الخميس، 24 نوفمبر 2011

الثورة الثانية - عقارب الساعة تعود إلي 25 يناير.. ما أشبة اليوم بالبارحة


عشرة مشاهد، 
أعادتها الثورة الثانية للحياة بنفس تسلسل الأحداث والعفوية


فما يحدث الأن في التحرير هو سيناريو مكرر للثورة الأولي ولكن مع اختلاف بسيط، فبدلاً من مبارك وصفوت وزكريا وسرور ونظيف، صار لدينا أهداف أخري هم طنطاوي وعنان والفنجري وعصام شرف. تكون مشاهد الثورة الأولي عشرة مشاهد، أعادتها الثورة الثانية للحياة بنفس تسلسل الأحداث والعفوية، وكأن المجلس العسكري لم يجد خلال تلك المدة في الحكم من يمنحه دليلاً لإدارة البلاد سوي ما تركه مبارك من قمع وتسلط وعناد. 
المشهد الأول:
مقدمات الغضب مقدمات يناير هي نفسها مقدمات نوفمبر.. ففي الأولي كانت هناك حالة غضب من انتخابات مجلس الشعب الذي تم تزويرها، بالاضافة إلي عدم محاكمة المزورين وتعامل الداخلية القمعي مع المواطنين والتعذيب الذي راح ضحيته الآلاف منهم خالد سعيد، في ظل زيادة الأوضاع الاقتصادية سوءا وارتفاع نسبة الفقر والبطالة والأسعار. 
وكلها مقدمات الثورة الثانية، حيث كان مجلس الشعب المرتقب عاملاً فاعلاً بالسماح بترشيح الفلول وتعطيل قانون العزل السياسي لأعضاء «الوطني» المنحل، وبطء المحاكمة المدنية للفاسدين وقتلة المتظاهرين، مع إحالة المدنيين من الثوار إلي محاكم عسكرية، أمثال علاء عبد الفتاح وغيره، بالاضافة إلي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار بدرجة كبيرة، كما كان لوثيقة السلمي دور غير كبير، حيث انتهت مليونية الجمعة وغادرت القوي السياسية التحرير وبقيت باقي المطالب حاضرة من الشباب وأهالي الشهداء. 
المشهد الثاني: 
حشود مبهرة في كلا اليومين كانت الدعوة سابقة للتظاهر قبل عدة أيام وإلا أن أحدا لم يتصور أن التحرير سيشهد مليونية ضخمة تسقط النظام في الثورة الأولي وتهز السلطة الحاكمة في الثورة الثانية.. فتوافد المواطنين من كل الفئات في حشود عفوية تندفع من كل مكان نحو هدف واحد. 
المشهد الثالث: 
غباء الأمن كان غباء الشرطة والتعامل الأمني الخاطئ سببًا في اشتعال الثورة في يوم 25 يناير كانت المطالب التي رفعت في بداية اليوم تقتصر علي الحرية والعدالة الاجتماعية ولم يهتف أحد بسقوط النظام وعندما صدرت تعليمات مليشيات العادلي في جميع المحافظات بالتعامل بشكل قمعي مع المظاهرات وحاول الأمن المركزي تفريق الثوار بالقتل، تحول الهتاف ليلا إلي «الشعب يريد إسقاط النظام» وبدأ الشعب يتوافد من كل اتجاه إلي الميدان وهو تقريبا نفس ما حدث يوم 19 نوفمبر الماضي، فبعد انتهاء المليونية الرسمية بقي مئات الأفراد من أهالي الشهداء معتصمين في التحرير لحين تحقيق مطالبهم، ولكن عندما تعاملت مليشيات العيسوي بقسوة معهم توافد الثوار لنصرة المعتصمين، وحينما استردوا الميدان بعدد من الضحايا، تصاعد الهتاف إلي «الشعب يريد إسقاط المشير» خاصة بعد سقوط أول شهيد. 
المشهد الرابع: 
أجندات خارجية الكلام عن الأجندات الخارجية كان القاسم المشترك بين ثورتي يناير ونوفمبر، ففي الأولي خرج علينا صفوت الشريف بتصريحات يؤكد فيها أن «بعض أصحاب المواقع السياسية والنشطاء انحازوا إلي قوي تريد هدم مصر وأن الشباب رفض التظاهر والخروج عن الشرعية ولن يمكنوا اصحاب الفوضي من تحقيق أمل إسقاط الدولة». 
الشريف قال أيضا: إن هناك ضرورة للحوار مع الشباب لتلبية مطالبهم حتي لا يتركوا البلد نهبًا لبعض ذوي الاجندات الخاصة الذين يحاولون استغلال الشباب لتحقيق أهداف خاصة وأطالب أصحاب هذه الاجندات أن يرفعوا ايديهم عن الشباب وقال الشريف إن هناك مجموعة تتحرك لاستغلال الموقف وتثير مطالبات سياسية بعيدة عن الواقع، واشار الي أن، حدث أيام الثورة أمر عادي من الشباب ومستخدمي الفيس بوك وهناك بعض السياسيين الذين استغلوا الموقف لتهييج الشباب. 
وكذلك فعل اللواء محسن الفنجري عضو المجلس العسكري في اليوم التالي لمليونية المطلب الواحد، وإن اختلفت فقط في الألفاظ وطريقة التعبير، مؤكدا أن قوي سياسية تلعب في ملف الشهداء وتمول الاعتصام متهمًا رؤساء الأحزاب والسياسيين بأنهم لا يهمهم صالح مصر وان التحرير لا يمثل اغلبية الشعب المصري، واصفا ما يحدث بأنه محاولة لهز العمود الذي ترتكز عليه الدولة، وراح يؤكد أن مطلب تغيير الحكومة معناه إسقاط الدولة. 
المشهد الخامس: 
الاستجابة المتأخرة نادي الثوار بحل مجلس الشعب وإقالة حكومة نظيف، ولكن النظام عاند ولم يستجاب إلا عندما ارتفع سقف المطالب بمحاكمة صفوت الشريف وزكريا عزمي وأحمد عز وفتحي سرور، وقدمت الحكومة استقالتها وأعلن مبارك نفسه عن تنفيذ أحكام بطلان الانتخابات، ولكن الاستجابة المتأخرة جعلت الثوار يرفعون سقف مطالبهم إلي إسقاط النظام، وعدم حل المجلس وإقالة الحكومة. الآن يكرر المجلس العسكري نفس الأخطاء، فالمطالب في البداية كانت بسيطة..تفعيل صندوق رعاية مصابي الثورة واستفادة اهالي الشهداء والمصابين منه فعليا، ولكن عناد «العسكري» أشعل الموقف حتي نادي الثوار بإسقاط الحكومة، وتأخرت الاستجابة فطالب الثوار بإسقاط المجلس وعلي رأسه المشير نفسه. 
المشهد السادس:
 تشويه الثوار لم يسلم الثوار في المرتين من عمليات التشويه المنظمة.. ففي يناير دار الحديث عن رشاوي الوجبات الجاهزة والدولارات التي يحصل عليها كل متظاهر بالتحرير، ووصلت عمليات التشويه المتعمدة إلي حد إطلاق شائعات عن علاقات جنسية بين الثوار والثائرات.. وهو نفس ما يعاد إنتاجه للثوار الآن، حيث توجه لهم نفس قائمة الاتهامات بل إن إحدي الشائعات زعمت التحفظ علي خيمة في التحرير كان بداخلها عدة ملايين من الجنيهات لتوزيعها علي الثوار. 
المشهد السابع: 
خطاب مبارك والمشير لم يخرج مبارك علي الثوار ليلقي كلمة إلا بعد أربعة أيام من اندلاع الثورة وتحديدا في 29 يناير، كذلك فعل المشير لم يخرج علينا بكلمة واحدة إلا في نفس توقيت سلفه والغريب أنه في يناير دارت التسريبات مساء يوم الثورة عن أن مبارك سيلقي كلمة بعد دقائق وظل الجميع في انتظار الكلمة دون أي استجابة حتي خرج علينا صفوت الشريف بتصريحات وهو نفس ما فعله المشير طنطاوي عندما دارت التسريبات عن أنه سيلقي كلمه عقب أحداث التحرير لكن ما حدث هو ان الفنجري تولي الخروج بدلاً عنه بتصريحات مشابهة ومستفزة أيضا. 
المشهد الثامن: 
استقالة الحكومة قدمت حكومة أحمد نظيف استقالتها بعد ثلاثة أيام من اندلاع الثورة وكذلك فعلت حكومة عصام شرف.. ففي مساء جمعة الغضب اعلن استقالة حكومة نظيف بعد اجتماع في رئاسة الجمهورية، حيث طلب منها تسيير الأعمال لحين اختيار الحكومة الجديدة، كما دعيت حكومة شرف إلي اجتماع في مقر المجلس العسكري وضعت الحكومة استقالتها تحت تصرف المجلس العسكري الذي رفضها ولم يعلن موقفه منها حتي مساء مليونية الإنقاذ. 
المشهد التاسع: 
تليفزيون التضليل لم يكن الإعلام الرسمي منصفًا للثورة في المرتين، بل لعب دور المحرض ضد الثوار، ففي يناير لعب أنس الفقي وزير الإعلام دورًا كبيرًا في محاولة إفساد الثورة وخلق رأيا عامًا مضادًا لها، فكان يختار ضيوف البرامج من المناهضين للثورة، وحاول تشويه كل الحقائق التي حدثت في التحرير، حتي أن بعض المسئولين خرجوا ليحرضوا الشعب علي الثوار علنا، ولعب الفقي دوره في تخويف المواطنين من استمرار الثورة. ونفس الدور لعبه أسامة هيكل وزير إعلام الثورة الذي حاول ان يسير علي درب سلفه الفقي في إدارة التليفزيون الرسمي للدولة ومن يشاهد الإعلام الرسمي الآن يتصور للوهلة الأولي ان أنس الفقي مازال يدير التليفزيون ومسيطرًا عليه. 
المشهد العاشر: 
* دعوة الحوار الدعوة للحوار كانت القاسم المشترك بين السلطتين: طنطاوي ومبارك.. في الأولي جاءت الدعوة علي لسان صفوت الشريف للحوار مع القوي السياسية بهدف التوصل لصيغة تفاهم، ولكن جميع الأحزاب الكبري رفضت الدعوة وأصرت علي الانحياز للشارع، تليها الدعوة الثانية علي لسان عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق الذي دعا الي عقد اجتماع موسع لإجراء حوارات مع المعارضة، وهو نفس ما فعله المجلس العسكري بعد ثلاثة أيام من غضب التحرير وتوالي سقوط الشهداء، حيث دعا القوي السياسية لاجتماع عاجل للحوار بعد إعلانه عن تشكيل لجنة تقصي حقائق بشأن أحداث التحرير.

ليست هناك تعليقات: