الجمعة، 1 يونيو 2012

أقسمت بينى وبين الله: اعطينى صحة وعمرا أنفقهما كلهما فى سبيلك.



يا طنطاوى احذر: فأنت تختار بين التكريم
 أو المطاردة حتى المحاكمة 
شفيق لن يحكــمنا بالتــزوير 
 الموت أهــون وأشرف من أن نسـلم مصـر
 مرة أخرى لحثالة من المجرمين
وأن نبيع شرفنا وكرامتنا بكسرة خبز وجالون بنزين 
ووعــد بتقليل البلطجـــة.



على خلاف الناس لم أكن قلقا أو منزعجا من نتيجة الانتخابات، لأن الشعب هو الذى يختار مصيره، وهو حر فى اختياره، حتى وإن اختار جلاده، أو حتى فكر فى الاعتذار لمبارك وانضم لحملة العملاء التى اسمها (آسفين يا ريس). فربما رأى الشعب المصرى أن المسرطنات والفشل الكلوى والكبدى وكل أمراض التسمم الغذائى والموت فى قاع البحرين الأحمر والمتوسط أهون من الفلتان الأمنى الذى صنعه أتباع مبارك فى المجلس العسكرى، وربما لم يدرك الشعب، أن مصدر الشرور واحد، وأنه لا يزال يحكم بنفس النظام, ولكن مع بعض التعديل فى الطواقم القيادية، وأن شفيق الذى قتله فى موقعة الجمل هو نفسه الذى يعد بإنقاذه من الفلتان الأمنى فى 24 ساعة.
بل ربما الشعب يعرف وتعب ويريد أن يسلم أمره إلى جلاده على طريقة أهل الحارة الذين يرتضون دفع الخوات (الإتاوات) لبلطجى أو فتوة الحتة لضمان سكوته وتوقفه عن الاعتداءات. فهم يشترون بعض الأمان أو حتى الأمان الظاهرى. ومع ذلك سيظل دورنا هو التنبيه إلى أن هذه الصفقة خاسرة بمعايير الدنيا والآخرة. ولكن الأمر يتجاوز كل ذلك، إلى عملية الوهم الإعلانى والإعلامى، وحقيقة الأمر أن الإسلاميين وإن كانوا خسروا من رصيدهم الشعبى، إلا أن ذلك لا يبرر حصول أكثر مرشح فى العالم ضرب بالأحذية على المركز الثانى.
وما نشرناه على مواقعنا الإلكترونية يتضمن بصورة جازمة أدلة التزوير الاحترافى الذى اعتمد على التلاعب فى جداول الناخبين مما ساعد فى التصويت المكرر أو التصويت غير الشرعى لعناصر الشرطة والجيش، وتغيير بعض الصناديق، لصالح شفيق، وبما يكفى لوصوله إلى المركز الثانى للإعادة. ونقدر الزيادة فى الأصوات الحقيقية التى حصل عليها شفيق بفعل التزوير بنسبة تتراوح بين 20 و30%، كان سيخرج بدونها من سباق الإعادة. أى أننا أمام مزيج شيطانى من التأثير الحقيقى على الرأى العام من خلال الإعلام العام والخاص المسعور والكاذب والمتحيز ضد الإسلاميين لسوق الناس إلى الحظيرة النتنة لنظام مبارك، أمام مزيج شيطانى بين ذلك وبين بعض التزوير الذى يكفى لضبط النتيجة بالكاد كما يريدون.
والإعلام يستفيد من أخطاء حقيقية وقع فيها الإخوان وحزب النور والذين لم يلتفتوا لحظة ليستمعوا إلى نصيحة المخلصين، وأصابتهم حالة من التفرد والغرور، حتى وقعوا فى أسرع هبوط فى التاريخ، فخلال شهور قليلة فقدوا 50% من أصواتهم، مع ملاحظة نسبة من الخطأ بسبب التدخلات التزويرية التى اتسم بعضها بإنقاص عدد الأصوات من خلال تبديل الصناديق، وإذا كانت نسبة الخطأ تتراوح بين 10 و20% تظل نسبة هبوط أصوات الإسلاميين فادحة لأنها خلال شهور قليلة جدا. ولأننى أركز على الأمور الجوهرية فقد قلت مرارا وأكرر إن الخطأ الأكبر الذى وقع فيه الإخوان أنهم قبلوا بخطة الاكتفاء بالسلطة التشريعية دون التنفيذية ولمدة 5 سنوات وهكذا رأت أيضا باقى الفصائل الإسلامية (عدا حزب العمل!) وقلنا لهم مبكرا إن السلطة التنفيذية هى الأهم ولن يمكن انجاز شىء حقيقى من خلال السلطة التشريعية وحدها.
ناهيك عن أخطاء الممارسة البرلمانية التى لم تراع الأولويات بشكل صحيح، ولا أدخل فى تفاصيل ذلك لأن الموضوع كله كان مركبا بصورة لا تسمح بأى نجاح، فقد تحولت الأغلبية المنتخبة إلى معارضة كسيحة لحكومة مباركية غير منتخبة!! وقد أدى ذلك إلى حصار الإسلاميين بالحق والباطل من قبل الإعلام, وهو من أبرز أدوات السلطة التنفيذية، بينما ظلت السلطة القضائية فى قبضة المجلس العسكرى حيث ورث ذلك من حكم مبارك وهو يستخدم المحكمة الدستورية للتهديد بحل البرلمان فى أى وقت. إن الثورة لا تنتصر بدون الاستيلاء على السلطة التنفيذية ومن خلالها يتم إصلاح سلطة القضاء، ويمكن للسلطة التشريعية الجديدة أن تعمل بتناغم مع السلطة التنفيذية، ولكننا أصبحنا فى وضع كاريكاتيرى: السلطة التشريعية فى يد الثورة، والسلطتين التنفيذية والقضائية من العهد البائد. بل وصل الأمر إلى حد احتقار السلطة التشريعية وامتناع الحكومة عن حضور الجلسات، وعدم تنفيذ التشريعات الصادرة!!

مرة أخرى ليس هذا دفاعا عن ممارسات حزبى الإخوان والنور تحت القبة التى شابتها الأخطاء الكثيرة والكبيرة وسنتحدث فى ذلك طويلا بعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة، ولكن على سبيل المثال فى إغفال الأولويات: الانشغال بمشروعات قوانين عن المواقع الإباحية، وتقييد المظاهرات وهذا خطر فى إطار ثورة لم تكتمل، والانتباه مؤخرا إلى قانون الحد الأدنى والأعلى للأجور دون الانتهاء منه حتى الآن. ولكن يظل الخطأ الأكبر هو الموافقة على التخلى عن السلطة التنفيذية وإعطاء موافقة صريحة باستمرار حكومة الجنزورى، ثم المطالبة بإقالتها فى توقيت غير مناسب.

ومهما تفاوتت تقديرات ممارسات البرلمان، فإن القضية الجوهرية الآن هى إصلاح الخطأ الرئيسى فى مسار الثورة، وهو عدم حسم مسألة السلطة فى 11 فبراير 2011 وما بعده، وكان حزب العمل قد اقترح تشكيل مجلس رئاسى ثورى مدنى يستلم السلطة من المجلس العسكرى، مع تمثيل القوات المسلحة بعضو أو أكثر فى هذا المجلس الثورى، ولكن عدم توافق القوى الثورية على تشكيل محدد، وعدم إصرار الإخوان على التمسك بهذا الاقتراح وهم التنظيم الأكبر الذى كان يمكن أن يحسم المسألة، وسيرهم فى خيار التفاهم الثنائى الخاص مع المجلس العسكرى هو الذى أضاع هذه الفرصة التاريخية, وإن كنت لا أقول إنها كانت سهلة فلا شك أن الإخوان قبلوا بذلك تحت وابل من التهديدات بإجراء مذابح دموية فى التحرير (كما حدث من عمر سليمان وكما كشف شفيق مؤخرا) ولكن التهديدات ليست هى نهاية المطاف فى الثورات والحروب، فكان بالمزيد من الصبر والاستعداد لتقديم مزيد من الشهداء (وهم سقطوا بعد ذلك فى مواقع عدة!!). لكن الإخوان بطبيعتهم ينحون منحى التفاهم مع الخصوم والحلول الوسط والتقدم التدريجى، والتدرج سنة لا خلاف عليها ولكنها ليست سنة الثورات خاصة فى لحظات الحسم. فهناك سنة الطفرة أو القفزة (الهجرة للمدينة - فتح مكة). وقد اقترح حزب العمل اقتراحا بديلا: تشكيل مجلس انتقالى من القضاة من زعماء التيار الاستقلالى، وناقشت ذلك مع المستشار مكى، وكنا ندرس الأمر معا ولكن الأحداث كانت أسرع مننا، وعرضت المقترح - بشكل متواز كسبا للوقت - على المرشد العام للإخوان ووعدنى أن يطرحه على مكتب الإرشاد الذى كان فى حالة إنعقاد مستمر.

وبالمناسبة أنا لست ضد محاولة التفاهم مع المجلس العسكرى ولكن على وقع خطوات الشارع والميدان، ولكن الإخوان تصوروا أن طريق التفاهم هو الطريق الأساس، بل أصروا فى ذكرى الثورة الأولى على الاحتفال بانتصار الثورة، وتصوروا أن انتخابات المجلسين حسمت الأمر، وكل هذه المواقف لا تراعى أبسط مفاهيم علم السياسة، والسنن الاجتماعية والسياسية. وحتى التفاهمات والمناورات مع الولايات المتحدة لا تحل مشكلة السلطة، فالولايات المتحدة تعلم أن الإخوان يناورون وأنهم غير مضمونين بعد، ولابد من تسويتهم على نار هادئة لاختبار مواقفهم. والمجلس العسكرى من أدوات هذه النار الهادئة، واستخدام فزاعة شفيق من ضمن هذه الآلية. ومرة أخرى وبمنتهى الصراحة: لا مانع من المناورة مع الأعداء، ولكن ليس على حساب مبدأ جوهرى، وعلى ألا تنسى أساس قوتك التى تساعدك فى الصراع والمساومة والمناورة، وهى قوتك الشعبية. وهناك فرق بين القوة التنظيمية المباشرة للإخوان وبين القوة الشعبية أى جماهيريتك بين صفوف الشعب.

ويقول الإخوان منذ عدة أسابيع ومنذ أزمة حكومة الجنزورى وترشح عمر سليمان أنهم سينزلون الشارع للحفاظ على الثورة بل نزلوا فعلا، وهتفوا: يسقط حكم العسكر. ومن المهم هنا أن نشير إلى قانون سياسى مهم فى الثورات والحروب: الجماهير والمقاتلين ليسوا تحت أمرك، تستدعيهم للقتال والتقدم فى أى وقت وتركنهم فى أى وقت.
لابد من مراعاة نفسية الجماهير، وإدراك أن الثورة ليست مفتوحة من حيث الزمن، وأن معنويات الناس ستظل كما هى، بينما يمارس السياسيون مساوماتهم فى الغرف المغلقة لشهور طويلة. بينما يقوم الحكم الانتقالى المنتمى للنظام البائد بافتعال كل ما يمكن افتعاله من أزمات تموينية وفلتان أمنى مخطط بلا شك. ولا نقول ذلك على سبيل التبكيت، بل للاستفادة به فى الربع الساعة الأخير من الثورة، فنحن الآن على الحافة إما أن ننتصر أو ننتكس فى انتظار ثورة أخرى يوما ما.

إسقاط شفيق هو الترجمة العملية لاستكمال الثورة، لأن وصول شفيق للحكم ولا نقول نجاحه فى الانتخابات الحرة لأن هذا غير وارد، وصول شفيق معناه إغلاق الدائرة من جديد، واستعادة نظام مبارك بكامل عافيته. فستتم إعادة التمترس فى السلطة التنفيذية، وسيسلم المجلس العسكرى السلطة لنفسه (شفيق). وسيتم التعامل مع البرلمان بعين حمرة: إما أن يؤدى فروض الطاعة والولاء للعسكر من خلال الرئيس "الشرعى" المنتخب، أو يتم حله بالقانون (المحكمة الدستورية لحسنى مبارك). ومن خلال السلطتين التنفيذية والقضائية يتم ترويض التشريعية أو إقصاؤها. وسيتم تنفيذ تهديدات شفيق باستخدام أقصى درجات العنف لفض المظاهرات "غير الشرعية". طبعا سنقاوم كل هذا الهراء حتى الموت ولكن من الأفضل ألا نصل له. إن إسقاط شفيق يعنى إخراج العسكر من الحكم، ونحن لا نعادى العسكر إذا لم يعادوا الشعب، بل نريد أن نحميهم من أنفسهم ومن غرور السلطة والقوة والامتيازات. عندما يسقط شفيق سنكون قد بدأنا فى المرحلة الثانية والأخيرة لتفكيك نظام مبارك، وهذا من مصلحة كل الوطنيين.

هذا أهم من المشاحنات حول الدستور، لأنه لن يكون هناك أى معنى للدستور فى ظل نظام مبارك الجديد!! أعتقد أن الإسلاميين سيتعلمون من التجربة القاسية التى مروا بها فى هذه الانتخابات الأخيرة وعلموا أن الناس لا تنساق وراءهم معصوبة الأعين لأنهم رفعوا شعار الإسلام، فلابد من ربط الأقوال بالأفعال، وعدم الاغترار بالقوة أو الكثرة، والتعالى حتى عن التشاور مع بعض الإسلاميين، بل وأحيانا التحالف مع أعداء التيار الإسلامى ضد بعض الإسلاميين.
سيتعلمون أن البراجماتية ليست هى سياسة الإسلام, وأن هناك سياسة أخرى غير سياسة مكيافيلى، وأنه ليس صحيحا أن السياسة شىء والدعوة شىء آخر. هذه المقولة تبلط الطريق للجحيم، لأنها تعنى أنه يمكن عمل أى شىء فى السياسة طالما أنها سياسة وليست دعوة!! وهذا يحرمنا كإسلاميين من تقديم نمط راق مختلف من العمل السياسى، وهذا موضوع بحث فقهى أرجو أن أقدمه قريبا، لأن الموضوع الأكثر إلحاحا الآن هو إنقاذ الثورة. إن الذين يضعون علامة التساوى بين مرسى وشفيق لا يصح لهم أن يعتبروا أنفسهم ضمن الثورة، فهذا الموقف يسهم فى عملية فرز كبرى. لأن الخيار بين حكم مبارك وحكم الإخوان المفترض أو المتوقع كان قضية قديمة منذ أيام حسنى مبارك, وقد أقام مبارك شرعيته الزائفة على أساس أنه أرحم من الإخوان، وقد آمنت أقسام مقدرة من النخبة العلمانية بهذه المقولة وكذلك الولايات المتحدة. واليوم تثار القضية مرة أخرى، ولست الآن بوارد الدفاع عن أخطاء الإخوان، فليس هذا هو الموضوع، بل لسنا فى لحظة المفاضلة بين المشروع الإسلامى الوطنى والمشروع العلمانى الوطنى، فهذا خلاف معلق فى الهواء، ولم نصل إليه حتى الآن. نحن لا نزال نجاهد من أجل ترسيخ حق الشعب فى اختيار حكامه، وفى الإعلاء من قدسية الصناديق (البيعة) شرط تأمينها من التزوير، ونحن لا نقبل أى حديث عن أن التزوير الذى حدث كان جزئيا، فنحن لا نعرف حجم هذا الجزء، والجزء يمكن أن يغير الكل!!

بينما فى بلد كتركيا لا يوجد مثل هذا الحوار البائس منذ عشرات السنين: هل ما جرى فى الانتخابات كان تزويرا جزئيا أم كليا؟! فهم لا يعرفون مصطلح التزوير أصلا فى قاموسهم الانتخابى، وغيرهم من عشرات الأمم. كيف يمكن وضع علامة التساوى بين شفيق وهو مجرد لص وفاسد وخدام لمبارك وعميل لأمريكا وإسرائيل، ومسئول عن مذبحة الجمل، وبين مرسى وهو بأبسط التعبيرات مناضل من أجل الإصلاح برؤية إسلامية, تاريخه الوطنى معروف ودخوله للسجن معروف. شفيق من أركان نظام مبارك الذى انتفض الشعب من أجل إسقاطه، ومرسى من الفصائل المعارضة لنظام مبارك، وهو أكبر فصيل ودفع ثمن معارضته، مهما اختلفنا معه فى أساليبه فى العمل السياسى أو فى بعض برامجه. شفيق من غرفة عمليات النظام، ومرسى وتنظيمه كانوا فى الميدان وسقط لهم شهداء وجرحى. والآن إذا كانوا قد حصلوا على مقاعد فى البرلمان فهى بأصوات الشعب، فلا مجال للحديث هنا عن الاستئثار والتكويش ومقارنة ذلك بالحزب الوطنى الذى كان يحصل على الأغلبية بالتزوير الصريح. فكيف يقال استبدلنا أغلبية بأغلبية. ومن يغار من الإخوان فليسعى للحصول على أغلبية فى أى انتخابات قادمة، وقد ثبتت إمكانية ذلك فى بعض الانتخابات النقابية وفى انتخابات الرئاسة بالجولة الأولى. وكل ما يقال عن مخاوف من الإخوان لا تحل بالمساومات غير المبدئية بل من خلال ضمانات تداول السلطة.

أما انتخاب شفيق فهو نوع من العبث أكرم منه إعادة الاعتبار لمبارك والاعتذار عن الثورة وعن الحرية والكرامة. أما الذين يقولون بالمقاطعة، وعدم وجود فرق بين شفيق ومرسى فهؤلاء يعملون لصالح شفيق بوعى أو بدون وعى، لأن الثورة قامت أصلا ضد شفيق وأمثاله، بل كان هو رئيس الوزراء ساعة الثورة والإطاحة بمبارك أعقبتها الإطاحة بشفيق. أما الإخوان حتى مع أسوأ التقييمات لهم فهم لم يحكموا بعد حتى نقول إنهم لا يصلحون، وهم لم يقتلوا ولم يسرقوا ولم يتعاونوا مع إسرائيل, ولم يعتقلوا أحدا ولم يعذبوا أحدا. ولكن لأن هناك مخاوف منهم فلنأت بالذى نعرف يقينا أنه يقتلنا ويعذبنا ويسرقنا ويقلع عيوننا ويسرطننا ويعتقلنا ويسحلنا، هل هذا منطق بالله عليكم، حتى بالتفكير الغريزى البسيط. الآن عادت أزمة البنزين والسولار الخانقة فهل الإخوان وراءها؟ ومن الوقاحة أن بعض الإعلام المشبوه يقول ذلك!! إن بعض العاملين فى السياسة ويدعون أنهم كانوا من المعارضين لنظام مبارك يؤيدون شفيق لصالح حكم العسكر الذى يراد له أن يستمر تحت رئاسة شفيق، بل وصل التعصب وضيق الأفق إلى ضرورة أن يكون الرئيس من العسكر، لا شخص كعمرو موسى تصورنا خطأ أنهم سيدفعون به كوجه ربما يكون أكثر قبولا من هذا البلطجى الأهوج.

وهذه نظرة فئوية ضيقة سيدفع كبار العسكر ثمنها قريبا أو بعد حين، ولعلهم يعتبرون من تجربة عسكر تركيا فى فصلها الأخير. لقد قاتلوا من أجل عمر سليمان فلما فشلوا لجأوا إلى شفيق وكأنهما من عباقرة الزمان. وهل حقا افتقرت المؤسسة العسكرية لشخصية محترمة ووطنية تدفعها للرئاسة؟! ألم تجدوا إلا هذه الشخصية التافهة المهزولة الهزلية العميلة، والذى قال أيضا أنه سيستعين بعمر سليمان. لماذا تصرون على توقيف عقارب الساعة: الجنزورى - عمرو موسى - عمر سليمان - شفيق - طنطاوى - عنان - فاروق سلطان - عبد المجيد محمود. إلخ

ما الذى تغير إذن؟!
ألا يوجد فى العسكر شخص غير متعاص بطين أمريكا وإسرائيل وعمولات السلاح.
هل سيظل مكتوبا على مصر أن تعيش فى هذا المستنقع إلى أبد الآبدين؟
ألا يكفى 30 أو 40 عاما عجافا؟!
وهذا الحديث ينقلنا فى نهاية المطاف لعنوان المقال، وهى رسالة للمشير طنطاوى:
أرجو أن تعلم أنك المسئول الأول عن هذه اللحظة التاريخية فى حياة أمتنا، وبغض النظر عن تقييم المرحلة الانتقالية أقول: إن إجراء المرحلة الثانية للانتخابات الرئاسية يجب أن يتم بمنتهى الدقة والنزاهة، وأن يتم تلافى التدخلات المقصودة التى حدثت فى المرحلة الأولى والتى أدت إلى وصول شفيق للمرحلة الثانية.

وهناك نقطتان تؤكدان سلامة موقفك: الأمر بتسليم جداول الناخبين لحملة مرسى وهذا حق قانونى لم يحصل عليه أى مرشح فى المرحلة الأولى، وإصدار أمر للجيش والشرطة والحزب الوطنى المنحل بعدم استخدام الأسماء المكررة أو غير الشرعية فى التصويت. ثانيا: عدم منع المندوبين من البيات أمام لجان الانتخاب مباشرة، كما حدث فى كثير من اللجان فى المرحلة الأولى، فظلت الصناديق بعيدة عن عيون المندوبين 11 ساعة ليلا!
أرجو أن يكون واضحا: أن شفيق لن يحكمنا بالتزوير. الموت أهون وأشرف من أن نسلم مصر مرة أخرى لحثالة من المجرمين. وأن نبيع شرفنا وكرامتنا بكسرة خبز وجالون بنزين ووعد بتقليل البلطجة.
سيادة المشير أنت أمام موقفين لا ثالث لهما
، أنت شخصيا لا المجلس العسكرى ككل وأنت تعلم لماذا أقول ذلك؟ إما أن تجرى الانتخابات كما هو معروف فى القانون والكتاب، وألا يتدخل الجيش فى التصويت ويكتفى بالتأمين، وأن تتحملوا تسليم السلطة للمدنى مرسى إذا فاز بالانتخابات وهو الاحتمال المرجح فى ظل النزاهة. ويتم تسليم السلطة بشكل حقيقى له، وبدون إحداث مشكلات أمنية متعمدة. وفى هذه الحالة ستدخل التاريخ، وستستحق التكريم، ويتم العفو ضمنا عن تجاوزات المرحلة الانتقالية. وإما ستكون المواجهة معك طالما أنت على قيد الحياة ومطاردتك حتى المحاكمة فى أكبر جريمة، وهى الجريمة التى لم يحاكم عنها مبارك حتى الآن: جريمة الخيانة العظمى، وستكون بالنسبة لك: التلاعب فى إرادة الأمة وتزوير الانتخابات لصالح شفيق، وفى هذه الحالة لا مانع أبدا من فتح كل ملفاتك القديمة، وعلاقتك بصفقات السلاح والعمولات، فإذا كان من الحكمة التجاوز عن خطايا الماضى مقابل تسليم السلطة بشكل حقيقى، لأن تسليم السلطة لا يقدر بمال، ومن صالح الأمة ألا تظل غارقة فى الملفات القديمة، أما إذا ظل أصحاب الملفات القديمة مصرين على أن يطلوا برؤوسهم، بل يصرون على أن يظلوا فى الحكم، فلا مجال لمبدأ (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، ولابد من المناجزة حتى تطهير البلاد ودوائر الحكم منهم. لقد حذرت - أنا العبد الضعيف - مبارك من سوء العاقبة ودعوت لمحاكمته، فسخر البعض ولكنه حوكم فى النهاية، ولا أدرى ماذا تنوون له من حكم بعد ساعات، ولكن يكفى الأمة أن رأته راقدا فى القفص، بعد أن كان يظن أنه يحيى ويميت. وقال لى أحدهم حين طالبت بالقبض على مبارك ومحاكمته عام 2008: ليس معنى أن دعوتك للقبض على وزير الداخلية السابق قد نجحت فى إقالته أن تظن أن ذلك يمكن أن يحدث مع رئيس الجمهورية!!

واليوم طالما أن الله أعطانى عمرا، وقد أقسمت بينى وبين الله قبل السجن وأثناء السجن خاصة أثناء المرض الشديد وقلت له: اعطينى صحة وعمرا أنفقهما كلهما فى سبيلك. اسمعها يا طنطاوى مرة أخيرة فى هذا المقال على الأقل: لن يحكمنا شفيق (وهو مرشح غير قانونى!)، وقد دعونا للثورة منذ الآن، فإذا كان جيش مصر العظيم سيستدير لواجبه المقدس ضد إسرائيل، ويحول فوهات مدافعه للشعب لمجرد الحفاظ على امتيازات القلة فى قمة المؤسسة العسكرية والفتات للباقى، فلن يكون لنا إلا المواجهة السلمية. ليس أمامنا من طريق إلا استكمال الثورة. لن نتنازل مرة أخرى عن حريتنا أو كرامتنا أو إحساسنا بأننا نمتلك كشعب هذا الوطن المسلوب مننا منذ عشرات ومئات السنين. ورغم كل المهاترات والابتزازات فإن مجرى الأحداث يدفع إلى تجمع كل القوى المخلصة للوطن وكل الشعب لإسقاط شفيق المرشح غير الشرعى، أول مرشح فى التاريخ يخوض الانتخابات بالمخالفة للقانون!!
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار  
الله أكبر والعزة لشعب مصر والنصر لثورتنا المجيدة
 مجدي أحمد حسين

ليست هناك تعليقات: