.. اعتقال الضحية وبرائة للجلاد ..
ورغم ذلك يقولون ثورة 25 يناير
... ثورة على من ولمن؟ ...
أصحاب العفو الرئاسى خرجوا مرضى نفسيين وفاقدين لكل معانى الحياة.
أصحاب العفو الرئاسى خرجوا مرضى نفسيين وفاقدين لكل معانى الحياة.
رغم أنه جاء بعد طول انتظار.. فالجدل السياسى الذى أثير فور صدور قرار العفو الرئاسى الذى يشمل حوالى 700 معتقل ممن ناصروا الثورة حتى لو بطرق غير قانونية غير ضارة، لا يتوقف، ما بين مؤيدين اعتبروه محاولة من مرسى أن يقدم إنجازا للشعب بعد فشله فى تحقيق وعود المائة يوم، وما بين معارضين له بالتأكيد أنه جاء لصالح المعتقلين من الإخوان.. متسائلين عن السر فى تأخر اتخاذ القرار لأكثر من مائة يوم، بل وقال عدد من المعتقلين لروزاليوسف إنهم كانوا بمثابة ورقة يلعب بها مرسى فى الوقت المناسب، الذى رأوه يقلد المجلس العسكرى السابق فى اتخاذ القرارات الثورية المهمة قبل المليونيات فى محاولة لتهدئة الأجواء.. والأكثر من ذلك أن غموض صيغة القرار طرح تساؤلات حول الاستثناءات ومن صدر فى حقهم أحكام عسكرية والموقف الحقيقى لضباط 8 أبريل بعيدا عن الديباجات الرسمية والوضع القانونى للمحقق معهم فى أحداث مجلس الوزراء لو لم تعتبر أفعالهم مناصرة للثورة.
وكان الرئيس مرسى قد أصدر قرارًا، بالعفو الشامل عن جميع المعتقلين فى أحداث مناصرة ثورة 25 يناير خلال فترة من 25 يناير وحتى 30 يونيو 2012 ..
ثم ثار النقاش حول الجرائم التى تستحق العفو عنها فاضطر المستشار القانونى للرئيس للتدخل لإنقاذ الأمر خاصة أنه المسئول بصورة ما عن هذا الملف.. فلم يكن القرار حاسمًا ومرضياً أكثر منه مربكاً ومثيرا للتساؤلات رغم أن المراقبين الدوليين اعتبروه إنجازا لمرسي يتغلب به علي المعارضة الشرسة المسيطرة علي جزء كبير من الشارع ومن جانبها احتفلت روزاليوسف مع أهالى المعتقلين المعفو عنهم، والمنتظر خروجهم بمناسبة عيد الأضحي تكشف للناس فى نفس الوقت هل هناك من خرج فى الزحمة كما يقال ولا يستحق العفو، رافضة تسييس الأمر واستخدام المصريين المساجين دون حق ورقة يلعب بها فى الوقت المناسب.. خاصة بعدما تردد أنه تقرر فيما سبق تحديد مواعيد كثيرة للإفراج عنهم، ولم تنفذ الوعود المتأخرة جدا بعد الأزمة الشعبية التى أثيرت حول الـ100 يوم.
وحصلنا على معلومات من مجموعات حقوقية ورسمية مختصة بملف المعتقلين تؤكد أن المخاوف الشعبية من أن يشمل المعفو عنهم سوابق ومسجلين خطرًا، لا مبرر لها، خاصة أن ملفات جميع المعتقلين فى أحداث ثورة يناير وكل الفعاليات والأحداث التى أعقبت الثورة بحثت بشكل دقيق وقاموا بعملية فلترة وتنقية من خلال الأمن العام الذى كان يشارك فى فحصها واستبعاد أصحاب الجرائم الكبرى والجنائية.
معظم المعتقلين تم القبض عليهم فى أحداث مجلس الوزراء 1 و2 وماسبيرو والعباسية، ومنهم من تم القبض عليه فى أحداث مسرح البالون وأحداث محمد محمود، وكان المشاركون فيها يرون أن معظم أهداف الثورة لم تتحقق.
سبب تأخر عمل اللجنة وبالتالى تأخر صدور قرار العفو أن عددا من الذين كانوا يعملون فى اللجنة وضعوا بعض العراقيل من قبيل أنه من بين هؤلاء المعتقلين من هم قيد المحاكمات القضائية، ولا يجوز للرئيس أن يتدخل فى أعمال القضاء، لكن وجد الأعضاء الحقوقيون فى اللجنة مخرجاً قانونياً لذلك، حيث يجوز للرئيس أن يصدر قرارا بقانون بالعفو الشامل وإسقاط التهم عن المعتقلين، تحقيقاً لأهداف الثورة مثلما فعل اللواء محمد نجيب عقب ثورة 23 يوليو 1952وهو ما فعله مرسى فى ملف المعتقلين.
القرار يمنح من يجد اسمه خارج القائمة التى سيصدرها النائب العام حول المعتقلين على ذمة محاكمات أحداث الثورة من مستحقى «العفو» حق التظلم أمام لجنة ثلاثية من أعضاء محاكم «الاستئناف والنقض والتظلمات العسكرية».
وهؤلاء المعتقلون يقولون إنهم اجتمعوا على رفض القهر والقمع وتطهير البلاد من الفساد، فخرجوا من المعتقلات مرضى نفسيين وفاقدين لكل معانى الحياة، لاقوا من أشكال التعذيب ما لا تتحمله طاقة بشر، وأكدوا لنا أن الأفلام التى جسدت تعذيب المعتقلين السياسيين لم تكن أفلاما من وحى خيال الكتاب، بل واقع مرير نعيشه الآن، حتى بعد الثورة المصرية التى ترفع شعار «لا للقمع، لا لانتهاك حقوق الإنسان» اكتشفوا أنها مجرد كلمات وأحلام فى عقول الحالمين بالحرية، لكن الواقع مرير ومأساة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ويقول عمرو عبدالمنعم - المتحدث باسم رابطة المعتقلين السياسيين - إن المتعقلين الذين صدر لهم العفو الرئاسى الأخير هم الشباب الذين تم القبض عليهم من قبل القوات المسلحة فى الفترة الانتقالية بشكل عشوائى، خاصة بعد أن تحولت القضايا إلى المحكمة العسكرية التى تم الحكم فيها بشكل سريع وعشوائى حيث تم إصدار أحكام عاجلة على المتهمين فى محكمة عسكرية استثنائية مغلقة فى الهايكستب، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب طلاب جامعات وآخرون يعملون فى مراكز مرموقة وشركات كبيرة وقد تعرضوا إلى كل أشكال التعذيب غير الآدمية فى محكمة الاستئناف. سجن طرة وسجن ملحق بالمزرعة.
وطالب عمرو بضرورة تأهيل المعتقلين اجتماعيا ونفسيا وأسريا حتى يستطيع المعتقل استكمال حياته مع تسهيل استخراج الأوراق الخاصة بهم، محذرا من أن يتحول هؤلاء إلى قنبلة موقوتة تنفجر فى أى لحظة، مؤكدا أنه فى بعض الأحيان يكون الخروج من المعتقل أصعب من البقاء فيه لأن المعتقل يعانى فى الخارج أكثر من معاناته فى الداخل وهو ما يدفعه إلى العزلة والابتعاد عن الأسرة وكل من حوله ويفضل وقتها أن يعيش بمفرده بعيدا عن المجتمع الذى لا يتقبله.
شقيق أحد المساجين الحاليين فى سجن العقرب - الذى رفض ذكر اسمه - قال إن هؤلاء المعتقلين تعرضوا لحملة تأديب شديدة ستجعلهم يعانون بشدة بعد خروجهم من المعتقل نتيجة سوء المعاملة والضرب المبرح، ويضيف أن الطلبة منهم لم يخوضوا الامتحانات بسبب وجودهم فى المعتقل، كما أنهم صدرت ضدهم أحكام بشكل سريع دون أن يستطيعوا الجلوس حتى مع المحامى الخاص بهم.
ويستكمل: أبرز أشكال التعذيب للمعتقلين هى مسح وتنظيف حمامات الجنود، علما بأن المياه لا تأتى إلا ساعة واحدة فى اليوم فقط وعندما تأتى يتم تخزينها فى «جراكن»، وبسبب قطع المياه لساعات تأتى المياه ملوثة ولا تصلح للاستخدام الآدمى، مشيرا إلى أن المنفس الوحيد للمعتقل داخل السجن هو زيارة الطبيب الذى لا يملك حتى صلاحية صرف الدواء.
ويستطرد قائلا: المشكلة الكبيرة التى ستواجه هؤلاء المعتقلين ويخشون الخروج بسببها هى حالة الرفض المجتمعى لهم ومعاملتهم على أنهم مجرمون صدرت ضدهم أحكام واتهامهم بأنهم إرهابيون وهو ما سيدفعهم للجوء للعنف والتعرض لأزمات نفسية شديدة ويتحول المعتقل الذى دخل سوياً وعاقلاً إلى إنسان منهار اجتماعيًا وحاد الطباع وعنيف، مشيرا إلى أن هناك حالات سابقة من المعتقلين فقدت عقلها بسبب ما تعرضت له من ضرب وتعذيب وانتهاك للآدمية!
أحمد محمد - شفيق أحد المتواجدين فى المعتقلات - قال: أخى رأى الموت بعينه عدة مرات داخل السجن من شدة الضرب والانتهاكات غير الآدمية التى تعرض لها وكان يسمع صرخات زملائه وأصدقائه من شدة التعذيب الذين كان الضرب فيهم ليل ونهار مع استخدام أقذر الشتائم والسباب.
ويضيف : كل المعتقلين الموجودين داخل السجون لا يوجد إدانة لهم وفى كل جلسة تدعى النيابة أن هناك أدلة.. فالمحاكمة كانت عشوائية وسريعة ودون التحدث معهم فى أى تفاصيل أو أدلة، ويوضح أن هذا العفو الجديد من قبل الرئيس مرسى لا يضم أى عنصر إخوانى حيث إن جميع المساجين الإخوان موجودون بسجن العقرب وصدر لـ 16 منهم من مجموع 50 سجينًا قرار العفو فى عيد الفطر الماضى ويتبقى داخل السجن حوالى 29 سجينًا صادرة ضدهم أحكام فى قضايا جنائية.
أحمد - مهندس - أكد لنا أنه تم إلقاء القبض عليه فى أحداث العباسية، وأنه تعرض لكل أشكال القهر مع زملائه الذين كانوا معه فى نفس المعتقل، الضرب كان حتى النزيف، ولم نجد أى رعاية طبية.
الحاج عربى - والد أحد المعتقلين ويدعى عبدالله - قال إن ابنه اعتقل فى مظاهرات يناير، وتم حبسه ما يقرب من تسعة شهور، وخرج من السجن لأنه لم يصل إلى السن القانونية.
وهناك جلسة تم تحديدها لابنى فى الخامس عشر من أكتوبر، لأنه سيكون حينها قد بلغ السن القانونية.. وسأرى إن كان العفو الرئاسى سيشمله أم لا.. ويستطرد قائلا «ابنى يلتزم الصمت منذ خروجه من المعتقل، ابتعد عن الطعام، والدراسة، وأصبح مكسورا، لا يتكلم مع أحد، وعرضنا عليه أكثر من مرة الذهاب إلى طبيب نفسى ولكنه رفض.
راجى الكاشف 26 عاما قال: كنت من معتقلى 9 مارس ومعى أخى، وتم اعتقالى ما يقرب من ستة أيام ، ثم تم الإفراج عنى، أما أخى فقد تم الحكم عليه لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، وشاركت فى أحداث محمد محمود.. ومجلس الوزراء.. وأحداث بورسعيد.
قصة اعتقالى بدأت فى يوم 8 مارس حينما كنت ألعب كرة مع ضابط جيش مسئول عن حماية المتحف المصرى، وفجأة تم اعتقالى ومنذ وصولى إلى السجن انهالوا بالضرب على لمدة 36 ساعة، ثم التحقيق معى فى نصف ساعة، ثم تمت محاكمتى فى مطبخ السجن، فقمنا أنا وزملائى المعتقلين بالإضراب عن الطعام كى يلتفت إلينا أحد ولكن لم ينظر إلينا أحد لأن المسئولين لم يخبروا القيادات بأننا مضربون عن الطعام، وبعد إضراب دام مدة طويلة سمح لنا أحد الضباط بأن نتحدث مع أهالينا بعد أن كنا أنهكنا من شدة الألم والتعذيب .
ويستطرد قائلا: «لن أنسى رد فعل والدى حينما سمع صوتى، فللوهلة الأولى صرخ والدى وقال لى «لن أترك ميدان التحرير حتى أراك».
أما سماح - شقيقة أحد المعتقلين فى أحداث السفارة الإسرائيلية - فقد قالت: «أخى تم القبض عليه وهو عائد من الدرس، وكان بصحبة اثنين من زملائه، اللذين تم القبض عليهما أيضا.. واستكملت: قضى «على» فى المعتقل ما يقرب من عشرة أيام، وتم الحكم عليه بعام مع إيقاف التنفيذ، وحين خرج من السجن كانت حالته النفسية سيئة جدا لما رآه من آلام نفسية هناك جعلته غير مقبل على الحياة، كارها لكل ما يراه من حوله.
وفجأة من شدة المعاناة النفسية التى كانت بداخله قرر ألا يذهب إلى المدرسة، وأن يعمل فى محل والدى، اللافت للانتباه أن القرار لم يكن قرار «على» فقط ولكنه كان قرار زملائه أيضا الذين تم اعتقالهم معه وقال لى: «أنا كان معايا دكاترة ومحامين.. عملوا إيه بالشهادات».
فيما قال تامر صبحى - شقيق المعتقل عماد صبحى : أخى«23 عاما» اعتقل بعد الثورة بثلاثة أيام فى أعقاب حوادث الانفلات الأمنى وذهب إلى سجن الوادى الجديد بسبب مشاجرة ولن أنسى الضابط الذى نظر إلى وقال لى وقتها وهو يقبض على أخى «أخوك عايز يبقى بطل شعبى، أنا هخليهولك بطل شعبى»، ثم تم إحالة أخى إلى النيابة العسكرية مباشرة بدون تحقيق، وتم رفض الالتماس الذى قدم، وتم الحكم عليه بخمس سنوات وهو لم يقترف ذنبا، فتقدمت إلى جمعية حقوق الإنسان للنظر إلى مشكلة أخى الذى لا حول له ولا قوة.
أخى دخل إلى السجن وزنه يبلغ 140 كيلو وخرج 65 كيلو، وأخبرنى أنه كان يحرم من تناول الطعام ما يقرب من الأربعة أيام، وكان يعامل معاملة سيئة، وكان لا يرى المياه بالأيام.
أخى متزوج ولديه طفلان لا يجد من يصرف عليه الآن فى ظل هذه الظروف السيئة والبطالة التى أصبح يعيش فيها.
وهناك حالة أخرى اكثر درامية، هو محمد سليمان - 19 عاما طالب فى الجامعة العمالية - تم القبض عليه فى أحداث مسرح البالون، قال: الجيش استلمنى أنا وزملائى من قسم عابدين ، وقتها تم القبض على 58 شخصا.. وقضيت فى السجن الحربى 60 يوما، تعرضنا لكل أشكال التعذيب من ضرب وإهانة ومعاملة سيئة وطعام سيىء، فى الساعة الثانية عشرة ظهرا نقف حفاة على الأرض ويتم ضربنا بالكرابيج والعصى والخراطيم، وكان يتم مدنا على أرجلنا أو صلبنا على الشجرة.
ويضيف : أنا مستاء جدا من الأحكام التى صدرت فى أحداث موقعة الجمل لأنها تركت أيدى النظام السابق الملوثة بدماء الثوار دون عقاب رادع حتى الآن، وطالب بإعادة محاكمتهم مرة أخرى حتى يهدأ الشهيد فى قبره ولا تضيع هذه الدماء هباء، مشيرا إلى أن سرعة التحقيقات فى جميع أحداث الثورة المصرية غير متكافئة مع سرعة التحقيقات مع المعتقلين السياسيين، مشددا على ضرورة استخدام الضغط الشعبى لمعاقبة الفاسدين.
وعلى الجانب الآخر، رصدنا آراء الحقوقيين، ومن جانبه قال حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن توقيت إصدار العفو الرئاسى كان بعد مرور المائة يوم دون إنجاز ولذلك حاول مرسى تقديم مصالحة للشعب المصرى بتقديم إنجاز يذكره الشعب ويصب فى مصلحة الإخوان المعتقلين سياسيا .
فيما رأى الناشط الحقوقى محمد زارع أن العفو الرئاسى صدر بناء على توصية اللجنة الحقوقية التى شكلها الرئيس مرسى لبحث أوضاع المعتقلين السياسيين تمهيدا للعفو عنهم ، مشيرا إلى أنه تم الاستجابة للتوصية وتم الإفراج عن المعتقلين الذين خضعوا للأحكام العسكرية، مؤكدا أن الاخوان المعتقلين عددهم قليل لأنهم لم يشاركوا فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق