السبت، 31 مايو 2014

مصر.. ثلاث سنوات ثورة في حضرة جرائم العسكر . فيديو



"استفتاء رخيص" تحت جناح العسكر


بينما كان الثوار في مصر فرحين بانسحاب الشرطة من ميدان التحرير في وسط القاهرة، ونزول الجيش للشوارع، مساء "جمعة الغضب" في 28 يناير/ كانون الثاني 2011، وقفت شيماء محمد تصرخ في وجه الثوار:
"الجيش معاهم... الجيش معاهم... بينقل للشرطة قنابل غاز ورصاص في الدبابات". لم يتنبّه أحد إلى ما كانت تقوله شيماء، ولكن جاء يوم "موقعة الجمل"، في 2 فبراير/ شباط من ذلك العام، ليتيقّن الثوار من صدق هواجسها.
ثلاث سنوات ونحو أربعة أشهر مرّت على ثورة 25 يناير، كانت شيماء نفسها، ولا تزال، تتمنى أن ترى مصر التي حلمت بها.
لكن السنوات مرّت لتؤكد لها، يوماً بعد يوم، حقيقة ما قالته حينها على غير يقين عن أن "الجيش معاهم"... مع الشرطة، مع القمع، مع القتل، وأشياء أخرى.
وتعتبر شيماء أن يوم "موقعة الجمل" كان اليوم الأول الذي شهد بوضوح على جرائم العسكر. وتقول، لــ"العربي الجديد"، إن "دبابات الجيش كانت تقف على مداخل ميدان التحرير، كان بإمكانها أن تغلق الطريق على البلطجية أو تتصدى لهم، ولكنها فتحت لهم الطريق، وبالنسبة لي، كانت تلك أول جريمة في عهد المجلس العسكري".
توالت عقب ذلك الأحداث، وتوالى معها نزيف الدم.
"موقع ويكي ثورة"، الذي أنشأته مجموعة من الشباب الذين اتفقوا على ألا يكون لهم أي حديث لوسائل الإعلام، قاموا بحصر الجرائم التي ارتكبت منذ الثورة من قتل وإصابات واعتقالات، وحتى اليوم. "حتى لا ننسى"، كان الشعار الذي رفعه شباب "ويكي ثورة"، الذين فنّدوا الاعتداءات التي وقعت إبان فترة حكم المجلس العسكري في المرحلة الانتقالية الأولى منذ 11 فبراير/ شباط 2011 وحتى 30 يونيو/ حزيران 2012، سقط خلالها 438 قتيلاً، في مختلف محافظات مصر.
فضّ اعتصام ميدان التحرير يوم 8 إبريل/ نيسان 2011، كان أول يوم يشهد سقوط المدنيين على أيدي قوات الجيش، وهو علي ماهر علي عمار ابن الـ17 ربيعاً. ربما لم يعلم الثوار يومها أن مزيداً من الدماء ستسقط على أيدي مَن ظنوا حينها أنه حمى ثورتهم.
كان التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2011 يوماً فاصلاً في حياة الثوار، الذين شهدوا "مذبحة ماسبيرو"، والتي راح ضحيتها 27 مصرياً من الأقباط، بعضهم دهسته دبابات الجيش، والبعض الآخر لفظ أنفاسه مع طلقات الرصاص.
إلا أن ما حدث في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو اليوم الذي شهد بداية أحداث شارع محمد محمود بمنطقة وسط البلد، كان له ألم آخر.
محمد عز الرجال، أحد الشباب الذين حضروا أحداث "محمد محمود"، كتب في شهادته عن الأحداث حينها أنه "في أقل من 10 دقائق تم إخلاء المكان من قبل قوات الصاعقة والشرطة العسكرية التي أتت من اتجاه شارع قصر العيني".
عقب أحداث "محمد محمود" بأقل من شهر، وفي ميدان التحرير أيضاً، في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2011، قتل نحو 27 مصرياً، في ما عرف حينها بأحداث "مجلس الوزراء"، وهو اليوم الذي شهد سحل فتاة وتعريتها من قبل قوات الجيش، ليطلق عليها الثوار في ما بعد "ست البنات".
في عهد المجلس العسكري كذلك، سقط 72 مصرياً مطلع شهر فبراير/ شباط 2012، لا لشيء فعلوه سوى ذهابهم إلى استاد بورسعيد لمتابعة مباراة كرة القدم بين فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي، من دون أن تتدخل قوات التأمين لمنع المجزرة.
أحداث العباسية الثانية، حدثت في الثاني من مايو/ أيار 2012 والتي سقط فيها 13 مصرياً، لم تكن أقل ألماً من الأحداث السابقة، بحسب المصور الصحافي عمرو صلاح الدين، الذي يقول إنه "بمجرد وصولي إلى العباسية يومها، أصبت بكسر في ذراعي، وبقيت في الجبس لمدة شهر".
بعد انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013 على الرئيس محمد مرسي، ظهر العسكر في المشهد مجدداً، ولكن بشكل لم يكن يتوقعه الثوار الذين صار كل منهم في واد، ولم يعد لواؤهم واحداً كما كانوا في 25 يناير.
يقول موقع "ويكي ثورة" إن عدد الذين لقوا حتفهم في عهد وزير الدفاع السابق والمرشح الرئاسي، عبد الفتاح السيسي، والرئيس المؤقت، عدلي منصور، حتى 31 يناير/ كانون الثاني 2014، هو 3248، فضلاً عن 18 ألفاً و535 مصاباً، وثّق شباب "ويكي ثورة" حالاتهم حتى 28 فبراير/ شباط الماضي، و41 ألفاً و163 مقبوضاً عليهم وملاحقاً قضائياً حتى 15 مايو الجاري.
وكانت مجزرة فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس/ آب، الأبشع على الإطلاق لكل مَن شهدها. وبحسب "ويكي ثورة"، فإن إجمالي مَن قتلوا على أيدي قوات الأمن يومها في محيط رابعة العدوية هو 1260 مصرياً.
ويقول المصور عمرو، الذي شهد أحداثاً كثيرة تورّط فيها العسكر في قتل مدنيين، لـ"العربي الجديد"، إن "يوم موقعة الجمل، في رأيي، كان أول تواطؤ عسكري مباشر واضح في قتل المصريين، فقد سهّلوا مرور البلطجية لميدان عبد المنعم رياض".
أوّل تدخل من قبل قوات الجيش مباشرة في قتل المصريين، كما يرى عمرو، كان في أحداث مجلس الوزراء 2011. حينها، كتب المصور على حسابه في "الفيسبوك": لعنة الله على مَن حوّل جندي الجيش من مقاتل يحمل بندقية إلى مجند أمن مركزي يحمل عصا.
أما أبشع الأحداث التي قام بتغطيتها عمرو، فكانت مجزرة الحرس الجمهوري الثانية، التي قتل فيها 65 مدنياً، بحسب "ويكي ثورة"، وهي "أكثر المرات التي رأيت فيها الجيش يضرب المدنيين ببرودة مخيفة".
وقبل ساعات من إجراء "الانتخابات الرئاسية" 26 و27 و28 مايو، تساءل عمرو عما إذا كان هناك انتخابات أصلاً، واصفاً ما يحصل بأنه "استفتاء رخيص". واستدرك بأنه لم يشارك في الانتخابات الماضية على قاعدة أنها كانت "انتخابات ينظمها ويرعاها ويشرف عليها العسكر، ولكنها في النهاية كانت انتخابات حقيقية، لكنها رغم ذلك، حصلت تحت جناح العسكر".




ليست هناك تعليقات: