الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

مصر كــانت وستظل بـلداً زراعيـــاً


التباطؤ فى محاكمة الرئيس السابق ورؤوس الفساد وصل لحد "التواطؤ"!
يجب ان نحقق اكتفــاء ذاتيــاً من القمــح 
حتى نملك قرارنا السياسى



عن تقييمها للأحداث التى تعيشها مصر الآن، مؤكدة أنه رغم هذه الحالة من الفوضى والتخبط التى تعانى منها مصر منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، إلا أنها متفائلة وأكدت أنها بداية الطريق لانطلاقة مصر الكبرى نحو المستقبل الزاهر، ووضعت روشتة لإصلاح أحوال البلاد والعباد، تأتى الزراعة على رأسها على اعتبار ان مصر كانت وستظل بلداً زراعياً، منها بدأت نهضة مصر قديماً، وعليها تقوم نهضتها الحديثة.
< ما هو تقييمك للمشهد السياسى حالياً؟
ـ الأوضاع السياسية الآن رغم انها تتسم بالتباطؤ وعدم الوضوح، ولكننى متفائلة فهذا وضع طبيعى بعد ثورة استطاعت اسقاط أعتى أنظمة الحكم الديكتاتورية المتسلطة، التى حاولت قهر شعبها بجهاز أمن واسع النشاط، بالاضافة الى وجود جيش آخر من البلطجية، أطلقوه علينا فى بداية الثورة حينما أخرجوا المسجلين خطراً من السجون ليكونوا حماية لهم، ومع ذلك نجحت ثورة الشعب المصرى فى 18 يوماً فقط، حتى إن الدول الأوروبية أصبحت الآن ندرس هذا النموذج المصرى الذى نجح شبابه فى تغيير نمط استخدام تقنية الإنترنت وتوظيفها لخدمة الثورة التى أصبحت ثورة شعبية حقيقية اندمج فيها كل فئات المجتمع.
< ولكن المرحلة الانتقالية التى تعيشها مصر الآن تمر بالعديد من المنعطفات الحادة التى تعوق مسار الثورة فما هو تقييمك لهذه المرحلة؟
ـ لابد أن نعرف أولاً أن الدول لا تنتقل فجأة من الاستبداد الى الديمقراطية الحقيقية التى تعلى من قيم الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية فلابد من فترة كافية لترتيب المنزل من الداخل،. فإذا كانت الثورة قد أزالت رأس النظام، فمازالت هناك أذناب تابعة له فى جميع أجهزة الدولة، وجميعها يعمل على اجهاض الثورة، ويحولون دون تغيير الأوضاع للأحسن، لذلك نجد تباطؤاً فى كل شىء يصل لحد التواطؤ فى محاكمة الرئيس المخلوع ورجاله الفاسدين الذين أهانوا كرامة المصريين، وسرقوا مقدرات الوطن، وأضافت نحن لا نلوم المجلس العسكرى وحده فى ذلك، ولكن هناك أطرافاً أخرى ساعدت على هذه الحالة من الفوضى التى جعلت الشباب يثور مراراً منها لجنة إعداد الدستور، والحكومات المتوالية التى تضمنت عدداً كبيراً من السياسيين الذين كنا نتوقع أن تكون لهم رؤية لإدارة البلاد، ولكن هذا لم يحدث.
< وماذا عن المجلس الاستشارى؟
ـ هذا المجلس يضم نخبة كبيرة من السياسيين المصريين أصحاب الرؤى والفكر، ولو أتيحت له الفرصة كاملة سيكون له دور فى اعادة تصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافها.
< بما أنك خبيرة فى التنمية البشرية، كيف يمكن توظيف طاقة الشباب المصرى التى تجلت فى الثورة لخدمة الوطن الآن؟
ـ لابد من العمل على اعادة بناء الدولة على ثلاثة محاور وهى الأمن والاقتصاد والديمقراطية ولابد ان يكون الشباب شريكاً فى هذه العملية فبعد تحقيق الأمن لابد أن يسير الاقتصاد فى خطين متوازين، وهما إقامة مشروعات تستوعب عدداً كبيراً من العمالة، مع استكمال المشروعات التى تم البدء فيها من قبل وتوقفت، مثل مشروعات تعمير سيناء والصحراء الغربية، ومشروعات تحديث الصناعة.
< وأين الزراعة من مشروعات التنمية؟
- تعتبر الزراعة أهم مجالات التنمية التى لابد أن تعتمد عليها نهضة مصر فالزراعة ليست أمناً غذائياً فقط ولكنها أمن قومى، لذلك اهتم بها العديد من الدول حتى المتقدمة منها، خوفاً من الضغوط السياسية التى قد تتعرض لها بسبب استيراد الغذاء من الخارج، ففترة الحكم الفاسد قضت على الانتاج الزراعى وتحولت للاستيراد بهدف العمولات لمجموعة الحكم ومن حولهم، وقل الاهتمام بالمشروعات الزراعية ولابد ان تغير الثورة كل هذا، وتعيد التقدير والقيمة للقطاع الزراعى بعد سنوات الإهمال، والاهتمام بها على اعتبار انها وسيلة للتصنيع الزراعى والعمل على حل مشكلات الزراعة والاهتمام بالتعاونيات الزراعية مثلما فعلت هولندا والدنمارك والهند، وذلك للتغلب على مشكلة تفتيت الملكيات الزراعية وضمان زراعة المحاصيل الزراعية مثل القمح والقطن. ما هو تقييمك لأداء وزراء الزراعة فى حكومات الثورة؟
ـ مع الأسف لم يع هؤلاء الوزراء أنهم فى حكومة انتقالية، لذلك كان يجب عليهم تنفيذ خطط قصيرة المدى لها مردود سريع على الفلاح المصرى، وكان يجب عليهم عمل تدريب تحويلي لموظفى الارشاد الزراعى، ودراسة مشاكل الفلاحين الآنية مثل مشكلة الأسمدة ومياه الرى والعمل على حلها بسرعة ولأن هذا لم يحدث فلم يشعر الفلاح بأن الثورة أفادته فى شىء ومن ثم زادت ثورتهم فى الفترة الماضية.
< لو كنت وزيرة للزراعة فى الحكومة الفعلية ما هو أول قرار ستتخذينه؟
ـ أول قرار هو إعادة الحقوق للفلاحين والمزارعين التى تم اغتصابها على مدار السنوات الماضية مما أفقدهم ولاءهم وانتماءهم للعمل الزراعى، فالسياسات الزراعية السابقة كانت تدعم الفلاح الأجنبى على حساب الفلاح المصرى حيث كانت الحكومة تشترى المنتج الأجنبى بسعر أعلى من الانتاج المحلى،و هو ما جعل كثيراً من الفلاحين يهجرون الأرض الزراعية لذلك فأول قرار لابد ان يكون بتوفير الدعم اللازم للمزارعين لشراء مستلزمات الانتاج مثلما يحدث فى أوروبا وأمريكا كذلك سأعمل على استعادة مكانة ودور الارشاد الزراعى لأنه أمر محورى فى تطوير الانتاج الزراعى وتنميته، وانشاء مزارع نموذجية للفلاح ليزيد من انتاجه.
< وماذا عن المشروعات الزراعية الكبرى؟
ـ لابد من العمل أولاً على استكمال مشروع تنمية سيناء، فهو أهم كل هذه المشروعات فسيناء الآن لا يقطنها سوى «350» ألف نسمة رغم أنها يمكن ان تستوعب ملايين المواطنين وهذا الخلل سببه عدم الاهتمام بالمشروعات الزراعية بها، لذلك لابد من السعى أولاً لتنمية سيناء من خلال مشروع متكامل يعتبر الزراعة هو العمود الفقرى له، ولابد أن تكون لها الأولوية، أما باقى المشروعات الأخرى مثل مشروع توشكى فلابد من إعادة النظر فيها خاصة ان حزب الوفد كان له موقف سابق من هذا المشروع الذى استوعب مليارات دون أن يكون له أى عائد يذكر، فهو من المشروعات الفاشلة التى يجب اعادة دراستها، على الجانب الآخر يجب ان يتم استكمال المشروعات الانتاجية الحقيقية التى تفيد الوطن، أما ما تم تنفيذه من أعمال فى توشكى فيمكن العمل على الاستفادة منها دون استنفاد المزيد من أموال الوطن.
< وما هو رأيك فى مشروع ممر التنمية؟
ـ الدراسات المبدئية للمشروع جيدة، ولكنه يحتاج لرؤوس أموال ضخمة، ومن هنا يمكن العمل فيه على مراحل مع البدء بالمحافظات التى تعانى من مشاكل اقتصادية أكبر لتوفير فرص عمل لشبابها كذلك هناك العديد من الأبحاث تؤكد وجود مخزون مياه كبير فى الصحراء الغربية، لذلك يجب الاستفادة منه فى اقامة مجتمعات زراعية عليها، ويمكن اعتبار هذه المجتمعات هى نواة لمشروع ممر التنمية.
< هل يمكن ان تحقق مصر اكتفاء ذاتياً من القمح حتى نملك قرارنا السياسى؟
ـ من الصعب عمل اكتفاء ذاتى من القمح بشكل كامل نظراً لمشكلة المياه، ولكن يمكننا عمل اكتفاء نسبى بما لا يقل عن «60٪» من احتياجاتنا وهى نسبة آمنة بحيث توفر معظم احتياجاتنا وتجعلنا نملك قرارنا السياسى دون الرضوخ لأى دولة أجنبية.
< بما أنكِ شغلتِ منصب رئيسة لجنة المرأة بالوفد لفترة طويلة، لماذا تحجم المرأة المصرية عن المشاركة فى العمل السياسى؟
ـ الظروف السياسية التى عاشتها مصر طوال الـ«30» عاماً الماضية،دفعت المرأة للاحجام عن العمل السياسى والرجال أيضاً بسبب انتشار العنف والبلطجة وسطوة رأس المال وتزوير الانتخابات هذا بالاضافة الى نظرة المجتمع للمرأة التى أبعدتها عن العمل السياسى وجعلتها تحجم عن الاشتراك فى الأحزاب السياسية ومن ثم زادت الفجوة بينها وبين العمل السياسى، وزاد شعور المرأة بأنها مهما فعلت ومهما بذلت من جهد لن تصل لأى شىء، حتى تجربة الحكومة نفسها باءت بالفشل لأن «62» مقعدًا من الـ«64» المخصصة للسيدات فازت بها عضوات بالحزب الوطنى وهذا زاد من احباط العاملات فى المجال السياسى وزادهن احجاماً.
< وبعد الثورة ما هو تقييمك لمشاركة المرأة؟
ـ بعد الثورة اعتقدت النساء أنهن سيحصلن على حقوقهن السياسية خاصة مع تفعيل نظام القائمة النسبية التى تضمن للمرأة مشاركة فعالة فى العملية السياسية ولكن ما قامت به بعض التيارات الدينية من تناقض حيث قامت باستغلال المرأة فى الدعاية السياسية، بأنها موجودة فى قوائمها، وفى الوقت نفسه جاءت تصريحاتهم لتؤكد ان صورتها عورة ومع ذلك سعوا لكسب أصواتهن مما أصاب المجتمع بصدمة شديدة، فالله تعالى خاطب فى كتابه الكريم المؤمنين والمؤمنات معاً ولم يفرق بينهما. وورد فى الأثر الصالح ان عمر بن الخطاب قال «أصابت امرأة وأخطأ عمر»، فهذه التيارات الدينية المتشددة تدعو لعودة النساء لعصر الجاهلية، وليس لعصر الاسلام فما يفعلونه سيجر الأمة إلى الخلف وسيؤدى الى تشويه صورة الاسلام فى العالم كله فهم بذلك يضرون الاسلام وليس مصر فقط. فالثورة قامت على أكتاف النساء والرجال معاً، فقد شاهدنا الفتيات والشباب فى ميدان التحرير هم قادة الثورة خرجوا معاً مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية وهذا لن يتحقق الا بمشاركة المرأة والرجل معاً.



ليست هناك تعليقات: