السبت، 2 يونيو 2012

أيها السادة، نزهوا الدين عن عبثكم


الانتخـــابات وتزييف الوعــي



هل كون المرء مسلما يستلزم بالضرورة أن يصوت لصالح شخص ما، وكونه غير مسلم يستلزم أيضا أن يصوت لشخص ما؟ إننا أمام قضية في غاية الخطورة، أعني قضية تسخير الدين لتحقيق منافع شخصية أو حزبية.
في انتخابات الرئاسة علينا أن ننحي سلطان الدين جانبا؛ فنحن لا ننتخب إماما يؤمنا في الصلوات المفروضة، ولا ننتخب مفتيا يفتينا في أمور ديننا ويبصرنا بما أخطأنا فيه في جنب الله عز وجل؛ إنما ننتخب رئيسا يقود البلد في المرحلة القادمة؛ ومن ثَمَّ فإن انتخابه يجب أن يكون على أساس من برنامجه الانتخابي الذي يعد الناخبين فيه بعدة عمليات إصلاحية، وليس على أساس من انتمائه الطائفي لطائفة أو جماعة أو منظمة.
إن إقحام الدين في مثل هذه الأمور هو نوع من العبث، واللعب بمشاعر العامة، إذ يجب أن يعرض كل مرشح ما يمكنه أن يقدمه للبلد في ضوء ظروف البلد الأمنية والاقتصادية وغيرها، ويترك الناخب في حرية تامة لاختيار ما يراه مناسبا من البرامج المطروحة؛ وذلك في ظل اقتناعه بصدق البرنامج وقدرة المرشح على تنفيذه والوفاء بما فيه.
أما أن نربط التقوى باختيار مرشح ما، وأن نربط الحساب يوم القيامة أو في القبر باختيار مرشح ما فذلك نوع من العته الفكري الذي يُمارس في ضوء المشاعر التي تفتقد العقل والتفكير، وربما كان المرشح المعنِيُّ بهذه الدعوة جديرا بأن يُنتخب؛ لكن لربط انتخابه بهذه الطريقة المتخلفة في الدعاية الانتخابية يعزف عن انتخابه كثير من العقلاء؛ لأنه عُرض عليهم بدعوى واهية واهنة هي أوهن من بيت العنكبوت.
أيها السادة، نزهوا الدين عن عبثكم، ولا تُدخلوا الدين في مهاترات الكذب والنفاق وخيانة الأمانات والعهود، فكل هذه الأمور تقوم عليها الدعاية الانتخابية، ويرفضها الدين ويأباها، واجعلوا دعوتكم الانتخابية قائمة على أساس من الموضوعية، فاعرضوا على الناس ما تريدون القيام به، وكيف يمكنكم تحقيقه، والخريطة الزمنية لهذا التحقيق ولا تلجئوا للباس الدين، وعندها سوف يقتنع الناس بصدق برنامجكم إن كان ثمة برنامج، وسوف يقومون بانتخابكم. 
 وفقنا الله جميعا لما فيه الخير لنا ولبلدنا ... تحيا مصر ..


ليست هناك تعليقات: