الجمعة، 30 مارس 2012

العسكرى يتصرف وكأنه سلطة أعلى ودولة داخل الدولة ؛ وفوقها



ترسيم الحدود بين الدولة المصرية
 والدولـــة العسكرية. والدولـــة«البرلمانية» . 
 داخـــل الدولـــة المصـــرية . 
مخطط تقسيم مصر بين العسكر والإخوان
 إننا أمام خطاب انفصالى، تقسيمى،
 يفـــوق فى خطورتـــه كل السيناريوهــات الوهميــة 
عن مخططـــات أجنبيــة لتقسيم مصر .


كان السذج أمثالى يتصورون أن ــ بنص الدستور ــ وزارة الدفاع جزء من الحكومة فى الدولة المصرية، حتى قرأت تصريحات عضو المجلس العسكرى اللواء محمود نصر فى لقائه بندوة «رؤية للإصلاح الاقتصادى» فعرفت أن المجلس يتصرف وكأنه سلطة أعلى، دولة داخل الدولة، وفوقها، هذا لو افترضنا أن ما جاء على لسان سيادة اللواء ليس زلة لسان، أو كلمات منزوعة من سياقها. سيادة اللواء بعد أن استعرض عطايا المجلس العسكرى للدولة المصرية، وتحدث عن ملياراته التى وهبها للحكومة والبنك المركزى رد بصرامة على دهشة الحضور بقوله «هذه ليست أموال الدولة وإنما عرق وزارة الدفاع من عائد مشروعاتها». وأبعد من ذلك ذهب اللواء نصر مهددا ــ وفقا للتقرير الوافى للزميل وائل جمال ــ بقوله: «سنقاتل على مشروعاتنا وهذه معركة لن نتركها. العرق الذى ظللنا ٣٠ سنة لن نتركه لأحد آخر يدمره، ولن نسمح للغير أيا كان بالاقتراب من مشروعات القوات المسلحة». ولو نظرت للسياق التاريخى الذى أطلقت فيها هذه التصريحات، لاستطعت أن تفهم أكثر ؛؛ خفايا حرب كتابة الدستور الجديد، ولأدركت أن المزايا الاستثنائية غير المسبوقة فى تاريخ الدول التى كانت يتمتع بها «المجلس العسكرى» فى ظل دستور كان يعتبر المؤسسة العسكرية جزءا من الدولة، مرشحة للتضخم والتفاقم فى ظل دستور جديد يُراد له أن يكتب تحت سلطة الحكم العسكرى، وعلى عينه، بما يعيد ترسيم الحدود بين الدولة المصرية وبين العسكرية.؛؛ وأحسب أن دخول القوات المسلحة ملعب الاقتصاد بطريقة تنافسية، فى عصر يتجه فيه العالم كله إلى تحرير الاقتصاد، من شأنه أن يخدش مجددا الصورة البراقة للمؤسسة العسكرية، كحامية للحدود، ومقاتلة دفاعا عن التراب الوطنى، وليس قتالا على مشروعاتها الاستثمارية الخاصة بها. فضلا على أنه من شأن ذلك تفكيك الدولة المصرية إلى دويلات «وزارات مستقلة، فماذا ــ مثلا ــ لو اتجهت وزارة الداخلية إلى الدخول إلى ملعب البيزنس والاستثمارات الخاصة بها، بعيدا ــ هى الأخرى ــ عن رقابة ومحاسبة أجهزة الدولة المختصة بهذه الأمور؟ ثم ماذا لو اصطدمت المصالح الاقتصادية والاستثمارية لوزارة ما، بمصالح وزارة أخرى؟ من سيفصل فى النزاع إذا كانت إحداهما تعتبر نفسها فوق الرقابة والمحاسبة؟. إننا أمام خطاب انفصالى، تقسيمى، يفوق فى خطورته كل السيناريوهات الوهمية عن مخططات أجنبية لتقسيم مصر. ولو انتقلت من بيزنس الوزارات السيادية إلى معركة الدستور، وإصرار قوى الإسلام السياسى على الانفراد أو التحكم بصياغته، ستجد نفسك أمام دولة «برلمانية» أخرى داخل الدولة المصرية، وستدرك أن هذا ليس مجلس الشعب المصرى، بمختلف أطيافه وفئاته، بقدر ما هو مجلس لشعب الأخوان والسلفيين فقط، وكل ذلك يجرى بعد 15 شهرا فقط على ثورة قامت تطالب بدولة القانون والمواطنة المتساوية بين الجميع. إن كلا الطرفين المتصارعين على مساحات النفوذ الآن يتصرفان وكأنه لا يوجد طرف ثالث اسمه الشعب المصرى، ويسلكان على أن مصر «تركة» أو «لقية» عثروا عليها فى الصحراء. وأمام مأزق كارثى كهذا سيصبح عارا على القوى الوطنية والثورية إذا بقيت مجرد مفعول به فى جملة فعلية شديدة الركاكة والابتذال تكتب الآن.


 وائل قنديل

ليست هناك تعليقات: