الجمعة، 29 نوفمبر 2013

إغلاق 800 مصنع غزل ونسيج .. تسريح ربع مليون عامل - فيديو



مصــانع الغــزل و النسيج بكفــر الــدوار 
قلعـــة صناعيـــة كبرى تنتظـــر الاهتمـــام 
الحكومي الحكومى لحل مشاكلها





بعد أن كانت مصر تتربع علي عرش صناعة الغزل والنسيج في العالم منذ عهد محمد على 1805، ومرورا بما قام به الاقتصادى المصرى طلعت حرب بإنشاء بنك مصر و38 شركة، كان أهمها شركه المحلة الكبرى للغزل والنسيج، وكذلك شركه كفر الدوار للغزل والنسيج والحرير الصناعى وغيرها من الشركات, أما الآن فقد تبدل الحال الى الأسوأ، نتيجة استمرار العمل باتفاقية "الكويز" المنعقدة بين مصر ودولة الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 2004 والتي تسببت في تدمير تلك الصناعة العملاقة.. شركة مصر للغزل والنسيج تأسست عام 1927 كإحدى شركات بنك مصر، برأس مال قدره 300,000 جنيه زيد تدريجيا فأصبح سنة 1958 أربعة ملايين جنيه، وتقع الشركة بشارع طلعت حرب بمدينة المحلة الكبرى بجمهورية مصر العربية. أقيمت مصانعها بادئ الأمر على مساحة قدرها 32 فدان ثم زيدت إلى 580 فدان تشغل الأقسام الإنتاجية 335 فدان والباقي المنشآت الاجتماعية ثم وصلت الآن مساحتها إلى 1000 فدان وتضم مدن للعمال الأولى والثانية ومناطق إسكان في منشية البكرى والزهراء وتحتوي على أول مدينة رياضية وترفيهية في الدلتا.
بدأت شركة مصر للغزل والنسيج إنتاجها عام 1930م وكان عدد مغازلها 12,200 مغزل وصلت إلى 300,000 مغزل تضمهم ستة مصانع للغزل.
وكانت تحتوي أيضا عند بدايتها 484 نول للنسيج فأصبح الآن 5000 نول تضمهم عشرة مصانع للنسيج تستهلك حوالي مليون قنطار من القطن تمثل 25% من إجمالي الاستهلاك الكلى للجمهورية. كما يوجد بالشركة أربعة مصانع للملابس الجاهزة يبلغ إنتاجها 5.1 مليون قطعة في السنة يبلغ عدد العاملين بالشركة 24,000 عامل وموظف و 3،000 عامل مؤقت، ويوجد بالشركة ستة مراكز للتدريب المهنى لرفع الكفاية الإنتاجية. حرصت الشركة منذ إنشائها على أن توفر للعاملين بها أكبر قسط من الخدمات فأقامت لهم المساكن الصحية والملاعب الرياضية ومطعما وناديا للعاملين بها كما أقامت لعلاجهم مستشفى على أعلى مستوى، كما أقامت مغاسل وحمامات ومسارح وسينما للترفيه عن العاملين ومكتبة مزودة بالمؤلفات العربية والعالمية في سبيل رعاية العاملين وأبنائهم صحيا وثقافيا ورياضيا. تمثل الشركة اليوم أحد أكبر التحديات بالنسبة لسياسة الخصخصة التي تتبعها الحكومة المصريةالحالية استمرارا لمسلسل تدهور الاقتصاد المصري بشكل غير مسبوق، أكد محمد المرشدي نائب رئيس الاتحاد المصري للمستثمرين والرئيس السابق لغرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات أن صناعة الغزل والنسيج والملابس تواجه صعوبات شديدة تحاصرها من كل الاتجاهات‏، حتي يمكن القول إن هذه الصناعة دخلت مرحلة الاحتضار، مطالبا بسرعة تدخل الدولة لإنقاذ هذه الصناعة العريقة من خلال تطبيق حلول جريئة حاسمة حيث إن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلي إغلاق الغالبية العظمي من الشركات المتبقية، محذرا من وفاة هذه الصناعة بصورة نهائية في حالة استمرار الأوضاع كما هي بدون تغيير. موضحا أن المشاكل معروفة وحلولها موجودة ولكن لاأحد يتخذ قرارات العلاج اللازمة. وقال المرشدي إن عدد الشركات التي كانت تعمل في هذه الصناعة في جميع مجالاتها وأغلقت ابوابها وصل إلي حوالي 800 شركة وترتب علي ذلك أن أكثر من 200 ألف عامل فقدوا وظائفهم وانضموا إلي طابور البطالة.. موضحا أن هذه المشكلة موجودة منذ سنوات ولكنها تفاقمت مؤخرا لتردي الأوضاع الاقتصادية.
وقال أن الحلول الجزئية لن تنقذ تلك الصناعة موضحا أن الحكومة تحاول انقاذ معظم الشركات التابعة للشركة القابضة للغزل والنسيج والملابس من خلال محاولة بيع بعض الأصول التي لديها.. للعمل في اصلاح الخلل بالهياكل التمويلية لتلك الشركات. وقال أن الهدف وراء ذلك هو الاستفادة بالقيمة المرتفعة للأراضي الحالية لتلك الشركات في شراء معدات حديثة متطورة واصلاح الموقف التمويلي المتردي بها حتي إن بعض شركات قطاع الأعمال العام انحدرت ايراداتها بصورة كبيرة لدرجة أنها لاتستطيع توفير السيولة اللازمة لسداد قيمة الأجور للعاملين بها وتضطر الدولة إلي تخصيص ملايين الجنيهات شهريا لمساعدتها في ذلك وتصل قيمة المساعدات في بعض الأحيان إلي سبعين مليون جنيه. واشار محمد مرشدي أنه بكل أسف فإن ذلك يعتبر حلا جزئيا لن يجدي حيث إن خطة اصلاح الغزل والنسيج والملابس لن تنجح طالما أن قطاع الغزل والنسيج يعاني من الأمراض المزمنة المعروفة منذ زمن طويل والتي تزداد حدتها بمرور الوقت خاصة مع انتشار ظاهرة التهريب بدون سداد رسوم جمركية أو ضرائب مبيعات وضرائب عامة.
 


وأيضا تسرب المنتجات النسجية بأنواعها من خلال الثغرات الموجودة في نظام المناطق الحرة والسماح المؤقت، بالإضافة إلي ضرورة وقف المساندة التصديرية لمنتجات الملابس الجاهزة التي تستخدم أقمشة اجنبية يتم استيرادها من الخارج, لأن هذا الأسلوب يعني بوضوح دعم الصناع الاجانب الذين ينتجون هذه الأقمشة في حين أن الحل هو قصر دعم الصادرات علي المنتجات التي تستخدم أقمشة مصرية خالصة.
وقد طالب خبراء الاقتصاد الحكومة بوضع حلول عاجلة، لإعادة شركات الغزل والنسيج التابعة للقطاع العام مرة أخري، وذلك بعد قرار تصفية أصولها لسداد مديونيتها وإعادة هيكلتها حتي تساهم في الاقتصاد القومي، مشددين علي ضرورة البحث في أسباب تراكم المخزون الراكد بمخازن الشركات منذ فترات طويلة وعزوف المستهلكين عن الاقتراب منه، وضرورة إعادة النظر في النظام الحاكم لتلك المنظومة لإعادة الروح إلى منظومة الصناعة الوطنية مرة أخري، والقضاء علي معدلات البطالة المرتفعة بما يحقق نموا اقتصاديا للبلاد.
وقال الدكتور محمد موسي عثمان – رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن ملف الخصخصة في مصر فشل لأنه أدي إلى نتائج سلبية مقارنة بالتجارب الأخري في بعض الدول كاليابان وإنجلترا وغيرها، مشيرا إلي أن هذا الملف تسبب في ارتفاع معدلات البطالة، خاصة وأن الدولة أصبح لديها جيشا من العاطلين من الفئات المتزوجة والتي تعول، معتبرا أن ذلك سبب مشكلات نفسية واجتماعية واقتصادية.



وأشار «عثمان» إلى أن معظم المرضي النفسيين حاليا هم من أبناء الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل، مشيرا إلى ضرورة أن يتم تعيين خبراء في مجال الغزل والنسيج لإدارة تلك الشركات حتي يتسني لها تحقيق أرباح تعود في النهاية علي الاقتصاد القومي وترفع معدلات النمو وتحد من معدلات البطالة. وأضاف أن الدولة بحاجة لتغيير الخطوط الفنية بالنسبة لتحويل القطن الخام إلى منسوجات، حتي ينافس علي الأقل السلع الصينية التي انتشرت في الأسواق المصرية خلال الفترات الماضية، مؤكدا أن بيع أصول شركات الغزل والنسيج سيترتب عليه ارتفاع أعداد العاطلين وتردي الاقتصاد. في السياق نفسه، قال الدكتور رشاد عبده - الخبير الاقتصادي، إن مقترح الحكومة الحالية لإعادة هيكلة شركات قطاع الغزل والنسيج ليس جديدا، حيث سبقت إثارته في عهد كل من الدكتور محمود محي الدين – وزير الاستثمار، والدكتور بطرس غالي – وزير المالية الأسبقين في حكومة نظيف، بعد أن كانت الديون حوالي 33 مليار جنيه لصالح البنوك الحكومية، وتمت تصفية أصول تلك الشركات الفائضة عن طريق الخبراء المثمنين لتقليل الديون. وأشار «عبده» إلى أن حكومة الدكتور الببلاوي تمتلك الدراسات النظرية فقط وتحتاج لجانب عملي لتطبيق المقترحات بما يحقق تنمية اقتصادية، فملف تلك الشركات بحاجة لإعادة نظر من خلال عقد اجتماعات طارئة وطرح حلول أبرزها التصرف في المنتجات الراكدة بالمخازن، والوقوف علي أسباب ركودها، خاصة وأنها أصبحت رديئة لا تصلح لتصريفها إلا بأسعار قليلة لا تفي بنفقات التكلفة الإنتاجية كما فعل بعض رؤساء الشركات أحيانا للتخلص من المنتجات المخزنة. وأضاف أن هناك سلع مستوردة دخلت الأسواق بأسعار منخفضة، تقل عن المنتجات المحلية، وهو ما جعل المستهلكين يقبلون عليها بالرغم من عدم جودتها، إلا أنها في متناول الجميع، مشددا علي ضرورة أن تبحث الحكومة عن حلول لمنع تراكم مخزون تلك المنتجات بالمخازن. 
 واتهم «عبده» الحكومة بأنها لا تتخذ أية قرارات حاسمة لإعادة نحو 33 شركة غزل ونسيج خاسرة كما ينبغي، مشيرا إلى أن هناك أزمة تتجدد شهريا للعاملين بتلك الشركات بسبب الرواتب والحوافز وإعادة هيكلتها وتطويرها، مشددا علي ضرورة أن تبحث الدولة بشكل حقيقي عن حلول عاجلة جذرية عن طريق الإحلال والتجديدات للآلات والمعدات وتدريب العمال وضخ أموال جديدة بتلك الكيانات حتي تسهم بشكل كبير في الاقتصاد القومي دون أن تكون عبئا عليه.
 في سياق متصل، قال الدكتور رمضان معروف – الخبير الاقتصادي، إن تفكير الحكومة في هيكلة شركات قطاع الأعمال العام يعد خطوة إيجابية، مشيرا إلى أن الاتجاه الأرجح أن يتم خصم ديون تلك الشركات لصالح بنك الاستثمار القومي عن طريق التصرف في المخزون الراكد باعتباره من الموارد المجمدة وتعمل علي دورة رأس المال في عملية الإنتاج.
بالإضافة إلى الأصول الثابتة كالآلات والأدوات الهالكة والمقرات غير المستغلة، مشيرا إلى أن ذلك يعد خطوات منطقية لحل الأزمة الراهنة، مشددا علي ضرورة ألا تنطوي عمليات البيع علي فساد أو بأقل من القيمة الحقيقية لها. 
واقترح «معروف» أن تتم عمليات البيع عن طريق الاكتتاب الشعبي لأسهم تلك الشركات بالبورصة كما حدث بشركتي الكابلات والمصرية للاتصالات بنسبة 20% مما حقق لها أرباحا فيما بعد وسيولة مالية، مطالبا بإعادة تخطيط تلك الشركات وعمل مشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص وفكره مع إشراف من جانب الدولة. وأشار إلي عدم وجود موارد لشركات الغزل والنسيج، مما يعد سببا أساسيا لخسائرها المستمرة، بالإضافة إلى عدم وجود منافذ لتوزيع المنتجات بالمحافظات بما ينشط الإنتاج المحلي ويرفع معدلات النمو، مقترحا أن يتم إعداد إستراتيجية واضحة بداية من زراعة القطن إلي توريده للمصانع من خلال إعطاء تسهيلات للمزارعين وتوفير الأسمدة للفلاح ومنح قروض ميسرة من بنك الائتمان الزراعي وشراء المحصول بالأسعار المناسبة، ووجود منافذ لتوزيع المنتجات النهائية، وتنظيم معارض تصاحبها حملات دعائية وإعلانية لها من خلال الأجهزة الحكومية حتي يحقق لها رواجا يسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي.