الجمعة، 19 أكتوبر 2012

إسرائيل تتعامل مع مصر على طريقة " ويكيليكس" نتنياهو !



الدبلوماسية المصرية لا تتعلم من أخطائها! 
 عبد الحليم قنديل: 
إسرائيل استغلت خطاب مرسى لإحراجه 


لم يكد "ايفريال اهرين " الصحفي الإسرائيلي ومراسل صحيفة تايمز أوف إسرائيل من مدينة القدس المحتلة ينشر ما اعتبرته الصحيفة "انفرادا صحفيا " لخطاب الاعتماد الدبلوماسي للسفير عاطف سالم بتل أبيب، وموجها من الرئيس محمد مرسى إلى نظيره الإسرائيلي شيمون بيريز. 
 والذي " اتسم " بحسب صورة من الخطاب بعبارات الود والدفء الحيوية ، إلا وقد انفجرت أزمة متتالية تلاحق مؤسسة الرئاسة، لتكون هذه المرة مسؤولية الجناح الدبلوماسي وعلى رأسها وزارة الخارجية المصرية .
الأزمة أظهرتها التضاربات بين النفي والتأكيد الرسميين فصدر اليوم عن مؤسسة الرئاسة ما يفيد أن الخطاب وملابساته مجرد " افتراء" ثم عادت لتؤكد صحته. 
 إلا أن القضية الأهم والتي قد تكشف تطورات وتداعيات ابعد هو كيف حصل المراسل الإسرائيلي على صورة "الخطاب الأزمة " بلغتيه الانجليزية والعربية ، ولماذا تم نشره الآن ، وبعد أكثر من 120 يوما على تعيين السفير" سالم " سفيرا مصريا في إسرائيل .. وهل ستكون آلية الصراع السياسي بين مصر وإسرائيل وفرض طريقة العلاقة الدبلوماسية المناسبة للدولة الإسرائيلية عبر التسريبات الإعلامية ، الأشبه بوثائق ويكيليكس ، والتي وصفها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرا " بأنها حققت لإسرائيل ما لم تحقق لأي دولة أخرى في العالم ".
 طريقة التعامل التي فضلتها حكومة نتنياهو مع الإدارة المصرية خاصة مع مؤسسة الرئاسة هي التسريبات والتوقعات خاصة الموثقة كالخطابات والمقابلات والصور الصحفية وما يمكن أن يشبع طموحات الصحافتين الإسرائيلية والمصرية ، مع تأثير قوى داخل عواصم عربية وخليجية لازالت تستكشف أفضل الطرق للتعامل مع الرئاسة المصرية . كانت طريقة " ويكيليكس " الإسرائيلية ليست المرة الأولى لتعاملها مع مصر ، بل إنها قد جربتها مع إدارة الرئيس الأمريكي اوباما في تسريب الخطة الإسرائيلية لضرب إيران وصيغة التفاهمات بين واشنطن وتل أبيب حول زمان العملية العسكرية ، رغم صعوبة أن تخرج تلك التسريبات من أماكن غير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ذاته ، خاصة وان تفاصيل الخطة كانت ضمن المجلس الأمني المصغر الذي يدين بالولاء لإسرائيل ونتنياهو . وللأسف نجحت الخطة، وقررت أن تكرر مرة أخرى مع مصر، لخمس مرات متتالية في اقل من أربعة أشهر على تولي الرئيس محمد مرسي السلطة، وللأسف مرة أخرى نجحت الخمسة محاولات بمهارة وحرفية ولم تتعلم الرئاسة ولا الدبلوماسية المصرية التعلم من أخطائها، فأبسط المبادئ " ان لا يلدغ مؤمن من حجر مرتين "!! .
 المرة الأولى التي تعاملت فيها إسرائيل مع مصر بمنطق ويكيليكس، كان بعد اقل من أسبوع على نجاح الرئيس مرسي، وتم تسريب مضمون خطاب نتنياهو لمرسي، المفعم حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية بكل تمنيات تل أبيب لمرسي بالنجاح والتوفيق وتحقيق الاستقرار للشعب المصري الصديق، مع عدم إغفال ضرورة المحافظة على اتفاقية السلام الأبدية ! .
 المرة الثانية، وبعد اقل من أسبوعين على تولي الرئيس الجديد، سربت أخبار أن مرسي رد بالمثل على خطاب نتنياهو، ولكن في خطاب ليس موجه لنتنياهو، وإنما موجهة للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز.. صاحب المنصب البروتوكولي، والشخصي أكثر منه رسمي.. وربما كانت النصيحة الدبلوماسية للرئاسة أن يصدر الخطاب من رئيس لرئيس، متجاهلة الشرك الإسرائيلي ، وحب نتنياهو لفكرة ويكيليكس على الطريقة الإسرائيلية. المحاولة الثالثة، كانت حول اتصال تليفوني من مصادر عسكرية مصرية، أكدت لوزير الدفاع الإسرائيلي أن مصر محافظة على اتفاقية السلام مع إسرائيل.. وسربت المعلومات الساعة الثامنة صباحا لصحيفة الجيروزاليم بوست الإسرائيلية من مكتب رئيس الوزراء، وبالصيغة التي تراها مرضية للشعب الإسرائيلي الذي بدال متخوفا من تحركات مصر في سيناء.. وبدا أكثر حنقا للأحوال الاجتماعية. وكانت التسريبات الرابعة، فيما يختص باختيار السفير عاطف سالم القنصل المصري بإيلات الإسرائيلية سفيرا عاما لمصر في تل أبيب وان القاهرة أخذت مشورة "تل أبيب" أولا قبل الاعتماد الرسمي والذي صور انه مفاجئا وعلى غير الطبيعة الاعتيادية لحركات التنقلات الدبلوماسية في الدولة الإسرائيلية. وكان آخرها تسريب الصحفي الحر، ومراسل صحيفة التايمز الإسرائيلية، والمقرب من الدوائر الحكومية بمدينة القدس المحتلة، صورة لنص الخطاب بلغتيه العربية والانجليزية.. باسم الرئيس مرسى يصف نظيره الإسرائيلي بالصديق الوفي والودود.. يعتمد في السفير عاطف سالم سفيرا بتل أبيب. وللأسف للمرة الخامسة لم تحاول القاهرة ولا مؤسسة الرئاسة التعلم من الدرس ، وبذلت جهدا غريبا في النفي ثم تراجعت لتؤكده ، دون أن تعترف بالفشل في التعلم من الأخطاء ، وان عبارات التعامل الدبلوماسي التي ربما كانت " اكليشيهات " تستخدم أيام الرئيس المخلوع لا يزال يتم استخدامها ! لم تتعلم الرئاسة المصرية ولا جناحها الدبلوماسي ، من دروس الماضي ـ عندما جاءت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة " تسيبي ليفنى" للقاهرة قبل حرب غزة بيوم واحد .. ولم تتعلم من إصرار ايهود أولمرت على التقاط صورة مع المخلوع وهو " يحضنه" !! . تركت إسرائيل سياسيات الصور .. ولجاءت للترسيبات الموثقة .. والقاهرة لازالت لم تستوعب الدرس... إسرائيل تفرض علاقتها بالقاهرة على طريقة " ويكيليكس" نتنياهو !


ليست هناك تعليقات: