مافيا دار الهندسة الملكية السعودية والمشاريع السيادية
خصخصة قناة السويس
مشروع تبناه جمال مبارك ورجاله منذ مطلع التسعينات
وينفذة السيسى حاليا
☆ - ترسية مشروع امتداد مترو الأنفاق على شركة فرنسية بدون عطاءات أو منافسة، تمهيدا للاستحواذ على عروض محور القناة بالأمر المباشر.
☆ - مصر خسرت 100 قضية، وجميع قضايا التحكيم الدولى التى دخلت فيها منذ 1860، وحتى اليوم.
☆ - المشاريع الثلاث تمثل رضوخ واستجابة لحزمة مشاريع وسياسات البنك الدولى فى التخلص من الدعم.
☆ - تطوير المجرى الملاحى للقناة يعتمد على خريطة مرورية لحجم مرور السفن بين موانئ العالم الرئيسية.
☆ -القناة التى حفرت بأرواح المصريين، وروتها دماؤهم تبقى ملكا للشعب، ولا يمكن التفريط فيها بسهولة.
كتب المهندس نائل الشافعى مؤسس موسوعة المعرفة ومديرها، وهو أيضًا صاحب ومدير إحدى شركات الاتصالات فى الولايات المتحدة والمحاضر فى معهد "ماساتشوستس" للتقنية والاستشارى للعديد من الهيئات الدولية والعالمية، منها هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى عن خصخصة قناة السويس فى جمهورية مصر العربية، فلنقرأ سويا ما كتبه على حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك".
أعلن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسى فى 6 أغسطس عن مشروع إنشاء ما أسماه "قناة السويس الجديدة".
وهو بداية صغيرة جيدة، نرجو أن يكون باكورة لمشاريع عدة لتحريك عجلة الاقتصاد المصرى بعد طول ركود.
ولكن هناك قضايا وتساؤلات خطيرة.
◄ المشروع :
تفريعة شرقية لازدواج قناة السويس بين البلاح (الكيلو 60 [من بورسعيد])، والمدخل الشمالى لبحيرة تمساح (الكيلو 90)، أى بطول 30 كيلومتر.
كما يضم المشروع تكريك (تعميق) أماكن، لركن سفن قافلة الشمال عرضيا فى بحيرة تمساح، حتى تمر سفن قافلة الجنوب.
وتقدّر هيئة قناة السويس إجمالى أطوال مواضع الركن العرض للسفن بنحو 42 كيلومترًا.
◄ الممكن والمتاح
وهو الأمر الممكن ماليًّا، فتكلفة حفر 30 كيلومتر فى الرمل ليست بالأمر المعضل للدولة (وأن كنا سنناقش تمويل المشروع لاحقًا).
كما وأنه بعد طول ثرثرة منذ مطلع القرن الحادى والعشرين عن تنمية محور قناة السويس، فإن ازدواج كل أو جزء من المجرى الملاحى للقناة هو المتاح تعاقديًّا، فالمدخل الشمالى قد تم تأجيره فى 2009 لمدة 49 سنة لشركة ميرسك الدنماركية (بسمسرة قطرية). والمدخل الجنوبى تم تأجيره فى 2009 لمدة 49 سنة لشركة "بى آند" أو البريطانية (التى أصبحت دبى العالمية للموانى).
◄ فلم يبقَ سوى المجرى الملاحى للقناة.
استهل الرئيس الانقلابى السيسى سرده لقصة المشروع، بأنه طلب من البنك الدولى ترشيح شركة؛ لتقييم العروض الهندسية المقدمة لمشروع تطوير قناة السويس.
ولما كانت الحلول السياسية، وليست الهندسية هى تخصص البنك الدولى، ولتطرق الرئيس الانقلابى فى نفس الفقرة من خطابه لأهمية إنجاز شبكة الطرق الجديدة (الخاصة بالتقسيم الجديد للمحافظات) فى خلال عام، ثم تطرقه فى نفس الفقرة لأهمية ترشيد استهلاك مياه الرى.
ثم ختم تلك الفقرة بوجوب استعداد المصريين لتحمل ثلاث سنوات من شح المياه أثناء ملء خزان سد النهضة - وذلك يعنى أننا رضخنا لمطالب إثيوبيا بالكامل دون أى تفاوض معها.
كل ذلك معًا يدفعنا للتخمين أن المشاريع الثلاث هى جزء من حزمة مشاريع وسياسات مقترحة من البنك الدولى مع خفض الدعم.
ولا عيب فى أن يكون مشروع أو أكثر هو من اقتراح البنك الدولى، طالما يُطرح على العلن المشروع المقترح بالكامل بما فيه الدوافع له، وسبل تمويله.
فيجب أن يكون التعامل مع البنك الدولى فى العلن، ووضع مقترحات البنك الدولى فى نقاش وطنى يمحص كل منها بما فيه لخير البلاد. ويمنح ذلك الحوار الوطنى قوة تفاوضية للدولة فى تعاملها مع البنك الدولى.
◄ المبالغة فى المشروع وتكاليفه
المشروع، على جودته، إلا أنه صغير نسبيًّا، ولا يتطلب تعديل فى البنية التحتية حول القناة، من نفق وجسرين وسحارة وطرق.
لذلك، فمن الغريب أن يُسند المشروع لجهة خارج هيئة قناة السويس نفسها.
فالمشروع بالكامل يقع فى نطاق إمكاناتها وسابق خبراتها.
كما أن إدخال مقاول لحساب الدولة يثير تعقيدات وشبهات لا حد لها فى كيفية السداد.
وهناك مبالغة شديدة فى حجم المشروع، وتكلفته وحجم العمالة المطلوبة فيه.
فتكلفة شق قناة طولها 30 كيلومتر يجب ألا يتعدى 100- 150 مليون دولار، أى أقل من واحد مليار جنيه.
ويجب أن تطرح كراسة مواصفات من هيئة قناة السويس بذلك. ودخل القناة الحالى كفيل بتمويل مثل هذا المشروع الصغير، والذى يُفترض أن يسترد.
وإن كانت الدولة فى شك من التكلفة التى ذكرتها، فما عليها إلا دعوة شركات مقاولات صينية وكورية جنوبية مع وضع شرط أن يكون العمال مصريين.
◄ شبهات حول المشروع.
● من سيراجع تكلفة المشروع؟
● من سيكون مالك المشروع؟
● ومن سيكون مهندس المالك؟
● وما سلطات مهندس المالك على المقاولين؟
وقد أوردت أحد الصحف البند التالى من العقد، ولا نعرف مصداقيته.
تضمن بند تسوية النزاعات بين الشركة الاستشارية، وقناة السويس فى تنفيذ المشروع، مجموعة من الخطوات تبدأ بالتسوية الودّية على أن يجتهد الطرفان قدر استطاعتهما فى تسوية ودية للنزاعات التى تنشأ أو تكون ذات صلة بهذا العقد أو تفسيره.
ثم الطريقة الثانية باللجوء للتحكيم طبقا للبند الثانى لتسوية المنازعات الذى ينص على أن أى نزاع بين الطرفين فيما يتعلق بالأمور التى تنشأ بمقتضى هذا العقد، والتى يتعذر تسويتها وديًّا خلال ثلاثين يومًا بعد تلقى أحد الطرفين طلبًا من الطرف الثانى بالتسوية الودية، يمكن لأى من الطرفين طرح هذا النزاع إلى التحكيم.
◄ الفشل فى قضايا التحكيم.
ينص عقد الاستشارى (دار الهندسة العالمية بلندن) أنه فى حال وقوع خلاف بينه وبين المالك (هيئة قناة السويس؟ أم الدولة؟ أم الهيئة الهندسية للجيش؟)، فسيذهبا للتحكيم.
التحكيم فى لندن أم فى القاهرة؟، وحسب القانون الإنجليزى أم القانون المصرى؟، فالدولة المصرية لها تاريخ غابر فى خسارة كل قضايا التحكيم الدولى تقريبًا التى دخلت فيها منذ 1860، وحتى اليوم، وعددها أكثر من 100 قضية.
وهذه مشكلة أخرى: فشل التعليم القانونى فى مصر فى مجالى القانون الدولى، والتحكيم الدولى، أبعد من مجرد تسمية شعبة بكلية الحقوق: (حقوق إنجلش).
التعميق لعله كان أولى من التوسيع.
الأمر يحتاج أن تسعى هيئة قناة السويس لزيادة أبعاد السفن التى يمكنها المرور فى القناة، وهو ما يسمى سويس ماكس.
Suezmaxhttp:
//www.marefa.org/index.php/
كما أن قرارات تطوير المجرى الملاحى لقناة السويس يجب أن تعتمد على خريطة مرورية لحجم مرور السفن بين موانئ العالم الرئيسية؛ لتقدير مدى مرونة الطلب على التوسعات المختلفة فى قناة السويس.
كما يجب أن يكون لدى هيئة قناة السويس جدولين لتعداد السفن فى العالم مقسمًا مرة حسب الغاطس، ومرة حسب العارضة.
◄ .. التمويل .. والأسهم المشبوهة
أعلن قائد الانقلاب السيسى أن تمويل المشروع سيكون عن طريق طرح أسهم وسندات للمشروع.
وهنا تبرز تساؤلات:
* سؤال: ما هو العائد/ الدخل الذى سيسدد هذه الأسهم والسندات؟
الإجابة: حيث إن التفريعة المقترحة ليست مشروعًا قائمًا بذاته، فالسفن المارة به لا يمكن أن تدفع رسمًا إضافيًّا منفصل.
الإجابة: حيث إن التفريعة المقترحة ليست مشروعًا قائمًا بذاته، فالسفن المارة به لا يمكن أن تدفع رسمًا إضافيًّا منفصل.
لذلك، فعائد الأسهم وسداد قيمة السندات سيكون من الدخل المعتاد لمرور السفن بقناة السويس.
إذًا فالأسهم ستكون فى شركة قناة السويس نفسها، والتى ظلت منذ تأميمها، وحتى اليوم ملك الدولة المصرية، بالرغم من إعلان عبد الناصر فى 1956 أنها شركة مساهمة مصرية.
ولكن ظلت الدولة مالكة لجميع الأسهم.
أى أن المهم فى هذا المشروع الصغير، بالمقارنة بتوسعات السادات للقناة فى السبعينات، هو خصخصة قناة السويس، وهو الهدف الذى نادى به البنك الدولى منذ السبعينات، وناضل من أجله جمال مبارك ورجاله منذ مطلع التسعينات.
قرار بيع أو خصخصة أغلى ما تملكه مصر، وهو قناة السويس، يجب ألا يترك؛ ليفهم عرضا فى سياق إعلان عن مشروع ضئيل، بالمقارنة بقيمة القناة نفسها.
بل يجب طرح هذا الأمر للنقاش العام وعرضه فى استفتاء شعبى. فالقناة التى حفرت بأرواح المصريين، وروتها دماؤهم لتبقى ملكا للشعب، لا يمكن التفريط فيها بسهولة.
وكم ستكون النسبة من دخل قناة السويس المخصصة للأسهم؟ أو بالأصح بكم سيتم تقييم القيمة السوقية لقناة السويس اليوم لكى يتم حساب
نسبة الأسهم المطروحة للمشروع؟
وأنظر بكثير من الحذر والخوف لرقمى 8 مليار دولار و 80 مليار دولار اللذين ذكرهما قائد الانقلاب السيسى فى خطاب إعلان المشروع.
وأرجو ألا تكون تلك الأرقام سيستخدمها البعض؛ لتعظيم نسبة ما سيتم بيعه/ مصادرته من قناة السويس لصالح مقاولى هذا المشروع الصغير.
تجنب الخلط بين التكاليف المحدودة للتفريعة، وبين مشروع التنمية المبهم.
من سيحدد قيمة الأصل، قناة السويس، وقيمة الإضافة؟ وهيكل الملكية المساهمة الجديدة للقناة؟ وعدد الأسهم المطروحة للبيع/ الخصخصة؟
◄ شراء سندات الأرجنتين ثم ابتزازها
السندات تكون بضمان أصل ثابت، الذى هو فى هذه الحالة "قناة السويس" نفسها.
يعنى طرح السندات، هو رهن لقناة السويس.
فما هو المبلغ الذى ستصدر به السندات؟ وما الجهة المصدرة للسندات؟
وما الغرض من هذا المبلغ؟ وكيف ترى الدولة سداد هذا المبلغ؟
أين ستُطرح السندات الدولارية؟
فى بورصة نيويورك أم بورصة لندن؟ وكلتا البورصتين تفرضان على الهيئة المصدرة للسندات أن تلتزم بالقانون المحلى لتلك البورصة، فى حال نشوب خلاف بين مشترٍ للسند ومصدِر السند.
ولعل فى أزمة الأرجنتين الحالية أكبر عظة لتجنب ذلك.
طالع: "شراء سندات الأرجنتين، ثم ابتزازها"
فقد أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكمًا بالغ الأهمية، يقول:
"لقد تنازلت الأرجنتين عن حقوقها وحصانتها السيادية، كدولة حين وقّعت على أوراق طرح سندات.
وأصبح التعامل معها يشبه التعامل مع أى شركة تبعا لقانون بلد البورصة.
طالع: "أوجه الشبه بين أزمة الإفلاس الظالم المفروض على الأرجنتين ووضع مصر".
◄ حصر التداول على المصريين
من الصعب تطبيقه، والأصعب الدفاع عن هذا الشرط فى المحاكم.
◄ الأنفاق:
الحديث عن حفر ستة أنفاق تحت قناة السويس، هو من قبيل النوايا الحسنة، ولا أظنه سيتحقق على الإطلاق.
فلدينا نفق أحمد حمدى المعطوب من قبل افتتاحه فى 1983، وحتى اليوم لا يرضَ أحد بإصلاحه.
لا أظن أن أيًّا من منتجى آلات حفر الأنفاق، سيرضى ببيع آلة لمصر قادرة على حفر أنفاق تحت قناة السويس.
فهذه القدرة حتما سيقال: "إنها تخل بتوازن القوى فى سيناء؛ لأنها تتيح لمصر نقل أعداد كبيرة من المدرعات إلى سيناء فى وقت قصير.
◄ شركة التقييم الفرنسية .. الترسية بالأمر المباشر
ذكر قائد الانقلاب أن البنك الدولى رشح له شركة فرنسية، لتقييم العروض المقدمة لتطوير محور قناة السويس، وأنه قد رحب بها؛ لأنه لم يكن بين المتقدمين أى شركات فرنسية.
ولكن يجدر ذكر أنه فى شهر يوليو 2014 صدر أمر تكليف لترسية مشروع امتداد مترو الأنفاق بالقاهرة على شركة فرنسية بدون عطاءات أو منافسة.
يبدو أن أمر التكليف كان مرتبطًا بشكل ما بتقييم عروض محور قناة السويس.
◄.. مافيا دار الهندسة والمشاريع السيادية
دار الهندسة أسسها كمال الشاعر، المهندس الفلسطينى، وكانت معذراعى تمويل غير رسمى لمنظمة التحرير فى الستينات والسبعينات.
ومع تقدم الزمن ابتعد كمال الشاعر وشركته عن المنظمة واقترب من الممالك العربية.
وفى الثمانينات كان الفرع السعودى لدار الهندسة مرتبطًا بالشيخ كمال أدهم، مؤسس الاستخبارات السعودية، وشقيق الملكة عفت قرينة الملك فيصل، وصاحب مجموعة شركات "المبانى".
إلا أن الكفيل/ الشريك السعودى تغير منذ التسعينات، إذ يرى مهندسو التصميم أن دار الهندسة السعودية حاليا هى شراكة بين كمال الشاعر، والملك عبد الله بن عبد العزيز نفسه، أو من خلال أحد أبنائه.
ولعل إلقاء نظرة على قائمة جزئية لأهم مشاريع دار الهندسة (فى الرابط التالى) تساعد على إدراك الدعم السياسى الهائل المطلوب لفوز الشركة بالكثير من المشاريع السيادية الكبرى فى دول عربية وأفريقية، مثل المطار الرئيسى فى كل من (جدة، اليمن، كردستان العراق، دبى، أبو ظبى، الكويت، إثيوبيا، نيجريا).
قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق