الاثنين، 24 سبتمبر 2012

« حرق مصر».. خطة جاهزة من 100 سنة !


الصراع بين قوى الدين والعلم والمال،
هل سنكتب نهاية «عاقلة» لمستقبل الثورة ؟!
 «18يوما» فقط هى التى وقف خلالها الجميع
- حقيقة - يطالبون بنفس المطالب.. ويغزلون شباك نفس القارب.. 
إلا أن الحال تغير بعد ذلك وتبدلت المسالك!.. 
وبدأ كل فريق وكأنه يعتبر غيره هالكاً!


وكانت هذه هى الحال- أو النتيجة- التى وصفها المفكر والأديب «فرح أنطون» فى أحداث روايته «المدن الثلاث- الدين والعلم والمال»، لا فى أعقاب الثورة المصرية؟! 
 والرواية الأقرب إلى بحث فلسفى اجتماعى، كتبها أنطون قبل 100 عام تقريبا، وتدور أحداثها حول الصراع بين قوى الدين والعلم والمال، إذ تتحول العلاقة بينهم إلى علاقة تنابذ وقتال بدلا من أن تكون علاقة سلام ووئام أو حوار وتفاعل.. فتنفى كل قوة غيرها.. متصورة أنها نقيضها الذى لابد أن تمحوه من الوجود؟! 
 الرواية كانت أولى روايات فرح أنطون.. وقد عبرت عن وعيه بخطورة الصراع بين دعاة الدولة الدينية المعادين للتقدم الذين يحاولون أن يرثوا كهنوت الغلاة من رجال الدين من طرف وبين دعاة العلم الذين يرفضون سيطرة رجال الدين على عقول الشعب، وأيضا سيطرة أصحاب رأس المال على مقاليد الحكم وشحن العمال ضدهم بأنهم لا يأبهون بشىء سوى الربح. 
وقد جاء إصدار تلك الرواية فى يوليو عام 1903 فى أعقاب المناظرة الشهيرة التى دارت بين أنطون والإمام محمد عبده بعد أن نشر الأول دراسته الشهيرة عن «ابن رشد وفلسفته» ضمن أعداد مجلة «الجامعة» فأثارت ضجة هائلة وردود أفعال متباينة. 
 وحين اختار الرحيل إلى المدن الثلاث مدينة «الدين» ومدينة «العلم» ومدينة «المال» فعل ذلك بحثا عن بداية لتحقق حلمه عن جنة أرضية، خاصة بعد أن سمع عن وجود هذه المدن التى حققت الكثير من الإنجازات ووصلت من التقدم إلى ذروته وأصبحت إحدى عجائب الدنيا! والمدن الثلاث أسسها رجل يدعى سليمان، جمع عدداً ضخماً من أطفال الشوارع وعلمهم الزراعة والصناعة ثم اشترى سهلا كبيرا وأسسوا به مدينتهم.. أولئك الفتيان والفتيات الذين أسسوا هذه الجمهورية الصغيرة بعد اشتغالهم بزراعة الأرض وإتقان المصنوعات أصابوا نصيبا من الثروة والسعة، فلما تزاوجوا وتكاثروا جاء أبناؤهم أرقى منهم وأكثر منهم اهتماما بالشئون النفسية، فعكف بعضهم على التجارة وبعضهم الآخر على العلم وبعضهم على الأدب وبعضهم على الدين. 
وفى ليلة وصول «حليم» للمدن الثلاث عقد الحاكم اجتماعا لممثلى أهل الدين والعلم والمال ليرفع كل منهم شكواه من الآخر بحثا عن حل وهى المرافعات التى تحولت إلى ملاسنات ومحاولة كل منهم قمع الآخر وتخوينه ويتحول اجتماع الحوار بين أبناء الوطن إلى فوضى فى مشهد مماثل تماما لما جرى فى مايو 2011 فى « مؤتمر الحوار الوطنى ». 
 ■ فوقف خطباء المدن الثلاث يعرض كل منهم شكواه فقال خطيب أهل العلم:
إننا معشر أهل العلم نفتخر فى هذا العصر بأننا حللنا فى هذه المسألة محل أهل الأديان وصار همنا الأول التفكير بإنهاض الشعوب وترقيتها، بينما نرى أهل الأديان يسلمون الشعوب بأيديهم إلى الأطماع المختلفة. وكان قد نهض نائب فريق الدين فقال: أما شكوانا نحن خدمة الله تعالى، فمن أولئك الكفرة الجاحدين الذين يبثون روح ضلالهم وكفرهم فى النفوس. 
 ■ أما أهل المال وعمالهم فقد تبادلوا التهديدات بتخريب الوطن. 
بعد أن استمر تبادل الاتهامات والتهديدات انتهى اليوم الثانى من سماع الخطابات بمعركة بين الحاضرين واضطر الجيش للتدخل لفض الاشتباكات.. وفى اليوم التالى خرجت المظاهرات الحاشدة لتهتف بسقوط الـظالمين، إلا أن خبرا عن استمرار سماع الخطابات وأن خطيب مدينة أهل العلم سيقوم بالرد على خطيب أهل الدين وتهجمه على العمال وأهل العلم جعلهم يؤجلون تمردهم وتظاهرهم لما بعد سماع قوله. قدم شيخ أهل العلم مقترحات لحل النزاع بين أبناء المدن فدعا إلى زيادة رواتب العمال والمستخدمين والموظفين وتحديد الحد الأدنى للأجور وتحديد ساعات العمل بثمانى للرجال وست للأولاد والنساء.. وإن المتدرجة حتى لا يتحمل الفقراء العبء وحدهم دون غيرهم واستغلال أموال الضرائب فى المنافع العامة وضرورة نشر التعليم بواسطة المدارس المجانية التى يكون فيها التعليم إجباريا لكل أبناء الأمة وقيام النظام التعليمى على الاستنارة والتسامح. مما جعل الجميع يبدو عليهم الاقتناع فمرت الليلة بهدوء وسلام. 
 ■■■ الجنـــون ! 
 تقرأ نبوءة ظهور «الطرف الثالث» فى الفصل قبل الأخير من رواية أنطون، إذ بعد أن شعر الجميع أن أهل المدينة نالوا من الحقوق ما لم ينالها سواهم فى سائر البلاد.. استيقظ سكان المدن الثلاث على صياح باعة الصحف «خيانة.. خيانة» فوجدوا على الجدران فى كل مكان إعلانات على لافتات طويلة وحمراء اللون عنوانها «الشعب المهذب يخون الشعب المسكين». كان واضحا مقصد أنطون من أن رجال الدين أرادوا تأليب الشعب على أهل العلم والتخلص منهم إلا أنهم لم يدركوا أن النار ستمسك بالجميع فأصحاب المال استغاثوا بالجيش لحماية ممتلكاتهم وعندما وصلت المظاهرات للاستيلاء على المحال والمتظاهرون يهتفون «المشاركة أو الموت» وجدوا الجنود وقد طوقوا المخازن والمحال فزاد غضبهم وصاروا يصيحون»نحن وأنتم إخوان لأننا جميعا من أبناء الشعب فلا تسيئوا إلينا». انتهى اليوم.. وانسحب المتظاهرون وكذلك الجنود وهدأت المدن نسبيا، إلا أنه كان الهدوء الذى يسبق العاصفة فما أن اقترب الفجر حتى هبت المدن كلها من الرقاد، هبة مجنون «وبدأت أحداث الانفلات الأمنى» فاشتعلت ألسنة النار فى المبانى المهمة وهجمت المجموعة تلوها الأخرى على المحال والمخازن ومنازل أهل المال يسلبون وينهبون. ويظن بطل القصة وهو يهرب من فندق إقامته وهو يحترق أن هذا المصاب قد حل بمدينة المال وحدها إلا أن أصوات الصراخ من جهتى مدينتى العلم والدين وارتفاع اللهيب من جوانبهما أكد له أن الفتنة لم تستثن أحدا وأن السحر انقلب على الساحر وخرج الجنود بالسلاح للسيطرة على المجرمين ووقف أعمال السلب واضطروا لردعهم بالرصاص مما أدى لوقوع مجزرة. .. 
فهل سنصل إلى نهاية «مدن أنطون الثلاث..». 
إذ سيكون الإجهاز على كل شىء، هو البداية لأن نفعل شيئا!..
 أم سنكتب نهاية «عاقلة» لمستقبل الثورة ؟!.. 
الإجابة: صعبة بالتأكيد!


ليست هناك تعليقات: