الجمعة، 12 أغسطس 2011

مبارك يُحاكم أمام القضاء .. وعقلية نظامه يحكم

تغيير نظام مبارك أكثر أهمية من محاكمته
.. الحكومة ترفض انتخاب المحافظين
... ؟؟؟ !!!
ولماذا نخشى الانتخابات التى لا يمكن فى غيابها إعادة مصر إلى أصحابها؟
بدون استبدال هذه العقلية سيظل نظام مبارك قائما فى شكل جديد يزداد.
رسوخا...لأنه يعطينا انطباعا بأنه يتغير...!!
قانون جديد ديمقراطى يهدف إلى تغيير بنية نظام مبارك بدءاً من
قاعدة المجتمع وليس فقط قمته.

http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/03/05/63ab766b-7716-4f25-ae61-8bec7fc9e90d_main.jpg 
حسنى محمد السيد مبارك فى قفص الاتهام. بدأت إجراءات محاكمته فى ٣ أغسطس الجارى. ولكن نظام حسنىمبارك مازال قائماً بعد ستة أشهر كاملة على تخليه عن المنصب الرئاسى. عقلية نظامه باقية، بل ربما تزداد رسوخا. وبنية هذا النظام موجودة فى أنحاء البلاد. وهذا هو أساس أى نظام حكم. فما النظام إلا بنية يستند عليها وعقلية يُدار بها. وكل ما عدا ذلك هو فى الأغلب الأعم شكل لا يؤدى تغييره إلى أكثر من «نيولوك». وقد أظهرت حركة المحافظين الثانية منذ تنحى مبارك مدى رسوخ عقلية نظامه. ففى الوقت الذى أُدخل قفص الاتهام ليمثل أمام المحكمة متهما فى قضيتى قتل متظاهرين وفساد مالى، كانت حركة المحافظين التى أُعلنت فى اليوم التالى قد أوشكت على الاكتمال.

وبالرغم من أن هذه هى المرة الثانية التى لا يوقع فيها مبارك قرار تعيين المحافظين الجدد منذ ثلاثة عقود، لم يغير ذلك من الأمر شيئا. فلا معايير هنالك ولا قواعد. لم يعرف أحد لماذا اختير هذا، ولا على أى أساس تم تفضيل ذلك.
وهذا هو ما كان يحدث فى عهد مبارك، حيث لا معايير أو قواعد، ولا شفافية تتيح للرأى العام معرفة كيف تُدار البلاد، ولا احترام بالتالى لأحد أبسط حقوقهم الأساسية. فلم يحدث أى تغيير فى العقلية التى يصح أن نخشى ترسيخها عبر تزيينها بشكل جديد لا يعدو أن يكون «ديكورا»، فى الوقت الذى توحى فيه محاكمة صاحبها بأنها تغيرت وبأن مثوله أمام القضاء ينهى نظامه بالرغم من أنه لا يزال قائماً وماثلاً أمامنا.
وإذا جاز التماس أعذار بشأن غياب المعايير فى التعديل الوزارى الأخير، بسبب الظروف الصعبة التى أُجرى فيها، فلا عذر فى الإصرار على تعيين المحافظين بالطريقة القديمة وبعقلية نظام مبارك فى الوقت الذى صار ضروريا انتخابهم.
والمفارقة، هنا، هى أن.. الحكومة ترفض انتخاب المحافظين ... ؟؟؟ !!! وتلجأ فى الوقت نفسه إلى ما أُطلق عليه استطلاع رأى المواطنين فى المحافظات! وليس مفهوما كيف يحدث مثل هذا الاستطلاع الغامض ومن الذى يجريه وبأى طريقة. ولكن المفهوم جيدا هو أنه لا يمكن أن يعبر، بافتراض إجرائه فعلا، عن الاختيار الشعبى.
وإذا كان هناك حرص بالفعل على آراء المواطنين، فلماذا لا نرجع إليهم بشكل مباشر ونترك لهم انتخاب محافظيهم بدلا من الإصرار على طريقة عقيمة، ولماذا نخشى الانتخابات التى لا يمكن فى غيابها إعادة مصر إلى أصحابها؟ الإجابة بسيطة للغاية: لأن عقلية نظام مبارك الاحتكارية التى تخشى مشاركة الشعب فى إدارة شؤونه العامة وتصر على إبقائه تحت السيطرة لاتزال تحكم البلاد فى الوقت الذى يُحاكم هو أمام القضاء.
وبدون استبدال هذه العقلية سيظل نظام مبارك قائما فى شكل جديد قد يزيده رسوخا لأنه يعطى انطباعا بأنه يتغير. فما حركة المحافظين الأخيرة، مثلها مثل سابقتها، إلا إعادة إنتاج لبنية نظام لا يمكن تغييرها بدون التحول صوب اللامركزية. ولا سبيل إلى ذلك بدون انتخاب المحافظين والمجالس المحلية وفق قانون جديد ديمقراطى يهدف إلى تغيير بنية نظام مبارك بدءاً من قاعدة المجتمع وليس فقط قمته.
فالطريق إلى تغيير بنية هذا النظام القائمة حتى الآن واضح وسهل وهو إعادة السلطة التى احتكرها إلى صاحبها وهو الشعب عبر عمليات انتخابية فورية لا تقتصر على المحافظين والمجالس المحلية بالرغم من أهميتها الفائقة فى وضع البنية الأساسية للديمقراطية فى القرى والأحياء والمدن.
فالخروج من نظام مبارك يتطلب أيضا إجراء انتخابات فورية على مستوى قاعدة المجتمع تشمل النقابات العمالية بعد إصدار قانون الحريات النقابية الذى أصبح جاهزاً، والاتحادات الفلاحية الحرة اللازمة للتعبير عن قطاع من الشعب والاقتصاد يرزح تحت سيطرة القوى التقليدية التى تعتبر جزءا لا يتجزأ من بنية هذا النظام. وعندما يشمل التغيير الجامعات المصرية أيضا عبر انتخاب رؤسائها ومجالسها وعمداء كلياتها، نكون قد بدأنا فى بناء نظام جديد ديمقراطى حقا لم نتقدم نحوه بعد بالرغم من كل مظاهر الصخب السياسى والاجتماعى فى الشارع.
ولذلك، فبالرغم من أن محاكمة مبارك تعتبر حدثا تاريخيا فى حد ذاتها، ولكنها لا تغنى عن تغيير نظامه. ولولا دماء شهداء الثورة الأبرار لربما أمكن القول إن تغيير نظامه أكثر أهمية من محاكمته.

ليست هناك تعليقات: