الاثنين، 6 أغسطس 2012

«القادة البلطجية ذو الياقات البيضاء»..لأغتيال عمر سليمان.!



سوزان اتهمت سليمان بالضغط على مبارك
 لتعيينـه نائبــا للرئيس 
... ولا ينتهى المشهد عند هذا الحــد ...


ظل اللواء عمر محمود حسين سليمان يتذكر يوم السبت 29 يناير 2011 حيث حفر اليوم الخامس للثورة المصرية فى ذاكرته ووجدانه مشاهد لم ينساها حتي وفاته ففى هذا اليوم ظهرا أدى عمر سليمان اليمين الدستورية نائبا لرئيس الجمهورية وكى نعود للأحداث فقد حلت الحكومة ومن ورائها مجلسى الشعب والشورى تزايدت أعداد المتظاهرين لتصل إلى 50 ألف فى دارة ميدان التحرير وحدها والاتصالات والانترنت قد قطعا من اليوم السابق وتم تفجير مبنى مباحث أمن الدولة فى رفح المصرية وأعلن عن تمديد حظر التجول ليبدأ من الساعة الرابعة عصرا إلى الثامنة صباحا وتم اقتحام السجون وتصدى الجيش لاقتحام البنك المركزى والتليفزيون المصرى يعلن قبول استقالة أحمد عز عضو أمانة السياسيات ومحاولات لاقتحام وزارة الداخلية وتساقط القتلى بالعشرات فى الشوارع وانتشار عصابات النهب والثوار والفلول ليرفضا معا تعيين عمر سليمان نائبا للرئيس والجيش المصرى يتحرك لسد الفراغ الأمنى عقب انسحاب الشرطة من الشوارع. 
 وفى أثناء أداء عمر سليمان لليمين كان هناك أحداث أخرى تدور بالقصر الرئاسى فسوزان مبارك وجمال وعلاء ومعهم زكريا عزمى وجمال عبدالعزيز وقد انضم إليهم صفوت الشريف على الهاتف ومعه حبيب العادلى على الطرف الأخر لأنه محاصر فى وزارة الداخلية وفى حضور أنس الفقى يعقدان فى غرفة مجاورة لبهو أداء القسم اجتماعا عاجلا لا يسمح لموظفى الرئاسة الآخرين بدخوله وقد بدأ الفقى ينقل تعليمات من الجلسة لأطراف عديدة خارج القصر وعقب أداء عمر سليمان يكونوا قد أتموا الجلسة ويقفون فى انتظاره فتحدث مشادة كلامية حادة بين سوزان وهى تتهم عمر سليمان بأنه انتهز الفرصة ليضغط على الرئيس لتعيينه بينما هو يشرح أنه قرر أن يخسر تاريخه من أجل المصحلة العامة ويخبرها بأن كل شىء انتهى وعندها يتدخل فى الحديث جمال مبارك رافعا صوته فيقاطعه سليمان بقوله: «سيشهد التاريخ أنكم فعلتم بالرجل الكثير» ولا يطيل كعادته فى الكلام ليخرج مسرعا فى طريقه إلى مقر وزارة الدفاع حيث سيدير بعض التقديرات والاتصالات الآمنة من هناك لأن النظام قد شل اتصالات البلد كلها. 
على الجانب الآخر تثبت التقارير السرية المنتظرة الإفراج عنها تفاصيل ذلك اليوم الغريب من تاريخ الثورة المصرية فعندما يسير سليمان خارجًا من بهو القصر فى اتجاهه لسيارته تحدث المشادة الشهيرة التى على إثرها غاب مبارك قليلاً ولدقائق عن الوعى فقد تطاول عليه ابنه جمال مبارك وعلا صوته وهو يتهمه بأنه ضيعهم وضيع النظام والأسرة للأبد بتعيينه لعمر سليمان ويهرع علاء مبارك ليسكت أخاه وهو يشاهد والده فى حالة إنهيار تام وعندما لا يصمت يسبه مثلما لم يفعل من قبل بل ويقذفه بأقرب كرسى. 
أمام بهو القصر يلتفت عمر سليمان وهو يهضم المشهد جيدًا فبخبرته علم أن تلك العائلة قد انتهت للأبد ويذهب للعربة المرسيدس السوداء المخصصة له بين عربتين من عربات الدفع الرباعى خاصة بطاقم حراسته فيوقفه قائد حراسته ويهمس فى أذنه بمعلومة فيقف سليمان لثوان يحاول أن يستوعب ما سمعه للتو فهو خطير لأن رئيس الحرس ينبئه بأن القدرات الخاصة للمخابرات المصرية قد رصدت الأمر الذى صدر وهو يؤدى اليمين للمجموعة التى من المفترض ستغتاله فى طريق عودته. 
 لا شك أن أى إنسان مهما كان رابط الجأش عندما يسمع أنه سيموت بعد دقائق لا بد أنه سيهتز غير أن سليمان قال لقائد حرسه «خليها على الله قلن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» فيرد عليه قائد الحرس : «لكن يا فندم إذا لم تكن تخشى على حياتك فربما تسمح لنا أن نخشى نحن على حياتك أولاً وبالقطع نحن بشر وبالتأكيد نحن متوترون» فيرد عمر سليمان وقد عاد تفكيره الثابت «أنا سأتصرف طبقًا لتعليماتك نفذ ما تراه يا حضرة المقدم» فيطلب منه قائد الحرس بشكل مبدئى أن يركب فى آخر عربة وهى المخصصة للحرس الخلفى ويترك المرسيدس المعروفة بأنه يستقلها لكنه يقول له: «انتظر ثوان لنؤمن الطريق «فيسأله سليمان» «أى طريق» فيقول له قائد الحرس: «العيون يافندم» وبعدما يتأكد أن الجميع مشغولون بالداخل يأمره أن يقفز بسرعة فى العربة المرسيدس وتتقدم العربات الثلاثة فى موكب سليمان ناحية بوابة الخروج ولأن الزجاج لا يمكن لمن بالخارج رؤية من بالداخل فلا يتمكن أحد من كشف حيلة الحرس وتعطى البوابات التحية العسكرية لسيارة سليمان الأمامية وتنفتح الأبواب ليخرج الركب إلى مصيره فالظروف لا تحتمل ولا بد لسليمان من الوصول لمقر وجهته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. 
 على الجانب الآخر تتكشف حقائق أخطر فهناك مجموعة تتبع ما يطلق عليهم «البلطجية ذو الياقات البيضاء» أى البلطجية القادة.
 وفى وسط البلد كان أول تحرك لهم فيوقفوا أول عربة إسعاف مصرية تمت سرقتها ويقتلوا سائقها ويجرحون الآخر وفى ثوان يكونون قد تحولوا شكلا لمسعفين، وكما نتذكر البلد بها حظر تجوال والحركة كلها متمركزة فى وسط البلد والتحرير ومن الحقائق المحجوبة نتأكد أنه كان لديها خطة متكاملة وضعت فى يوم 25 يناير لاغتيال عمر سليمان، حيث إنه كان من المفروض اغتياله فى صباح 26 يناير، لكنه افلت من الكمائن حتى نصل لكمين يوم السبت 29 يناير الذى نكشف حقيقته، حيث تصل المعلومة وسليمان يؤدى اليمين ويصدر لهم الأمر بالتحرك وهو الأمر الذى التقطته أجهزة المخابرات فيتحركون وسط هدوء العاصمة بعيدا عن التحرير ويكمنون لسليمان عند منطقة منشية البكرى وكمين آخر على درجات بخارية فى روكسى يسير بهدوء والغريب أن الكمينين مراقبان من قبل مجموعة ثالثة مكلفة من قبل من أصدر أمر قتل سليمان كى تتم تصفية مجموعة العملية عقب التنفيذ أيا كان الأمر بالنجاح أو بالفشل فالمهم كما فكرت عقلية المجرمين الأصليين هى محو أى دليل على ما سيحدث. 
 فجأة يشاهدوا عربة المرسيدس الخاصة بسليمان فيطلق سائق العربة الإسعاف سارينة الإسعاف ويسير ببطئ أمام المرسيدس حتى تقترب على الفور تتناقل أجهزة الاتصال الخاصة بحرس سليمان الخبر، حيث إنهم على وشك الدخول فى معركة ويأمر قائد الحراسة الخاصة بسليمان الرجل بأن يهبط فى أرضية السيارة غير المصفحة فيهبط سليمان مسرعا ليفاجئ الجميع أن الباب الخلفى للإسعاف قد فتح ليبدو منها رجلان شابان بيد كل منهما سلاح رشاش حديث للغاية تستخدمه فرق العمليات الخاصة وينهمر الرصاص على راكبى العربة التى من المفروض أن سليمان بها فيقتل على الفور الحارس الذى جلس بالكرسى الأمامى اليمين ويأخذ السائق دفعة رشاش ُفى صدره وكتفه فيسقط على المقعد وينحرف بالعربة ليصطدم بجزيرة الطريق بينما تهدئ العربتان الخلفيتان السرعة ويسمع الحراس بوضوح ُفى صمت المكان وهدوئه المنفذين يعلنون نجاح العملية وموت سليمان حيث اعتقد أن الحارس الذى جلس مكان سليمان هو عمر سليمان. ولا ينتهى المشهد عند هذا الحد فالدراجة البخارية المصاحبة للجناة كانت تكمن بين الأشجار القصيرة الموجودة بالمنطقة فتبدأ هى الأخرى اطلاق وابل من الرصاص على العربتين الأخرتين لكن هنا يتدخل القدر فالمجموعة الموكل إليها تنظيف ما حدث تخرج فجأة لتقتل كل المنفذين ولا ينجو منهم أحدا ولا يجدوا أيضاً معهم ما يثبت هوياتهم وتنتهى عملية اغتيال فاشلة ربما ستظل فى ذاكرة تاريخ الثورة المصرية..


ليست هناك تعليقات: