السبت، 1 سبتمبر 2012

جيش المستشارين الحكوميين - فاتورة المحاسيب 18 مليار جنيه سنويًّا


جيش المستشارين الحكوميين
 18 مليار جنيه فاتورة "المحاسيب" سنويًّا.. 
 وآلاف المناصب الشرفية بدون مهام واضحة


■ "المالية" عاجزة حتى الآن عن حصر أعداد المستشارين والأموال التى يحصلون عليها .
■ أكثر من 5500 من كبار موظفى الدولة يحصلون على أجور تتجاوز الحد الأقصى المسموح به سنويًّا .
■ "المالية" و"البترول" و"الصحة" على رأس القائمة من حيث أعداد المستشارين .
■ خبراء يضعون الضوابط: التعاقد يكون لمدة سنه.. وعدم إسناد اختصاصات تنفيذية.
تمر مصر حاليًّا بتحديات وعقبات مالية خطيرة، تستوجب أن نكون العين الحريصة على المال العام، لكن بعد أكثر من عام ونصف على ثورة يناير لا تزال كوارث النظام البائد تحيط بنا وتنغص علينا حياتنا، وما يُعَد مثالاً صارخًا على مسلسل إهدار مال الدولة هو استمرار الاستعانة بالمستشارين والخبراء ممن بلغوا سن الشيخوخة فى الوزارات والمصالح الحكومية، لا سيما أن رواتبهم باتت أكثر مما يتوقع أحد، ومن ثم تزيد الأعباء الاقتصادية التى تقع على الدولة. تحاول فى السطور التالية عرض الملف الشائك، والبحث فى الحلول التى ينبغى على حكومة الدكتور هشام قنديل اتخاذها للتخلص من هذه الإشكالية، والمطالبة بأخذ خطوات جادة لتقنين أوضاع هذه الفئة التى تميزت عن غيرها وتسببت بفجوة طبقية بين المواطنين. الوزير يعترف القصة بدأت بعد الثورة لكن لم يُعِرْها أحد اهتمامًا إلا بعد أن تقدم المهندس أحمد شحاتة عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب الحرية والعدالة، بطلب إحاطة عن كثرة المستشارين الذين تعدت أعمارهم 60 عامًا داخل الوزارات والهيئات الحكومية، ورغم ذلك يتقاضون رواتب ومكافآت خيالية، فى حين تتدنى رواتب الموظفين العاديين؛ الأمر الذى يخالف قيم العدالة الاجتماعية التى نادت بها ثورة 25 يناير. 
ووفقًا لطلب الإحاطة فإن "الجهاز الإدارى للدولة يضم 450 ألف مستشار، يتقاضون ما يقرب من 20 مليار جنيه سنويًّا، من إجمالى 85 مليارًا مخصصات أجور ورواتب لـ5.7 ملايين موظف بالجهاز الإدارى للدولة". 
 واعترف الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية فى فترة حكومة الدكتور كمال الجنزورى، عند مواجهته بطلب الإحاطة، بزيادة عدد المستشارين فى أجهزة الدولة الذين يبلغ عددهم 1490 مستشارًا، وبأنهم يتقاضَون 72 مليون جنيه شهريًّا، وتعهَّد بعملية التطهير، لكن حتى الآن لم نر أى تقدم ولم تعلن وزارته حتى الآن العدد الحقيقى للمستشارين وإجمالى ما يتقاضونه سنويًّا، بالإضافة إلى أنه أكد أن هذا الرقم ليس حصرًا كليًّا لعددهم أو المبالغ التى يتقاضونها، وأن هناك جهات كثيرة لم تُحصَر. كما انتقدت لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى استمرار الاستعانة بالمستشارين فى مختلف مؤسسات الدولة، لافتةً إلى أن تكاليف الاستعانة بالمستشارين فى الهيئات الحكومية فقط وصلت إلى 18 مليار جنيه سنويًّا. تقديرات وإحصاءات تشير التقديرات والإحصاءات إلى أن عدد المستشارين فى الوزارات والمحافظات يصل إلى 73 ألفًا -رغم أن أعدادهم الحقيقية تفوق ذلك بكثير- يتركز معظمهم فى وزارات المالية والبترول والصحة والسياحة والتضامن الاجتماعى، ويحصلون على نحو مليارى جنيه شهريًّا مرتبات ومكافآت وحوافز. كما قدَّرت الإحصاءات عدد المستشارين فى كل وزارة بنحو 800 مستشار؛ بينهم نحو 67 مستشارًا بإحدى الهيئات الاقتصادية يحصلون على نحو مليون جنيه شهريًّا، بواقع 15 أف جنيه شهريًّا، كما يحصل عدد من المستشارين فى وزارة الصحة على 100 ألف جنيه شهريًّا لكل منهم. وتحتل وزارة المالية المرتبة الأولى بين الوزارات الحكومية التى يحصل فيها المستشارون على مرتبات ضخمة؛ حيث يصل إجمالى دخل المستشار الواحد إلى نحو 300 ألف جنيه شهريًّا، وبها أكثر من 5500 من كبار موظفى الدولة يحصلون على مرتبات وأجور تتجاوز الحد الأقصى المسموح به سنويًّا -وهو 54 ألف جنيه بمعدل 4500 جنيه شهريًّا- ويتركز معظم هؤلاء فى المستويات القيادية بالمحافظات والإدارات المحلية والهيئات العامة ودواوين الوزارات. مقترحات وحلول وتعقيبًا على هذه الكارثة يقول دكتور عادل عامر الخبير بالقانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية: "إن وضع المستشارين لم يختلف كثيرًا بعد الثورة رغم الأحاديث التى سمعناها مرارًا وتكرارًا من وزراء مالية بحكومة الثورة من أنهم سيخفضون أعدادهم بما يقلل الإنفاق، لكن منذ ذلك الوقت وحتى الآن لم يخرج علينا الوزير ليصارحنا بالعدد الحقيقى". وأوضح أن القانون لا ينظم هذه العملية؛ فهى ليست لها ضوابط، ومتروكة للوزير أو رئيس المصلحة، يعين من يشاء دون مساءلة ولا ضوابط، كما أنه لا توجد لائحة فى وزارة المالية تحدد أجور هؤلاء المستشارين الذين يتلقون رواتب كبيرة ومغالى فيها. وأضاف عامر أنه يجب أن يكون التعاقد مع المستشارين والخبراء الوطنيين بناءً على طلب السلطة المختصة لكل جهة، ويضع مجلس الوزراء قاعدة بيانات عن الاستشاريين والخبراء الوطنيين ومن فى حكمهم. 
وأشار إلى أن التعاقد مع المستشارين أو الخبراء الوطنيين مَن هم دون سن الستين، يكون لمدة سنة قابلة للتجديد لمدة أخرى لا تزيد على عام، وفى جميع الأحوال يحظر التعاقد مع المستشارين والخبراء، ومن فى حكمهم ممن تجاوزا الستين عامًا. وأضاف أنه يجب ضرورة عدم إسناد أية اختصاصات تنفيذية لمن لم يتم التعاقد معهم من المستشارين أو الخبراء الوطنيين، ومن فى حكمهم، كإصدار قرارات أو ممارسة سلطة تنفيذية ما أو غير ذلك. من جانبه، قال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد عميد البحوث والدراسات بأكاديمية السادات والعلوم الإدارية: "إن هناك قرارات اتخذت خلال الفترة الانتقالية للحد من ظاهرة تنامى عدد المستشارين تحت مسمى ترشيد الاستهلاك؛ إذ كان يقدر بـ72 ألف مستشار بعد الثورة مباشرة طبقًا للإحصاءات الرسمية، لكن حتى الآن لم تعلن الجهات الرسمية عدد المستشارين رغم المطالبات العديدة المستمرة بالإفصاح عنها. 
وأنا أعتقد أنها تفوق هذا العدد بكثير". وأوضح أنه "لا نستطيع أن ننكر دور المستشارين؛ فهى فلسفة المرحلة حاليًّا، لكن على الوزارة الجديدة أن تقنن وتحدد وضعهم، وتكون اختيارهم طبقًا لمعايير موضوعية لا وفقًا للمحسوبية والمصالح المشتركة، كما كان يحدث من قبل. ونطالب الرئيس محمد مرسى عبر "جريدة الشعب" بإعادة فتح هذا الملف وعرض ما أنجز فى فترة ما بعد الثورة". 
كما طالب عبد المطلب بضرورة أن تتحدد الفترة التى يتولاها المستشار داخل الجهاز الحكومى، وبتطهير مستشارى الهيئة القضائية، مشيرًا إلى أن أكثر الوزارات التى بها كم هائل من المستشارين هى وزارة الاستثمار، ثم المالية، والصناعة، والقوى العاملة، والتنمية الإدارية، والتعاون الدولى، والصحة، والكهرباء، والتعليم، والزراعة. ووصل إجمالى ما يتقاضاه المستشارون نحو 15 مليار جنيه حتى فترة قليلة. وقال عبد المطلب: "نريد من الرئيس أن يصحح وضع المستشارين الذين ينتمون إلى الجهاز العسكرى، خاصةً بعد الأحداث التى شهدتها البلاد وسيطرة النفوذ العسكرى على جميع المؤسسات، ووجوده فى كافة الوزارات والهيئات. ونحن نرفض سيطرة جهة وفئة على أخرى لمجرد أن لها وضعية معينة فى المجتمع". 
 من جانبه، أرجع الخبير الاقتصادى أحمد السيد النجار تزايد أعداد المستشارين إلى نظام الأجور الفاسد، مشيرًا إلى أن ضعف الأجور يتسبب بتكاسل معظم الموظفين عن العمل محاولةً لتوفير جهدهم لأعمال إضافية يزيد بها أجرهم؛ ما يضطرهم إلى الحصول على رشاوى صغيرة لأداء الأعمال العادية التى هى من حق الجمهور أساسًا. 
ويرى النجار أن نظام الأجور يدفع الموظف إلى التحايل بكل السبل لنهب المال العام، كما يجبر آخرين على السفر والعمل فى الخارج، فى ظل نظم غير أخلاقية، مثل نظام الكفيل فى دول الخليج، وينتهى المطاف بمن لا يستطيع السفر والسرقة أو أخذ رشوة للوقوع فى هوة الفقر والاكتئاب والتهميش هو وأسرته. وقالت الدكتورة هبة نصار نائبة رئيس جامعة القاهرة وأستاذة الاقتصاد السياسى؛ إنه "لا بد من تحديد وضع المستشارين فى الوزارات الحكومية، خاصةً أنهم يحصلون على أجور مستفزة ومهولة. ونطالب بإفساح المجال للشباب فى كافة الهيئات وتدريبهم". وأكدت نصار ضرورة أن يكون هناك ضوابط تحدد اختصاصات المستشارين فترة زمنية معينة يقيم فيها أداؤه، كما يجب تحديد المبالغ التى يحصلون عليها. 
 محدث ::9/2/2012 قنديل يفتح ملف المستشارين بالوزارات بعد عام ونصف من مطالبة المصريين بمناقشة موضوع المستشارين قام الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، بتكليف جميع الوزارات بفتح ملفات المستشارين داخل وزارتهم، ومد احتياجات الوزارة لهم، ومدى احتياج كل وزارة لعدد المستشارين وقام المهندس أبو محمد أبو زيد، وزير التموين والتجارة الداخلية، بالتأكيد على إنه سيتم فتح ملفات المستشارين داخل الوزارة لمعرفة مدى احتياج كل قطاع له، وذلك بناءً على توجيهات رئيس مجلس الوزراء، على أن يتم التمسك بالمستشارين الذين لهم خبرة فى مجال تخصصات وقطاعات الوزارة واستبعاد غير المتخصصين، وذلك بهدف ترشيد النفقات داخل الوزارة.


ليست هناك تعليقات: