الاثنين، 15 سبتمبر 2014

المخزون التراكمي للطمي ببحيرة السد العالي.


للسدود آثارا بيئية
 تختلف في درجة حدتها بمرور الزمن


بحيرة السد العالي تكفي 
لاستيعاب نحو 31 مليار متر مكعب 
.. من المخزون الميت لرواسب الطمي ..
التي تجلبها مياه النيل( علي مدي500 سنة) 
وذلك بدون التأثير علي السعة التخزينية لمياه الفيضان

الأنهار هي القنوات الطبيعية لجريان المياه العذبة والطمي معا, بالانحدار من منابعهاحسب تضاريس سطح الارض. وهكذا يجري نهر النيل بحمله المائي الخصب من المرتفعات الاثيوبية وغيرها من دول منابع اعالي النيل حتي مصبه بالبحر المتوسط. وان كان النهر قد وهب مفتاح الحياة للحضارة المصرية والمصريين, فإن فوائد الطمي للتربة الزراعية تجربة وخبرة مصرية ترسخت منذآلاف السنين. 
وتعد دلتا نهر النيل من أخصب دلتاوات الانهار في العالم,وذلك قبل ظهور مشكلة التخزين الميت من الطمي ببحيرة السد العالي وآثارها البيئية قد تكونت الدلتا بمرور الزمن, من جريان الطمي المستديم الملازم لمياه النيل, الذي يترسب بكميات كبيرة في منطقة الدلتا وداخل مياه البحر المتوسط. ولكن الوضع قد اختلف, بعد مرور أكثر من خمسة عقود علي بناء السد العالي نتيجة نشوء حالة الخلل البيئي المترتب علي تزايد معامل التخزين الميت للطمي بالبحيرة, مما أفقد دلتا النيل بالتدريج قدرتها الذاتية للمحافظة علي توازن المنسوب بينها وبين البحر. أن التخزين الميت للطمي قد شكل دلتا جديدة فوق المجري القديم للنهر بالبحيرة( علي صعيد مصر العليا), التي يقع الجزء الاكبر منها داخل الاراضي السودانية, حيث بلغ سمك الطمي ببحيرة النوبة بالسودان اكثر من28 مترا, بينما لايزيد الطمي في سمكه عن المترين ببحيرة ناصر داخل الاراضي المصرية, حسب نتائج دراسات عام1975.  ولما انقطع الطمي بنهر النيل في رحلة جريانه الشمالي بعد عقبة السد العالي, طغي البحر علي الدلتا بمرور الزمن, فتآكلت اجزاء منها بقوة تأثير الامواج المستمرة, مما يؤدي الي انخفاض في منسوب الدلتا المقابل لمنسوب سطح البحر. 
ناهيك عن مشكلة الفقد التدريجي المستمر في خصوبة المتبقي من الارض الزراعية, وما اصابها من تدهور في نوعية التربة المتلازم مع تناقص الطمي بمياه النهر. وأمام تلك المشكلة لم تجد الحكومة المصرية وسيلة غير التوسع في انشاء مصانع انتاج الاسمدة, في محاولة لتعويض التربة الزراعية عن الحرمان من مصدر الطمي الطبيعي. وقياسا علي ماسبق يقدر استهلاك مصانع الأسمدة بنحو38% من جملة الطاقة الكهربائية المولدة من السد العالي. 
دع عنك ماتسببه بقايا الأسمدة و المبيدات الزراعية المنصرفة في مياه النيل من تلويث وآثار ضارة ببيئة النهر وصحة السكان.ومن الثابت أن مياه النيل قبل بناء السد العالي كانت تحمل ما يعادل125 مليون طن سنويا من الغرين, تلك المادة الأساسية والوحيدة المسئولة عن بناء التربة الزراعية والتي تحافظ علي خصوبتها بعملية التجديد المستديم لمكونات التربة. 
 وكان التوزيع الجغرافي لرسوبيات الطمي, أن التربة الزراعية في مصر العليا وقاع النيل حتي شمال القاهرة تستقبل نحو15% من حجم الغرين الكلي,بينما يترسب مثل ذلك القدر بالأراضي الزراعية في منطقة الدلتا, وكانت النسبة الغالبة من نصيب شواطيء رشيد ودمياط, وما يتبقي يتلقفه الرصيف القاري بالبحر المتوسط. وكان لتجنب تلك الأزمة البيئية المستمرة والآثار السلبية الحادة, نتيجة انفراد السد العالي بمهمة التخزين طويل المدي للمياه, من التفكير في بناء أكثر من خزان يسمح بالتخفيف من كميات الطمي المتراكمة ببحيرة السد, وذلكبواسطة عمليتي الفتح والغلق للبوابات بالتناوب بين السدود, بناء علي نتائج منظومة الرصد الرقمي والمراقبة الفضائية, بطول النهر من المنبع حتي المصب.
 وفي هذه الحالة تدفع المياه التي تعبر السد والخالية من الرواسب ذلك الطمي المتراكم, لتجدد قدرتها علي حمل الرواسب وأثر شدة تدفق المياه في تحريك الطمي الساكن بقاع البحيرة, مما يسهل عملية خروجه عبر بوابات السد التالي, وهكذا دواليك وقد حالت تضاريس النهر داخل الأراضي المصرية بين فكرة إنشاء خزان جديد( إضافة للسد العالي وسد أسوان), فتم التفكير في بناء سد مروي داخل الأراضي السودانية, لتأمين احتياجات السودان من الطاقة الكهربائية هذا السد الذي سيحجب جزءا كبيرا من رواسب الطمي التي تصل السد العالي, مما يؤدي الي زيادة السعة التخزينية للبحيرة في مقابل انخفاض حجم المخزون الميت من الطمي.
ولا ريب أن للسدود آثارا بيئية, تختلف في درجة حدتها بمرور الزمن, وتظهر بوضوح في تغير طبيعة النهر وتضرر التربة الزراعية وتهجير السكان المحليين وتذبذب في نطاقات الحياة البرية.ومن الآثار السلبية للسد العالي, زيادة النحر حول المنشآت النهرية وتعرض مجري فرع دمياط للإطماء المستمر ومعاناة مجري فرع رشيد من تزايد معدلات النحر, وانتشار نباتات ورد النيل الشرهة لخزن المياه, وتدهور التربة الزراعية بامتداد الأراضي بالوادي والدلتا, بالإضافة الي غرق مساحة كبيرةمن بلاد النوبة, بين أسوان شمالا ودنقلة في السودان جنوبا, التي كانت تنتشر وسط أراضيها مناجم الذهب القديمة.  ونتيجة لنضوب طمي النيل, لجأ الفلاحون المصريون الي تجريف الاراضي الزراعية وعمل برك ومستنقعات بغرض الحصول علي الطمي اللازم لتصنيع الطوب.ولا شك أن المناخ الجاف الصحراوي السائد بمنطقة بناء السدود بين دولتي مصر والسودان سيساعد في حدوث تغير مناخي علي المستوي المحلي. 
نتيجة تأثر ذلك المسطح المائي الضخ بالبحيرة بدرجات الحرارة المرتفعة ومن ثم ارتفاع معدلاتالتبخر التي تستهلك كميات هائلة من المياه. يقدر البعض ان بحيرة السد العالي تفقد من المياه سنويا قدر حصة العراق من نهر الفرات, أي مايعادل25% من جملة المخزون المائي بالبحيرة عند منسوب180 مترا فوق مستوي سطح البحر. وكان ذلك الفقد المناخي لمياه بحيرة السد العالي, وراء الاقتراح بنقل تخزين المياه في المرتفعات الاثيوبية( حيث المناخ الاقل حرارة) للتقليل من حجم المياه المفقودة بالتبخر, مما يعود بالفائدة علي دول حوض النيل الشرقي( مصر, إثيوبيا والسودان), وبفرض إقامة ذلك الخزان المائي الضخم داخل اثيوبيا, برغم تعارضه مع الظروف الطبيعية والتضاريسية, فإن تكلفة نقل المياه من تلك المرتفعات تزيد بشكل واضح مقارنة بنقلها من بحيرة السد العالي الي أراضي الوادي والدلتا وسيناء.  
 برغم ان نموذج الحساب الهيدروليكي لتصميم السد العالي, تضمن العديد من القوي المؤثرة علي المنشأ الخرساني من الزلازل وغير ذلك, بالاضافة الي تصور المهندس الروسي الراحل نيقولاي ماليشيف مصمم المشروع, بأن بحيرة السد العالي تكفي لاستيعاب نحو31 مليار م3 من المخزون الميت لرواسب الطمي التي تجلبها مياه النيل( علي مدي500 سنة) وذلك بدون التأثير علي السعة التخزينية لمياه الفيضان, إلا أن قوة احتكاك الطمي وضغط المياه المستمر والمتزايد قد يؤثران بشكل ما علي جسم السد, ناهيك عن تلك التغيرات الطبيعية المحتملة من قوة الضغط الرأسي لذلك المخزون الضخم من المياه والطمي, وما قد ينتج عن تلك الأوزان الضخمة من تكوين بؤر أرضية غير مستقرة, قد يؤثر علي استقرار القشرة الأرضية أسفل بحيرة السد العالي, وعلي صعيد آخر يظهر الوضع البيئي الراهن ان تركيز المعادن الثقيلة من النحاس والزنك والمنجنيز والحديد في رسوبيات بحيرة ناصر أعلي منها في نهر النيل شمال السد العالي. وأن تركيز النحاس يكون أعلي في بحيرة ناصر منه في بحيرة النوبة, ولاتخلو رسوبيات بحيرة السد العالي من المواد المشعة الطبيعية وكذلك المعادن الثمينة التي جلبتها المياه من مكامنها بمرتفعات منابع أعالي النيل.
ومن هنا يلزم الأمر تكثيف البحوث العلمية التطبيقية بالمشاركة بين مراكزالأبحاث والهيئات والشركات المصرية المخصصة لتعظيم الاستفادة الاقتصادية من المخزون الميت للطمي والتخفيف من آثاره البيئية علي المستوي القومي وفتح المجال أمام تكنولوجيا استخلاص المعادن الثمينة والاقتصادية بالرسوبيات المدفونة في بحيرة السد العالي وايضا دعوة شباب المخترعين في مصر لاستكشاف وسيلة تطبيقية عملية لنقل الطمي بكميات تكفي لإعادة التوازن البيئي بين الدلتا والبحر المتوسط في محاولة قد تساعد في إبطاء زمن غرق الدلتا: طلبت احدي الشركات اليابانية التفاوض مع الجهات المصرية المختصة لاقامة مشروع استثماري للاستفادة من الطمي المترسب داخل بحيرة السد العالي.. وتقوم فكرة المشروع علي نقل الطمي من البحيرة واستخدامه في استصلاح مليون فدان يتم تخصيصها للزراعة النظيفة الخالية من المبيدات والكيماويات مما يساعد علي زيادة التصدير لاسواق الدول التي تطلب هذه المحاصيل والزراعات العضوية.وامكانية توجيهه لزيادة كفاءة الأراضي الجديدة وبالتالي الحد من خطورته علي جسم السد العالي.. إلا أن فريقا آخر من الخبراء يري أنه في الوقت الذي تتراكم فيه هذه الكميات الهائلة من الطمي والتي لا يقف دورها عند كونها محسنا للتربة الزراعية وتخصيب ورفع جودة الأراضي الجديدةاضافة إلي احتوائها علي معادن مشعة مثل الكوبلت واخري مثل الذهب إلا أن العائد من استخراج هذا الطمي الذي لم يتراكم بعد بمعدلات مرتفعة لن يغطي تكلفة استخراجه،وانه يمكن لتعظيم الاستفادة منه انشاء مشروعات مشتركة مع دول حوض النيل الشرقي (مصر والسودان واثيوبيا) لاستثمار هذا الطمي وتقليل معدلات انحداره من الهضبة الاثيوبية باتجاه السد العالي في حين يري فريق ثالث اننا لم نصل بعد وبشكل قاطع إلي تحديد الجدوي الاقتصاديةوأفضل السبل للاستفادة من هذا الطمي فقد اثيرت تكهنات كثيرة حول ما أصاب الأراضي المصرية نتيجة حرمانها من ترسيبات الطمي السنوية التيكان يحملها فيضان النيل وتركزت هذه الاقاويل دون سند علمي حتي اجريت دراساتوابحاث بكلية الزراعة جامعة اسيوط بقسم الأراضي تحت اشرافي واثبتت ان الترسيبات السنوية من الضآلة بحيث لا تؤثر علي خصوبة الأراضي المصرية التي كونها النيل علي مدي قرون طويلة تصل إلي 10 ملايين سنة وكونت خلالها قطاعايتراوح عمقه ما بين 7 إلي 25 مترامشيرا إلي أن الشيء الوحيد الذي حرمت منه مصر هو ما كان لهذه الترسيبات فيالأراضي الصحراوية الرملية من اثر كبير في رفع خصوبتها وزيادة كفاءتها عليخفض الماء مع تقليل سرعة الرشح الذي تفقد به هذه الأراضي ماءها علي الاعماق في باطنها ولا يستفيد به جذور النباتومن ثم فقد استصلحت الآلاف من الافدنة في الصحراء وذلك بغمرها بأعماق كبيرةمن ماء الفيضانات من 1 إلي 2 مثل الترسيب في ماء الفيضان من طمي وغيره ثمتكرار ذلك 4 إلي 5 مرات كل سنة لمدة 4 إلي 5 سنوات بعدها يتغير قوامها وبذلك ينجح استزراعها بمحاصيل بستانية مثل الفاكهة.   
غذاء للنبات 
ويكشف د. عبدالجليل إلي أنه اجريت دراسات كثيرة لتحديد ترسيبات النيل في بحيرة السد من حيث اماكن ترسيبها واعماق الترسيبات ونوعية المعادن الخفيفة والثقيلة ومصدر العناصر الغذائية ومعادن الطين والتي تعتبر المخزن الرئيسي لكثير من الكنيونات والجوهرية في غذاء النبات كالبوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم والمنجنيز والحديد وغيرها وتعطيها هذه المعادن كلما احتاج إليهاالنبات واختل التوازن بين ما تحتويه ومحتوي محلول التربة الذي يمتص منه النبات عناصره الغذائية.ويؤكد د. عبدالجليل ان الدراسات شملت جميع هذه الترسيبات في السودان ومصر وروافد النيل الرئيسية وكانت لهذه الدراسات أهمية بالغة في بحث الصورة الحقيقية لمعرفة جدوي هذه الترسيبات والطرق الصحيحة لرفعها والاماكن التي يوجد بها الطمي والطين. 
ويشدد عبدالجليل علي أنه لو اعتبرنا طمي النيل منجما متجددا سنوي لمعادن لها قيمتها الزراعية فإن ذلك يؤكد أهمية استغلال هذه الترسيبات وكمخصبات ،محسنات لأراضي مصر الصحاوية الرميلة في أي مكان بالجمهورية.وتقترح الدرسات التي اجريت والكلام مازال الدكتور عبدالجليل بالحصول علي هذه الترسيبات من حواف البحيرة ومن قاع النهر ومن قاع البحيرة ورفعها وتشوينها علي الجانب الذي يقام به مركز التعبئة ثم بعد تجفيفها هوائيا في عبوات 100 كيلو جرام وبعد تقوية الطمي وزيادة تركيز عناصره الغذائية من نيتروجين وفوسفور وبوتاسيوم ومعادن الغذاء الاخري الجوهرية التي يحتاج النبات منها كميات صغيرة بترسيبات مختلفة


قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا



ليست هناك تعليقات: