مسرحية "الاستفتاء الرئاسي"
اغتصاب لإرادة الأمة ، وتكريس للاستبداد
الذي يتزين بزي الديمقراطية
بات في حكم شبه المؤكد ألا يشارك في مسرحية "الاستفتاء الرئاسي" التي ستعقد في 26 و 27 مايو المقبل سوي مرشحين : "الممثل" عبد الفتاح السيسي – الذي قام بأداء دور مسرحي رائع عندما أعلن عدم ترشحه هو أو أي مرشح عسكري للانتخابات عقب الانقلاب علي الرئيس الشرعي محمد مرسي ، ثم تراجع عن وعوده وقدم 200 ألف توكيل بدلا من 25 ألفا مقرره .
أما المرشح الثاني فهو .
"الدوبلير" حمدين صباحي
الذي أعلن أنه أوشك علي جمع التوكيلات اللازمة (ألف توكيل في 25 محافظة) ، والذي أرتضي الدخول في لعبة الانتخابات وهو يعلم تماما أنها "استفتاء" رئاسي علي المرشح الوحيد والمسيطرة علي مصر بقوة السلاح والجيش والشرطة .
في انتخابات 2012 واجه المرشح الرئيس محمد مرسي 12 مرشحا آخرين (منهم ثلاثة مرشحين إسلاميين سحبوا من رصيده من أصوات الناخبين) ، بينما أنسحب المرشح الإسلامي الرابع د. باسم خفاجي في 8 أبريل 2012 داعيًا "المرشحين الإسلاميين إلى "التوحد خلف مرشح واحد منهم بعد ظهور أسماء من النظام السابق رفضتهم الثورة" ، وجاء حمدين صباحي في الترتيب الثالث بفارق مليون صوت عن الرئيس مرسي .
وفي انتخابات الإعادة بين الرئيس محمد مرسي ومرشح النظام السابق والعسكر أحمد شفيق ، وقف مؤيدي المرشح العلماني الناصري حمدين صباحي موقف المتفرج ولم يناصروا مرشح الثورة بدعوي أنه "إخواني" ، وبعضهم أختار شفيق كيدا في الإخوان .
الان يقف مرشح التيار العلماني وحده في مواجهة مرشح النظام السابق والعسكر ، حيث سيخسر أصوات التيار الإسلامي العريض الذي أيد الرئيس مرسي ، بل وأصوات مؤيديه من "جبهة الإنقاذ" والتيار الناصري الذين أعلنوا جميعا أن أصواتهم ستذهب للمرشح العسكري "السيسي" .
الأصوات التي سيحصل عليها صباحي ستكون مؤشرا واضحا علي حجم التيار العلماني في مصر ، وحجم المعادين للتيار الإسلامي ، وبالمقابل الأصوات التي سيحصل عليها "السيسي" ستكون أصوات مؤيدي النظام السابق وأصحاب المصالح والمخدوعين من الشعب الذين تمارس عليهم قرابة 30 قناة فضائية حكومية وخاصة عمليات غسيل مخ وخداع يومية .
ولهذا فالانتخابات التي ستجري تعد – وفق التعريفات العلمية السياسية المتداولة – أشبه بـ "استفتاء رئاسي" علي شخص الحاكم الفرعون ، في حضرة "دوبلير" أو "أحجار انتخابية" علي رقعة شطرنج الانتخابات لا قيمة لها .
هذه الانتخابات تسمي في العلوم السياسية – لا السيسية - ظاهرة "التعيين الانتخابي" حيث يطلب صاحب السلطة الفعلية في البلاد والقابض علي أدوات القوة الصلبة والخشنة في الدولة "الجيش والأمن " والمهيمن عمليا علي أدوات القوة الناعمة (الإعلام والثقافة والدين) من الشعب تنصيبه في مقعد الرئاسة دون وجود " بدائل " أو "منافسة" حقيقية .
فالموجود – بحسب ما تعلمناه في كتب السياسة - هو مجرد "أشكال" تعبر عن المنافسة الشكلية أو الديكورية كنوع من الإخراج والتزيين السياسي والعملية في جوهرها تمثل إسناد للولاية وتولية السلطة لشخص محدد دون إرادة حقيقة للمجتمع المحكوم ، ولهذا فهو اغتصاب لإرادة الأمة ، وتكريس للاستبداد الذي يتزين بزي الديمقراطية .