الخطـــــــــوط الحمــــــــــراء
كل الخطــــوط حمــــــــــراء إلا الشـــــعب
لا ذكـــر له هنــــا.. ولا إرادة.
كل الخطــــوط حمــــــــــراء إلا الشـــــعب
لا ذكـــر له هنــــا.. ولا إرادة.

الجيش والمدنيــــــــــــة؟
كيف يجتمعــــــــان؟
الجيش فى الشــــارع فكيف يحمى الحـــدود؟
الجيش من يقتــــل فكيف يكونـــون هم الإرهــــــابيين؟
قتــــــــــلوا منهم بالآلاف وأعـــرف منهم البعض
كيف يجتمعــــــــان؟
الجيش فى الشــــارع فكيف يحمى الحـــدود؟
الجيش من يقتــــل فكيف يكونـــون هم الإرهــــــابيين؟
قتــــــــــلوا منهم بالآلاف وأعـــرف منهم البعض

لم يكن لى صديقات بالمعنى المعروف، ما يربطنى بالأخريات هو منافسة على المراكز الأولى فى الدراسة، أو منافسة على المظهر العام، هى صديقة واحدة، درجنا متجاورين، لم تكن لنا أى اهتمامات مشتركة غير الدراسة، كانت تأخذنى منها الغيرة فى كثير من الأحيان، وذلك للباقتها وحسن مظهرها وإجبارها الجميع على احترامها، لكن تلك الغيرة سرعان ما تجبرنى هى على تحويلها لمشاعر حب رغما عنى، أجدنى أسرع إليها فى وقت الحاجة ولا أفتح صدرى لغيرها، كل البنات تحذرنى أمى منهن إلا تلك الفتاة الخلوقة التى لا نتفق معها فى مظهر أو حتى جوهر، إنها الفتاة التى طالما أطلقنا عليها إرهابية فلا نجد منها سوى ابتسامة وحب ودفء وطلاقة وجه وروح لم نعهدها فى زماننا.
لم تكن مجرد جارة أو زميلة دراسة، أو مجرد صديقة عابرة، بل كانت روحا أهرع إليها كلما ضاق بى الأمر وعجزت أن أجد قلبا يضمنى وسط هجير الحياة، لم أكن آمن فى حياتى كلها إلا لتلك الإرهابية الحبيبة.
اليوم صباحا تلقيت اتصالا من إحدى الزميلات أنهم قرروا إضرابا عن الدراسة اليوم وذلك بسبب تعرض مجموعة من الزميلات فى الكليات المختلفة للاعتقال، وأنه قد حكم عليهن حكما مشددا لا لشيء إلا لاشتراكهن فى المسيرات المؤيدة لما يدعونه الشرعية، لم يشغلنى الأمر، مالى أنا والإضرابات والاعتصامات والمظاهرات، ثم ما الذى خرج بهن لتلك الفعاليات، إن ما يشغلنى أكثر هو الدراسة والحفاظ على تفوقي، أما هؤلاء فلهن شأن غير شأني.
كل الخطوط حمراء، إلا الشعب لا ذكر له هنا.. ولا إرادة.
●● فى محطة الانتظار اختلط غضب الذاهبين لعملهم من الموظفين والذاهبين لجامعاتهم ومدارسهم من تأخر الترام، بازدحام غير معتاد فى مثل هذا الوقت من اليوم فى الصباح الباكر, كان كل منهم فى كل لحظة يلملم حاجياته استعدادا لمجىء الترام الذى أزف موعده. ثم لا يأتى.
ولكن أى جريدة أختار، إننى لم أهتم يوما بتلك الصحف ولم تغرينى قراءتها،
● العناوين كلها حمراء
ولكن أى جريدة أختار، إننى لم أهتم يوما بتلك الصحف ولم تغرينى قراءتها،
● العناوين كلها حمراء
كم قالت لى: "إرادة الشعب خط أحمر، يجب أن نموت دونها" يا لتلك المسكينة، يبدو أنها لم تطلع على تلك الصحف أبدا وتلك العناوين الحمراء التى تحذر وتبشر بمستقبل مشرق، بل تتحدث عن الإنجازات غير المسبوقة، والتقدم الكبير والجهد غير العادى التى تقوم به الحكومة فى سبيل رفاهية المواطن البسيط.
بعض الناس ازداد قلقه وفكر فى أن يترك المحطة عائدا من حيث أتى، انصرف البعض وبقى البعض ليتساءل ويعرف، بينما أتى الكثيرون فى أجوافهم ملايين التساؤلات، يحجبها الصمت والخوف والترقب.
بينما الجميع كذلك جاء صوت سيارات هادر، من بعيد يقترب الصوت شيئا فشيئا بينما يقترب الجميع من قارعة الطريق حتى كادت الأرجل تختلط من شدة التزاحم، كل منهم يكاد يقتله فضوله لمعرفة السر. يقترب صوت السيارات أكثر.
بينما يستمع الجميع لأصوات هتافات قادمة من بعيد مختلطة بصوتها.
لا أحد يستطيع أن يعرف أهى قادمة مع السيارة القادمة أم هى من مكان قريب من المحطة.
يزداد الجميع ترقبا وانتباها، يقترب الصوت أكثر، وتتضح الهتافات أكثر وأكثر وقد ظهر الآن أن مصدرها السيارة القادمة، إنها تلك السيارة التى يطلقون عليها ترحيلات، تصحبها مجموعة من المدرعات وسيارات الشرطة المعتادة، إنهم يهتفون بصوت هادر: "الله أكبر ولله الحمد الله غايتنا، القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا" "يسقط يسقط حكم العسكر".
اقتربت السيارة وقد خرجت من نوافذها أياد ملوحة بعلامة "رابعة".
رابعة التى طالما اتهمت من ذهبوا إليها بالتفاهة والسطحية والإرهاب، أياد صغيرة تلوح ووجوه بريئة مبتسمة تطل بثقة وبنفس الابتسامة الوضيئة التى اعتدتها دوما، إنها صديقتى الحبيبة تطل من بين حديد النافذة الصغيرة، بكل ثقتها، وبكل حبها، وبكل اطمئنانها. اختلطت دهشة الحضور بدموع بعض الأمهات اللاتى كن ينتظرن على الأرصفة ولم يشعر بهن أحد بأنين بعض من تعبوا من طول الوقوف، بصوت واهن لرجل هرم قائلا: "مساكين، بنات زى الورد.. خسارة والله يتحكم عليهم بالحكم ده".
اختلطت الأصوات بالهتافات بالتعليقات عندما علموا أن هذه السيارة متوجهة إلى أحد السجون بعد الحكم عليهن بأحد عشر عاما جزاء حملهن "بالونة صفراء".
إنها صديقتى من بينهن، حبست الغالية فى جريمة "حمل بالونة". بعد دقائق معدودة، خلت المحطة من كل روادها، منهم من انصرف بغضبه الصامت، ومنهم من حمله غضبه إلى أن يخرج صوته بالشكوى ومنهم من تحول للصياح هاتفا: "يسقط يسقط حكم العسكر، فيتبعه الكثيرون وينصرفوا، فى أى اتجاه لست أدرى.. الآن لم يعد هناك وقت للتفكير أو الاختيار، أين سأذهب، فى أى اتجاه سأسير؟ اليوم هو أول يوم إضراب لى عن الدراسة ولن أعود حتى أعلم من صديقتى كل أجوبة التساؤلات التى حيرتنى، ولتسقط كل الخطوط الحمراء.
بعض الناس ازداد قلقه وفكر فى أن يترك المحطة عائدا من حيث أتى، انصرف البعض وبقى البعض ليتساءل ويعرف، بينما أتى الكثيرون فى أجوافهم ملايين التساؤلات، يحجبها الصمت والخوف والترقب.
بينما الجميع كذلك جاء صوت سيارات هادر، من بعيد يقترب الصوت شيئا فشيئا بينما يقترب الجميع من قارعة الطريق حتى كادت الأرجل تختلط من شدة التزاحم، كل منهم يكاد يقتله فضوله لمعرفة السر. يقترب صوت السيارات أكثر.
بينما يستمع الجميع لأصوات هتافات قادمة من بعيد مختلطة بصوتها.
لا أحد يستطيع أن يعرف أهى قادمة مع السيارة القادمة أم هى من مكان قريب من المحطة.
يزداد الجميع ترقبا وانتباها، يقترب الصوت أكثر، وتتضح الهتافات أكثر وأكثر وقد ظهر الآن أن مصدرها السيارة القادمة، إنها تلك السيارة التى يطلقون عليها ترحيلات، تصحبها مجموعة من المدرعات وسيارات الشرطة المعتادة، إنهم يهتفون بصوت هادر: "الله أكبر ولله الحمد الله غايتنا، القرآن دستورنا، الجهاد سبيلنا" "يسقط يسقط حكم العسكر".
اقتربت السيارة وقد خرجت من نوافذها أياد ملوحة بعلامة "رابعة".
رابعة التى طالما اتهمت من ذهبوا إليها بالتفاهة والسطحية والإرهاب، أياد صغيرة تلوح ووجوه بريئة مبتسمة تطل بثقة وبنفس الابتسامة الوضيئة التى اعتدتها دوما، إنها صديقتى الحبيبة تطل من بين حديد النافذة الصغيرة، بكل ثقتها، وبكل حبها، وبكل اطمئنانها. اختلطت دهشة الحضور بدموع بعض الأمهات اللاتى كن ينتظرن على الأرصفة ولم يشعر بهن أحد بأنين بعض من تعبوا من طول الوقوف، بصوت واهن لرجل هرم قائلا: "مساكين، بنات زى الورد.. خسارة والله يتحكم عليهم بالحكم ده".
اختلطت الأصوات بالهتافات بالتعليقات عندما علموا أن هذه السيارة متوجهة إلى أحد السجون بعد الحكم عليهن بأحد عشر عاما جزاء حملهن "بالونة صفراء".
إنها صديقتى من بينهن، حبست الغالية فى جريمة "حمل بالونة". بعد دقائق معدودة، خلت المحطة من كل روادها، منهم من انصرف بغضبه الصامت، ومنهم من حمله غضبه إلى أن يخرج صوته بالشكوى ومنهم من تحول للصياح هاتفا: "يسقط يسقط حكم العسكر، فيتبعه الكثيرون وينصرفوا، فى أى اتجاه لست أدرى.. الآن لم يعد هناك وقت للتفكير أو الاختيار، أين سأذهب، فى أى اتجاه سأسير؟ اليوم هو أول يوم إضراب لى عن الدراسة ولن أعود حتى أعلم من صديقتى كل أجوبة التساؤلات التى حيرتنى، ولتسقط كل الخطوط الحمراء.