البعض مازال يصدق كتب التاريخ المدرسي
ما بين طامح للغد وناظر للأمس … تبقى الفجوة التي يسكنها المغفلون
يعرف الحكام أن ذاكرة الشعوب سمكية، وأن ما يحدث اليوم ولو كان عكس ارادتهم، سيكتبه التاريخ غدا كما يريدون
الثوار يطمحون دائما إلى الغد وصناعة المستقبل، بينما تعكف السلطة على طمس الأمس وتزييفه، وما بين طامح للغد وناظر للأمس … تبقى الفجوة التي يسكنها المغفلون.
من المؤسف في ظل كل ما يحدث منذ اندلاع ثورة يناير 2011 وحتى وقتنا هذا أن البعض مازال يصدق كتب التاريخ المدرسي، تلك الكتب التي علمته صغيرا أن جمال عبدالناصر هو أول رئيس مصري في تاريخ لم يمر عليه حينها أكثر من 30 عاما، بل وحتى وهو يشاهد بعينه كيف يتم تزوير هذا التاريخ المكتوب علانية، لا على يد المنتصر كما قال البعض قديما، في الواقع أثبت ما نحياه أن التاريخ يكتبه “المعرصون”، جوقة المنتصر الذين يسبحون بحمده، وفي أوطاننا تزداد هذه الفئة وتكبر على حسب حجم المنتصر ونزعاته.. في الحقيقة تحتاجون إلى مراجعة ثوابتكم التاريخية، ربما نفهم جميعا واقعنا الأليم.
في البدء كان الزعيم مصطفى كامل مؤسس الحزب الوطني، وصاحب أحد أهم العبارات الشوفينية في التاريخ “لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا” بغض النظر عن قضائه نصف عمره في باريس، ذلك الشاب الذي علمتنا كتب التاريخ المدرسي أنه كان رائدا للوطنية وخاض معركة ضد المحتل الإنجليزي وفضح جريمة “دنشواي”، والذي لم تخبرنا أنه كان يهاجم الثورة العرابية ويكرهها وقال فيها : «ما عار الاحتلال، وعار الجهالة والتأخر والفقر بشىء يُذكر إذا قورن بالعار الذى يحمله عرابى، ويقرأه الناس على وجهه أينما سار وحيثما حل، وأى عار أكبر وأشهر من عار رجل تهور جباناً واندفع جاهلاً، وساق أمته إلى مهواة الموت الأدبى، والاستعباد الثقيل ثم فر هارباً من ميادين القتال، وتوسل إلى عدوه المحارب أن يعفو عنه، وأبت عليه نفسه أن يموت فى منفاه، وألا يرجع إلى وطن هو مرجع شقائه».
وكان الزعيم الوطني الذي يهاجم الانجليز يدعو علانية إلى العودة إلى أحضان الدولة العثمانية، رافضا حرية مصر واستقلالها.. ربما كان الأجدر به أن يقول :”لو لم أكن عثمانيا لوددت أن أكون عثمانيا”.
من المؤسف في ظل كل ما يحدث منذ اندلاع ثورة يناير 2011 وحتى وقتنا هذا أن البعض مازال يصدق كتب التاريخ المدرسي، تلك الكتب التي علمته صغيرا أن جمال عبدالناصر هو أول رئيس مصري في تاريخ لم يمر عليه حينها أكثر من 30 عاما، بل وحتى وهو يشاهد بعينه كيف يتم تزوير هذا التاريخ المكتوب علانية، لا على يد المنتصر كما قال البعض قديما، في الواقع أثبت ما نحياه أن التاريخ يكتبه “المعرصون”، جوقة المنتصر الذين يسبحون بحمده، وفي أوطاننا تزداد هذه الفئة وتكبر على حسب حجم المنتصر ونزعاته.. في الحقيقة تحتاجون إلى مراجعة ثوابتكم التاريخية، ربما نفهم جميعا واقعنا الأليم.
في البدء كان الزعيم مصطفى كامل مؤسس الحزب الوطني، وصاحب أحد أهم العبارات الشوفينية في التاريخ “لو لم أكن مصريا لوددت أن أكون مصريا” بغض النظر عن قضائه نصف عمره في باريس، ذلك الشاب الذي علمتنا كتب التاريخ المدرسي أنه كان رائدا للوطنية وخاض معركة ضد المحتل الإنجليزي وفضح جريمة “دنشواي”، والذي لم تخبرنا أنه كان يهاجم الثورة العرابية ويكرهها وقال فيها : «ما عار الاحتلال، وعار الجهالة والتأخر والفقر بشىء يُذكر إذا قورن بالعار الذى يحمله عرابى، ويقرأه الناس على وجهه أينما سار وحيثما حل، وأى عار أكبر وأشهر من عار رجل تهور جباناً واندفع جاهلاً، وساق أمته إلى مهواة الموت الأدبى، والاستعباد الثقيل ثم فر هارباً من ميادين القتال، وتوسل إلى عدوه المحارب أن يعفو عنه، وأبت عليه نفسه أن يموت فى منفاه، وألا يرجع إلى وطن هو مرجع شقائه».
وكان الزعيم الوطني الذي يهاجم الانجليز يدعو علانية إلى العودة إلى أحضان الدولة العثمانية، رافضا حرية مصر واستقلالها.. ربما كان الأجدر به أن يقول :”لو لم أكن عثمانيا لوددت أن أكون عثمانيا”.
ثم كان محمد فريد خليفة مصطفى كامل، الثائر الوطني الذي سجن وأنفق ثروته في سبيل القضية والذي أقام مدارس لتعليم الفقراء ليلا، هاجم ثورة 19 واعتبرها ثورة “أفندية” لا تعبر عن الشعب المصري، ولم يؤازرها وتوفى بعدها بأشهر قليلة، ليس هناك ملائكة على الأرض، بشر يصيبون ويخطئون، لكن كتب التاريخ الرسمي والمدرسي لا تعترف بالأخطاء.
سعد زغلول زعيم محظوظ لم يقد ثورة 19 ولم يدعو إليها بل ولم يشارك فيها، لكنه بها صار أقوى رجل في مصر، وتولى رئاسة الوزراء رغما عن الملك والإحتلال، يعتبره بعض المؤرخون قافزا على الثورة مستفيدا منها، لا أعرف حتى الأن لماذا كلما تذكرت عبارته الأكثر استشراقا في التاريخ “مفيش فايدة”، أتسائل لماذا لم يفعل البرادعي مثلما فعل زغلول.
أحد أهم ما حققته ثورة 52 هو مجانية التعليم، في الحقيقة صاحب انجاز مجانبة التعليم هو طه حسين، والذي وصل به قبل ثورة يوليو إلى ما يقرب من 75% لمرحلة التعليم الأساسي و60% للأساسي و75% للثانوي، بالإضافة إلى التعليم الجامعي المجاني لنابهين والمتفوقين، حين كان التعليم حقيقيا، لكن ثورة يوليو انتزعت هذا الانجاز ونسبته إلى نفسها، أو نسبه هيكلها وشركاه.
كانت تلك أمثلة بسيطة لأشخاص وحقائق حدثت في القرن الماضي، عاصر بعض الأحياء أحداثها وأمنوا بما تم كتابته، يعرف الحكام أن ذاكرة الشعوب سمكية، وأن ما يحدث اليوم ولو كان عكس ارادتهم، سيكتبه التاريخ غدا كما يريدون، الثوار يطمحون دائما إلى الغد وصناعة المستقبل، بينما تعكف السلطة على طمس الأمس وتزييفه، وما بين طامح للغد وناظر للأمس … تبقى الفجوة التي يسكنها المغفلون..
سعد زغلول زعيم محظوظ لم يقد ثورة 19 ولم يدعو إليها بل ولم يشارك فيها، لكنه بها صار أقوى رجل في مصر، وتولى رئاسة الوزراء رغما عن الملك والإحتلال، يعتبره بعض المؤرخون قافزا على الثورة مستفيدا منها، لا أعرف حتى الأن لماذا كلما تذكرت عبارته الأكثر استشراقا في التاريخ “مفيش فايدة”، أتسائل لماذا لم يفعل البرادعي مثلما فعل زغلول.
أحد أهم ما حققته ثورة 52 هو مجانية التعليم، في الحقيقة صاحب انجاز مجانبة التعليم هو طه حسين، والذي وصل به قبل ثورة يوليو إلى ما يقرب من 75% لمرحلة التعليم الأساسي و60% للأساسي و75% للثانوي، بالإضافة إلى التعليم الجامعي المجاني لنابهين والمتفوقين، حين كان التعليم حقيقيا، لكن ثورة يوليو انتزعت هذا الانجاز ونسبته إلى نفسها، أو نسبه هيكلها وشركاه.
كانت تلك أمثلة بسيطة لأشخاص وحقائق حدثت في القرن الماضي، عاصر بعض الأحياء أحداثها وأمنوا بما تم كتابته، يعرف الحكام أن ذاكرة الشعوب سمكية، وأن ما يحدث اليوم ولو كان عكس ارادتهم، سيكتبه التاريخ غدا كما يريدون، الثوار يطمحون دائما إلى الغد وصناعة المستقبل، بينما تعكف السلطة على طمس الأمس وتزييفه، وما بين طامح للغد وناظر للأمس … تبقى الفجوة التي يسكنها المغفلون..