الاثنين، 18 نوفمبر 2013

هل لا زلت مؤمنًا معي أن: "الشعب يريد"....؟ - فيديو



دفتـــر أحــوال الوطن.. من يسترد مصــر؟
مصـــر لم تنم




كانت شعوب المنطقة في سبات عميق، وبدا أن كل شيء على ما يرام، فالأنظمة مطمئنة مستقرة، وقبضتها الحديدية ممتدة إلى أعماق النفوس، ومطلعة على كل أسرار وخبايا البيوت، وتكاد تُعد أنفاس الناس عدًا وهى تتحرك في صدورهم بين شهيق وزفير، غير أن أحداثًا كانت تبدو عادية وبسيطة جعلت السماء العربية محمَّلة بالغيوم.. ففي تونس كانت حادثة "بوعزيزى" قد أشعلت عود الثقاب، وفي مصر كانت حادثة خالد سعيد قد حركت كل مياه الغضب الراكد، وفجرت بركان مظالم عانى منها، ويعاني شعب مصر لمدة أكثر من نصف قرن، وظهر في كل من مصر وتونس مُعامِل جديد قلب كل المعادلة، وأظهر أن الشعوب تملك سلاحًا تستطيع به أن تُبيد كل طاغية فاسد مهما كانت قبضة جهازه الأمنى، وهو سلاح اكتشف الشعب التونسي مفعوله في مظاهراته حين خرج هاتفًا "الشعب يريد." على المستوى الإقليمي بدأت نسمات الربيع العربي توقظ الشعوب من سباتها، فالثورة في تونس والقاهرة فتحت عيون الناس على حقها في الحرية والكرامة، وتداول الثروة والحكم كي لا تكون حكرًا في عائلات بعينها.


استمر هذا الحراك الثوري في مساره الديموقراطي، وأفرز لأول مرة في المنطقة وبانتخابات حرة ونزيهة وشفافة تيارًا يتبنى فكرًا ومشروعًا يمثل بديلًا حضاريًا يلبى رغبة الشعوب في الاستقلال والاستقرار والحياة الكريمة، لكنه في نفس الوقت يهدد مصالح الطغاة والمستبدين والطامعين في السيطرة على المنطقة، واستبقاء ثروتها تحت أيديهم ورهن إشارتهم في أي وقت.
 وبدأت عروش وأنظمة في المنطقة تهتز بقوة، وتحاول البحث عن وسيلة تحاصر بها ذلك الوافد الجديد الذي يهدد وجودها، ويؤرق ليلها، ويغري شعوبها بالتمرد والثورة والخروج عليها، ويكرر هتافه في كل بلد "الشعب يريد". والدارسون لطبائع الدول والخبراء بشؤون المجتمعات والناس، يقررون أن للفساد في كل الدنيا منظومة محكمة التراتيب، سريعة التصرف، متشابكة العلاقات، خبيرة في شراء الذمم، ودقيقة في اختيار جنودها وحتى ضحاياها، ولكنه في كل دول العالم كان استثناء وليس قاعدة، بينما في مصر دون سواها كان هو القاعدة التى تراكم شرها، وترسخت دولتها، وشرِّعتْ لها قوانين، وفاحت روائحها الكريهة حتى أضحت لا تلفت النظر، ولم تعد تزكم الأنوف من كثرتها وطول التعود عليها لمدة ستين سنة، لدرجة أنها استوطنت كل بقعة في بر مصر، وعششت تحت كل طوبة في أبنية المحروسة، ومن ثم فقد انتشرهذا الفساد في كل أنظمة ومؤسسات الدولة، الحساس منها والعادي، وجرى فيها كما تجري الدماء الملوثة في الجسد الضعيف، فتصيب كل عضو فيه بعاهة من نوع معين. وهو - أي الفساد - في مصر المحروسة على وجه الخصوص كالمحيط المقسم بين الدول، فلكل فاسد منطقته وحدوده ومياهه الإقليمية، ولكل حسب حجمه ونفوذه وقدرته على التأثير وقربه من مراكز القرار.
 وهناك في أعماق المحيط المأزوم؛ حيث البعد غير المرئي كانت الشعب المرجانية لها مقام السيادة والسيطرة، فتمد أذرعها الطويلة وترمي شباكها وسط المياه الفاسدة لتجهز البيئة، وتعد المناخ بشكل ملائم، وتدرب حيتانها الشرسة، وتوجه أسماك القرش لتعِد العدة وتستعد لاصطياد الربان القادم، وإغراقه والقضاء عليه إن كان يريد تغيير مصر، وتحقيق أحلامها بتطبيق العدالة وإعادة رسم ملامحها لتصبح أم الدنيا بحق. وعلى سطح المحيط كانت العواصف تنتظر سفينة الربان القادم تدفع بها دفعًا لتصطدم برياح الخماسين التى تهب من أعماق المحيط محمَّلة بجراثيم الفساد والفوضي واستغلال مناخ الحرية الجديد في صناعة الأزمات والفتن، وتأليب أبناء المجتمع بعضهم على بعض. وكان على القادم الجديد لقصر الرئاسة أن يتحمل عبْء مواجهة كل هذا الفساد، وأن ينهي عهوده وأن يقتلع جذوره العميقة.
 غير أن كل أجهزة الاستخبارات المحلية والإقليمية والدولية كانت في حالة انعقاد مستمر وتعاون كامل لصد ورد هذا التيار الجديد، ومن ثم تلاقت مصالح الغرب مع رغبة هذه الأنظمة في البقاء، وكانت الفرصة مواتية، فقد تعودت مجتمعات الشرق عمومًا ومصر بشكل خاص أن تعاني القهر والظلم والاستبداد من حكامها على مدار القرون، لكن ثورات الربيع العربي كادت أن تغير المعادلة المستقرة وأن تقلب الموازين، فلأول مرة في تاريخ مصر يجد المصريون أنفسهم أمام رئيس يظلمونه ولا يظلمهم، ويشتمونه ولا يرد عليهم، ويخوضون في عرضه وشرفه ولا يستعمل حقه في معاقبتهم.
 لأول مرة وجدنا أنفسنا أمام حاكم نظلمه ونفتري عليه، ونلصق به كل المتاعب والمشكلات والمنغصات، وننهش في سيرته وسيرة أهله ليلًا ونهارًا، ونعود إلى بيوتنا آمنين دون أن نخشي زوار الفجر، والغريب أن الرجل كان يصبر علينا ويحلم على سفاهة السفهاء ويبتسم أحيانا أمام شدة وقاحتهم وقلة أدبهم معه. كان البعض يكتب سبابه في الشوارع وعلى حوائط البيوت وفي الأماكن العامة، وحتى على أسوار قصر الاتحادية، وبألفاظ يستحي المرء من ذكرها، ومع ذلك ظل الرجل يتحمل ويحرص على عدم إلحاق الأذى بأحد، كما يحرص على حماية دماء كل المصريين، وربما كانت هذه الصفات هي التي جعلت الكثيرين - وإن اختلفوا معه - يستشعرون أن الرجل من طراز عالٍ، وأنه يتحلى بخلق عظيم وقلب كبير، وأنه يؤمن - ويريد أن يعلمنا أيضًا - أن الكبار لا يضيرهم أن ينال منهم الصغار، والسفهاء وسفلة الناس. على الشاطئ الآخر، أدرك الغرب بعد نتائج الانتخابات في مصر أن إرادة الشعوب بدأت الحركة، وأن اختياراتها تتجه صوب الاتجاه الصحيح، وأن القادم الجديد لموقع الرئاسة لن يكون كسابقه كنزًا إسترتيجيًا لإسرائيل، وإنما سيكون نِدًّا.. مستقل الإرادة.. مستقل القرار، ولن يكون خادمًا على كل حال.
 وتلاقت وتشكلت ثلاثية الشر والتآمر على مصر في المحيطين الإقليمي والدولي، وبدأت بحشد وتجميع كل من له مصلحة في إفشال الرئيس المنتخب والرجوع بمصر إلى ما قبل ثورة ٢٥ يناير، وتحميله وتياره وحزبه وجماعته كل شرور العالم، وكانت الدولة العميقة داخل مصر تتمثل الذراع الطويلة لها في منظومة الفساد بكل عناصرها ومعها المتطلعون الجدد لحكم مصر، وتحركت أذرع الشعب المرجانية في كل المؤسسات لتعمل ضد بقائه وتعمل على إفشاله وإظهاره بمظهر العاجز الفاشل وبخاصة جهازي: الأمن والقضاء، ومن أول يوم، ومن ثم فلم تمهل الرجل، ولم تتركه يأخذ فرصته ليحقق ما كان يريده ويرجوه ويعمل من أجله لمصر والمصريين من إنجازات.
 ثم كانت الكارثة الكبرى بالانقلاب العسكري الذى فضحت أحداثه حفنة من نخبة مصر ومثقفيها، تحولوا إلى سماسرة وتجار بعرضها وشرفها وكرامة تاريخها وعزة أبنائها، وكشفوا سترها وباعوها لمن لا يعرف قدرها وكرامتها، ولا يدرك حجم كبريائها وعظمتها، ولا يعلم شيئًا عن تاريخها العظيم.
 فهل تعود مصر لرشدها وحريتها وكمال إدراكها، وهل تنفض عن كاهلها كل هؤلاء المهلهلين والجهلة بقدرتها وقدرها ومكانتها بين أمم العالمين. ومَن يا ترى سيعيد مصر إلى أهلها بعد أن اختطفت..؟
 مَن سيحررها من الخوف والعبث الذي تعانيه بعدما أسرت..؟
 مَن يستردها ممن باعوها وتاجروا بشرفها في أسواق النخاسة الدولية من أجل طموح مجنون هم دونه بكثير...؟ من يرد مصر لتكون لكل أبنائها وليست للغرباء؟
 مَن يعيدها لتكون وطنا لكل أبنائها، وليكون كل أبنائها شعبًا واحدًا مسلمين ومسيحيين، إسلاميين وليبراليين، سلفيين وصوفيين؟
 مَن يسترد مصر مِن لصوص الشرعية والمتاجرين بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان...؟ مَن يحقق أمنيات الغلابة، ويحمي الشعب المسكين من تغول رجال الأمن وسطوة أجهزته الجهنمية، وقسوة رجاله الذين لا قلب لهم، ولا يعرفون للإنسانية صورة أو معنى...؟
 مَن يحمي مواطنيها وأبناءها من تلك الوحوش البشرية التى تتصرف بلا رابط ولا ضابط ولا قانون، وتستبيح كرامة المواطن وشرفه وإنسانيته وتفعل ذلك دون خوف أو عقاب !.
 مَن يسترد لمصر أقلام كتابها الشرفاء التي قصفها الانقلاب أو الاحتلال الجديد.. واستعاض عنها بجوقة فضائيات الكذب وهواة إعلام الغواية، وبوسوسة الكهنة العواجيز؟
 قد يستطيع الطاغية بما يملك من قوة أن يغتصب عرشا أو كرسي الرئاسة ويجلس عليه بعض الوقت.
 قد يستطيع أيضًا في أحلام اليقظة أن يجمع حوله تجار الوهم المريح في جلسات ضرب الودع وقراءة الفنجان والكف وكشف الطالع، فيقدمون له من الإطراء والمدح ما برعوا به من قبل لكل فراعنة العصور السابقة، ولم يجلب لهؤلاء الفراعنة إلا نحس الهزائم والنكسات والعار وسوء الطالع ولعنات التاريخ والناس. قد يستطيع في لحظات أُنسه أن يلتقي بأولئك الذين يقيمون حفلاتهم علي جثث الضحايا، ويرقصون علي أنغام "تسلم الأيادي"؛ لكنه إذا أراد أن يتخلص من أرقه وأن ينام قرير العين غير خائف ولا مضطرب فعليه أولًا أن يسيطر علي عرش القلوب، وهيهات. هيهات لمن تلوثت أرواحهم بالخداع، وتلوثت نفوسهم بالغرور والكبرياء وجنون العظمة، وتلوثت أيديهم بقتل المصريين ودماء الأبرياء أن يفهموا ذلك. ويبقي السؤال الأصعب: نعم عودة الشرعية ضرورة وواجبة، لكن من يسترد مصر من قابيل وأتباعه، وهم يملكون القوة ويفرضون أمرًا واقعًا....؟
 ومن يحمي مصر من جنوح "عبد ومشتاق" قبل أن يجرها إلي بحر من الدماء والحرب الأهلية...؟
 ومن يكسر سكين الجزار قبل أن تجري علي مزيد من أعناق من الضحايا؟
 عزيزي القارئ العظيم…..هل لا زلت مؤمنًا معي أن: "الشعب يريد"....؟.

عبدالرحمن يوسف 
وابياته الاقوى من الرصاص للانقلابي السيسى


مفتي أستراليا : د. إبراهيم أبو محمد المعتمدة 
كلمة نارية دفاعا عن الشرعيه في مصر وهجوم علي ما ادعاه انقلابيون 
في مؤتمر في أستراليا مدينة ملبورن. 
 "الديمقراطية جميلة جدا إلا إذا جائت بالاسلاميين أصبح عليها مليون اعتراض "









ليست هناك تعليقات: