السبت، 9 يوليو 2011

مصابى الثورة بالسويس يكشفون تجاوزات الشرطة والجيش .فيديو


مصابى الثورة بالسويس
يكشفون تجاوزات الشرطة والجيش السويس
 «شرارة الثورة» تروي «حكايات غريب» أول شهداء يناير




إنها «السويس» هنا مقر حكايات الغريب، النضال والوطنية والجدعنة، شموخ الجبال التي تطل برأسها علي تلك البلاد يفسر لك المعادلة الخاصة جدا للسويس لم يكن الغريب مجرد اسم أطلقته المخرجة إنعام محمد علي علي فيلمها الذي حاول استعادة روح أكتوبر لكنه أقرب إلي «العلامة المسجلة».. فأول شهيد في ثورة يناير من مدينة السويس هو غريب عبدالعزيز 42 سنة وقد قتل يوم 25 يناير ليلا حيث جاء نصيبه في 13 رصاصة بأماكن متفرقة من لجسد ولأننا شعرنا بأهمية رد الجميل ولو بشكل معنوي إلي الغريب، وكل غريب وطني في السويس كان قرارنا بالذهاب إليها والحديث عن أول ثلاثة شهداء في ثورة يناير «شعلة الثورة» والذين وقعوا بالسويس ولم يعطهم الإعلام حقهم كما ينبغي. المكان السويس يحدها جنوبا محافظة شمال سيناء وشرقا محافظة البحر الأحمر والمدخل الجنوبي لخليج السويس وتقع سواحلها علي الطرف الشمالي وتبلغ مساحتها 400.25كم عدد سكانها 512135 ألف نسمة، رغم أنك لا تشعر بازدحام في شوارعها المنسقة، أشهر أحيائها حي الأربعين وهو أكثر الأحياء كثافة سكانية، ذو طابع شعبي أنشأوا عدة مناطق جديدة به مثل السادات، العبور والإيمان وهو الحي الذي سمي علي اسم مناضله مصرية من السويس شاركت في حرب الاستنزاف وحملت السلاح مثلها مثل الرجل الحي الوحيد الذي يغلب عليه الطابع الريفي هو حي الجناين والذي ينتمي إليه أيضا أحد شهداء يناير، حيث يضم مساحات واسعة مزروعة وبه نقطة وصل بين مصر والجميلة سيناء. 
بطولاتها لأننا سنتحدث عن شهداء يناير لا نرغب في نسيان شهداء حرب السويس العظيمة في 23 أكتوبر 1973 والتي يفخر بها أهل البلد ويظهر ذلك علي جدرانها ولوحات تخلد حقبة زمنية مهمة في حياة مصر. ولأن حكاية السويس وأكتوبر شهيدة بالقدر الكافي ستجد أن أهالي السويس وجدوا بطولات جديدة في سجلهم الحافل يرون عنها الكثير، إنها ثورة 25 يناير والتي بعد أيام قليلة سيمر عام كامل علي الثورة المكلومة ستجد جدران السويس سبقت إعلامنا الهزيل وسجلت أسماء أول شهداء سقطوا في الثورة علي أرضها بأيدي الشرطة المصرية، ستجد جدران مبني المطافي بالأربعين مازالت تحمل آثار الحرائق التي حدثت ولم يتم تجديده دون مبرر واضح فاكتفت اللجان الشعبية بالسويس بأن تجعله جدارية تسجل الملحمة الجديدة وتكتب أعلاه «سجل يا تاريخ السويس شرارة الثورة».
داخل مدينة السويس المدنية التي لا ينطفئ لها أنوار كما أقسمت منذ عام 1973 عندما حاصرها الإسرائيليون وقطعوا عنها الكهرباء لكنها حافظت علي الإضاءة وظلت شوارعها مضيئة.. ذهبت «الأهالي» بصحبة عبدالحميد كمال وسيد مليجي، والمخرج منصور غريب رفقائي في الرحلة لنبحث عن منازل أول ثلاثة شهداء ونستمع لأسرهم الجميلة وندندن بيننا وبين أنفسنا «يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي أستشهد تحتك وتعيشي إنتي» ليأتينا أثير صوت الراحل محمد حمام من علي المقاهي ممزوجا بنشرة أخبار تتحدث عن مطالب ثورة لم تتحقق بعد ومازالت صور شهداء السويس تزين المباني يجاورها صور شهداء 73 ولكن شتان فالفرق كبير وقد أخجل من ذكره لأن الرصاص الذي قتل به شهداء أكتوبر هو رصاص العدو أما شهداء يناير..!!



ثقافة المقاومة تجعل عيون السوايسة تشع إذا ما سألناهم عن منازل الشهداء حتي أن البعض يترك ما يقوم به ليأتي معنا حتي المنزل ثم يتركنا ويقول «ده أقل حق ليهم عليا» هكذا كانت الصورة قارئي العزيز من السويس في ساعات قليلة حاولنا نتحدث فيها مع أسر أول ثلاثة شهداء في ثورة يناير أهم حدث مضي في 2011. 
ميدان الشهيد فوجئت بميدان كبير يتوسطه مبني صغير كتب عليه ميدان الشهيد شريف رضوان واعتلت صورته المبني ورغم أنه قرار شعبي ولم يكن قرارا جمهوريا أو رسميا من إحدي المؤسسات الحكومية فقد لاحظت أن أهالي السويس لم تنتظر لا حكم محكمة ولا إذن لتطلق علي ميادينها وشوارعها أسماء شهداء لم يأخذ الوطن حقهم بعد، وعلي بعد خطوات يأتي منزل والد الشهيد الحاج سيد رضوان بالطابق الثالث في منزل بسيط أكثر ما تلاحظه عيناك حين تدخله صور شريف الكثيرة وكأن الذاكرة تأبي نسيانه بكل الصور وتكتب أسفل الصورة (28 يناير)، الحاج سيد رضوان محمد يقول ل «الأهالي» ابني عمره 30 عاما يعمل كهربائيا بإحدي الشركات ومتزوج ولديه طفلان أعمارهما بين 5 سنوات و7 سنوات، ذهب للصلاة في جامع الأربعين يوم 28 يناير الماضي وكان معه إخوته الثلاثة ثم تفرقوا وعلمنا بعدها بنبأ قتله بالرصاص، شريف كما يقول الأب في نفس اليوم إغتم لمنظر عساكر الأمن المركزي البائسة وسمعهم يتحدثون عن طعام فذهب لشرائه لهم وإعطائه لهم وهو ما أدهش أخيه تامر، شريف أثناء مسيرة لقسم الأربعين وأمام عمارة إبراهيم فرج رجل الأعمال الذي اختبأت الشرطة بمنزله لتقتل المصريين جاءت إحدي الطلقات لشريف أثناء محاولته مساعدة أحد المصابين لتأتيه في الصدر وبعد نقله للمستشفي علموه بوفاته وذهب أخاه ليأتي به للمنزل لدفنه في الصباح ويغشي الأب عليه من هول الصدمة وينتظرون الصباح عل الليل كاذب. 
يضيف الحاج سيد أنه في الصباح جاءه أصدقاء شريف وطالبوهم بإعادة الجثة إلي المشرحة لتسجيل شهادة ابنهم وأخذ حقه وهو ما فعلوه، يروي الحاج سيد أن إبراهيم فرج رجل الأعمال يتم محاكمته الآن لأنه متهم بقتل 7 أشخاص ضرب عليهم الرصاص من منزله، وهو ما جعل بعض أبنائه يعرضون مليون جنيه علي والد شريف في مقابل التنازل عن بلاغه لكنه رفض قائلا: «لا أوافق والسوايسة كمان مش هايفقوا ده يمكن يحرقوا بيتي».
 شهود العيان تؤكد أن أفراد الشرطة وقتها (28 يناير) علموا بتجمعات قادمة تجاه قسم السويس فاعتلت الأسطح لمنعهم بالرصاص، ورغم بطء المحاكمة التي يشكو منها والد الشهيد لكنه يرفض أخذ القصاص بيديه ويترك الحق للدولة.. إذا كان لديها النية يعني في أخذه، خاصة أنه يفسر البطء باستمرار نظام مبارك.. عم سيد يستعيد ذكرياته في 26 يناير بعد علمه بسقوط أول شهيد بالسويس قائلا: نبهت علي أولادي بعدم الاحتكاك بالشرطة لأنهم عندهم أولاد.
 ظالم وبعد فترة من الوقت ذهبنا إلي منزل أحد أوائل شهداء السويس سليمان صابر الشهير «بمحسن» والذي استشهد يوم 25 يناير برصاصتين في القلب ورصاصة في ذراعه. قابلنا شقيقه «سامح» ليروي لنا ما حدث: سليمان صلي المغرب وذهب ليري ما يحدث، أمام نافورة الأربعين فوجد الشرطة تضرب المتظاهرين فهتف معهم وحاول التدخل لفض الاشتباكات فأحد الضباط عنفه وبعدها انقطعت الكهرباء تماما عن المكان وحدث ضرب نار عشوائي أصاب شقيقي في صدره ومات في لحظتها، قبل ضرب النار هاتفته زوجته فطمأنها أنهم يضربون «خرطوش وبلي» ويتفاداه بظهره وعندما اتصلت به مرة أخري كان قد توفي. سليمان لديه أربعة أبناء هم محمد وجمال ورحمة وأحمد وهو الذي ولد بعد وفاته بشهور ولم يره، سامح يصف شقيقه بأنه «مالوش في السياسة» لكنه يجيد الاستماع للنشرة ومتابع جيد، حزن كثيرا عندما فاز أحمد عز في الانتخابات الماضية في 2010 ووصفها بانتخابات «التزوير» كان يمثل له «رمانة الميزان» يصلح الكثيرين ويحل المشكلات سامح يري أن المحاكمات بطيئة ويرغب في القصاص لأخيه ثم يفكر ويصمت ثم يقول «حقه عند ربنا».
 أما جمال ابن الشهيد فهو طفل تظهر عليه علامات الذكاء يرتدي نظارة طبية ويبتسم ويرحب بنا قائلا: «أنا جمال ابن الشهيد»، جمال يقول «بابا عند ربنا، مات في سبيل ربنا» يعرف المظاهرات جيدا ويرغب في المشاركة فيها عندما يكبر وبسؤاله عن السبب في رغبته يرد: أحاول أعمل حاجة.. جمال سعيد بأن مبارك ترك الرئاسة لأنه كان «ظالما». غريب «في المدرسة معلقين صورته وبيقولوا بابا بطل، الحمد لله وقدمولي شهادة تقدير» بهذه الكلمات تحدثت شروق غريب عبدالعزيز ابنة أول شهيد في ثورة يناير والذي أصابته ثلاثة عشر رصاصة في مناطق مختلفة من جسده. تكمل شروق حديثها قائلة «زي ما هو مات بردوا هما يموتوا، كل يوم افتكره وعدني لما أنجح في أولي إعدادي يشتري لي هدية».. 
غريب يعمل فرانا ذهب لعمله المعتاد ليلا بعد صلاة العصر ليلقي مصيره، التقرير الطبي النهائي والذي حصلت عليه «الأهالي» يقول: المواطن غريب عبدالعزيز عبداللطيف قد دخل المستشفي بتاريخ 25/1/2011 علي إثر نزيف بالبطن من خلف الغشاء وتهتك بالأمعاء وأثار إدعاء طلق ناري بالبطن والحوض وصدمة عصبية ونزيف جراحة وتم استكشاف البطن وتوفي إلي رحمة الله تعالي المريض المصاب نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية والقلب نتيجة صدمة عصبية وجراحة حادة غير مرتجفة نتيجة نزيف داخلي لتهتك الكبد والقولون لدخول أجسام غريبة بالبطن إثر طلقات نارية.. وتم ختمها بختم مستشفي السويس وإمضاء المدير.. مريم غريب ابنته الثانية في الصف الخامس الابتدائي تقول «أصحابه قالوا له ماتنزلش وأنا سمعته بيرد عليهم المظاهرة دي ليكم مش ليه» وظل حائرا أين يرتدي ملابسه حتي استقر في الصالة وأعطاني جنيه ونزل».. تكمل زوجته حنان محمد (31 سنة) مريم ظلت تبكي دون سبب فحاولت الاتصال به للاطمئنان عليه لكنه لم يجب، فجأة وجدت شقيقه يدخل الشقة دون استئذان وهي لم تكن عادته وطلب مني بطانية لأن شقيقه أصيب بحجر في الرأس.. أم شروق لديها أربع بنات تضيف أنها ذهبت المستشفي وجدت الدماء في كل مكان وزوجها في العمليات لمدة 7 ساعات حتي أكدوا لها خبر وفاته. مدير أمن السويس وقتها واسمه محمد حمد قال لأم شروق «تاخدي كام وتعدي الموضوع ده.. هو كده كده مات» فردت عليه: الناس دي كلها واقفة علشانه أنا هاسيبه؟ الزوجة تتذكر وهي تبكي قائلة: سنة عدت واحنا مش عايشين، عايشين في بؤس لأنه فارقنا، نتساءل: ليه ما بيحكموش القتلة؟
هي ليبيا أحسن من مصر؟ القذافي قتلوه في حجرة!!
سنة علي وفاة غريب وأطالب بالقصاص الليل زي النهار والنهار زي الليل».
 أما مريم فتختم كلماتها «نفسي أروح أقتل مبارك لأنه السبب.. نفسي أشرب من دمهم». قسم الأربعين وداخل ميدان الشهداء كما أطلق «الأهالي» عليه نقترب من مسجد الأربعين والذي يضم آلاف المصلين كل جمعة ليخرجوا مطالبين باستكمال الثورة علي بعد خطوات منه قسم الأربعين الذي أصبح «خرابة» حتي اللافتة تم محوها لا أدري إذا كان بفعل الفئران أم البشر بشكل عمدي لمحو ملامحه كاملة، قسم الأربعين احترق تماما منذ يناير الماضي ويطالب «الأهالي» بتحويله إلي مركز ثقافة أو قصر ثقافة ليفيد المواطنين، أمامه علي الصف الآخر نقطة المطافئ التي تم احتراقها أيضا وكما هي تحولت لمكان يضم القمامة وينتصف الاثنان جدارية كبيرة بأسماء شهداء يناير.










ليست هناك تعليقات: