الجمعة، 10 فبراير 2012

صفقة الرئيس السرية مرشح اللحظة الأخيرة


.. أنا مرشحكم فانتخبونى .. 
 ضربة قاتلة للتجربة الديمقراطية الوليدة



هل يعقل بعد سنة من اندلاع الثورة أن يجرى اختيار الرئيس المصرى الجديد وفق صفقة سرية بين المجلس العسكرى والإخوان؟ هل يمكن بعد سنة من سقوط الحزب الوطنى المنحل أن تتم الترتيبات السياسية خلف أبواب مغلقة دون أن يعلم عنها الشعب شيئاً؟ تلك هى المخاوف التى تتردد بين الناس هذه الأيام بعد أن لاح فى الأفق اسم مرشح جديد ينتظر أن يطرح فى اللحظة الأخيرة بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبموافقة تابعة من جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة، فيقال للشعب هذا هو المرشح الذى نريده فانتخبوه. ولقد مضى الإخوان فى هذا الاتفاق فصرحوا بأنهم لن يعلنوا عن المرشح الذى يدعمونه إلا بعد إغلاق باب الترشح، فى الوقت الذى بدأت فيه بالفعل كل القوى السياسية تسعى لتحديد موقفها من المرشحين الذين بدأوا حملتهم الانتخابية قبل شهور. إن أكثر ما يثير الناس فى مثل هذه الصفقة السرية هو أنها تتم بين طرفين يتصوران أنهما وحدهما على الساحة فلا يعيران اهتماماً للطرف الأصيل فى هذه المعادلة، وهو الشعب الذى ينبغى أن تكون كلمته هى العليا فى هذا الأمر، فكيف يتم تجاهل الناخب، كما كان يجرى فى ظل حكم الحزب الوطنى القديم، كأنه مازال يحكم ولم يتم حله. قد يقال: لكن الرأى فى النهاية سيكون للناخب، فهو الذى سيدلى بصوته فى صندوق الانتخاب إما مع المرشح المذكور أو ضده، وهذا هو المنطق نفسه الذى كان يساق لتصوير الاستفتاء على رئيس الجمهورية كأنه إجراء ديمقراطى. إن الديمقراطية يا سادة لا تقتصر على صندوق الانتخابات وحده وإنما تقوم على احترام إرادة الناخب وعدم التعدى على حقه الطبيعى فى الاختيار بتحديد المرشح الرئاسى سلفاً عن طريق التزاوج السرى بين قوة المجلس العسكرى الحاكم وسطوة الاتجاه السياسى ذى الأغلبية.
 إن أخطر ما فى تلك الصفقة السرية هو أنها تجعل نتيجة انتخابات الرئاسة محسومة قبل أن تبدأ، تماماً كما كان الحال أثناء حكم الحزب الوطنى المنحل، وهو ما سيجعل الناخبين يعزفون عن المشاركة فى هذه التمثيلية الهزلية السخيفة، كما كانوا يفعلون طوال العقود الماضية، ولقد شاهدنا ذلك يحدث أخيراً فى انتخابات مجلس الشورى التى لم يفهم البعض لماذا لم يذهب إليها أحد رغم الإقبال الشديد الذى حظيت به انتخابات مجلس الشعب قبلها، فقد صدمت نتيجة انتخابات مجلس الشعب الكثيرين ووجدوا أن نتيجة انتخابات مجلس الشورى لن تختلف عنها، فلم يضيعوا وقتهم فى الوقوف فى صفوف الناخبين بينما نتيجتها معروفة قبل أن تبدأ. ذلك هو ما قد يحدث فى انتخابات الرئاسة المقبلة التى أعلن عن موعد الترشح لها دون أن يعلن حتى الآن عن التاريخ الأهم وهو موعد إجرائها، فهذا مازال سرياً مثله مثل صفقة الرئاسة التى ينتظر البعض أن تتأكد حين يفتح باب الترشح فيقفز فجأة الاسم الجديد المتفق عليه ليقول أنا مرشحكم فانتخبونى. إن مثل هذه الصفقة ستمثل ضربة قاتلة للتجربة الديمقراطية الوليدة التى، وإن أتت فى خطوتها الأولى فى مجلس الشعب مخيبة للآمال، فقد كان الأمل كل الأمل ينعقد على خطوتها التالية التى ستنهى أخيراً المرحلة الانتقالية وتضع حداً لحكم المجلس العسكرى بنقل السلطة إلى رئيس مدنى منتخب، وإلا فإن حكم العسكر سيستمر لكن عن طريق وسيط.


ليست هناك تعليقات: