الجمعة، 16 ديسمبر 2011

لعبة القط والفأر بين العسكرى والإخوان بسبب الدستور


تبادل الأدوار بين قيادات الجماعة عرض مستمر
 الدستور يفجر الصراع من جديد بين العسكرى والاخوان 
 قيادات الجماعة تطالب بالتهدئة استعداداً لجولة أخرى


فجأة تغيرت لهجة الخطاب بين المجلس العسكرى وبين جماعة الاخوان المسلمين والممثلة فى حزب الحرية والعدالة فبعد ان اشتعلت ازمة حكومة برلمانية وكيف سيتم وضع الدستور ومن المنوط به اختيار اللجنة التأسيسية هاهى تهدأالازمة ولكنه الهدوء الذى يسبق العاصفة والنار التى تحت الرماد واصبح الامر اشبه بلعبة القط والفار بين العسكرى والاخوان ..
احدث ما فى هذة اللعبة ما اعلنه د. عصام العريان نائب رئيس الحزب السبت الماضى بمؤتمر انتخابى بالجيزة حيث قال ،
إن الحرية والعدالة حريص على عدم الصدام مع المجلس العسكرى، مؤكدا أن الحزب وضع نظاما لا يحيد عنه للتعامل مع المجلس العسكرى يقضى بدعم المجلس إذا أحسن، والضغط عليه إذا أساء أو تأخر مشيرا إلى أن الحزب لن يطالب بتشكيل الحكومة إذا حصل على أغلبية برلمانية حرصا منه على عدم الصدام مع العسكر. 
وعن اعتذار الحزب عن المشاركة فى المجلس الاستشارى، قال العريان، إن الحزب لا يقبل بوجود سلطة فوق سلطة الشعب المنتخبة، فلا ضرورة للمجلس مع وجود برلمان منتخب،
لافتا النظر إلى أن رغبة الشعب المصرى لابد أن تحترم، ومن ثم فإن انفراد المجلس الاستشارى باختيار جمعية تأسيسية للدستور لا يتوافق مع هذا المبدأ، وسيؤدى إلى نفاد رصيد المجلس العسكرى عند الجماهير، وهو ما لا يرضاه حزب الحرية والعدالة الحريص على صورة الجيش الوطنى
وأضاف العريان: سنختار الجمعية التأسيسية للدستور بحياد تام سواء من داخل المجلس أو خارجه، واتفقنا مع أحزاب التحالف الديمقراطى على عدم المساس بالأبواب الأربعة الأولى الخاصة بالحريات الأساسية، إلا إننا سنناقش الباب الخامس من الدستور الذى يعنى بشكل نظام الحكم سواء أكان رئاسيا أو برلمانيا. ولفت العريان، إلى أن النظام المختلط مع تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية هو أفضل النظم حتى لا يحدث اضطراب كبير بعد الخروج من نظام تركزت فيه جميع السلطات فى يد الرئيس إلى نظام برلمانى. نفس الكلام اكده النائب السابق عزب مصطفى والمرشح على مقعد العمال ....
حيث قال إن مصر جربت كافة النظم الرأسمالية والاشتراكية ولم تنهض فدعونا نجرب برنامجنا، الذى سبقنا إليه حزب العدالة والتنمية التركى الذى يتزعمه أردوغان ووصل بتركيا فى عشر سنوات إلى مصاف الدول المتقدمة. 
وعن رغبة الحزب فى حصد جميع المقاعد البرلمانية، قال مصطفى نرغب فى الحصول على الأغلبية وليس الأكثرية، ولن نستحوذ على وضع الدستور بل كل فئات الشعب المصرى ستشارك فى وضع دستور البلاد الجديد، مشيرا إلى أن الإرادة الحقيقية للشعب المصرى هى التى ستعيد الأمن للشارع. 
وفي تراجع واضح أكد اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكرى نفس الكلام تقريباً حيث صرح بأن الجهة الوحيدة المنوط بها تشكيل اللجنة التأسيسية هى "البرلمان"
وأوضح أن المجلس الاستشارى والحكومة والمجلس العسكرى، لن يكون لهم رأى، فى اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية لكتابة نصوص الدستور، وأكد التزام المجلس العسكرى بالإعلان الدستورى، وشدد على أن المجلس الاستشارى يقتصر دوره على تقديم الآراء والمقترحات، وليس له أى دور تشريعى كلام الواء ممدوح شاهين جاء فى اطار نزع فتيل الازمة ولو الى حين والتى جاءت عقب تصريحات اللواء مختار الملا عضو المجلس العسكرى حول الحكومة وعلاقتها بمجلس الشعب وحول وضع الدستور وربما يكون اشدها تعليقاً
د.محمود غزلان، المتحدث الإعلامى باسم الجماعة أكد أن ما نُشر حول رغبة المجلس العسكرى تعيين 40% من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، أمر فيه التفاف على إرادة الشعب وعدم احترام لها واغتصاب لسلطة البرلمان
وقال غزلان، إن الإعلان الدستورى نص على أن مجلسى الشعب والشورى المنتخبين هما من سيضعان الدستور الجديد. وأشار غزلان إلى أنه إذا كان المجلس الاستشارى سيتعدى دوره إلى اختيار أعضاء فى لجنة الدستور بشكل مباشر أو غير مباشر، فهذا ليس من حقه وفيه انتهاك للإعلان الدستورى. أضاف أن د.على السلمى، نائب رئيس الوزراء السابق، كان يريد أن يختار البرلمان القادم بمجلسيه 20% فقط من أعضاء اللجنة، والآن تزيد النسبة إلى 40%
وعلق غزلان قائلا: "لسنا فى مجال مساومة ولا نبيع ونشترى، وليس من حق أى أحد سوى مجلسى الشعب والشورى اختيار اللجنة التأسيسية لوضع الدستور" فى نفس لعبة القط والفأر اتهم الدكتور محمد البلتاجى، المجلس العسكرى بمحاولة الانقلاب على صناديق الانتخاب من خلال تهميش دور البرلمان القادم وإعطاء صلاحياته للمجلس الاستشارى بالمخالفة للإعلان الدستورى الأخير. وقال البلتاجى فى مواجهة تليفزيونية إن اللواءين مختار الملا وممدوح شاهين، قالا إن البرلمان القادم ليس من حقه سحب الثقة من الحكومة وليس من دوره مراقبتها. وأضاف البلتاجى أن التصريحات التى صدرت عن اللواءين مختار الملا، وممدوح شاهين بأن البرلمان القادم ليس من سلطاته سحب الثقة من الحكومة ومراقبة الحكومة، هو ما أثار فزعا لدى الرأى العام، خاصة جماعة الإخوان المسلمين
وأضاف البلتاجى، موجها كلامه للمجلس العسكرى، نحن شعرنا من خلال تصريحات أعضاء المجلس العسكرى مؤخرا، بأن هناك رغبة فى تهميش دور البرلمان القادم وإعطائها للمجلس الاستشارى، إضافة إلى أن تلك التصريحات أثارت مخاوفنا من عدم رغبة المجلس العسكرى فى تسليم السلطة الكاملة لإدارة مدنية منتخبة، مشيرا إلى أن الشعب لن يتنازل عن مطالبه بتسليم السلطة، قائلا: "على المجلس العسكرى أن يحترم إرادة الناخبين والصناديق الانتخابية ." فيما قال اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إن المجلس الاستشارى المشكل لن ينتزع صلاحيات البرلمان القادم، ولن يؤثر على إرادة الناخبين، مضيفا أن المجلس الاستشارى هو غرفة مشورة للمجلس العسكرى بمعنى أنه يعطى رأيه فيما يعرض عليه من موضوعات
وأضاف شاهين أن المجلس الاستشارى سيعاون المجلس الأعلى فى الموضوعات التى تعرض عليه فقط، بالإضافة إلى مشروعات القوانين التى تكون محل جدل، لافتا إلى أن مجلس الشعب هو السلطة التشريعية، وهو سلطة منتخبة وملزمة للحكومة المكلفة والمجلس العسكرى فيما يتخذ من قرارات. ورد البلتاجى على شاهين، قائلا: "قلت فى تصريحات سابقة إن البرلمان القادم ليس من سلطاته سحب الثقة من الحكومة، وهو ما يؤكد رغبة المجلس العسكرى فى تهميش دور البرلمان المنتخب
فيما رد اللواء شاهين: "إن الإعلان الدستورى نص على أن مجلس الشعب يختص بتشريع القوانين والرقابة على الحكومة والميزانية والخطة الاقتصادية، أما بالنسبة لسحب الثقة فالإعلان الدستورى ليس فيه حق سحب الثقة لكل من رئيس الجمهورية والبرلمان، إلا أن المادة 189 من الإعلان الدستورى تلزمنا بتنفيذ ما ورد بنتيجة الاستفتاء، ومنها بند الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد"، مشددا على أن المجلس العسكرى ملتزم بتنفيذ نتيجة الانتخابات وفقا لإرادة الناخبين. وطالب شاهين القوى السياسية بعدم فقدان الثقة فى المجلس العسكرى، مشيرا إلى أنه على تلك القوى السياسية أن تثق مرة أخرى فى المجلس العسكرى وأنه على القوى السياسية أن تعلم أن " العسكرى" جاد فى تنفيذ ما أعلن عنه فى المواعيد المقررة، وليس معنى أن هناك مجلسا استشاريا هو إلغاء الدور الرقابى والتشريعى للبرلمان المنتخب. ورد الدكتور البلتاجى، موجها كلامه لشاهين: "أطالب أعضاء المجلس العسكرى بالحد من تصريحاتهم التى تثير فزع الشعب والتى تخفى وراءها الكثير
فيما رد شاهين قائلا: "المجلس العسكرى لا يتدخل إطلاقا فى اختيار الجمعية التأسيسية ولا يقبل الضغط عليه من أي قوى سياسية، ونحن مصرون على تنفيذ نتيجة الانتخابات البرلمانية، مهما كانت الظروف والنتائج مثلما أصررنا على أن تجرى الانتخابات فى الموعد الذى أعلنا عنه" في نفس سياق ازمة وضع الدستور كشف معهد "كارينجى" للسلام الدولى، فى تقرير تم بثه مؤخراً أن مصر تواجه أزمة أخرى قريبا خلال مرحلتها الانتقالية وقال المعهد فى تقرير لناثان براون تحت عنوان "ألغام أرضية فى خارطة الطريق الدستورية فى مصر"، إن الإعلان الدستورى الذى يحكم مصر فى الوقت الحالى منذ 30 مارس الماضى يشتمل على قنبلتين موقوتتين
القنبلة الأولى، كما يقول التقرير، لاحظها عدد قليل من المراقبين فى هذا الوقت، لكن يبدو أنه تم زراعتها عن عمد، وتكمن فى أن البرلمان الذى يتم انتخابه الآن لن تكون له سوى صلاحيات متواضعة. فهذا البرلمان سيكون له دور تشريعى، لكنه يجب أن يتقاسم هذا مع المجلس العسكرى الذى يمكن أن يحكم بمرسوم رئاسى، كما أن البرلمان لن تكون له سلطة واضحة على الحكومة، ولم يدرك السياسيون فى مصر وتحديداً هؤلاء التابعين للإخوان المسلمين هذا الأمر إلا فى الأسابيع القليلة الماضية، وعرفوا أنهم ربما يجدون أنفسهم فى موقف دستورى صعب إذا حاولوا استخدام موقعهم البرلمانى لصياغة القوانين ومراقبة السلطة التنفيذية. ويشير التقرير إلى أن القنبلة الموقوتة الثانية والتى لم يلحظها أحد، تتعلق بموعد الانتخابات الرئاسية، ويبدو أنها قد وضعت من قبيل الصدفة أكثر من كونها متعمدة. فالبيانات الأولية للمجلس العسكرى بخصوص تسلسل الانتخابات كانت إجراء الانتخابات البرلمانية بعد الرئاسية وصياغة الدستور الجديد، والتعديلات الدستورية التى وافق عليها المصريون فى استفتاء مارس 2011، نصت على انتخاب رئيس جديد ولم يكن هناك داع للنص على ذلك ما لم تكن الانتخابات الرئاسية لتسبق الدستور الجديد

والأمر المؤكد بشكل كاف، هو أن الإعلان الدستورى فى 30 مارس قد أدرج التعديلات التى وافق عليها الناخبون فقط. بل إنه وعد بأن المجلس العسكرى سيستمر فى ممارسة صلاحيات هائلة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وبعد ذلك يعود إلي وضعه السابق كمؤسسة عسكرية بدلا من تولى شئون الحكم. وبذلك يكون الإعلان الدستورى قد تضمن هذا التسلسل: يتم انتخاب برلمان، ثم يطلب المجلس العسكرى من البرلمان اختيار أعضاء لجنة صياغة الدستور، ثم يتم إجراء الانتخابات الرئاسية أثناء الإعداد للدستور الجديد الذى سيتم طرحه للاستفتاء بمجرد الانتهاء منه إلا أن هذا التسلسل لم يكن مطلوباً وكان المجلس العسكرى صامت بشكل غريب حول موعد الانتخابات الرئاسية
إلا أن هذا الصمت لم يكن غريباً فى حقيقة الأمر، فبإصدار الإعلان الدستورى، أدرك أعضاء المجلس العسكرى أنه بمجرد إجراء الانتخابات الرئاسية، سيخسر المجلس القدرة على التأكد من الاحتفاظ بامتيازاته فى الدستور الجديد. فكان الحل الذى اختاره المجلس العسكرى جريئا وهو تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد اعتماد الدستور الجديد، وأيضا أخذ خطوات قوية لتوجيه العملية التى سيتم من خلالها كتابة الدستور. وفعل ذلك من خلال المبادئ فوق الدستورية التى تتدخل فى تشكيل اللجنة التى ستتولى صياغة الدستور
ويرى التقرير أن ما فشل فيه المجلس العسكرى هو التعهد لإجراء انتخابات رئاسية قبل كتابة الدستور. وبينما لم يقل المجلس المزيد عن المبادئ فوق الدستورية، إلا أنه لم يتبرأ منها. وهناك مؤشرات محدودة على أن "العسكرى" لا ينوى تغيير هذا التسلسل على الإطلاق لكن كل ما سيفعله هو الإسراع فى عملية كتابة الدستور والانتقال إلى الاستفتاء قبل انتخاب الرئيس. وهذا الجدول الزمنى لن يسمح فقط للمجلس العسكرى بأن تكون له سيطرة كاملة على العملية بأسرها، لكنه سيكون سريعا بشكل غير عادى وغير واقعى. ويعتقد معد التقرير أن التنازل الذى قام به المجلس العسكرى بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية فى يونيو المقبل، سيترك المصريين ببساطة أمام عملية مندفعة وغير ناجحة ستجعل الجيش فى النهاية أكثر سيطرة على الأمور
فنواب البرلمان الذين يجرى انتخابهم الآن لن يجدوا أنفسهم فقط غير قادرين على مراقبة السلطة التنفيذية أو منع المجلس العسكرى من صياغة القوانين، بل إن الأمر الأكثر أهمية هو تحديد أسماء أعضاء لجنة صياغة الدستور، سيُسلب الكثير من قوته من قبل العسكر. وختم كارينجى التقرير بالقول إن وصف هذه الثغرات بالقنابل الموقوتة التى توشك على الانفجار ربما يكون قد ذهب بعيداً بعض الشىء
فما أظهره المجلس العسكرى والإخوان المسلمين حتى الآن هو الرغبة فى لعب السياسة العارية مع تجنب المواجهة الكاملة. ومن غير المحتمل أن تؤدى خطط العسكرى إلى انهيار كامل لعملية الانتقال، إلا أنها قد تؤدى إلى أزمة أخرى فى بلد أظهر مؤشرات قوية على تعبه الشديد من حالة عدم اليقين السياسية الراهنة والمستمرة إلى أجل غير مسمى..

ليست هناك تعليقات: