الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

اللعب الآن بالثورة على المكشوف.. نعيش مرحلة سقوط الأقنعة


تشفير لمحاكمة المخلوع وعصابته 
النظام الأمنى أعاد تركيب آلته القديمة بكامل أجزائها 
إعادة قانون الطوارئ للخدمة 
إظهــــار العين الحمـــراء للإعــــلام 
تبدو كل الأطراف فى حالة انكشاف تام، وكأنهم حددوا تاريخ صلاحية هذه الثورة 
 بعدة شهور فقط، ليعود كل شىء إلى حالته القديمة


اللعب الآن على المكشوف.. الثورة فى ناحية، والذين يديرون الأمور فى الناحية المقابلة، وحولهم ائتلاف مكون من «حزب الحصرم» وحزب «الكانتو». أما حزب الحصرم فهم الذين استعجلوا قطف الثمار قبل نضوجها على الشجر ، أولئك الذين أرادوا لمصر أن تركض بأقصى سرعة، بينما هى خارجة للتو من كوكتيل عمليات جراحية، أكبرها وأخطرها جراحة «قلب مفتوح» وأبسطها عملية الرباط الصليبى فى الركبة. وأما «حزب الكانتو» فهم هؤلاء الذين نهضوا من حاويات نفايات النظام البائد، ووجدوا ضالتهم فى مقولة تملأ الفضاء السياسى فى مصر هذه الأيام مؤداها أن المجلس الذى يدير البلاد ويحكمها يقف على مسافة واحدة من مختلف الأطراف، ولا معنى لذلك أن علاقته بالثورة لا تزيد أو تنقص عن علاقته بالثورة المضادة، وأن موقفه من الشباب الثائر الذى صنع التغيير، يتساوى مع موقفه مع الفلول.. باختصار نحن نتعامل مع إدارة للثورة ترضى جميع الأذواق، وتناسب جميع الأعمار. إن المشهد يبدو شديد القتامة والعتامة ونحن نقترب من نهاية فترة الأشهر الستة الانتقالية، وتأمل معى قائمة هدايا مديرى الثورة ووكلائها فى الأسبوعين الماضيين:
تشفير لمحاكمة المخلوع وعصابته باستصدار قرار بحظر النشر فى القضية أوجد حالة من الريبة والتوجس فى كل ما يجرى، كان أعنف تجلياته هذا الزلزال الذى ضرب مصر عقب إدلاء المشير بشهادته أمس، وما نشر عن احتفالات صاخبة لأنصار المخلوع بهذه الشهادة، يقابلها سرادق عزاء فى الثورة يمتد بطول وعرض شبكات التواصل الاجتماعى. إعادة قانون الطوارئ للخدمة بعد أقل من ثمانية أشهر من خلع الديكتاتور الذى حكم مصر بهذا القانون الكريه طوال ثلاثين عاما، وأراد أن يورث الحكم لابنه من خلاله. إظهار العين الحمراء للإعلام، باستخدام سياسة «رأس الذئب الطائر» متمثلة فى إغلاق مكتب قناة الجزيرة مباشر مصر، ووقف العمل بالتراخيص المؤقتة للقنوات الجديدة، ثم مصادرة عدد من صحيفة «صوت الأمة» بحجة خرق قرار حظر النشر فى محاكمة القرن.وروز اليوسف لحظر النشر فى قضية جاسوسة وما حدث مع الزميل الباحث السياسى المحترم الدكتور عمرو الشوبكى فى مطار القاهرة أول أمس باستيقافه لفترة لدى عودته من المشاركة فى ندوة عقدت فى بيروت عقدتها المنظمة العربية لمكافحة الفساد، حيث وجد نفسه مدرجا مرة أخرى على قوائم ترقب الوصول، وهو الإجراء الشائه الذى كان يستقبله فى كل عودة من الخارج أيام النظام الساقط.. وإذا وضعت هذه الواقعة بجوار احتجاز صحفية فرنسية فى مطار القاهرة وترحيلها إلى بلادها بتهمة «الإساءة لسمعة مصر» لأنها تغطى الاحتجاجات العمالية على مدار سنوات مضت قضتها فى القاهرة، فإن النتيجة هى أن النظام الأمنى أعاد تركيب آلته القديمة بكامل أجزائها، بعد أن تخيلنا أنها أحيلت إلى الاستيداع بعد الثورة. إننا باختصار نعيش مرحلة سقوط الأقنعة، حيث تبدو كل الأطراف فى حالة انكشاف تام، وكأنهم حددوا تاريخ صلاحية هذه الثورة بعدة شهور فقط، ليعود كل شىء إلى حالته القديمة. وما كان يفسر ويبرر قبل ذلك بأنه نتيجة عدم فهم وقلة خبرة فى الإدارة، يبدو أنه عكس ذلك، وربما كان ناتجا عن «فرط فهم» وزيادة خبرة فى قتل الأحلام. غير أنه مهما حدث، تبقى الثورة أكبر من الجميع، ويبقى هذا الشعب قادرا على الإبداع فى الدفاع عن حلمه.
- وائل قنديل

ليست هناك تعليقات: