الجمعة، 2 مايو 2014

الطلاينة في غاية السعادة من قانون حماية لصوص المال العام فى مصر




"حماية عقود الدولة والمستثمرين"


بعض توابع قانون حماية لصوص المال العام بمجرد توقيع العقد يصبح مقدسا ومحصنا 
لا يستطيع أحد أن يطعن عليه إلا إذا اختلف البائع والمشتري.
 لماذا لم يعرض قانون بهذا القدر من الخطورة على النقاش المجتمعي العام لإبداء الرأي فيه ومشاركة أكبر مساحة شعبية في ظل غياب البرلمان ، إلا أنهم أصروا
 على أن يمرروه بليل ، لأن أعمال اللصوصية لا تنشغل بالنقاش العام


الطلاينة في غاية السعادة والابتهاج من الزعيم الكبير عدلي منصور الرئيس المؤقت للبلاد الذي صدق على قانون يحمي لصوص المال العام من سيف القضاء ورقابة الشعب المصري تحت مسمى "حماية عقود الدولة والمستثمرين" ، وأصل الحكاية هنا أن مجموعة إيطالية نجحت في اختطاف بنك الاسكندرية ، أحد أركان البنوك الوطنية المصرية الكبرى ، وحصلت على ثمانين بالمائة من ملكيته ، ودفعت في ذلك بالطريق القانوني للدولة مليار وستمائة مليون دولار أمريكي فقط لا غير ، هذا بخلاف أي مدفوعات أخرى ، شيء لزوم الشيء ، في حين أن الخبراء المصرفيين أجمعوا على أن القيمة السوقية للبنك يوم إتمام عملية البيع كانت خمسة مليارات وخمسمائة مليون دولار ، أي أن الدولة المصرية وقتها باعت ممتلكات الشعب المصري في بنك الاسكندرية للطليانة بأقل من ربع ثمنه ، وكان عدد من كبار موظفي البنك ومعهم حقوقيون قد لجأوا إلى القضاء في محاولة لإنقاذ المال العام من هذه الاستباحة ، وقطعت القضية شوطا ، وكانت مؤسسة "سان باولو" التي اشترت البنك تشعر بالقلق الشديد ، حتى أتاها الفرج على يد عدلي منصور وإبراهيم محلب وشركائهم ، فصدر قانون حماية عقود الدولة مع المستثمرين ، وهو القانون الذي يحرم أي مواطن أو جهة مصرية أهلية أو غيرها من اللجوء إلى القضاء من أجل الطعن على العقود التي يبرمها وزراء وقيادات فاسدة لبيع مملتكات الشعب المصري لجهات أجنبية أو محلية ، وبمجرد توقيع العقد يصبح مقدسا ومحصنا لا يستطيع أحد أن يطعن عليه إلا إذا اختلف البائع والمشتري فقط لا غير ، القانون الجديد الذي وضح أن عدلي منصور كان ملهوفا عليه أو مضغوطا عليه لسرعة إصداره لأنه لم يطق صبرا لمدة شهرين أو ثلاثة لحين إتمام انتخابات الرئاسة والبرلمان من أجل أن ينظر في ذلك ممثلوا الشعب المصري باعتباره قانونا خطيرا ويتعلق بمستقبل الشعب المصري كله وميراث أجياله ، الرجل كان مستعجلا جدا ، وسارع بإصدار القانون ، محامي المؤسسة الإيطالية أبدى ابتهاجه الشديد ، وأعلن أنه سيحمل نسخة من القانون الجديد إلى المحكمة التي كانت قد حددت جلسة لاستكمال النظر في القضية ، المحامي قال بالفم الملآن : القانون الجديد يقول أنه لا صفة للموظفين بالبنك أو أي جهة في تحريك الدعوى ، وأن القضية تعتبر منتهية الآن ، والبنك حلال بلال على المؤسسة الإيطالية .
الأفراح والليالي الملاح لم يكونوا عند الطلاينة فقط ، بل الإماراتيين أيضا ، لأن مصرف أبو ظبي الإسلامي كان قد استولى بنفس الطريقة على البنك الوطني للتنمية ، وقضيته منظورة أمام القضاء حاليا ولم يبت فيها بحكم نهائي ، وهناك الكثير من القضايا الأخرى المنظورة أمام القضاء تنتظر الفصل ، وهناك جدل قانوني قائم ، ينحصر في الإجابة على السؤال : هل القانون يطبق بأثر رجعي على عمليات النهب المنظورة حاليا أمام القضاء ولم يحكم فيها بحكم نهائي بعد ، أم أنها لا تشمل تلك القضايا ، وإنما منع تحريك أي قضايا مستقبلية ضد أي لص من لصوص المال العام أو أي عقد يبدو طافحا منه أنه عقد فاسد وقائم على إهدار للمال العام ، ورغم موجة الغضب التي تتنامى وتتسع الآن بين جهات عمالية وحقوقية وشعبية عديدة تستغرب صدور هذا القانون الفج في عهره وإجراميته ، وتتساءل : لماذا لم يعرض قانون بهذا القدر من الخطورة على النقاش المجتمعي العام لإبداء الرأي فيه ومشاركة أكبر مساحة شعبية في ظل غياب البرلمان ، إلا أنهم أصروا على أن يمرروه بليل ، لأن أعمال اللصوصية لا تنشغل بالنقاش العام في الهواء الطلق والأجواء الطاهرة ، وإنما هي تحرص على أن تظل بعيدة عن الأعين ، وتتم خلسة ، ومن يعترض لدينا أدوات الردع كافية ، وليس صعبا أن يتم اتهامه وضمه إلى قوائم أعضاء "الإخوان" في الزحمة .





ليست هناك تعليقات: