الأربعاء، 24 أبريل 2013

الحصول على السلاح أسهل من الخبز تقرير "تقصي الحقائق" في أحداث الكاتدرائية


الحصــول على الســـلاح أسهل من الخـــبز
شعور عـــام لدى المواطن بعـــدم سيادة القـــانون 


حصلت المصريون على نسخة من تقرير لجنة تقصي الحقائق الخاص بأحداث العنف التى وقعت في السابع من أبريل الجاري، أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية عقب تشييع آلاف الأقباط لجثامين أربعة مسيحيين لقوا مصرعهم في أحداث العنف الطائفي بالخصوص. وجاء بنص التقرير "في يوم الجمعة الموافق 5 أبريل الجاري، كانت مجموعة من الصبية قد رسموا الصلبان على جدران معهد ديني في مدينة الخصوص بالقليوبية قرب القاهرة مما أدى إلى وقوع مواجهات دموية خلال الليل بين عائلتين إحداهما مسلمة والأخرى مسيحية أسفرت عن مقتل عدد (5) أشخاص مسيحيين وآخر مسلم، وإصابة العشرات من الجانبين. 
وفي يوم الأحد، اندلعت اشتباكات أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (الكنيسية الرئيسية في العاصمة المصرية)، عقب تشييع آلاف الأقباط لجثامين أربعة مسيحيين لقوا مصرعهم في أحداث العنف الطائفي بالخصوص، مما أدى لمقتل شخصين وإصابة ما يزيد عن 84 آخرين، حيث شهد محيط مبنى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية أحداث عنف وإعتداءات من الشباب المشاركين فى تشييع الجثامين وعدد من الشباب بالمناطق المحيطه بالكنيسة، أعقب ذلك إطلاق عدد من الأعيرة النارية والخرطوش من مجهولين تباينت الأقوال من كونهم بلطجية ومن غير سكان منطقة العباسيه أو من كونهم منتمين للمشاركين فى تشييع الجثامين، وأسفرت تلك الأحداث عن وقوع عدد من المصابين بين صفوف المتواجدين وكذلك أحد الصحفيين والذى كان يقوم بتغطية الأحداث إلى جانب عدد من رجال الشرطه القائمين بالتأمين. وعلى خلفية الأحداث تم تشكيل بعثة من باحثي مكتب شكاوي المجلس القومي لحقوق الإنسان للتوجه إلى موقع الأحداث للتعرف على حقيقة الوقائع ورصد وتوثيق الانتهاكات والاستماع إلى رجال الكنيسة، النيابة العامة، ووزارة الداخلية والاستماع لشهود العيان وزيارة المصابين بالمستشفيات للإطمئنان على حالاتهم الصحية ومقابلة مديرى المستشفيات للحصول منهم على الكشوف الوثائق الخاصة بالضحايا والمصابين.
 وفي زيارة الكاتدرائية المرقسية بالعباسية قابلت البعثة الأنبا مكارى حبيب سكرتير البابا تواضروس يوم الثلاثاء 9/4/2013 بمقر الكاتدرائية المرقصية بالعباسية والذي أفاد بمايلي: أعرب عن إستيائه من الأحداث والإعتداءات المستمرة على المسيحيين على مستوى القطر المصرى فالأحداث المتكررة واحدة تلو الأخرى تنبأ بخطر يهدد مصرنا الحبيب، كما أكد على أن هناك مسئولين عن تلك الأحداث لم يقدموا للعدالة ولم تصدر ضدهم عقوبات رادعة حتى يتعظ من يفكر فى تكرار مثل هذه الاعتداءات.
 وأكد على أن هناك تباطْؤ من قبل الداخلية فى تأمين الكاتدرائية والتى تمثل قيمة ورمز دينى عريق وخاصة فى تلك الآونة لما تشهده مصر من أحداث متلاحقة من سلسلة اعتداءات على دور العبادة المسيحية على الرغم من طلبنا فى اليوم السابق للواقعة توفير الحماية الكافية لتأمين الكاتدرائية أثناء تشييع جثامين المتوفين في أحداث الخصوص.
كما أكد علي حضور الجنازة ما يقرب من 20 ألف مشيع مابين مسيحين ومسلمين، وقام المشيعين المكلومين الذين أخذتهم الحمية بالهتاف ضد الرئيس محمد مرسى وحكومة هشام قنديل إذ فوجئنا بمجموعة من المتجمهرين أمام الكاتدرائية ينهالون على المشيعين بالضرب بالطوب وزجاجات الملوتوف ثم تحول التعدى بعد ذلك إلى مبنى الكاتدرائية نفسه فى غياب تام للأمن كما قام العديد من هؤلاء المعتدين بالتسلل إلى داخل الكاتدرائية ليظهرا للميديا أنهم من المسيحيين المتواجدين بالكاتدرائية. قمنا بجمع أولادنا المسيحيين لتهدئتهم وإقناعهم بالخروج وإخلاء الكنيسة كما قمنا باستدعاء أتوبيسات لنقل المتواجدين داخل الكاتدرائية إلى منازلهم إلا أننا فوجئنا أثناء تحدثنا إلى أبناءنا بإلقاء عدد من القنابل المسيلة للدموع من الخارج مما تسبب فى إحداث حالات إختناق وذعر لدى المتواجدين داخل أسوار الكنيسة لعدم تمكنهم من الهروب بعيداً نتيجة إغلاقنا لجميع الأبواب خوفاً من دخول المتواجدين بالخارج إلى داخل المقر الكنسى فلم نجد أفضل من الصلاة والدعاء.
 مكارى حبيب لـ"القومي لحقوق الإنسان": هناك تباطْؤ من قبل الداخلية فى تأمين الكاتدرائية التى تمثل قيمة ورمز ديني عريق وتم علاج إحدى الحالات وتم خروجها، وتحويل الحالة الثانية إلى مستشفى الدمرداش أما الحالة الثالثة فقد تم حجزها وهي حالة (بيشوى وصفى حبيب والمتمثله فى جرح تهتكى بأعلى الكتف والرقبه من الجهة اليمنى وجارى علاجها. وتوجهت البعثة إلى المصاب المذكور للاطمئنان على حالته الصحية والاستفسار منه عن حقيقة الأحداث، ولم يتم التمكن من التحدث إليه نظرا لحالته الصحية الصعبة. وفي مقابلة مع ملاك داوود الصحفي بجريدة الشروق (صديق المصاب "بيشوي وصفي" صحفي بجريدة الشروق)، أفاد بما يلي:-
 في يوم الحادث كان يتحدث إلى بيشوي تليفونيا، ولكن فجأة أنقطع صوت بيشوي وسمعت أصوات غريبة وبعد ذلك انقطع الخط، وعند محاولتي الاتصال به مرة أخري لم يجب أحد علي. واتصل بى أحد الأشخاص وأفادنى أن بيشوى مصاب وتم نقله إلى المستشفى القبطى فتوجهت إليه مسرعاً، وبمجرد وصولى للمستشفى قابلت عدد من الأشخاص الذين قاموا بنقله وأفادونى بأنه كان يحاول تغطية جنازة شهداء الخصوص من أمام الكاتدرائية منذ بداية المراسم وفي حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً وأثناء خروج جثامين الشهداء من الكاتدرائية – في حضور عدد من النشطاء السياسيين من كافة التيارات السياسية ومنهم حركة 6 أبريل- وبعد مرور حوالي 15 دقيقة بدأت المناوشات بين الشباب المسيحي الثائر وأشخاص مجهولي الهوية.
 وفي تلك الأثناء سمعت أصوات "فرقعة" ناتجة عن أسلحة نارية أو أسلحة خرطوش، وبدء الهجوم من أحد الشوارع المحيطة بالكاتدرائية، إلى أن تحولت إلى ما يشبه حرب الشوارع، حتى وصل الأمر إلى الضرب من أعلى أسطح المنازل المحيطة، وفجأة أغشي عليه بعد أحساسة بإصابته، وبعد ذلك حاول مجموعة من أهل المنطقة إفاقته ولكنه لم يتمكن وتوجهوا به إلى أقرب مستشفى لعلاجه.
 ورداً على استفسارات البعثة أوضح مايلي: أفاد بأن جرح بيشوي غائر بعمق 5 سم وطول 10 سم في الجانب الأيمن من المنطقة الواقعة أسفل الرقبة وبداية الكتف من ناحية الظهر وأحدث كسر مستقيم بالفقرة السادسة من عظام الرقبة، وفي منطقة الصدر كدمة "مرفق التقرير الطبي للحالة "أنه يرجح أن سبب الإصابة هو "قنبلة مونه". وتم إجراء جراحة استكشاف وتنظيف الجرح ويحتاج إلى جراحة تجميل وترقيع ، علماً بأنه كامل الوعي وفي حالة مستقرة.
 وتم تحرير محضر بالواقعة برقم 2432 ج بقسم الوايلي وتم تحويله للنيابة للتحقيق فيه. وفي مستشفى الدمرداش، لم تتمكن البعثة مقابلة مدير المستشفى، فيما تمكنت من الحصول من أحد العاملين بالمستشفى على كشف بالحالات التى استقبلتها المستشفى على خلفية أحداث الكاتدرائية، وبلغ إجمالى المصابين من المدنيين وقوات الأمن المركزي عدد 59 حالة ما بين جروح قطعية وطلقات خرطوش واشتباه بارتجاج بالمخ وكدمات. ولمتابعة سير التحقيقات، توجهت البعثة إلى مقر نيابة الوايلي للوقوف على ماهية الأحداث وملابساتها، وتم مقابلة المستشار وليد البيلي "رئيس نيابة الوايلي" وبالاستفسار عن سير التحقيقات أفاد بالآتى:
 يوجد عدد كبير من المحاضر المحررة من قٌبل المصابين ولكن لا يوجد متهم واحد إلى الآن، وفور علمنا بالوقائع توجهنا فورا - عندما سنحت لنا الفرصة لذلك – بعد الأحداث مباشرة، ولكن بعد وصولنا إلى الكاتدرائية وبمجرد فتح أبوابها أكتشفنا وجود أكثر من 3000 شخص داخل أسوار الكاتدرائية يهتفون "أطلعوا بره" ولكن النيابة حاولت احتوائهم، وحاولنا سماع أقوال البعض منهم، حيث قالوا:- فوجئنا بوجود بلطجية يعتدون علينا بجوار قوات الداخلية ومحتمين بها، وكل هذا بدون تدخل من قوات الشرطة لحمايتنا. وعند محاولة سماع أقوال أهالي منطقة العباسية أجابوا:-
 بأن المسيحين خلال الجنازة وبمجرد الخروج خارج أسوار الكنيسة قاموا بالاعتداء على ممتلكات الأهالي والتعدي على المسلمين في حماية قوات الشرطة. وأشار بأن بعض شهود العيان أفادوا بأنه أثناء الجنازة شهدوا أشخاص من الجنازة يقومون بحرق سيارت الأهالي والتعدي على الناس وعدم تدخل الشرطة أثار حفيظة أهالي العباسية والمناطق المحيطة بالكاتدرائية "منطقة أبوحشيش" واضطرهم ذلك للنزول للحد من هذه الخروقات. 
وعن الإصابات:-
 أجاب بأن الإصابات من قوات الشرطة بلغت 16 ضابط و 8 عساكر، وفي المدنين حالتان وفاة، وإصابات لأكثر من 80 شخصا. وعن مدى حقيقة ما ورد عن قيام قوات الشرطة بإطلاق كثيف للغاز داخل الكاتدرائية أفاد بصحة هذه المعلومات وأنه جاري التحقيق فيها إلى جانب قيام النيابه بتحريز عدد من مقذوفات قنابل الغاز والتى كانت موجوده أمام المقر البابوى. وأضاف بأن النيابة تلقت أكثر من 45 بلاغاً من أطراف عدة، ولم تفصل فيها إلى الآن ولكن في إطار التحقيق أمرت بطلب محاضر مصلحة الأمن العام والأمن القومي والمعمل الجنائي للفحص، هذا بخلاف التقارير الطبية للمصابين وبتسجيلات الكنيسة والتلفزيون المصري، وطلبنا من الشرطة عمل التحريات اللازمة للقبض على الجناة.
وبمقابلة مسئولى وزارة الداخلية تم الانتقال إلى مديرية أمن القاهرة للوقوف علي حقيقة تعامل الأمن مع الأحداث وتم إفادتنا من السيد اللواء مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام بمديرية الأمن أن ذلك من إختصاص قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية وبناءً عليه، تم الانتقال إلى وزارة الداخلية ومقابلة اللواء أبو بكر عبد الكريم مدير إدارة التواصل المجتمعى بقطاع حقوق الإنسان والمقدم أحمد الدسوقى والذين أفادوا بضرورة توجيه خطاب من رئاسة المجلس القومى لحقوق الإنسان بشأن طلب المعلومات التى لدى الوزارة عن تلك الأحداث وذلك لعرضه على السيد اللواء وزير الداخلية لإرسال المعلومات الكاملة والموثقه عن تلك الأحداث إلى المجلس. ومن خلال استقراء الواقع الذى يعيشه الشارع المصرى يتبين لنا أن هناك شعور عام لدى المواطنين بفقدان الدولة لأهم مقوماتها وهى شعور المواطنين بسيادة القانون بل تطرق الشعور لما هو أبعد وهو إنعدام القانون، هذا الشعور هو الذى يمكن أن يدفع إلى إنجراف المواطنين لنعرات العنف والطائفية والقبلية دون خوف من وازع أو رادع. 
وبينت الأحداث الأخيرة تقلص دور الدولة في فرض سيطرتها على تصرفات الأفراد خاصة هؤلاء الذين يتصورون أنهم تحدثون بإسم الله أو الرب وأنه لا يوجد سبيل لمعالجة مثل تلك الأحداث سوى قانون يحظى بالقوه والتطبيق والعموم. ولم تقم المؤسسات الدينية بالدور الواجب عليها من تهذيب النفوس وصبغتها بسماحة الأديان ونبذ التطرف وتعميق الإنتماء للوطن للقضاء على البواعث الأثمة التى تكمن داخل الصدور وأصبح دورها يتلخص في عدد من البيانات والإدانات اللاحقة على أى حدث أو فعل يكدر السلم والصفو العام المجتمعى إن الأحداث الأخيرة تنبئ عن حقائق لا يمكن إغفالها وأولها كمية السلاح الذى أصبح عناء المواطن فى الحصول عليه أخف وطأة من عناء الحصول على رغيف الخبز، وثانيها قصور الفهم الأمنى فى التعامل مع الأساليب المستحدثة من الإضرابات والإعتصامات وكذا أحداث العنف الجماعى التى استجدت على الشارع المصرى.
 وأوصي التقرير بتفعيل القانون وإنفاذ مواده وتطبيقه علي جميع المواطنين مما يرسخ في نفوسهم شعورهم أن الجميع أمام القانون سواء، وأن يتم الإنتهاء من سيرالتحقيقات في أسرع وقت ممكن وإعلان نتائجه تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إلزام جميع أجهزة الدولة بتفعيل مواد الدستور والنصوص القانونية بتطبيق العدالة الإجتماعية علي جميع المواطنين وأنه لا إعتبار للجنس أو اللون أو الدين، فهذا من شأنه أن يقضى على الشعور بالاضطهاد والقضاء على ما يمكن أن يؤدى إليه من عنف وعدم إنتماء. وتغيير الخطاب الدينى ومتابعة ما يتم بثه للمواطنين عبر المنابر فى المساجد أو الإجتماعات فى الكنائس، ومد الجسور واللقاءات الدورية المثمرة بين الأزهر والكنيسة لتعميق مفهوم المواطنة والإنتماء للوطن ونبذ كل ما يحض على الكراهية والطائفيه. وتعديل المناهج الدراسية بمراحل التعليم المختلفة حتى يتسني تنشئة جيل جديد ينبذ العنف والكراهية ومؤمن بالإنتماء للوطن وقادر علي النهوض به. 
...

ليست هناك تعليقات: