الجمعة، 30 ديسمبر 2011

فتاة التحرير المسحولة من الجيش تقوم بعمل إسعافات للمصابين


أول ظهور لـ(فتاة التحرير)التي تكاثر حولها جنود 
أمعنوا فيها ركلاً وسحلاً وتجريدًا من ملابسها

"الفتاة المسحولة" 
توزع الأدوية وتســاعد المتظاهرين فى "التحرير"



عقب الاعتداء عليها بلحظات انتشرت صورها على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر مواقع إخبارية وصحف محلية وعالمية، حار المجتمع المصري في تسميتها.. سموها بداية "فتاة الحمالة الزرقاء"، لكن بدت تلك تسمية غير مقبولة، ثم كرت سبحة التسميات مع بقاء هويتها مجهولة في البداية، إلى أن استقر الأمر على تسميتها بـ"فتاة التحرير". 
 واليوم تداول عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك – تويتر – يوتيوب) مقطع فيديو مسجلاً يظهر "فتاة التحرير" قبل الاعتداء عليها من قبل أفراد من قوات الجيش، وقد كانت تجوب ميدان التحرير والمنطقة المحيطة به وسط الاشتباكات الدامية، حاملة بين يديها "زجاجة ماء - خل - كمية من القطن الطبي" كانت تقوم بعمل إسعافات أولية للمصابين وتخفيف تأثير الغازات المدمعة عليهم بما لديها من أدوات طبية بسيطة.



"فتاة التحرير" هذه شاهدنا جميعًا كيف تكاثر حولها جنود أمعنوا فيها ركلاً وسحلاً وتجريدًا من ملابسها. 
تلك الواقعة التي شهدها ميدان التحرير بوسط القاهرة خلال صدامات بين متظاهرين سلميين وقوات من الجيش المصري خلال الأيام الماضية فيما عرف إعلاميًا بأحداث مجلس الوزراء تحولت إلى صك إدانة عالمية، لم تفلح معها كل محاولات الالتفاف من خلال بث صور أخرى تحاول تخفيف الضرر الهائل الذي طال صورة الجيش المصري بعد الانتشار الواسع لها. 
 حاول الإعلام الرسمي المصري، ومن بات يتماثل معه علنًا من إعلام "الإخوان" والسلفيين وحتى من بعض إعلام عربي شديد الولاء للعسكر وبقايا الأنظمة، أن يظهّر صور إقدام مجهولين على إضرام النار في المجمع العلمي الذي يحوي تراثًا معرفيًا لا يقدر بثمن على حساب دفق الصور الأخرى الآتية من ميدان التحرير.
وليس هناك من يجادل أن الإقدام على حرق المجمع يمثل كارثة، مع العلم بأن هوية من حرق المجمع لا تزال مجهولة، علنًا على الأقل، لكن هناك من حاول وبإصرار أن يكون حريق المجمع "صورة الحدث" لمواجهات القاهرة خلال الأيام الماضية.
وفعلاً، كانت حرب صور بامتياز تلك التي تم خوضها إلى جانب مواجهات الشارع. المتظاهرون ينشرون صور ممارسات عنف من ضرب وإطلاق نار من قبل عناصر الجيش والأمن، ويرد الجيش بصور لشبان يطلقون قنابل مولوتوف قالوا عنهم إنه "بلطجية وأولاد شوارع" جلبهم المتظاهرون. 
 ثم بعد أن باتت صورة "فتاة التحرير" أقوى من أي تجاوز آخر جرت محاولات التفاف عليها.
 فمن تصريح رسمي يؤكد التحقيق في الأمر لكنه يدعو للبحث عن الظروف التي جرت فيها حادثة الاعتداء، إلى إعلاميين لم يترددوا في القول "ما الذي أتى بالفتاة إلى ميدان التحرير؟"..
وكأن التظاهر هو حكر على الذكور. هناك من فتح الهواء لتعليقات مريضة من نوع "لماذا كانت الفتاة ترتدي عباءتها على اللحم فقط؟"، أو أن "تلك الفتاة ليست شرف مصر وأن المجمع العلمي هو شرف مصر"، طبعًا لائحة الهذيان هذه طويلة إذا وددنا الاسترسال فيها. كما يمكن للإنحيازات في السياسة أن تأخذ مداها، ويمكن للتحقيقات إذا جرت بشفافية وجدية أن تصل لمفتعلي حريق المجمع العلمي، لكننا في حادثة "فتاة التحرير" أمام وقائع لا لبس في هوية مرتكبيها ولا في المعاني العنفية الفظيعة التي باتت تتجذر في الممارسات. "فتاة التحرير" وبكل صدق هي اليوم الأقوى من أي سلطة، سواء أكانت عسكرية أو دينية، وهي دليل جديد لم نكن نحتاجه على أن ثوراتنا لا تزال في بداياتها، وأن النهايات ستبقى بعيدة ما لم نحسم موقفنا من العنف.


ليست هناك تعليقات: