الخميس، 29 سبتمبر 2011

إسرائيل والبابا شنودة.. عداء قديم لن ينتهي



مخطط صهيوني للقضاء علي الكنائس المصرية في فلسطين


إسرائيل والبابا شنودة.. عداء قديم لن ينتهي ، هذا هو عنوان واقع شهدته الايام والسنون علي مدار ما يقرب من 45 عاماً بسبب محاولة الدولة الصهيونية القضاء علي الكنائس القبطية والاستيلاء علي أجزاء منها وتهويدها.
ولأن الكنائس في فلسطين لم تسلم من النهب وعمليات السطو ومحاولات محو الهوية، إلا أن إسرائيل تخطط بشكل او بآخر لضم الكنيسة القبطية المصرية في القدس إلي آثارها، وما يزيد خطورة الوضع العمل علي تهجير الطوائف المسيحية من قوات الاحتلال، إضافة إلي استيلاء سلطات الاحتلال علي مبني النوتردام وأملاك الكنيسة الأرثوذكسية ، ناهيك عن الانتهاكات المستمرة علي الكنائس الأخري.
يأتي اعتقادي بأن إصدار البابا شنودة الثالث البطريرك (117) منذ 1971م قرارًا بمنع زيارة الأقباط للأراضي المقدسة جاء أمام تعنت إسرائيل بعدم تنفيذ حكم المحكمة بتسليم دير السلطان للأقباط، وعلق قداسته حول هذا الشأن وقتها قائلاً: "أن الدير أرض مصرية يملكها مصريون داخل القدس، قامت إسرائيل باغتصابه، وأن الكنيسة القبطية ورياستها الدينية قد تركت هذا الموضوع وحله للحكومة المصرية التي تعرف الموضوع تمامًا سواء علي مستوي الرئاسة أو وزارة الخارجية".
أما رئيس وزراء مصر الراحل "كمال حسن علي "فعلق علي مشكلة دير السلطان في كتابه (محاربون ومفاوضون) قائلاً: "إن إعادة الدير لملاكه الأصليين، يجب أن يكون لها وزنها عند التفكير في ميزان تطبيع العلاقات المصرية - الإسرائيلية، ولعل تسليم الدير للأقباط الأرثوذكس يعد تنفيذا لأكثر من ستة أحكام صدرت من المحكمة الدستورية العليا في إسرائيل بأحقية الكنيسة القبطية المصرية في الدير، إن منح الحكومة الإسرائيلية هذا الدير للأحباش الإثيوبيين، وهو شيء لا تملكه، يعتبر خرقًا فاضحًا للسياسة الإسرائيلية ".
والواقع أن الحكومة المصرية تبذل جهودها لحل مشكلة دير السلطان، ففي الاجتماعات التي دارت بين الوفدين المصري والإسرائيلي في سنة 1986م وقعت مشادة حول الدير عندما طالب الوفد المصري بأن تتخذ إسرائيل موقفًا ايجابيا، خصوصًا وأن هذه القضية تمثل تأثيرًا بالغ الأهمية علي العلاقات المصرية الإسرائيلية وعندما اعترض الوفد الإسرائيلي حدثت مشادة عنيفة حولها بين السفير المصري "بدر همام "والسفير الإسرائيلي "كيدار" وعلق همام قائلاً: "ماذا تريد إسرائيل؟ هل تريد التسويف كما هي العادة".
وكان الوفد المصري برئاسة "نبيل الغمري" قد أكد لـ "إسحق شامير" رئيس وزراء اسرائيل وقتها أثناء استقباله للوفد اهتمام مصر بقضية دير السلطان، وبأنها لا تقل عن اهتمام مصر بقضية طابا - عادت طابا إلي مصر بعد صدور حكم من محكمة العدل الدولية ورفع العلم المصري في ابريل 1989م- والمشاكل الأخري المعلقة بين البلدين.
وأكد الدكتور "عصمت عبد المجيد" وزير خارجية مصر في سنة 1985م في لقاء مع نيافة الأنبا باسيليوس مطران طائفة الأقباط بالقدس، علي أهمية عودة أملاك الأقباط المغتصبة في القدس ويأتي علي رأسها دير السلطان.
وبعد نياحة الأنبا "باسيليوس" عام 1991م والذي أصدر كتاب ملكية دير السلطان للأقباط الأرثوذكس عام 1961 يحوي الكثير من البراهين والمستندات التي لا تقبل الشك في أحقية الدير للأقباط علي مر العصور وبعده تولي الأنبا "أبراهام" مطران الكرسي الأورشليمي والشرق الأدني، وهو يبذل جهودا مضنية في سبيل عودة الدير للكنيسة القبطية وهذا ما نتمناه...


من المعروف والمؤكد ان "خان الاقباط" الواقعة في منطقة حارة النصاري بالقدس والمعروفة أيضاً باسم بركة "باب الخليل" أو بركة "حارة النصاري" والتي كان يملكها الاقباط إلا ان اسرائيل قامت بتغيير اسمها الي بركة "حزقياهو".
وقتها أصدرت الكنيسة القبطية بالقدس بيان شجب واستنكار لما تقوم به البلدية الاسرائيلية في القدس من اعتداء علي حرمة بركة "خان الاقباط" في البلدة القديمة من القدس، والتي هي تحت تصرف الكنيسة القبطية منذ عام 1838م. وناشدت الكنيسة جميع المؤسسات والجمعيات الحقوقية والمجتمع الدولي لدعم الحفاظ علي الحقوق والمقدسات الدينية في القدس.
جاء هذا البيان عقب بدء "بلدية القدس" بالتعاون مع سلطة تطوير القدس ووزارة حماية البيئة بتنظيف هذه البركة التي أسمتها وسائل الاعلام الاسرائيلية والبلدية بركة "حزقياهو"، والمعروفة أيضا ببركة الأبراج إذ تبلغ مساحتها ثلاثة دونمات، وهي مخفية إذ إنها تقع خلف الدكاكين والمنازل في باب الخليل وسويقة علون وحارة النصاري وخان الاقباط، وهذه البركة تاريخية إذ كان لها دور مركزي في توفير المياه في العهود الغابرة وحتي القرن التاسع عشر.
وبعد احتلال مدينة القدس في 1967 وعلي مدار سنوات طوال أهملت هذه البركة وتحولت الي "مزبلة" غير رسمية للحارة، وتراكمت فيها العديد من أطنان القمامة، وبين القمامة تتسرب اليها مياه الصرف الصحي اضافة الي مياه الشتاء مما جعل أو حوّل هذه البركة الي موبئة صحية حقيقية في قلب منطقة مأهولة بالسكان.
وبعد الانتهاء من عملية تنظيف البركة أعلنت البلدية أنها سترسل فاتورة تكاليف التنظيف الي الجهات الثلاث أصحاب البركة، وتصل هذه التكاليف، أي قيمة هذه الفاتورة، الي 3 ملايين شاقل، وادعت السلطات الاسرائيلية أن عملية التنظيف جاءت بالتنسيق مع الشرطة.
لا بدّ من الاشارة الي أن المسئول عما وصلت اليه البركة من وضع سيئ جدا هو من يقطن في تلك المنطقة إذ إنهم لو تعاونوا جميعاً، وتفادوا القاء القمامة في البركة لخففوا من عبء الوضع المزري.
ويتحمل المسئولية أيضاً الخلاف علي ملكية أو الوصاية علي البركة، ولا بدّ من التوصل الي اتفاق للقيام بتنظيفها سنوياً سواء من خلال عمل تطوعي لسكان المنطقة من خلال تعاون بين الجهات الثلاث علماً أن البركة معروفة باسم بركة الاقباط والكنيسة القبطية مسئولة عنها منذ ما يقارب القرنين من الزمن.
ولا بدّ من الاشارة الي ان جميع الاملاك (العقارات) المحيطة بالبركة من جميع الجهات تعود ملكيتها للكنائس المسيحية وخاصة الاقباط والروم الارثوذكس وجزء من العقارات هي ملك لحراسة الاراضي المقدسة. وكان بالامكان اثبات الوجود من خلال تنظيف البركة سنويا، وبعد الاحتلال الاسرائيلي فورا، لكن عدم تعاون الجهات الثلاث، فكل واحد يتهرب من مسئوليته اضافة الي عرقلة واضحة من البلدية لعملية التنظيف حتي تضع يدها عليها وهذا ما تم.
مصادر عديدة ذكرت ان هناك نية في استخدام الدكاكين المستأجرة كطريق للدخول للبركة وبصورة دائمة لان الجهات الاسرائيلية ستحول البركة الي مكان سياحي يهودي باسم "حزقياهو" لجني الاموال من ذلك، ولتهويد المنطقة، والادعاء بان هناك آثاراً يهودية في منطقة حارة النصاري، أي أنها خطوة للتوسع الاستيطاني أو اليهودي السياحي الي قلب الحي المسيحي في القدس بعد الاستيلاء عام 1990 علي فندق مار يوحنا قرب كنيسة القيامة والواقع مقابل الدكاكين المستأجرة لتنظيف البركة.
اعتقد انه من المؤكد ان كثيرا من الاساقفة والرهبان والكهنة طوال الوقت قد ناشدوا الدول العربية التدخل السريع لايقاف المخططات الاسرائيلية بالقدس، والهادفة الي تغيير معالمها الدينية الاسلامية والمسيحية، في الوقت الذي نستوعب فيه هذه الايام الي خطورة المعركة التي تخوضها الكنيسة الارثوذكسية للحفاظ علي أملاكها، واسترجاع ما تم تسريبه في الحقبة السابقة.
علي اي حال.. وما يؤكد اعتقادي اتذكر في ابريل عام 2007 حينما تقابلت مع السفير منذر الدجاني سفير فلسطين بالقاهرة صرح لي وقتها وكشف أن السبب الأول لقرار البابا شنودة الخاص بمنع الطائفة القبطية الأرثوذكسية من زيارة بيت المقدس الصادر عام 1980 هو الاعتراض علي قيام السلطات الإسرائيلية بسحب الكنيسة القبطية المعروفة باسم كنيسة دير السلطان وإعطائها للأحباش.
وقال في تصريحات صحفية اخري إن المجموعات التي تسافر لزيارة بيت المقدس، من الأقباط أو من المخالفين لقرار البابا لا يضيفون شيئا يذكر للاقتصاد الفلسطيني أو القطاع السياحي بقدر ما تتركه هذه الزيارة في نفوس أهل فلسطين، خاصة أن سلطات الاحتلال هي المسيطرة علي العملية السياحية كلها، وتأشيرات الزيارة لأراضي السلطة الفلسطينية تسيطر عليها، رغم أن الفلسطينيين يملكون 90% من شركات النقل السياحي والعديد من الفنادق فإن النتائج غالبا ما تكون صفرا.

ليست هناك تعليقات: