الأربعاء، 12 يونيو 2013

هشام جنينة:العبارة "السلام" غرقت عمدا والفساد أصبح سمة عامة.. والقضاء جزء منها



هشام جنينة: العبارة "السلام" غرقت عمدا 
الفساد أصبح سمة عامة.. والقضاء جزء منها


الجهاز المركزي للمحاسبات هو قضاء المال المؤتمن علي ثروات مصر منذ انشائه في الأربعينيات من القرن الماضي وهو يتصدي لمحاولات الفساد والافساد‏..‏ يكشفها للرأي العام‏,‏ رغم كل المعوقات التي كانت تقف حائط عثرة أمام عمله‏.‏ علي رأس هذا الجهاز الآن قامة قضائية نزيهة.. هو المستشار هشام جنينة أحد رموز تيار استقلال القضاء, كان رئيس محكمة استئناف القاهرة, وأحد أهم القضاة الاصلاحيين, وهو أيضا ابن أحد كبار شيوخ القضاة. يشهد له الجميع بالنزاهة, والكفاءة فإذا اجتمع استقلال قضاء المال واستقلال القاضي, كان ذلك ضمانة لوقف نزيف الفساد الذي طال كل شيء في مصر. المستشار جنينة تولي مسئولية الجهاز منذ سبتمبر الماضي.. رغم حساسية منصبه ودقة عمله لم يدخر معلومة أو يخفي حقيقة.. ولا يمكن لمؤتمن أن يكتم شهادة حق, ولذلك قال إن الفساد كالأخطبوط له مائة ذراع, وأن العبارة السلام التي راح ضحيتها1400 مصري غرقت عمدا وليس مجرد إهمال, مؤكدا أن جميع أجهزة الدولة طالها الفساد, وأننا نقف عاجزين عن مراقبة الحركات السياسية والجمعيات والتيارات الدينية, لافتا إلي أن قضية الصناديق الخاصة عنوان كبير يضيع من خلاله مليارات كثيرة.. وأنه يوجد تنظيم سري لعدم اصلاح منظومة القضاء مما جعلني أشعر بأنني أضع يدي في عش الدبابير, ولكني لا أخاف إلا الحق. شهادة القاضي النزية تستحق التوقف أمامها وقراءتها بعمق. الأهرام حاور المستشار جنينة, ولم يبخل الرجل بكل ما لديه من أسرار كشفها للمحاورين.
 ●الي أي مدي تشعر بالتفاؤل في القضاء علي الفساد؟
 الحديث عن الفساد في حد ذاته يصيب الانسان بالاحباط, لان حجم الفساد أكبر مما كنت أتخيله, فالمسألة ليست واقعة لشخص أو لمجموعة ولكن ما أراه أخطر من وجهة نظري, لأنه فساد مؤسسات وهو أخطر من فساد الأفراد, والذي يمكننا التغلب عليه, أما فساد المؤسسات فهو الأخطر علي أي نظام جديد ينشأ في أعقاب ثورة قامت ضد حكم استبدادي ديكتاتوري ألغي المؤسسات وهمش دورها وجعلها مجرد هياكل كرتونية, بما في ذلك الأجهزة الرقابية التي كانت هي أيضا هياكل كرتونية خالية من العمل, وإلا ما كنا وجدنا هذا الكم من الفساد مع وجود82 جهازا رقابيا بالدولة بمختلف أنشطتها.
 ●الفساد ازداد بعد الثورة واستفحل تلك مقولة تتردد فما رأيك فيها وما مدي صحتها؟
 لا استطيع أن أقول إن الفساد ازداد واستفحل بعد الثورة, لأنه ليس لدينا مقياس أو معيار يمكننا به قياس مقدار زيادته عما كان عليه قبل الثورة.
 ●لكن الفساد إزداد بالفعل بعد الثورة؟
 بالفعل ازداد, والذي يعطينا مؤشرا علي تلك الزيادة المؤسسات الدولية المعنية بتصنيف الدول وترصد مدي الجهد الذي يبذل لمحاربة الفساد, والمؤشرات التي خرجت عن مصر أثبتت تراجع دورها في مكافحة الفساد.
 ●ما هو تصنيف مصر الحالي في مكافحة الفساد بين الدول؟
 كان المؤشر السابق لمصر رقم211 في مكافحة الفساد أما حاليا فتراجع دورها لرقم341 بين الدول.
 ●علي أي أساس يتم هذا التقييم؟
 يتم هذا التقييم بناء علي القوانين والتشريعات الموجودة بالدولة وترمي لمكافحة الفساد, كالقوانين المتعلقة بمنع تضارب المصالح, وحماية المبلغين والشهود وحرية تداول المعلومات, بالاضافة الي حزمة من التشريعات التي توسع من دائرة الشفافية وتمكن الأجهزة الرقابية من القيام بدورها, ففي ظل غياب الدور الحقيقي للرقابة علي مؤسسات الدولة ينمو الفساد ويزداد, وقد أخذ وزير العدل السابق المستشار أحمد مكي علي عاتقه تبني تلك القوانين, إلا أنه لاقي من الصدمات ما جعله يبتعد عن الوزارة ولم يتحمل البقاء, لأنه كان في وش المدفع, وكلما طرح قانونا كان يجد موجة من الهجوم غير المبرر برغم أن الدافع لهذه القوانين كان التضييق علي الفساد وتحجيم انتشاره بإعطاء المزيد من الحرية لتداول المعلومات والنزاهة.
 ● ما هي أهم القوانين التي نحتاجها حاليا لمكافحة والحد من الفساد؟
 نحن بحاجة لقانون( تضارب المصالح) والذي يمنع تزاوج المال بالسلطة والذي عانينا منه في النظام السابق, حيث كان أصحاب رءوس المال والأعمال هم أصحاب القرار, أو علي علاقة قوية بهم بما يمكنهم من العلم بالقرارات قبل صدورها, فيحققون نتيجة لذلك أرباحا بالمليارات.
 ● ذكرت أن النظام السابق كان به تزاوج بين المال والسلطة, ألا تري أن ذلك يحدث الآن؟
 ما أفهمه من سؤالك أنك تقصدين الاخوان المسلمين أو المحسوبين عليهم.. المجتمع كله يتحدث عنه, لا استطيع أن اقول إن ذلك الكلام وفق قياس عادل, لان القياس العادل أن أصحاب رءوس الأموال يتدخلون في صنع القرار أو يكونون قريبي الصلة بالشكل الذي يؤثر علي مصداقية من يصدر عنه القرار, فقبل ذلك كان يتدخل أصحاب رءوس الأموال في صناعة القرار, كما كان لهم تأثير علي صدوره.
 ● متي يمكننا القول بأننا أنهينا علي الفساد وقضينا عليه؟
 الفساد لن ينتهي بين يوم وليلة لأنه متجذر ولن يتغير بتغير شخص رئيس الجمهورية أو رؤساء الأجهزة الرقابية أو الوزراء المعنيين.
 ● لماذا لاينتهي الفساد أو حتي يتقلص؟
 لانه مازالت حتي الآن هناك مقاومة كبيرة من منظومة الفساد التي تقف حجر عثرة ضد محاولات الاصلاح, فالفساد كالاخطبوط له مائة ذراع ورأس واحدة وبرغم قطعنا الرأس إلا أن الأذرع مازالت تعبث وتقاوم عملية الاصلاح, والتراشق بين القوي السياسية الذي نراه علي الساحة يعطل مسيرة الاصلاح والتقدم والنظر إلي الامام, ما أراه الآن هو استغراق في الماضي وتصفية الحسابات. وهذه مأساة كبري وقع فيها الجميع سواء النظام الحاكم أو القوي المعارضة ويستوجب علي الجميع النظر إلي الامام وتوحيد الجهود لعبور المرحلة الانتقالية فأخطر ما يواجه الدول عقب الثورات هو المراحل الانتقالية وهي التي تعيشها مصر الآن فاذا ما نجحنا في تقصير تلك الفترة سيمكننا أن نعبرها بأمان وسنحقق ذلك أن آمنا بأنه ليس من الضروري أن نتفق حول كل شيء لان ذلك صعب حدوثة نتيجة لاختلاف الرؤي والتوجهات التي تحكم اطر عمل كل حزب وفريق فالتعدد ؟ ظاهرة صحية, واذا كان الهدف هو البناء وليس الهدم, وهذا ما يجب علي الجميع اتباعه فيجب توظيف طاقة المعارضة في البناء وليس لافشال الجهود.
 ● ماهي أخطر القضايا التي تعملون عليها بالجهاز في الوقت الحالي؟
 نحن حاليا نعمل علي احد الامور المهمة التي نحرص عليها وسيكون لها مردود علي أرض الواقع, اللجنة التي كلفتها بفحص منظومة النقل البحري التي تعاني فسادا شديدا قد ينجم عنه تكرار المآسي الشبيهة بمأساة غرق العبارة السلام ومن قبلها سالم اكسبريس, ولذلك أحرص علي كشفه حقيقة للرأي العام بعد انتهاء اللجنة من أداء عملها علي أكمل وجه دون الاساءة لاي شركة من الشركات العاملة بمنظومة النقل البحري لأن تلك الامور تؤثر في سمعة الشركات في ذلك القطاع.
 ● متي بالتحديد ستعلن النتائج؟!
 قريبا جدا سيعلن الجهاز عما توصلت إليه اللجنة التي تشكلت لفحص منظومة النقل البحري ومدي معاناة المواطن المصري البسيط من تلك المنظومة.
 ● وهل سيشمل التقرير الاسباب التي أدت لغرق تلك العبارات والمتسببين فيه؟
 بالفعل سيتم الاعلان عن أوجه القصور والخلل التي أدت لغرق العبارة السلام, فلايزال حتي الآن خفيا عن الرأي العام الاسباب الحقيقية التي أدت لغرق تلك العبارة, وما لدينا من معلومات أشار إليها التقرير تشير بوضوح إلي ان ماحدث ليس مجرد اهمال ولكنه جريمة, فعندما يصل الخطأ لتلك المرتبة يصبح جريمة متعمدة فما حدث ليس اهمالا ولكنه تعمد واستهانة بأرواح المصريين وذلك يتضح من التراخي في التعامل مع الاستغاثة, وعدم السعي الفوري لانقاذ الضحايا.
 ● ذكرت من قبل أن هناك ملفات فساد ستعلن عنها, ولم يحدث هذا حتي الآن فهل من الممكن أن نعرفها؟
 نعمل الآن علي قضايا الفساد داخل التعليم العالي والمدن والمستشفيات الجامعية وسنعلن قريبا عن النتائج بعد تقديمها للجهات القضائية وابلاغ النيابة العامة بها, وكذلك نعمل بقضايا فساد تتعلق بوزارة الري.
 ● ماهي أبرز المخالفات وصور الفساد بوزارة الري ؟
 أبرزها التعديات علي أراضي طرح النهر علي امتداد النهر من أسوان وحتي شمال الدلتا.
 ● ما حجم تلك التعديات؟
 هي تعديات فاقت كل تصور لدرجة أنها تمت من جهات سيادية وأفراد من جهات المفترض أمنهم أول من يحترمون القانون ويطبقوه إلا أنهم تعدو علي أراضي طرح النهر أو الجزر النيلية, وهذا ملف كبير يتولي أمره الجهاز, وتم تشكيل عنه لبحث أسس وقواعد توزيع أراضي طرح النهر؟ فقد وجدنا أوجه قصور ومجاملات واخطاء شديدة جدا في هذا المجال.
الجهات التي تعدت واستحوذت علي أراضي طرح النهر؟ 
 منهم مباحث أمن الدولة من النظام السابق, بعض الأندية التابعة التابعة لنادي القضاة.
●ماحجم التعديات ومقدارها؟
 اللجان التي شكلت تعكف حاليا علي حصرها بشكل دقيق إلا أن تقديراتهم المبدئية للتعديات أنها تزيد علي الـ16 مليار جنيه علي أراضي طرح النهر. هذا يجعلنا نسألكم عن التعيينات الحالية للقيادات والإدارات وهل تراها معبرة عن المرحلة وقادرة علي القيادة لها بنجاح أم أو تتراجع؟ أعلم أنك تقصدين التعيينات التي حدتت اخيرا في بعض الوزارات ولكنني لا احب ان اقحكم نفسي في خلافات وصراعات سياسية, لكنني معك في أن حسن اختيار القيادات وبالذات في المرحلة الحالية يجب ان تحظي بقبول شعبي ومجتمعي لتنال الثقة العامة بها وتلك من أولي أبجديات النجاح
● وهل يتم مراعة وجود تلك المواصفات في اختيار القيادات حاليا ؟
 كونه لايحدث فذلك مسئولية متخذ القرار فهو الذي يملك ذلك ومن يملك سلطة حسابه هو الشعب وليس من مسئولية الجهاز حسابه فاختصاصي مقتصر علي عملي كجهاز رقابي ولا شأن لي بالتدخل في عملية اختيار القيادات رغم تقديرنا للانتقادات التي وجهتها قوي المعارضة ضد اختيار بعض القيادات إلا أن المسألة في النهاية هي ان هناك من يختار وعليه ان يتحمل مسئولية الاختيار.
● صرحت من قبل أن وزارة الكهرباء بها اكبر ملفات فساد وستقدمها للجهات القضائية لكن ذلك لم يحدث فلماذا ؟!
 من قال ذلك, فهناك بلاغات ترفع بشكل دوري من خلال إدارة مراقبة الحسابات فيما يتعلق بالتجاوزات وابلغنا النيابة العامة بشأن بعض المبالغ المالية التي كانت تخرج من وزارة الكهرباء لصالح وزارة الداخلية والتي وصلت لمبالغ رهيبة, وهذا الفساد لم يقتصر علي وزارة الكهرباء وحدها بل شمل البترول والاتصالات وذلك كله كان يتم من خلال محاولة تقنين الفساد من خلال ايجاد صيغة قانونية من خلال قرار أو قانون أو لائحة لعمل غطاء للتصرف المالي, حيث يبدو الحصول عليه بصورة سليمة أمام الجهات الرقابية وهذا التصرف من أخطر أنواع الفساد والذي يسمي رهيبة بتقنين الفساد والذي شارك فيه كبار المسئولين
● لكن يقال ان تقديم الملفات للجهات القضائية والنيابة العامة أتاح الفرصة للاستمرار بالفساد من قبل أتباع النظام السابق؟
 أوكد ان كثيرا من المسئولين عند رصد الجهاز لتجاوزات مالية استجابوا وأوقفوا صرف المبالغ التي تنتج من تلك المخالفات, ومن أولي الشخصيات التي استجابت لنا اللواء محمد جمال الدين وزير الداخلية السابق والذي تنازل عن المبالغ التي كان يتقاضاها, فهناك مسئولون شرفاء يستجيبون فور إبلاغهم بالمخالفات لإنهائها.
● لماذا ينتظر المسئول أو الوزير طلبكم بانهاء المخالفات ولايعمل علي ذلك من البداية؟
 طبيعة عمل الوزير لاتسمح له بتوفر كل المعلومات المالية لديه ولذا فالجهاز المركزي للمحاسبات هو العين الأمينة التي ترصد المخالفات وليس لتصيد الأخطاء وذلك حتي لانفسر أننا جهاز تسلطي أو نريد فرض الوصايا علي المسئولين ولاتوجد لدينا خصومة مع أحد فنحن نقوم بعملنا بغض النظر من الشخص المسئول لانسعي لإرضاء أو مجاملة أحد علي حساب الحق سواء كان رئيسا أو غفيرا فنحن مجرد جهاز يلقي الضوء علي أوجه الخلل القصور في الأمور الإدارية والمالية من أجل تصحيح وتقويم الاداء.
● قضية الصناديق الخاصة لانعرف بدايتها من نهايتها فكيف للجهاز المركزي ان ينهي تلك القصة لتحقيق الصالح العام وتحت مظلة أمنية؟
 الصناديق عنوان كبير تضيع من خلاله علي موزنة الدولة مبالغ بالمليارات. وأري أن ضم أموال تلك الصناديق للموازنة العامة من الممكن ان يعوض عجزا كبيرا جدا
ما المانع عن حدوث ذلك؟ 
 هناك عدة أمور من بينها ان هذه الصناديق لايوجد حتي الآن حصر دقيق بأعدادها وماتم نشره عن أن عدد الصناديق وصل6300 صندوق هذا بيان واحد من البنك المركزي ولايرصد كل أعداد الصناديق الخاصة بمصر فما تم اعلانه عن الصناديق الموجودة والخاصة للبنوك التجارية التابعة للبنك المركزي ولكن هناك بنوك لاتخضع للبنك المركزي وتوجد بها صناديق وبالتالي هذا الحصر يتعلق بالبنوك التابعة للبنك المركزي فقط كما أن لدي البريد بعض الحسابات للصناديق وكذلك صناديق خاصة بالمحليات. ولذلك كلفنا عدة لجان بالقيام بذلك الحصر من أسوان وحتي الإسكندرية وهي عملية غير سهلة.
● ما المدة التي تحتاجها لانهاء حصر وتصنيف تلك الصناديق وعودة أموالها لموازنة الدولة؟
 اعتقد اذا ما انتهينا من الحصر الذي نقوم به للصناديق فيستوجب بعدها رد الأموال كلها للموازنة العامة للدولة وذلك سيكون انجازا لايقاف نزيف المال العام.
● التمويل الاجنبي قضية كانت عليها أسئلة كثيرة كيف تري هذه القضية؟
 أريد ان أوضح نقطة مهمة إنصافا للحقيقة وهي ان منظمات المجتمع المدني أجنبية والمحلية وعلي وجه الخصوص الأجنبية منها كانت تقوم بالعمل تحت سمع وبصر جميع المسئولين بالدولة بداية من رئيس الجمهورية الي أصغر مسئول بها وبهذا تكون بتضحك علي أنفسنا عندما تقول ان تلك المنظمات كانت تعمل بالخفاء فهم كانوا يعملون بالدولة ويقابلون كبار المسئولين بها وبعلمهم والدولة لديها أجهزة تعرف جيدا حركة الأموال من أين تأتي وأوجه صرفها أيضا فالمسألة أري ان فيها قدرا من الاساءة والتشويه المتعمد لتلك المنظمات وهذا لايعتبر تدخلا في حكم القضاء. فنحن مع تقنين أوضاع المنظمات المدنية لانه لاتوجد دولة بالعالم تقبل وجود منظمات وأفراد يعملون دون ان تقنن أوضاعهم. ذكرت لنا من قبل أن كل الجمعيات والجماعات بما فيها جماعة الإخوان المسلمين ستخضع لرقابة الجهاز.. فهل تم ذلك..
وهل تم الكشف عن مصادر تمويل الجماعة والتيارات الدينية الأخري؟
هذا الملف حدث به عبث, فهناك جمعيات وجماعات غير مشهرة, بمعني أنها غير مسجلة لدي وزارة التأمينات والتضامن الاجتماعي مثل جماعة الإخوان المسلمين والتي أشهرت أخيرا, وحركة6 أبريل, وكفاية, وحازمون, ولكن سواء كان دافعها دينيا أو ليبراليا أو يساريا, لكن المجتمع ملئ بتلك الجماعات والحركات.
●يتساءل الكثيرون عن الأموال التي ينفقونها ومصادرها الحقيقية؟
 بالضبط, فأنا ضد عدم تقنين أوضاع مثل تلك الحركات والجمعيات والجماعات سواء كانت دينية من إخوان مسلمين أو سلفيين أو حازمون أو ليبراليين أو يساريين أو يمينيين.. ولكن ما يحدث الآن أن الدولة والجهاز المركزي للمحاسبات يقفان عاجزين عن مراقبة تلك الجماعات والجمعيات في ظل القانون الحالي, الذي ينظم عمل الجمعيات الأهلية من الرقابة, لأن القانون بوضعه الحالي ينص علي عدم مراقبتنا إلا للجمعيات المعانة من الدولة. ولذا فإن كل الحركات والجماعات سواء كانت جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من حركات غير معانة من الدولة, ولهذا نحن لا نراقبها في الوقت الحالي, وسيظل ذلك الوضع مستمرا إلا أن يعدل القانون الحالي, وذلك أحد المطالب التي نطالب بها بتعديل القوانين بما يسمح بمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات علي الأنشطة المالية لتلك الجمعيات تحت أي مسمي سواء كان إخوان أو سلفيين بما فيها الكنيسة حتي لا نجعل لأي جهة خاصية عن الأخري سواء كان الأزهر أو التيار الديني أو الكنيسة, فالجميع ليسوا فوق القانون إذا كنا نريد تطبيق دولة القانون, فالأمور المالية يجب أن تخضع لها كل الأنشطة سواء في المنظمات أو الجمعيات, ويجب أن تخضع لها المؤسسات الدينية تطبيقا لمبدأ العدالة, فالقانون يجب أن يكون الحكم بين الجميع.
● ما مقدار الحيادية التي تستطيع تحقيقها في عملك بالجهاز؟
 لأنني قاض قبل تولي شئون الجهاز, فتلك الحساسية موجودة عندي, ورغم أنني بشر ومن الممكن أن يكون لي أخطاء مثل الجميع, فإنني أحرص علي الحياد بأقصي ما أستطيع, وهذا ما أطلبه من كل أعضاء الجهاز, وأطالبهم بالتدقيق في التقارير التي يعدونها, وألا يساء لإنسان أيا كان موقفه من خلال نشر التقارير.. ولذلك أنا ضد النشر المبكر دون إجراء تحقيق دقيق. وجه أعضاء بالشوري اتهامات لأعضاء بالجهاز بالفساد وتلقي هدايا لتمرير الموازنات بالشركات وغض البصر عن الأخطاء.. فما ردك علي ذلك؟ استأت من ذلك الحديث, لأنه لا يعبر عن الواقع بالجهاز, فالغالبية العظمي من أعضاء الجهاز هم علي قدر كبير من احترام لأنفسهم ولواجبهم المهني, ويؤدون دورهم بتجرد وحيادية.
 ● ألم تكن هناك حالات فساد تم الكشف عنها بالجهاز مؤخرا؟
 حدثت حالات فساد, وتعاملنا معها بمنتهي الشدة, فمسألة التستر علي فساد وقع من أحد العاملين بالجهاز, فأنا ضدها تماما, خصوصا أن طبيعة عمل الجهاز هو محاربة الفساد, ولذا لا يجوز لنا التغاضي والتستر عن الفساد, حتي ولو كانت قيادات داخل الجهاز. مشروع قانون الجهاز المركزي للمحاسبات, والذي يري ضرورة استقلال الجهاز عن أي سلطة, وهذا يخالف نص المادة من تعيين رئيس الجهاز من رئيس الجمهورية.. فكيف يتحقق الاستقلال.. وما معني الإصرار لبقاء تلك المادة؟ ليس هناك إصرار, ولكن ما أراه أنه بعد صدور الدستور الجديد, فلأول مرة ينص علي استقلال الجهاز المركزي للمحاسبات, وهذا لم يحدث في دستور..1971 ولحرص ذلك الدستور علي الحفاظ علي الجهات الرقابية, أفرد بابا مستقلا سمي بأجهزة الرقابة الصوتية المستقلة, ونص فيه علي استقلالية الجهاز المركزي للمحاسبات.
 ● متي يصدر قانون حماية الشهود لمكافحة الفساد؟
 القانون حاليا بوزارة العدل وهو في طور الانتهاء منه وسيصدر خلال أيام لأنه من القوانين المهمة, وأعتقد أن مجلس الشوري سيعني به خلال الأيام المقبلة.
 ● هل حدث تدخل من قبل السلطات في عمل الجهاز؟
 أشهد الله أنه لم يحدث تدخل في عملي من أي سلطة بالدولة. هل يتم مراقبة رئاسة الجمهورية حاليا؟ بالطبع, وتوجد لجنة حاليا بالرئاسة لإعداد تقرير عنها. وإذا وجدت تجاوزات حالية بالرئاسة.. ماذا ستفعل؟ سأرصدها, كما حدث بالقصور الرئاسية, والتي أنفق فيها من موازنة الجهاز ما يزيد علي المليار والمائتين مليون جنيه.
 ● هذا بالنظام السابق.. وماذا عن الحالي؟
 لم يكمل الرئيس أكثر من عام لكي تحدث تجاوزات.
 ● بغض النظر عن المعارضة, لكن الوزارات بها رموز وقيادات وخبرات ناجحة.. لماذا لا يتم الاستعانة بها في إدارة الأمور بدلا من إقصائهم؟
 يجب أن نعترف بوجود سوء إدارة من كل الأطراف سواء من النظام الحاكم أو المعارضة, وكلا الطرفين لهم أخطاؤهم, وللإنصاف أقول وجهة نظري بكل وضوح, فالبلد يتسع للجميع, ولا يوجد فصيل سياسي يمكنه السيطرة علي مصر, فليست جمهورية من جمهوريات الموز, فهي أكبر من أي فصيل أو حزب سياسي, والذي يديرها بالشكل الذي يراه منفردا ويقصي الآخرين, فمسألة الإقصاء مرفوضة وبغيضة, وآن الأوان للتخلص منه, فما عانينا منه في الفترات السابقة نفس سياسة الإقصاء, وبالتالي لا نريد تكرارها حاليا ونقصي الآخرين, وندعي أننا لنا الحق في الصواب, فالحوار يحتاج إلي متسع له لتقبل النقد دون التطاول, والذي يصل إلي حد التجريح أمر مرفوض, ولن يأتي بالنتائج المرجوة. لك تصريح عن إصرار الجهاز علي مراقبة الأنشطة التجارية للمخابرات والجيش والتي اعتبرها البعض تدخلا للجهاز في الصراع السياسي وتلبية أهواء القيادات السياسية الحالية فما ردك علي ذلك؟ لو امشي وفق أهواء القوي السياسية لكنت سأعمل علي أرضائها دون أن اخسر أحدا سواء كانوا قضاة أو داخلية أو قوات مسلحة أو مخابرات أو مجلس وزراء أو رئاسة الجمهورية وأكون جميلا مع الكل وأعمل مجاملات بيني وبينهم.
 ● هل تشعر أنك تعمل في عش للدبابير؟
 نعم أعمل في عش الدبابير, فطبيعة عملي إذا لم أقتحم الاماكن التي كانت محظورة علي الأجهزة الرقابية دخولها فاعتبر ذلك فشلا في أداء عملي لأنه بعد الثورة والتي قامت ضد الفساد والقضاء عليه يكون نوعا من الضحك علي الشعب وغشه وتضليله أن نترك الأماكن التي كانت مرتعا للفساد والمخالفات واعتبرت نفسها دولا داخل دولة مصر وتكون بعيدة عن الرقابة. هل وجدتم بتلك الأماكن مخالفات؟ بلاشك كل الجهات التي نرصدها فيها مخالفات.
 ● وهل وجدتم مخالفات في المخابرات العامة والجيش؟
 موضوع المخابرات يريد توضيحا آخر ان قانون المخابرات العامة يمنعني كجهاز مركزي للمحاسبات من أن أراقب عملها وكل مايحدث اجتهادات, المخابرات العامة يستعين بعضو من الجهاز المركزي ويتحري عنه وبآخر ويتلقي الأوامر والتعليمات والتوجيهات من رئيس جهاز المخابرات لدرجة أننا نعتبره تابعا لهم ولانعرف عنه شيئا بعد ذلك.
 ●ما انطباعك علي أزمة القضاء؟
 رغم أنني بعدت عن القضاء إلا أن احدي الصحف مؤخرا نشرت عني كذبا أنني شاركت باجتماع مع أعضاء مجلس القضاء الأعلي مع الرئيس بالاتحادية ومع أني أرسلت تكذيبا لذلك الخبر لما أثاره من اعتراضات وهجوم لمشاركتي الكاذبة في ذلك الاجماع الا ان الجريدة لم تنشر التكذيب وذلك شيء محزن للغاية ويتكرر حدوثه بالاعلام للأسف الشديد.
 ● ولكن نحن نسألك عن أزمة القضاء كقاض؟
 في البداية تحليلي لها من خلال الأحداث التي مرت بنا, فالقضاء المصري كان في وقت من الأوقات يشار اليه بالبنان وكان الشعب يحمل القضاة علي الاعناق ويتطلع اليهم عن أنهم القدوة. بأي عهد تقصد ذلك؟ كان ذلك حتي في أيام مبارك ودليل ذلك وقفة الشارع المصري بجانب القضاة عام2005 حين كشفوا عن التزوير والتجاوزات التي تمت في الانتخابات في ذلك الوقت. ولكن تلك النظرة انتقصت نتيجة أداء معين وعندما جاء ونجح المستشار أحمد الزند برئاسة نادي القضاه وأعلن أن النادي للشاي والقهوة, وأنه لن يعقد جمعيات عمومية به. وأن المتحدث الرسمي باسم القضاة هو المجلس الأعلي للقضاء, ثم تبعه حوار مطول أشاد من خلاله بالرئيس مبارك في مده العمل بقانون حالة الطوارئ ورأي أن في ذلك ضرورة قومية استدعتها الظروف وأشاد بتلك الخطوة كرجل قضاء رغم علمه أن حالة الطوارئ تتعارض مع العدالة وسيادة القانون وكلنا كرجال قضاء نعلم ذلك وتبع ذلك هجومه علي الثوار والثورة اعتقادا منه ببقاء النظام السابق وكل تلك الأمور أدت الي انتقاص الصورة للقضاة وبدأت الصورة الإيجابية تهتز الي ان وصل الأمر الي مواجهات وعقدت بعدها الجمعيات العمومية.
 ● هناك من يري ان ما حدث رد فعل علي ما سموه تجاوزا علي السلطة القضائية للاعلان الدستوري فما رأيك في ذلك؟
 ليس هناك شك ولكن ذلك لايعطينا الحق ان تخترق القانون خصوصا من رجال القضاء فاذا اخطأ الآخرون واخترقوا القانون فالامر يتحتم علينا كقضاة الالتزام به فليس من الممكن ان نبرر لانفسنا الخطأ لمجرد خطأ الجهة الاخري فهذا لايجوز ولايطابق منطق القانون ولايليق بالقضاة ويجب عليهم ألا ينزلوا بلغة الحوار لذلك الدرك ولم نعتد علي فعل تلك التصرفات سواء مع مؤسسة الرئاسة او اي مؤسسة من مؤسسات الدولة ولكن حدث ما حدث وتلك السوابق التي ادت الي تلك الحالة وتبعها مواقف منها الموقف الخاص بقضية التمويل الاجنبي ودور نادي القضاة في مساندة عبد المعز ابراهيم رئيس محكمة الاستئناف وقتها.
 ● ما رأيك في مطالب اصلاح القضاء وتطهيره؟
 إن اصلاح القضاء وتطهيره يجب ان يتم من داخل المؤسسة نفسها وللاسف مضي علي الثورة اكثر من عامين ولم يتخذ اي إجزاء حيال قضايا مهمة احيلت للتحقيق لانعلم اين ذهبت وكذلك الشكاوي التي قدمت ضد وزير العدل السابق وبعض معاونيه مما حدث من تجاوزات منهم والقضية الخاصة بالتمويل الاجنبي حتي الآن لم يفصح عنها وكذلك الشكاوي التي قدمت في حق رئيس النادي واستغلال موقعه التي لم يأذن حتي الآن مجلس القضاء الاعلي لسؤاله وكل ذلك اعطي انطباعا للشارع ان تلك الموسسة فيها ما يمنع الاصلاح وذلك ما شجع مجلس الشوري علي الخوض في ذلك الملف وفتحه والذي كنت اري انه كان من الأحري علي مجلس القضاء ان يضطلع به.
 ● لكن ما قولك عن الرغبة في عمل مذبحة للقضاة من خلال خروج اكثر من ثلاثة الاف قاض علي المعاش وتغيير سن المعاش لهم بالقانون المقترح ؟ نحن نتحدث عن اصلاح القضاء وليس سن المعاش ودخول ذلك الموضوع كذريعة هو تلبيس الحق بالباطل فالحقيقة ان مسألة السن ـ هذه الذريعة ـ اقتنصوها ليهاجموا الاصلاح والقضاء.
 ●ألا تري ان موضوع سن المعاش للقضاة شيء غير مهم وليس من حقهم الدفاع عنه؟ بالتأكيد هي شئ مهم للقضاة ولكن يجب ان تعلمي ليست بالسن وحدها سينصلح حال القضاء لكن ما اراه ان اصلاح القضاء من خلال منظومة متكاملة يجب دراستها وايجاد حلول لاصلاح منظومة العدالة وبطء التقاضي وعدم وصول العدالة الناجزة ليلمسها المواطن البسيط وعودة الثقة وتعزيزها بين المواطن والقاضي وتلك امور مهمة للاصلاح.
 ● لكن لم تجبني عن رأيك في سن المعاش للقضاة؟
 انا ضد استخدام مسألة السن سواء بالمد كما كان يحدث بالنظام السابق بان يمد الخدمة لمن ينفذ الاجندات للنظام ويرفض المد للآخرين ويجب ان يكون المد علي الجميع واذا كنا اعلنا اننا ضده لكننا ايضا ضد الرجوع بالسن اذا كان الهدف منه التخلص من اشخاص بعينهم ولكني مع مساءلة اي شخص من القضاة مهما علا منصبه بالقضاء وانا كنت واحدا ممن وقفوا ضد المستشار عبد المعز ابراهيم وتقدمت ضده ببلاغ للنيابة العامة ووزارة العدل آنذاك وعقدت جمعية عمومية للتنديد بموقفه فلسنا ضد مساءلة عضو بمجلس القضاء ولكن اين هي تلك المساءلة ولماذا غابت وتأخرت كل هذا الوقت لكي نبعث الثقة بان هناك جدية داخل المؤسسة القضائية انها تصلح البيت من الداخل فلا نريد أحدا يأتي ليصلح لنا امورنا فعلينا ان نقوم بانفسنا بها.
 ● ما مدي تفشي الفساد بمؤسسة القضاء من وجهة نظرك؟
 لايمكن القول بإن الفساد استشري بمؤسسة القضاء فالقضاء مازال بخير ولايوجد هناك شك في ذلك بمختلف صور واشكال القضاء, وانا أعتز بانتمائي لمؤسسة القضاء ولكن ما اريد قوله ان القضاء شأنه شأن ما اصاب الدولة كلها فالافساد اصبح سمة بالدولة وهناك تعهد من البعض لعدم الاصلاح بتلك المؤسسة المهمة وكلما جئنا نتحدث عن اصلاح القضاء نجد تلك الهجمة الشرسة للتصدي من اجل وقف ذلك الاصلاح وذلك يظهر جليا منذ عهد وزارة المستشار محمود ابوالليل وزير العدل السابق عندما كلف المستشار حسام الغرياني المستشار احمد مكي بإعداد تعديل لقانون السلطة القضائية ووقتها حدث نفس الهجمة من اجل التصدي لعدم مرور ذلك المشروع ووقف واعاقة الاصلاح المستهدف اجراؤه في القضاء وهذا ما يتكرر حدوثه حاليا وذلك من خلال التنظيم السري الموجود داخل القضاة منذ عهد عبد الناصر والذي يحارب اصلاح القضاة.
 ● ولكن المستشار احمد مكي لم يضع شرط رجوع السن بالمعاش للقضاة؟
 هم اخذوا النواة الاساسية للمشروع من التي وضعها المستشار احمد مكي ولكنهم عدلوا مسألة السن.
 ● وهل يجوز ان يعدلوا علي شيوخ القضاة؟
 في اعتقادي ان مسألة السن هي مسألة سياسية واننا ضد تسييس اي قانون لكن لو كان القضاء اضطلع بمهامه بهذا الدور ولم يترك لاحد فرصة للتدخل لما استطاع احد ان يقترح اي مقترح او يحاول مجرد التفكير في التدخل بشئونهم.


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



ليست هناك تعليقات: