السبت، 12 أبريل 2014

من ( الحربية ) إلى ( الدفاع ) إلى شركة مصر العسكرية.


...اثبتوا وابشـــروا .... اليـــأس خيـــانة...
والإنقـــلاب حتمــــا إلى زوال



.. هيهـــات .. 
فقد حاول ذلك جميع رؤساء مصر السابقين من جنرالات الجيش
فانتهـــوا جميعا وبقيت الجمـــاعة
 هـل سيسمح الجيش بتولي أحد المدنيين حكـم مصر
ومنافسته في إدارة شــركة مصــر العســكرية.
أو يسمح لأحـد أن يحاسبه أو يطـالبه بالكشف عن سجلاته

 في أواخر يوليو 2010 ... ( أحمد عبد الهادي) أحد العاملين بمصنع "حلوان للصناعات الهندسيه - مصنع 99 الحربى" لقي حتفه نتيجة أحد الانفجارات المتكررة بالمصنع والناتجة عن عدم توافر التدابير الأمنية الكافية ,الأمر الذي أدى إلى توقف زملائه عن العمل ولم يكتفوا فقط بذلك بل تمكنوا من نشر وقائع الحادثة عبر شبكات الإنترنت من خلال مواقع تابعة لجماعة الإخوان المسلمين بعد أن رفضت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة نشر احداث الواقعة.. ولكن العجيب في الأمر أنه تم مقاضاة 8 من العمال أمام إحدى المحاكم العسكرية بتهم إفشاء الأسرار العسكرية ( فقط لأن المصنع تابع لمؤسسة الجيش) وتم إطلاق سراح ثلاثة منهم ووضع خمسة تحت المراقبة بعد أن طالبت منظمات حقوقية مصرية بتخفيف الأحكام الصادرة بحقهم . والسؤال هنا: هل هذا المصنع ينتج أساسا معدات حربية يتطلب الأمر معها السرية ؟!!!!!
وماذا عن المصانع الأخرى التي يملكها الجيش؟؟!!
( مصنع 54 الحربي) علي سبيل المثال والذي يتم التمويه عن إسمه بإستخدام إسم بديل هو "شركة المعادي للصناعات الهندسية" لم يعد ينتج بنادق قتالية أو مدافع رشاشة بل بات ( ينتج سكاكين مطبخ وشوك ومشارط ومقصات) .
و مصنع آخر هو ( مصنع 63 الحربي) أو( حلوان للصناعات غير الحديدية) لم يعد لديه أي طلبات شراء خراطيش أسلحة فإتجه المصنع إلي صناعة الكابلات وحنفيات بلاستيكية لري الحدائق وأكواب الشاي البلاستيكية. أما مصنع رقم 100 أو "أبو زعبل" فلم يعد ينتج الديناميت وقذائف الدبابات فقط بل أصبح ينتج الأسمدة ومستحضرات التجميل بينما لم يكتف (مصنع رقم 360) أو شركة ( حلوان للأجهزة المعدنية) بصناعة أغطية الألغام بل بدأ في تصنيع الثلاجات والتكييفات. الجنرال سيد مشعل وزير الدولة للإنتاج الحربي والرجل الثاني في الإمبراطورية الإقتصادية بعد وزير الدفاع صرّح أثناء عرضه لميزانية عام 2010 والخاصة بنشاط عدد من المصانع الحربية بأن الوزراة قامت بتوريد 40 قطار و 220 وحدة تنقية مياة و 50 وحدة معالجة صرف صحي وقال مفتخراً أنه تم تطوير صناعة الثلاجات وأن صناعة التلفزيونات قد تراجعت بسبب المنافسة القوية في السوق المحلي. فمنذ أن أسقط الجيش المصري الملكية في 1952 وجميع رؤساء الجمهورية جاءوا من الجيش (نجيب – عبد الناصر – السادات – مبارك).

*ويرجع الفضل في تضخم الإمبراطورية الإقتصادية للجيش المصري إلي الحدث التاريخي الذي شهده عام 1979 وهو إتفاقية ” كامب ديفيد “ والتي منذ إبرامها وتحويل اسم الوزارة بعدها من ( الحربية) إلى ( الدفاع ) وحدوث العديد من التغييرات في عقيدة الجيش ، فقد بدأ قادته في الإستثمار في كل شيئ ، بدء من الزراعة إلي بناء الطرق والكباري والإستثمار العقاري والصناعات الإلكترونية مروراً بمصانع اللبن والدجاج ومزارع تربية العجول والأبقار ومزارع الخضروات والفاكهة ومصانع المعلبات والمزراع السمكية.
*كما يمتلك الجيش المصري المئات من الفنادق والمستشفيات ومصانع التعليب والنوادي والمخابز بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العاملين فيما لايقل عن 26 مصنعا تقوم بتصنيع السلع الإستهلاكية للمصريين مثل الثلاجات والتلفزيونات والحواسيب بالإضافة إلى تصنيع عربات القطار الجديدة للسكك الحديد وأيضا سيارات الإطفاء كما يعمل على توفير مجطات حرق النفايات ومياه الصرف الصحي إذا تطلب الأمر . ليست تلك فقط ما يملكه الجيش داخل امبراطوريته الاقتصادية الضخمة فقد قام الجيش في العشر سنوات الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع ( محمد حسني مبارك) بالسيطرة علي العديد من الشركات الحكومية التي تم خصخصتها أو تعاون مع مالكيها الجدد. .
*على سبيل المثال الشركة العربية الأمريكية للسيارات (Arab American Vehicle) والتي يديرها الجيش بالتعاون مع شركة كرايسلر الأمريكية لصناعة السيارات فهذه الشركة لا تنتج المعدات والمركبات العسكرية فحسب ولكن أيضاً سيارت الجيب شيروكي ورانجلر للإستخدام المدني. 
* الخبير في شؤون الشرق الأوسط "روبرت سبرنجبورج" (Robert Springborg) والذي يعمل أستاذاً في كلية البحرية الأمريكية في كاليفورنيا يقول:
أن الجيش صار أشبه بالإمبراطورية التي تشغل مئات الآلاف من المدنيين وتجني مليارات الدولارات بل و أصبح كالشركة التي لا تخوض حروبا في الخارج ولكن تعمل على سد حاجات استهلاك المدنيين كما أن وزير الدفاع أصبح يعمل كمدير لتلك الشركة وبدلاً من التفكير في المسائل العسكرية أصبح وزير الدفاع مشغولاً طول الوقت بإدارة أعماله التجارية.
حتي المستثمرون الراغبون في الإستثمار في القطاع الخاص سواء في الإستثمارات العقارية أو المنتجعات السياحية علي طول البحر الأحمر مثلاً عليهم تأجير مساحات الأراضي المطلوبة من وزير الدفاع 

* كما اقتحم الجيش المصري مجال السياحة بقوة، وراح كبار قادة القوات المسلحة يتملكون ويديرون كبريات الفنادق والقري السياحية في شرم الشيخ وهي المشروعات التي بدأت منذ عهد المشير عبدالحليم أبو غزالة (وزير دفاع مصر في أواخر عهد أنور السادات وبدايات عهد مبارك) والذي بدأ مسيرة القوات المسلحة الإقتصادية.
*وتحصل مؤسسة الجيش المصري التجارية علي إمتيازات لا ينافسها فيها أحد: حيث يعمل في شركات الجيش عشرات الآلاف من المجندين الإلزاميين الذين يخدمون في تلك الشركات لشهور دون مقابل و يمثلون قوي عاملة مجانية في إمبراطورية الجيش الإقتصادية كما يتمتع إقتصاد العسكر في مصر بميزات إحتكارية أخري من أبرزها الإعفاء من الضرائب والإعفاء من الحصول علي التراخيص والإعفاء من دفع الرسوم المستحقة والإعفاء من أي محاسبة قانونية أو مالية) {من تقرير بعنوان "الجيش المصري هو القوة الإقتصادية الحقيقية في مصر" نشرته صحيفة “العالم” (Die Welt) الألمانية }.

*ويقول ( جوشوا ستاشر) الباحث في جامعة ولاية كينت: أن الجيش يسيطر على نحو الثلث إلى 45% من الاقتصاد المصري ويقدره بعض الخبراء بحوالي 60%، ولكن في الحقيقة لا أحد يملك وثائق أو بيانات محددة عما يخص المؤسسة العسكرية فليس فقط مصانع الأسمنت وشركات البناء والمصافي التي تخضع شكليا لبعض اللواءات المتقاعدين وكبار الضباط وكون غالبية المحافظين في مصر من اللواءات المتقاعدين.. ولكن تمتد أذرع المؤسسة العسكرية داخل العديد من الوزارات المتداخلة مثل الاتصالات أو شركة مصر للطيران، وكذلك رئيس مجلس إدارة قناة السويس والتي تبلغ أرباحها السنوية حوالي 5 مليارات دولار لابد أن يكون عسكريا ) ...
وعن مشروع قناة السويس... ( كانت مصر قد خططت لتطوير قناة السويس التي تعتبر من أهم مصادر الدخل القومي ، وكانت الخطة من أهم مكونات مشروع النهضة للرئيس محمد مرسي وعندما كان الأخير في السلطة كان هو وجماعته حذرين من عدم تجاوز الجيش لكن عندما بدأت حكومة مرسي بمفاوضات مع دولة قطر لتطوير القناة بطريقة بدت وكأنها لم تشرك الجيش، أدى ذلك لغضب الجنرالات وبعد الإطاحة بمرسي وسع الجيش من حضوره في القناة "وقام السيسي بتفسير حضور الجيش بناء على مصالح قومية ولكنني أرى انه كان متعلقا فقط بالاقتصاد) {هذا ما كتبه الإقتصادي الشهير ( روربرت سبرينغبورغ) في تقرير بعنوان: ( جنرالات مصر يسيطرون على الإقتصاد) نشرته صحيفة« الواشنطون بوست» في شهر مارس من هذا العام }.

 *لم يعد السؤال المناسب في رأيي هو : لماذا حدث الانقلاب العسكري من الجيش على الرئيس المنتخب ( محمد مرسي)؟! ..
بل السؤال الأصح هو : لماذا سمح الجيش أصلا للرئيس( محمد مرسي ) وهو المدني الذي اختاره الشعب بتولي مقاليد الحكم؟؟! واعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تكمن في أن قادة الجيش بعد أن حققت لهم الثورة ما يبغون من إنهاء لعملية توريث الحكم في مصر لأحد المدنيين وهو ( جمال مبارك) .. أرادوا أن يخوضوا مباراة ودية مع الفصيل الأكبر والأقوى وأحد اهم مكونات ثورة الخامس والعشرين من يناير: { جماعة الإخوان المسلمين } من أجل أن يعرفوا حدود ذلك الفصيل ومبلغ قوته ومن ثم يعزلونه شعبيا عن محيطه وينفردون به، ثم تتوالى عليه الضربات القاصمة من أجل إستئصاله والقضاء عليه.. فتخلوا لهم الساحة تماما.
 ولكن.. هيهات .. فقد حاول ذلك جميع رؤساء مصر السابقين من جنرالات الجيش ، فانتهوا جميعا وبقيت الجماعة. 

  ويبقى الســؤال المُلح هو :
هل سيسمح الجيش بعد الآن بتولي أحد المدنيين حكم مصر ومنافسته في إدارة شركة مصر العسكرية..أو يسمح لأحد المدنيين أن يحاسبه أو يطالبه بالكشف عن سجلاته ؟!!!!! إن هذه هي المعركة الحقيقية.. طويلة الأمد.. والتي خاض غمارها الشعب المصري منذ الثالث من يوليو 2013 وإلى الآن.. ودفع فيها ثمنا باهظا من دماء ابنائه وحريتهم وكرامتهم.. واظهر فيها بسالة وشجاعة منقطعة النظير كما اثبتت فيها جماعة الإخوان المسلمين أنها كما كانت دوما و على مر التاريخ: رأس الحربة للشعوب الثائرة والمناضلة .. و الفصيل الأنزه والأخلص والأقوى من بين كل الفصائل والتيارات المصرية... وستنتصر مصر بكافة رجالها وابنائها المخلصين من كافة التيارات.. مهما طال أمد المعركة... فلا يمكن لمؤسسة مهما كانت قوتها أو توحشها من أن تهزم شعبا طرد الخوف واليأس من حياته.. ولنا في( التجربة التركية ) عبرة وأمل .. فبعد عشرات السنين تولى فيها حكم البلاد جنرالات جيش فاسدون، تولى الشعب مقاليد السلطة ووضعهم في السجون.. واليوم تركيا واحدة من أقوى عشرين دولة في العالم عسكريا وإقتصاديا.
 فاثبتوا وابشروا. اليأس خيانة. والإنقلاب حتما إلى زوال.