الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

اعترافات لواء المخابرات. شفرة "عوكل" المخابراتية.. فيديو


فك شفرة عوكل !
 المخابرات المصرية تخرج عن صمتها وتكشف عن سر "شفرة عوكل"


هذه هي استراتيجية النظام، وتلك هي شفرة "عوكل" الحقيقية التي يتوجب علينا بدورنا فكّها وتفسيرها للشعب
إن تفسير شفرة عوكل يقول بأن الدببة المتحلقة حول النظام ستقتله قريباً بغبائها
وأن يوم الحساب قادم لا مفر منه مهما تحصن الظلم بقوة زائفة.

أجرى السيد ثروت جودة حوارًا صحفيًا مع صحيفة الوطن ليحدث ضجة في الأوساط السياسية والشعبية، ليست المرة الأولى التي يُتْحِفنا فيها السيد جودة بحواراته الصحفية؛ فلقد طمأننا منذ ما يقرب عام على تأمين كافة اتصالات المسئولين المصريين في الخارج عن طريق شفرة "عوكل" المخابراتية، (اللي بتلَعبِك الدنيا كلها في بعض فلا يستطيع أحد أن يعرف هو جاي منين ولا رايح فين ! ". وهو أيضا الذي أطلعنا على سر الدمية "أبلة فاهيتا"، وكشف لنا أنها صناعة أمريكية بأدوات "إخوانية وإبريلية"، تستخدم لنقل الشفرات والرسائل التحريضية ضد الجيش والشرطة. وهو كذلك من صرح من قبل بأن أمثال توفيق عكاشة وعبدالرحيم علي "رموز وطنية" ساهمت في إشعال "ثورة" 30 يونيو.
فما الجديد في الحوار الأخير؟
الجديد أن جودة أدلى هذه المرة بما يمكن أن نعده معلومات وليست آراء، وغالبيتها صادم حد الذهول، إن المتابع المدقق لسير الأحداث في الآونة الأخيرة لا يجب أن يفاجئه تصريحات كتلك مهما بدت متصادمة مع ما يدور حولنا من أحداث، فمثلاً لا ينبغي أن يفاجئنا تأكيد السيد جودة بأن المخابرات لم تمد محمد مرسي بمعلومة واحدة صحيحة بينما تتم محاكمة مرسي بتهمة التخابر وتقديم معلومات من شأنها الإضرار بمصر تبعاً لتقرير هيئة الأمن القومي، والذي أفاد بأن أجهزة الكمبيوتر التي تم ضبطها مع مرسي والذين معه قد احتوت على مستندات من شأنها الإضرار بالأمن القومى المصري وأن محتواها يعد سراً من أسرار الدفاع عن البلاد .. فالمحاكمة منذ بدايتها وبكل ملابساتها وشواهدها، وبوضع المتهم في قفص من زجاج لحجب صوته إن قرر الدفاع عن نفسه، تعد نموذجاً فريداً لمحاكمة هزلية ومأساوية . إذن نحن نحاكم شخصا لم يحصل على معلومة واحدة ... بتهمة إفشاء المعلومات (التي لم يحصل عليها أصلا) لأعدائنا!
كما أن زلة لسان جودة حين أفصح عن أن مرسي كان متهماً في ثمانية قضايا منفصلة لكن قام السيسي بدمجها في قضيتين فقط لأنه "رجل رحيم ويراعي الله كثيراً" لا ينبغي أن تقلقنا على شموخ القضاء واستقلاليته عن السلطة التنفيذية .. فدولة الرجل الواحد تعد نموذجاً مستساغاً مقبولاً لا ينبغي الخجل منها أو انتقادها ولا حتى الثورة عليها في الوقت الراهن.
ولا ينبغي أن يقلقنا أيضاً استهانة وكيل المخابرات السابق نفسه بقانون المخابرات العامة الذي يلزم في مادته الثالثة بـ "مد رئيس الجمهورية ومجلس الدفاع الوطني وهيئة المخابرات بجميع احتياجاتها وتقديم المشورة والتوصيات اللازمة لها"، ولا باعتقاده بأن صوم ثلاثة أيام أمر كفيل بتكفير إثم الحنث باليمين الدستورية التي تلزمه بأداء مهام العمل في هذا الجهاز بشرف وأمانة، ولا بإسداء النصح لأحد كبار موظفي هذا الجهاز بعد تركه الخدمة بوقت طويل .. فنحن في دولة يتقاعد فيها كبار الموظفين على الورق فقط ويبقى أثرهم (كفراشة محمود درويش) لا يزول!!! كما أن الرجل يعتقد جازماً بأنه لا يجب طاعة رئيس الجمهورية مادام قد قرر مطمئناً بأنه خائن وعميل، ولن يثبت أبداً العكس ..
لا يقلقنا كذلك غياب دولة القانون التي تحتم أن يحاكَم السيد جودة وفقاً لقانون المخابرات العامة الذي ينص على محاكمة من يسرب الأخبار والمعلومات المتعلقة بالجهاز وأسلوب عمله ما لم يكن قد صدر إذن كتابي من رئيس المخابرات العامة بنشره أو إذاعته .. فالبلد في حالة حرب لا يستقيم معها تطبيق القانون بحذافيره ..
كما لا ينبغي أن تقلقنا العقلية العسكرية النموذجية التي تحكم جميع تصرفات السيد جودة، وفرضت عليه حين أخطأ أن يتمادى في الخطأ وأن يظنه بطولة، ثم أن يتنصل تماماً منه، ويدعى أن ثمة مؤامرة خبيثة تهدف للنيل منه، كل هذا رغم علمه بأن التسجيل الصوتي لكامل حواره موجود وقد يذاع في أية لحظة (إلا إذا ...).
فما الذي يستوجب أن يثير قلقنا في حوار جودة إذن؟ ما ينبغي أن يقلقنا هو أن السيد جودة لم يتنصل من اعترافاته إلا لأنه خرج عن الخط غير المرئي الذي رسمه النظام والذي قرر أنه السقف المعقول لخلط الأوراق وتوزيع الاتهامات والذي لا يجب تخطيه، وتبدأ حدود هذا الخط عند توريط النظام بأي شكل من الأشكال.
حين خرج السيد جودة عن هذا الخط ورّط الدولة العميقة والنظام بشكل مباشر وقدم الدليل على ما قد يستوجب محاكمتهم مستقبلاً، ولولا ذلك ما تصدى له أحد ولا أعاره النظام أي اهتمام، حتى لو تسبب في إلحاق أذى حقيقي بحياة أحد من المواطنين أو وزّع الاتهامات المجانية هنا وهناك، تماماً كوكيل النيابة في قضية علاء عبد الفتاح والذي أفسد سيناريو محاكمة علاء عبد الفتاح والذي كان مايزال "مبلوعاً" رغم كل ما فيه من تجاوزات صارخة، لكن لولا الخروج عن الحد "المعقول" للتدني وعرض فيديوهات شخصية مُنْبَتّة الصلة بالقضية وتنتهك خصوصية "المتهم" بشكل فاضح وغير قانوني لما تم إخلاء سبيل علاء.
هذه هي استراتيجية النظام، وتلك هي شفرة "عوكل" الحقيقية التي يتوجب علينا بدورنا فكّها وتفسيرها للشعب، إن تفسير شفرة عوكل يقول بأن الدببة المتحلقة حول النظام ستقتله قريباً بغبائها، وأن يوم الحساب قادم لا مفر منه مهما تحصن الظلم بقوة زائفة.

-




قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا




ليست هناك تعليقات: