الاثنين، 12 ديسمبر 2011

جيش الظــل .. فضيحة لوكالة الاستخبارات الامريكية.


إدارة المسلحين المرتزقـــة في باكستان 
 المهمــة الجــديدة والمثيرة للوكالــة


*إريك مارجوليس: كاتب وخبير سياسي أمريكي المولد، حاصل على العديد من الجوائز، وتظهر مقالاته في العديد من الصحف المعروفة مثل "نيويورك تايمز"، و"إنترناشونال هيرالد تريبيون"، و"هيفينجتون بوست"، و"لوس أنجيليس تايمز". ما هو جيش الظل السري في أفغانستان وباكستان؟
وما الدور الذي تلعبه وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تشكيله ودعمه ومكافئته؟
تساؤلات يقدم الإجابة عليها الكاتب الصحافي والمحلل السياسي الأمريكي "إريك مارجوليس" من خلال مقاله الذي نشرته مؤخرًا صحيفة "هيفنجتون بوست" بعنوان: جيش الظل الجديد لوكالة الاستخبارات المركزية.
ونعرض فيما يلي نص المقال وجاء فيه: أصدر صحافي التحقيقات في فضيحة ووترجيت"بوب وودوارد" كتابًا جديدًا بعنوان "حروب أوباما" يقدم فيه استبصارات ثاقبة جديدة ف الصراع الدائر في البيت الأبيض حول سياسة حرب أفغانستان.
أما الكشف الأكثر إثارة في كتاب وودوارد هو إعلانه أن: وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" تتولى تشغيل قوة مرتزقة مؤلفة من 3000 أفغانيًا تنحصر مهمتهم في تنفيذ اغتيالات في صفوف مقاتلي حركة طالبان وتنظيم القاعدة. 
والقوة القناصة التي وصفها وودوارد كانت قد تشكلت للعمل داخل باكستان؛ التي من الناحية رسمية من غير المسموح للقوات الأمريكية بالدخول إليها. وتتألف القوة المرتزقة في معظمها من الطاجيك، والأوزبك، والهزارة الأفغان- وهم جميع الأعداء التقليديين للأغلبية الباشتون- بالإضافة إلى مجموعة من المارقين، والمجرمين، والمرتزقة. 
وأحيانًا ما يجري تنسيق هجماتهم على المناطق القبلية الأفغانية مع غارات مكثفة لطائرات بلا طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على رجال القبائل الباكستانيين والتي تتسبب في خسائر جسيمة في صفوف المدنيين. وتدير وكالة الاستخبارات المركزية أيضًا ميليشياتها السرية في جنوب أفغانستان وكذلك- بحسب التقارير- في كلٍ من طاجيكستان وأوزبكستان.
وقد تلقينا بالفعل تقارير عن غارة أمريكية كبرى وعملية على الأرض للقوات الخاصة في داخل باكستان؛ كانت تستهدف "شبكة حقاني"- وهي فصيل رئيسي بحركة طالبان- وقد كان حقاني حليفًا وثيقًا للولايات المتحدة خلال حقبة الثمانينات. ومن غير المعلوم مدى التنسيق – إن وُجد- بين وحدات القتل التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية وقوات العمليات الخاصة الأمريكية الموكلة بتنفيذ عمليات اغتيال مماثلة. وتعتمد حملة الاغتيالات التابعة لـ "سي آي إيه" في أفغانستان وباكستان على الحملة الناجحة التي نفذتها الوكالة من قبل في العراق والتي كانت قد قوضت جماعات المقاومة العراقية.

وهؤلاء القتلة المحترفون المأجورون تتم مكافئتهم بسخاء بالمعايير المحلية كما يرفعون من تعداد الخسائر في الأرواح لدى الأعداء. كما أنه ليس للحكومة الأفغانية، المُعينة من قبل الولايات المتحدة، في كابول أو الحكومة الباكستانية أي سلطان على هذه القوات شبه العسكرية. فالجرائم، والفظائع، وحوادث القتل الخطأ التي يرتكبها مرتزقة وكالة الاستخبارات الأمريكية تمر دون الإبلاغ عنها ودون عقاب. فهم يمثلون قانونًا في أنفسهم دون صلات واضحة تربطهم بالقيادة العسكرية الأمريكية في أفغانستان. 
بالإضافة إلى أن جماعات مختلفة أخرى من المرتزقة الأمريكيين والقتلة المأجورين من "المتعاقدين" الأجانب التابعين للشركات الخاصة مثل "بلاكووتر" السابقة يعملون أيضًا في أفغانستان وباكستان، فضلاً عن العراق. والمحصلة صراع خطير ُومربك بين مسلحين مأجورين، وقوات أمريكية خاصة، وميليشيات، وقوات حكومية؛ وهو ما يمثل نموذج أفغاني/ باكستاني لمدينة "دودج سيتي" الأمريكية الجامحة. 
وينبغي ألا يندهش أحد من الأنباء التي تفيد بأن المرتزقة الذين تقودهم الولايات المتحدة يعبرون الحدود إلى باكستان ويقتلون رجال القبائل الباكستانية من الباشتون وكذلك من طالبان بل وحتى العضو المنتمي عرضًا إلى القاعدة. 
وكاتب السطور قد تلقى تقارير عن هذه القوة القناصة لسنوات.
فهي سر معلوم في إسلام أباد وفي كابول. وتغض حكومة باكستان الطرف، أو حتى تؤيد بهدوء القوات التي تقودها الولايات المتحدة والتي تنتهك سيادتها وتغتال مواطنيها. 
وتسمح إسلام أباد كذلك للطائرات الأمريكية بدون طيار لشن هجمات قاتلة عبر المناطق القبلية بشمال غربي باكستان دون حصولها على أي موافقة مسبقة (من الحكومة الباكستانية). وفي الواقع، للولايات المتحدة سجل طويل في الاعتماد على المرتزقة في حروبها.

ففي أثناء حرب فيتنام، شكلت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قوات مرتزقة من قبائل الهمونج والمياو (عملية هوتفوت) وعرق النانج الصيني لتعقب وقتل ثوار (فيت كونج). فقد شكلوا جزءًا من عملية وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية المسماة بـ "عملية فونيكس" سيئة السمعة؛ والتي قيل أنها اغتالت نحو 26.000 من الثوار الشيوعيين والمناصرين لهم. ثم مضى المدير المسئول عن هذه العملية "وليام كولبي" ليصبح فيما بعد مديرًا لـ "سي آي إيه".
وتم استخدام مرتزقة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أيضًا خلال حقبة الثمانينات أثناء الصراع المرير في نيكاراجوا والسلفادور بين اليمينيين والمتمردين الماركسيين. وقد كانت فرق الموت الشرسة في السلفادور ذات فاعلية كبيرة في تصفية اليساريين، وهو ما رأيته أثناء قيامي بتغطية هذه الصراعات.
و قد نُقل نموذج فرق الموت في السلفادور إلى العراق؛ حيث تم استخدام المرتزقة والمجرمين والمارقين في تصفية جماعات المقاومة السنية. وقد استخدم السوفييت كذلك تكتيكات مماثلة خلال فترة احتلالهم لأفغانستان من عام 1979– 1989. 
حيث أُرسلت عصابات من مرتزقة أوزبك عتاة يُعرفون بـ "جوزجاني" Jowzjani من أجل ذبح عناصر الباشتون المقاومة للاحتلال السوفيتي. كما نشرت موسكو عصابات أخرى من المقاتلين الطاجيك والأوزبك بهدف إثارة فتنة عرقية. 
ويتزايد القلق في الولايات المتحدة بشأن الدور شبه العسكري سريع التصاعد الذي تقوم به وكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان والعراق-- والذي يتم حاليًا ضم اليمن، والصومال، والسودان، وكينيا، وأوغندا، وغرب إفريقيا إليه. وحذر العديد من خبراء الاستخبارات أن الدور الرئيسي لوكالة الاستخبارات المركزية في تقديم معلومات استخبارية موضوعية غير منحازة إلى رئيس البلاد يقوضه حاليًا مهامها القتالية المتنامية. فطالما انخرط مساعدوك و"مواردك" في عمليات اغتيال وقتال، فمن الصعب للغاية أن تظل موضوعيًا، ومستقلاً، ومحايدًا. 
وسريعًا ما يبدأ الانحياز المؤسسي. ووزارة الخارجية الأمريكية تتخذ أيضًا دورًا شبه عسكري في العراق، وهو ما يهدد بحالة مماثلة من التباس الأحكام. ويجدر الإشارة هنا إلى أن استخبارات وزارة الخارجية كانت هي الوكالة الأمريكية الوحيدة التي تجاسرت وعارضت حرب بوش غير المبررة على العراق. 
والجيش الأمريكي مستاء للغاية من الدور شبه العسكري الذي تلعبه وكالة الاستخبارات المركزية؛ واتهم أفراد الوكالة بأنهم "رعاة بقر"، وأنهم"محاربون نظريًا". 
كما أن بعض موظفي "سي آي إيه" المخضرمين مستاءين أيضًا، ويرون أن عملهم يقوم على التفكير العميق وليس تنفيذ عمليات قتل. إلا أن الأموال لا تزال تتدفق على محاربي "سي آي إيه". 
وإدارة المسلحين المرتزقة في باكستان هو المهمة الجديدة والمثيرة للوكالة. وهي بالتأكيد أكثر جاذبية من كتابة التقارير الاستخبارية.

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


ليست هناك تعليقات: