5ر8 % ونوع آخر للشهادة البلاتينية فائدته 9 % ، وشهادات الايداع الثلاثية والخماسية فائدتها 5ر6 % ، وربما يقول البعض أن نسبة الفائدة على أذون الخزانة من 2ر11 % الى 5ر11 % ، والفائدة على سندات الخزانة لمدة خمس سنوات 6ر13 % .
ونقول لهؤلاء أن فائدة أذون الخزانة وسندات الخزانة عليها 20 % ضرائب ، أى أن نسبة ال 5ر11 % ستصبح بعد الضرائب 2ر9 % ، وأن نسبة ال6ر13 % ستصبح بعد الضرائب 9ر10 % ، بينما فوائد الودائع بالبنوك ليس عليها ضرائب .
مع الأخذ فى الاعتبار تركز التعاملات علي أذون وسندات الخزانة بالمؤسسات المالية والبنوك ، حيث لا تصلح للأفراد ، نظرا لبلوغ سعر الصك الواحد مليون جنيه .
- لكن الحقيقة الأشد مرارة أن معدل التضخم المذكور ، والذى يعلنه جهاز الإحصاء عليه ملاحظات وتحفظات فنية من قبل المتخصصين ، الذين يرون أن المعدل الحقيقى لارتفاعات الأسعار أعلى من النسبة المذكورة .
ولعل سؤال أى ربة منزل عن مدى اقتناعها بالقول أن نسبة الزيادة فى أسعار السلع المختلفة ، والخدمات الصحية والتعليمية والنقل والمواصلات معا ، كانت 12 % ما بين شهرى مارس من العام الحالى ، الى نفس الشهر من العام الماضى .
حيث ستكون الإجابة بعدم الاقتناع بالنسبة المذكورة ، وأن الواقع للارتفاعات السعرية أعلى من ذلك بكثير ، أى أن نسبة تآكل النقود الموجودة لدينا ، أعلى من النسبة الرسمية المذكورة .
بل أنه من الطريف أن بيانات جهاز الاحصاء تشير الى أن نسبة ارتفاع أسعار الغذاء وحدها دون الخدمات ، ما بين شهر مارس من العام الحالى الى مارس من العام الماضى كانت 3ر9 % فقط .
- ولكن ما هو الحل للأفراد البسطاء وأصحاب المدخرات البسيطة ؟ ، ولمن يرون فى فائدة البنوك مخالفة شرعية ، الحل أن يتم توظيف المدخرات ، فى مجال يدر ربحا أعلى من معدل التضخم .
لأنه لو حقق هذا المجال الخدمى أو التجارى أو الصناعى ، نفس نسبة معدل التضخم لتحقق فقط ، هدف الحفاظ على قيمة النقود من التآكل فقط .
ولهذا يجب أن يكون الربح من مجال التوظيف للمال أعلى من معدل التضخم ، ليكون الربح الحقيقى هو الفرق بينهما ، فلو كانت نسبة الربح 15 % والتضخم 12 % ، فإن نسبة الربح الحقيقى ستكون 3 % فقط .
ولهذا تحرص معظم الدول الأوربية أن تكون نسبة الفوائد على الودائع فى بنوكها ، أعلى من نسبة التضخم بتلك البلدان .
ومما يروى أن أهالى مدينة دمياط لم يضعوا أموالهم فى شركات توظيف الأموال ، التى كانت موجودة أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضى ، رغم أنها كانت تعطى عوائد تزيد عن نسبة العشرين بالمائة سنويا ، بمعدل يزيد عن فائدة البنوك وقتها كثيرا .
وبالطبع لم يكن أهل دمياط يعرفون أنه سيتم ضرب تلك الشركات ، وحدوث مآسى وكوارث لغالبية المودعين بها ، ولكن السر فى عدم إقبال الدمايطة عليها ، هو غلبة سمة التجارة على حياتهم وأنشطتهم ، والتى تحقق لهم عوائد مجزية ، ولهذا نظروا الى نسبة العشرين بالمائة التى تعطيها شركات توظيف الأموال باستخفاف .
إذ كيف يرضون بنسبة العشرين بالمائة كربح خلال السنة ، وهم يحققون عوائد قد تصل الى عدة أضعاف مبالغ النقود الموجودة معهم خلال العام ! ، وصدق الحديث الشريف تسعة أعشار الرزق فى التجارة .
فمع التجارة أو الاستثمار للمال أنت تكسب وتوفر فرص عمل ، وتتيح انتاج أو توزيع سلع وخدمات ، بينما غالب ودائع البنوك لا يتجه لاقراض الشركات الانتاجية ، ولكنه يتجه لعلاج العجز بموازنة الحكومة .
ممدوح الولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق