السبت، 21 يونيو 2014

هل عالجت البرازيل أزمة أطفال الشوارع بقتلهم فعلا؟.



اطفــــال الشــــوارع .. الحــل البــرازيلى 
 "الأطفـــال لا يريدون مؤسســـة خيريــــة.
 الأطفــــــال يريدون المستقبـــــل"



قد يُمهل اللهُ العبادَ لحكمةٍ تخفى ويغفل عن حقيقتها الورى
قل للذي خدعته قدرةُ ظالمٍ لاتنسَ أن اللهَ يبقى الأقدرا

ثار المقال الذى كتبه الدكتور نصار عبدالله، زاعما بأن الحل البرازيلى لأزمة أطفال الشوارع أتى عبر تصفيتهم تساؤلات عدة حول مدى صحة اعتماد البرازيل على أسلوب القتل والإبادة الجماعية للأطفال، وهل ما تم كان برعاية الدولة أم جرائم فردية وإلى أين وصلت البرازيل فى ذلك؛ و في تحقيق لـ "بوابةالأهرام"اجابت عن تلك التساؤلات. زعم نصار أن الشرطة البرازيلية، وسط صمت كل القوى السياسية والإعلامية، وحتى منظمات حقوق الإنسان؛ شنت حملة مسعورة على أطفال الشوارع وأن السلطة القضائية -برغم بحور الدم- لم تقدم شرطيًا واحدًا للمحاكمة، وهكذا انتهت مشكلة أطفال الشوارع، بل ويؤكد نصار أن البرازيل تحولت إلى دولة متقدمة، 
وقضت على الظاهرة، مؤكدًا أن هذا هو الدرس الذي ينبغي أن يعيه كل من يحاول أن يتعلم شيئًا ما من التجربة البرازيلية. ويبدو أن كاتب المقال استند إلى بعض الجرائم التى تمت إدانة مرتكبيها بالفعل من جهاز الشرطة ليعتبر ذلك وكأنه حل اعتمدته الدولة بكل أجهزتها، ولعل أبرز تلك الجرائم وأشدها عنفا هى مذبحة كنيسة كانديلاريا؛ فبحسب تقرير لصحيفة "انترناشيونال بيزنيس تايم" نشر فى 25 يوليو من العام الماضي بمناسبة مرور 20 عاما على ذكرى تلك المذبحة؛ فقد قتل ثمانية من أطفال الشوارع المشردين والمراهقين من قبل الشرطة في الجزء الأمامي من الكنيسة كانديلاريا في وسط العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو .، ونجا أكثر من 60 طفلا من إطلاق النار العشوائي في ليلة 23 يوليو 1993 حيث كان ثمانية أطفال فقط أعمارهم أكثر من 15 عام ، 
في حين أن الباقي تتراوح أعمارهم بين 5 و 14عاما. 
 وأشار التقرير إلى أنه من بين كل تسعة من رجال الشرطة (بعضهم خارج الخدمة) يعتقد أنهم ارتكبوا جرائم قتل فإن ثلاثة فقط من منهم قد أدينوا وسجنوا، وظل الدافع وراء مذبحة كانديلاريا لغزا حيث ادعى البعض أن الشرطة ارتكبت تلك الجريمة بدافع الانتقام بسبب مواجهة سابقة مع الضحايا إلا أن نظرية آخرى انتشرت فى البرازيل حول تكوين "فرق الموت والاغتيالات" المدعومة من قبل أصحاب الأعمال المحليون ممن كانوا يدفعون مكافآت ورواتب لقتل المشردين من الكبار والأطفال من أجل "تطهير وتنظيف" المنطقة المحيطة بمصالحهم وأعمالهم، وهو ما أذكره تقرير لإحدى المنظمات غير الحكومية بواشنطن. 
 وبحسب التقرير فإن انخفاض رواتب الشرطة كان الدافع لانضمام الكثيرين منهم إلى فرق الموت كوظيفة ثانية لاستكمال احتياجاتهم المالية حيث كان من متطلبات تلك الفرق القتل من أجل حماية المحلات التجارية والمطاعم والمراكز السياحية الأخرى، وكذلك الحفاظ على سلامة الأحياء من المشتبه بهم بارتكاب أنشطة إجرامية و للأسف أصبح أطفال الشوارع بالبرازيل أهداف هذه الفرق لأن أصحاب المتاجر والمواطنين الأثرياء اعتبروهم خطرا يهدد السلامة العامة والتجارة . 
 يرى مراقبون أن مذبحة كانديلاريا كشفت جوانب آخرى قبيحة من المجتمع والحياة البرازيلية الحديثة – فى ظل وجود فجوة الثروة الضخمة، وفساد الشرطة حيث قالت منظمة العفو في بيان لها أنه بعد عقدين من الزمن، كانت هناك سلسلة من عمليات الإعدام تقوم بها الشرطة خارج نطاق القضاء من نفس النوع.. حيث يقتل 2000 شخص سنويا على يد الشرطة التى تنجح دائما فى الإفلات من العقاب.
 وقد أشارت "سي إن إن" خلال تغطيتها للمحاكمة فى إبريل 1996 أن تلك المحاكمة سبقتها ثلاث سنوات من التحقيق، ومحاولتين لاغتيال أحد الشهود الرئيسيين بالقضية وهما المراهقين الذين نجا من الهجوم بعد إطلاق النار عليهم ونجحت السلطات فى إنقاذهم وإرسالهم إلى سويسرا لحمايتهم ليعودا بعد عامين إلى ريودى جانيرو تحت حراسة مشددة من الشرطة يرتدون سترة مضادة للرصاص لتكون شهادتهم سببا فى إدانة ضباط شرطة بأحكام سجن تراوحت ما بين 204 إلى 300 عام. وقد دفعت تلك الجرائم المؤلمة البرازيل لاتخاذ استراتيجية مختلفة تجاه أطفال الشوارع لتصبح تجربتها فى ذلك الملف ضمن أبرز 3 تجارب عالمية فى مجال معالجة وحل أزمة أطفال الشوارع بالإضافة إلى الهند وبريطانيا وهو ما دفع المجلس القومى للأمومة والطفولة إلى عقد ورشة عمل فى مصر فى يناير من العام الماضى حول (سبل تمكين وتوظيف الشباب في وضعية الشارع) التى نظمها المجلس بالتعاون مع برنامج الأطفال والشباب بالمعهد العربي لإنماء المدن لمدة يوم واحد لعرض التجربة للاستفادة منها، حضر فيها خبراء من دول البرازيل والهند والمملكة المتحدة والسعودية والسودان، ب
حضور ممثلى جمعيات المجتمع المدنى واليونيسيف. ولم تشر الدكتورة ديزى كوزاسترا رئيسة المنظمة العالمية للأسرة بالبرازيل التى شاركت بورشة العمل عن التجربة التى سردها نصار فى مقاله المثير للجدل وإنما تحدثت عما قدمته البرازيل من حماية اجتماعية للأسر والأفراد فى الحالات التى تسببت فى تلك الظاهرة كالفقر أو التمييز أو الأسر التى تعرضت سواء لانتهاكات أو للتفكك الأسري، بالإضافة إلى توفير السكن المناسب لهم وتوفير المشروعات الصغيرة والتى تكفل لهم دخلا مناسبا وتوفير نظام صحى وتعليمى مناسبين وتوفير كل الأنشطة الترفيهية، إلى جانب التعامل مع هؤلاء الأطفال من خلال أشخاص مؤهلين. وخلال كلمتها أكدت أن التجربة البرازيلية فى القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع التى استمرت لمدة 5 سنوات والتى كان عنوانها "الأطفال لا يريدون مؤسسة خيرية.. الأطفال يريدون المستقبل" وتم تطبيقها على مدينة كوريتيبا البرازيلية، حيث يبلغ تعداد المدينة البرازيلية نحو 2 مليون و700 ألف نسمة، 
أسفرت نتيجتها بعد تطبيق السياسات العامة الشاملة للحماية الوطنية والطفولة والشباب والأمن بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى والسلطة الحالية عن القضاء وبشكل تام عن الظاهرة حيث أصبح عدد أطفال الشوارع هناك "صفر"، على حد قولها. كما نظمت البرازيل فى مارس الماضى كأس العالم لأطفال الشوارع في ريو دي جانيرو فى إطار حملة عالمية تسعى لمنح أطفال الشوارع الحماية والفرص التي يستحقها جميع الأطفال. ومن خلال كرة القدم والفن والاجتماع الدولي لأطفال الشوارع، تهدف الحملة لتحدي التصورات والمعاملة السلبية لأطفال الشوارع وقد شارك فيها فرق من أطفال الشوارع من حوالي 20 دولة منها مصر، السلفادور، الولايات المتحدة الأمريكية، زيمبابوي، الأرجنتين، إنجلترا، موزمبيق، نيكاراجوا، جنوب أفريقيا، بوروندي، إندونيسيا، الهند، باكستان، ليبيريا، البرازيل، موريشيوس، كينيا، تانزانيا، الفلبين..



؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: