السبت، 5 يوليو 2014

الصمت العالمى أمام ما يحدث في مصر؟ من يرى ضوءًا فليدلنا عليه.!!


تطهير الضمير من الكراهية بات مرهونا
 بتطهير الأجواء من حملات التسميم والتحريض



حذر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في جنيف من استمرار عمليات التضليل والدعاية والتحريض على الكراهية، بما قد يزيد من حدة التوتر في البلاد.
أضاف التقرير أن هناك حقائق على الأرض يجب وضعها للمساعدة في الحد من خطر الروايات التي يجرى استغلالها لأسباب سياسية والتي تهدف إلى التحريض على الكراهية على أسس عرقية وقومية ودينية أيضا.
 وأوصى التقرير الأممي بضمان المساءلة عن جميع الانتهاكات لحقوق الإنسان التي حدثت أثناء الاضطرابات،ودعا إلى ضرورة مراعاة التوافق والمشاركة المتساوية في الشؤون العامة والحياة السياسية لجميع المواطنين،إضافة إلى منع وسائل الإعلام من التلاعب وإذكاء التعصب والتطرف.
الكلام ليس سوى مقتطفات من تقرير أصدرته المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف عن الحاصل في أوكرانيا،
وكانت المفوضية قد أوفدت اثنين من الخبراء إلى «كييف» العاصمة للتحقق من المعلومات التي تسربت عن حملات التسميم والتشويه التي استهدفت إثارة البغض والكراهية إزاء الأقلية الروسية هناك، بعد التوتر الذي حدث بين البلدين، وأدى إلى انفصال القرم وانضمامها إلى روسيا الاتحادية.
حين وقعت على التقرير وجدت أنه يصف الحاصل في مصر بدرجة أو بأخرى؛ ذلك أن كل فقرة فيه تذكرنا بالأجواء المخيمة منذ شهر يوليو من العام الماضى،فكلمات التسميم والتشويه والدور السلبي لوسائل الإعلام والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان تمثل قواسم مشتركة بين التجربتين الأوكرانية والمصرية،وكنت قد أشرت يوم الخميس الماضى 3/7 إلى التشوهات التى أحدثتها تلك العوامل في الضمير المصري، حتى أصبح كثيرون لا يجدون غضاضة، سواء فى وقوع ممارسات الانتهاكات والقمع، أم في تبريرها والدفاع عنها.وهي الممارسات التي سجلتها تقارير المنظمات الحقوقية المستقلة في مصر.
كما انتقدها التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية الذي صدر يوم الخميس 3 يوليو، ولا بد أن يلفت نظرنا في هذا الصدد أن الأمم المتحدة قامت بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في دول عدة، لكنها التزمت الصمت أمام ما يحدث في مصر، رغم الانتقادات التي سجلتها بخصوص عدة منظمات دولية في مقدمتها «هيومان رايتس ووتش».
الزاوية التي تهمنا في اللحظة الراهنة تتعلق بعملية تسميم الأجواء المصرية التي أشاعت درجة عالية من الكراهية ورفض الآخر، الأمر الذي أزعم أنه صار يهدد التعايش والاستقرار في البلاد.
صحيح أن الإعلام يتحمل مسؤولية كبرى في تغذية تلك المشاعر السلبية، إلا أنه ما كان له أن يقدم على ذلك، إلا إذا كان ذلك تعبيرا عن توجهات سياسية، قام الإعلام بدور البوق الذي تولى الترويج لها وغسيل مخ الجماهير على النحو الذي يخدم تلك التوجهات ويحقق مرادها.
وإذا كانت السياسة هي المصدر الأساسي للكراهية، فإن النخب لعبت دورا لا يقل أهمية في تشويه الضمائر وإفسادها.
 إن شئت فقل إن جهة القرار السياسي هي التي تحدد الموقف، في حين أن النخب تتولى إخراجه وتبريره والتنظير له،
 أما الإعلام فهو أداة التوصيل التي تنقل كل ذلك إلى عموم الناس، وتستخدم كل وسائل الجذب والإبهار لإيصال الرسالة إلى أوسع دائرة ممكنة من الرأي العام.
وهناك عناصر أخرى مكملة توفر الغطاء القانوني للسياسات المتبعة، أو الحشد الجماهيري اللازم لإضفاء الشرعية الشعبية اللازمة لمساندة السياسات المرسومة.
إن التحدي الكبير الذي لا بد أن نواجهه يوما ما يتمثل في قدرتنا على تطهير ضمائر المصريين مما لحق بها من تشوهات ومرارات أفسدتها،
ولا سبيل إلى تحقيق ذلك إلا بإقامة ديمقراطية حقيقية تحترم حق الاختلاف، وتحتكم إلى القانون في حسم النزاعات، وتلتزم بالوسائل السلمية في التغيير والتداول،
وهذا الذي أقول به ليس اكتشافا ولا جديد فيه، ولكنه أشبه بالتذكير بالبديهيات المستقرة التي سقطت من الذاكرة في أجواء الانفعال والحماس والتهييج السائدة.
أدري أن ملف «الإرهاب» يشكل جدارا سميكا يقطع الطريق على أي حديث عن مستقبل يتحقق فيه الاستقرار من خلال الحلول السياسية والوئام المدني، إلا أنني أزعم أن موضوع الإرهاب بات بحاجة إلى تفكيك وتحرير يهتدي بالوقائع الثابتة، وليس بالهوى السياسي والتعبئة الإعلامية المعبرة عنه؛
 ذلك أننا ما عدنا نعرف على وجه الدقة من الذى يمارس الإرهاب، ولماذا؟
 وبين أيدينا نماذج عدة اتهم فيها طرف بالمسؤولية عن بعض الحوادث الإرهابية، ثم فوجئنا بأطراف أخرى تعلن عن مسؤوليتها،
 بل إننا ما عدنا نعرف المقصود بالمصطلح ذاته، بعدما وجدنا أن الذين عارضوا قانون منع التظاهر اعتبروا إرهابيين، وجرى التنكيل بهم وتوقيع العقوبات المشددة عليهم بسبب «جريمتهم»،
وهو ما أقنعنا بأن الذين يلقى القبض عليهم يحاكمون بمقتضى السياسة، وليس بمقتضى القانون.
إن تطهير الضمير من الكراهية بات مرهونا بتطهير الأجواء من حملات التسميم والتحريض.
وهذه الحملات باتت معلقة على القرار السياسي الذي يبدو أنه ما يزال يراهن على قوة السلطة ومؤسسات الأمن والردع وهدف الاستئصال والاجتثاث؛
 الأمر الذي لا يشجع على التفاعل الإيجابي من الطرف الآخر، ولا يدع مجالا لرؤية بادرة ضوء أو أمل للاستقرار في المستقبل،
 ومن يرى شيئا من ذلك القبيل، فإنني أرجوه أن يدلنا عليه.





قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا




ليست هناك تعليقات: