كان انتهازياً أكثر منه مخططاً له
تدخل إيراني عسكري مباشر في سوريا والعراق واليمن ولبنان
استعرض الكاتب البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ديفيد هيرست التطورات الأخيرة والمتسارعة الجارية في اليمن حالياً، مشيراً الى أن ثلاثة أسباب دفعت السعودية للتدخل العسكري المباشر في اليمن دون تردد، في الوقت الذي يؤكد فيه بأن إيران أخطأت في حساباتها وتتجه حالياً للخسارة في المنطقة.
وقال هيرست في مقال نشره موقع "هافنغتون بوست" إنه "في هذه المرة كانت حسبة الحوثيين وإيران حسبة خاطئة جداً"، مشيراً الى ثلاث أسباب اضطرت السعودية للتدخل المباشر في اليمن،...
وأول هذه الأسباب أنه "لو سقطت عدن وسقط معها مضيق باب المندب، الذي تمر من خلاله كل شحنات النفط المتجهة نحو قناة السويس، فإن ثلاثة أرباع الجزء الأكبر كثافة من حيث السكان في اليمن سيصبح في أيدي المليشيات المدعومة من قبل إيران.
وهذا سيشكل تهديداً مباشراً للمملكة العربية السعودية".. أما السبب الثاني فهو "التبجح الذي ورد بشكل ثابت من إيران نفسها، والتي تستمر في إنكار تقديم المال والتدريب لميليشيات الحوثي الشيعية، بالرغم من أن كل الأدلة تفيد العكس تماماً".
ويقول هيرست إن العامل الثالث، وهو الأهم على الإطلاق هو: "هل بإمكان أي حاكم في الرياض أن يجلس متكئاً على أريكته يتفرج على قيادة ملايين العرب السنة وهي تنهار أمام التقدم المنسق للقوة الإيرانية في العراق وفي سوريا والآن في اليمن؟
هل يملك مثل هذا الحاكم أن يسلم مهمة حماية السنة إلى القاعدة وإلى الدولة الإسلامية في صراع إقليمي يهدد على المكشوف بالتحول إلى صراع طائفي؟..
لو جلست المملكة مكتوفة اليدين ولم تفعل شيئاً لفقدت شرعيتها في أعين مواطنيها ولاندفع شبابها إلى أحضان الدولة الإسلامية".
ويرى هيرست أن "توسع النفوذ الإيراني ليشمل أربعة بلدان عربية كان انتهازياً أكثر منه مخططاً له، وسببه فراغات السلطة، مثل ذلك الذي نشأ في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003".
ويلفت الكاتب البريطاني الى أن الملك سلمان بن عبد العزيز يقوم حالياً باصلاح السياسة الخاطئة التي سبق أن انتهجها الأمير بندر بن سلطان عندما كان على رأس جهاز الاستخبارات السعودية، عندما فتح -ومعه الامارات- قناة اتصال مع الحوثيين وقدم الدعم لهم من أجل القضاء على حركة الاصلاح القريبة من جماعة الاخوان المسلمين. ويتابع هيرست: "توفي الملك عبد الله، وتم إعفاء مستشاريه المقربين الذين تحملوا المسؤولية عن هذه الكوارث. تولى الملك سلمان إدارة الأمور بنفسه وأخذ يرمق بعين من عدم الرضى إخفاقات السياسة الخارجية لسلفه".
ويخلص الكاتب البريطاني الى القول: "بينما يتنقل قاسم سليماني بين العراق وسوريا، وبينما تنفتح جبهة بأكملها في اليمن، قد يخلص بعض الحكماء والعقلاء في طهران إلى أن الحرس الثوري تمدد أكثر مما يحتمل. إذا كانت إيران فعلاً على وشك إبرام صفقة تاريخية مع واشنطن حول برنامج إيران النووي، والتي من شأنها أن تحرر البلد من نظام صارم من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، فأين ستكمن مصالحها على المدى البعيد؟ هل ستكمن في ولوجها الاقتصاد العالمي كمصدر للنفط أم ستكمن في خوض غمار حروب مريرة في قلب الأراضي العربية؟ هل فعلاً سترغب في تنفيذ أجندة من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من النزاع الطائفي المدمر بين الشيعة والسنة أم ينبغي عليها أن تتصالح مع جيرانها العرب في منطقة تشكل إيران جزءاً حيوياً منها؟". يشار الى أن هيرست هو أحد أشهر الصحفيين والكتاب في بريطانيا، وكان قد عمل لسنوات طويلة محرراً لشؤون الشرق الأوسط في جريدة "الغارديان" واسعة الانتشار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق