الأحد، 24 أغسطس 2014

طبيعة التحالف الإسرائيلي السعودي المصري ودوافعه.



من وجهــة نظــر إسرائيلية:
 طبيعــة التحـالف 
الإسرائيلي السعودي المصري ودوافعه


جوريزاليم بوست
تحت عنوان: “حتى نفهم التحالف الإسرائيلي السعودي المصري”، كتبت الكاتبة الإسرائيلية كارولين جليك مقالًا في صحيفة جوريزاليم بوست أمس الخميس جاء فيه: “إن الشراكة التي ظهرت خلال هذه الحرب، بين إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية هي نتيجة مباشرة لتخلي أوباما عن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين. فحرب حماس مع إسرائيل ليست حدثًا منفصلًا، فهو يحدث في سياق التغيرات الهائلة في الشرق الأوسط والتي دفعت الجهات الفاعلة في المنطقة لأن تبدأ في إعادة تقييم التهديدات التي يواجهونها.
قديمًا، قامت المملكة العربية السعودية بتمويل حماس كما قامت مصر بتمكينها. ولكن أنظمة تلك الدول الآن أصبحوا ينظرون إلى حماس على أنّها جزء من محور الجهاد السنّي في المنطقة والذي لا يهدد إسرائيل فقط، بل ويهددهم أيضًا.

وترى الكاتبة اليهودية أن الإخوان المسلمون في مصر، والدول الراعية لهم مثل قطر وتركيا، يعتبرون أعضاء رئيسين في هيكل ذلك التحالف الجهادي. ولولا دعمهم، لسقطت حماس مع سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر الصيف الماضي. ويعتقد الجميع أن حرب حماس مع إسرائيل ما هي إلا وسيلة لإعادة الإخوان إلى السلطة في مصر.
وبالتالي فكلٌّ من تركيا وقطر والإخوان المسلمين يستخدمون الدعم الغربي لحماس ضد إسرائيل لتحقيق انتصار لحماس. وإذا استطاعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إجبار مصر وإسرائيل على فتح حدودهما مع غزة، فإن القوى الغربية سوف تمنح المحور الجهادي نصرًا استراتيجيًّا. وستكون الآثار المترتبة على مثل هذا النصر وخيمة.
وتعتقد الكاتبة أن حماس، لا تختلف فكريًّا عن تنظيم الدولة الإسلامية. فهي تستخدم كما تدعي (أساليب الذبح الجماعي والترهيب النفسي مثلها مثل داعش). لذا؛ فإذا قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإجبار إسرائيل ومصر على فتح الحدود مع غزة، فإنها ستمكن حماس من تحقيق الاستقرار الاستراتيجي والسياسي في غزة. ونتيجة لذلك، فإن غزة بعد الحرب سرعان ما ستصبح نسخة من مدينة الموصل التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية. وسيؤدي مثل هذا التطور إلى أن تتعرض الحياة في جنوب إسرائيل للخطر أيضًا. وستصبح مناطق مثل النقب الغربي، وربما بئر السبع وعسقلان وأشدود، مناطق غير صالحة للسكن.
ثم هناك يهودا والسامرة. 
فإذا فعلت إسرائيل ما تطالب به الولايات المتحدة فإن ذلك سيسمح لغزة بإعادة الاتصال مع يهودا والسامرة، وبالتالي، سوف تسيطر حماس على تلك المناطق بعد وقت قصير، وهو ما سيعرض القوات العسكرية الإسرائيلية والمدنيين للخطر على حد سواء.
فعندما تعمل من غزة، فإن حماس بحاجة إلى مساعدة إدارة أوباما وإدارة الطيران الاتحادية لإغلاق مطار بن غوريون، ولكن عندما تعمل من يهودا والسامرة، فلن تحتاج حماس إلا إلى قذيفتي هاون لفعل ذلك. كما سيشكل ذلك تهديدًا مباشرًا للأردن أيضًا.
من وجهة نظر مصر -بحسب الكاتبة- فإن فوز حماس في الحرب مع إسرائيل سوف يربط غزة بسيناء ويعزز من قوة جماعة الإخوان المسلمين والدولة الإسلامية وحلفاء آخرين. ويمثل هذا التطور تهديدًا خطيرًا للنظام في مصر.
وهذا يقودنا كما تقول الكاتبة، إلى الدولة الإسلامية نفسها. 
التي لم يكن لها أن تنمو بهذا الحجم الهائل الحالي دون دعم من قطر وتركيا. ومن الواضح أن تنظيم الدولة الإسلامية مهتم بتوسيع فتوحاته. ولأنه يرى نفسه كدولة، فيجب أن تكون الخطوة التالية هي فعل شيء يمكنه من السيطرة على الاقتصاد الوطني، فالغارة على البنك المركزي في الموصل لا تكفي لتمويل عملياته لفترة طويلة جدًّا.
وعند هذه النقطة، تود الدولة الإسلامية تجنب مواجهة شاملة مع إيران، لذلك فاحتمال الانتقال إلى جنوب العراق قد لا يكون واردًا. فالقوات الأميركية في الكويت، وقوة ووحدة الجيش الأردني، ربما توقف زحف الدولة الإسلامية في الوقت الراهن. وهو ما يجعل المملكة العربية السعودية، أو أجزاء منها، الهدف التالي المرجح لتوسع الدولة الإسلامية. 
كما إن العمليات التي تقوم بها الدولة الإسلامية في لبنان، والتي تهدد النظام المدعوم من السعودية هناك، تشير إلى أن لبنان، على الأقل، هو أيضًا في خطر داهم.
ثم إن هناك إيران أيضًا. فبرغم أن إيران ليست عضوًا في محور الجهاديين السنة، ولكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل والأنظمة غير الجهادية، فإنها تتعاون معهم. وقد مولت إيران تدريب وتسليح حماس على مدى العقد الماضي. 
فهي تعتبر حرب حماس مع إسرائيل مثل الحرب اللبنانية بين حزب الله (الموالي لإيران) وإسرائيل التي نشبت قبل ثماني سنوات. وكثيرًا ما دعمت تركيا وقطر مؤيدي إيران في العالم السني.
هذا هو السياق الذي تدير فيه إسرائيل حربها مع حماس بحسب تحليل الكاتبة جليك. ونتيجة لهذا السياق، تقول الكاتبة: “حدث اثنان من الأحداث الهامة استراتيجيًّا منذ بدء الحرب”. 
الأمر الأول يتعلق بالولايات المتحدة: حيث مثّل قرار إدارة أوباما بالوقوف إلى جنب أعضاء المحور الجهادي ضد إسرائيل من خلال تبني مطلبهم بفتح حدود غزة مع إسرائيل ومصر، المسمار الأخير في نعش مصداقية أميركا الاستراتيجية لدى الحلفاء التقليديين في المنطقة.
وكما وقفت الولايات المتحدة مع حماس، فقد استمرت أيضًا في سعيها لتوقيع صفقة نووية مع إيران. وسيؤدي موقف الولايات المتحدة في هذه المحادثات لنفس المسار الذي مكن كوريا الشمالية من امتلاك ترسانة نووية. وقد وصلت الدول السنية غير الجهادية إلى نفس قناعة إسرائيل بأنهم لا يستطيعون البقاء في وجود إيران المسلحة نوويًّا.
وأخيرًا، فإنّ رفض الرئيس باراك أوباما حتى الآن اتخاذ إجراءات هجومية لتدمير الدولة الإسلامية في العراق وسوريا يرسل رسالة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى تنص على أنه في عهد أوباما، فإن الولايات المتحدة تفضل أن تسمح للدولة الإسلامية للتوسع في أراضيهم وتدميرها على أن تقرر عودة القوات العسكرية الأمريكية إلى العراق.
وبعبارة أخرى، فإن سياسات أوباما المؤيدة لحماس، الموالية لإيران، والمؤيدة للإخوان المسلمين، إلى جانب رفضه حتى الآن اتخاذ إجراءات فعالة في العراق وسوريا للقضاء على الدولة الإسلامية، قد أقنعت حلفاء الولايات المتحدة التقليديين ليس فقط بأنهم لا يمكنهم الاعتماد على الولايات المتحدة، بل إنهم لا يمكنهم استبعاد احتمال أن تقوم الولايات المتحدة باتخاذ الإجراءات التي تضر بهم.
ونتيجة لهذا التحول، بدأت الأنظمة السنية غير الجهادية في إعادة تقييم علاقاتها مع إسرائيل. 
فقبل تولي أوباما، كان السعوديون والمصريون يشعرون بالأمان في تحالفهم مع الولايات المتحدة. وبالتالي، فإنهم لم يشعروا أنه من الضروري أو حتى من المرغوب فيه أن ينظروا إلى إسرائيل كشريك استراتيجي.
فتحت الحماية الاستراتيجية للولايات المتحدة، كانت الأنظمة السنية التقليدية تمارس رفاهية الحفاظ على دعمهم للإرهابيين الفلسطينيين ورفض فكرة التعاون الاستراتيجي مع إسرائيل، سواء ضد إيران والقاعدة أو أي عدو مشترك آخر. 
وبعد عزلها من قبل الولايات المتحدة، أصبحت إسرائيل مقتنعة بأن الطريقة الوحيدة التي يمكنها بها الاستفادة من المصالح الاستراتيجية المشتركة مع جيرانها هو عدم الخضوع  لهاجس الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بتعزيز منظمة التحرير الفلسطينية.
 والذي أدى إلى تسليم الأرض، وإضفاء الشرعية السياسية وتوفير المال لمجموعة إرهابية ما زالت ملتزمة بتدمير إسرائيل.
الأمر الثاني أن الحرب مع حماس قد تغير كل هذا: الشراكة التي ظهرت في هذه الحرب بين إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية هي نتيجة مباشرة لتخلي أوباما عن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين.
 فالاعتراف بالتهديد الذي تمثله حماس، كجزء رئيس من التحالف السني الجهادي، على أنظمتهم الخاصة، وفي غياب الدعم الأميركي لإسرائيل، دفع مصر والسعودية للتحالف مع إسرائيل لهزيمة حماس والحفاظ على حدود غزة مغلقة.

ولكن معظم الإسرائيليين لا يستطيعون بعد فهم الأهمية الاستراتيجية لهذا التحالف الناشئ. ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى هيمنة اليسار على الخطاب العام؛ حيث يرى اليسار الإسرائيلي هذه الشراكة الجديدة، ولكنه لا يفهم أساسها أو أهميتها. فبالنسبة لليسار، كلها تطورات تؤدي إلى نفس النتيجة: مهما حدث، يجب على إسرائيل تعزيز قوة منظمة التحرير الفلسطينية من خلال تعزيز رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، محمود عباس.
وبسبب عدم قدرتهم على فهم أبعاد الشراكة الاستراتيجية الناشئة مع إسرائيل، بقيادة وزير المالية يائير لابيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني، فإن اليسار يواصل المطالبة باستخدام علاقاتنا الجديدة مع المملكة العربية السعودية ومصر كوسيلة لتعزيز نظام عباس من خلال تنظيم مؤتمر للسلام الإقليمي.
غير أن ما لا يمكنهم فهمه، هو أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تدمر هذه الشراكة. فتعاون إسرائيل الاستراتيجي مع مصر والمملكة العربية السعودية يعود إلى مصالحهم المشتركة. وليس لديهم مصالح مشتركة فيما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية.
وبسبب تهديد المحور الجهادي، لا تستطيع أية حكومة في الدول الإسلامية أن تقول علنًا إنها تتحالف مع الإسرائيليين. لذا فأنْ تطالب القادة المصريين والسعوديين بأن ينشروا صورهم مع نظرائهم الإسرائيليين فكأنك  تطالبهم بالتوقيع على قرارات موتهم.
وعلاوةً على ذلك، فإن الاعتراف بدولة إسرائيل التي تقوم عليها المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، والدفاع عن الحدود والاعتراف بحقوق إسرائيل السيادية في القدس، هو الشيء الذي لا يمكن أن يقبل به أي نظام في الدول الإسلامية علنًا -وخاصّة الآن.
فإذا أخذت الحكومة الإسرائيلية بمشورة اليسار واستخدمت العلاقات الوليدة لدينا مع السعوديين والمصريين لتعزيز منظمة التحرير الفلسطينية، فإنه سيتم تسليط الضوء على المصالح المتضاربة مما سيؤدي إلى تدمير تلك الشراكة. 
وعلاوة على ذلك، فإن الحقيقة هي أن منظمة التحرير الفلسطينية لا يمكنها أن تلعب دورًا بنّاءً لأي من الجانبين في إضعاف الخصوم المشتركة. كما فعل على مدى العقد الماضي، فخلال الحرب الحالية أثبت عباس أنه لا قيمة له على الإطلاق في الحرب ضد الجهاديين.
لذا، فإنه على الأقل خلال فترة رئاسة أوباما، مصالح مصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل المشتركة في منع إيران من تطوير أسلحة نووية وهزيمة الإخوان المسلمين، والدولة الإسلامية، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال العمل المشترك. 
فلولا معارضة المصريين والسعوديين لفوز حماس، لاستطاعت إدارة أوباما إجبار إسرائيل على الرضوخ لمطالب حماس قبل أسابيع من الآن. وكذلك، فإنه بدون العمل العسكري الإسرائيلي، سوف تصبح إيران قوة نووية. 
ولكن في ظل دعم الولايات المتحدة للبرنامج النووي الإيراني، فإن مثل هذه العملية الإسرائيلية ستصبح مستحيلة فعليًّا دون الدعم الإقليمي. كما إن التعاون الفعال بين إسرائيل والأكراد والسنة، ربما يؤدي إلى هزيمة الدولة الإسلامية مع تقليل فرص إيران لتأمين الممر المائي الحيوي استراتيجيًّا.
وبما أن الشراكة الناشئة بين إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية هي نتيجة مباشرة لتدمير إدارة أوباما لمصداقية الولايات المتحدة الاستراتيجية، فمن الواضح إلى حد ما، أنه إذا تمكنا من إدارة تلك الشراكة بشكل صحيح، فإنها يمكن أن تستمر حتى يناير 2017.وحتى ذلك الحين، فمن غير المحتمل أن تجد تلك الدول في المنطقة وسائل بديلة لتأمين مصالحها بشكل أكثر فعالية من العمل المشترك بين الطرفين.
وبالنظر للمخاطر، والقدرات المتكاملة لدى مختلف الأطراف، يجب أن تكون المهمة الأساسية اليوم لإسرائيل هي العمل بهدوء وبجد مع السعوديين والمصريين لتوسيع حجم الإنجازات المشتركة في غزة.
فالتحالف الإسرائيلي المصري السعودي يمكن أن يضمن بقاء جميع أطرافه على قيد الحياة في عهد أوباما. وحتى إذا استمر في الإدارة المقبلة، فإنه سيكون قد وضع جميع أطرافه في موقف أكثر أمنًا مع الولايات المتحدة، سواء قررت أو لم تقرر الإدارة الجديدة إعادة بناء هيكل التحالفات مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.


قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا




؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛




ليست هناك تعليقات: