السبت، 16 يوليو 2011

المصريون بيحلموا وإحنا معاهم..أين نصيبي من فلوس مبارك؟


الأداء الأمني لوزارات الداخلية في عهد مبارك


من مليون جنيه في أعقاب سقوط مبارك.. إلي 50 ألف جنيه.. تتراجع أحلام البسطاء وهم يحسبون نصيبهم في الأموال الهاربة إلي الخارج.. لا يملك المصريون سوي هذه الأحلام بعد أن فاض بهم الكيل من تحمل ظلم نظام جار عليهم لمدة 30 سنة وتعمد تجويعهم. يفسر خبراء النفس والاجتماع هذه الحالة بأنها «خيالات» أصابت المصريين نتيجة تحمل سنوات من الفقر والجوع.. لكن حسبة المصريين بسيطة فتعداد الشعب 85 مليون نسمة وقيمة الأموال الهاربة وفق ما يتردد علي أسماعهم تتعدي المليارات.. والسؤال الذي يدور في أذهان كثير منهم «ماذا يمنع أن يأخذ كل مواطن مليون جنيه أو حتي 50 ألفاً بعد قسمة هذه الأموال».
 رحنا نستمع لأفكار المصريين حول هذا السؤال الملح.. كثيرون يفكرون بهذه الطريقه، بينما آخرون قلائل بدوا أكثر تعقلاً، إلا أن الأحلام لم تمنعهم أيضا من توزيع هذه الأموال عليهم ولكن بطريقة أخري وهي عمل مشروعات قومية تعود بالفائدة علي الوطن كله. أحد هؤلاء كان يقف أمام قفص ليبيع الخبز، صلاح فاروق (40 سنة) توجهت إليه لأسأله عن أمنياته تجاه عودة الأموال المنهوبة من الخارج، فقال: الأموال المنهوبة لن تعود إلا بالتراضي من ناحية أصحابها الذين اتقنوا تهريبها إلي الخارج, ولا أظن أنها ستعود في الحقيقة.. وأضاف: في حالة عودتها أتمني أن يتم إنفاقها علي بناء البنية الأساسية للبلاد من مشروعات وأشياء تعود علينا جميعا وتحقق مصالح المواطنين كما تضع في عين الاعتبار أهالي الشهداء فيكون لهم نصيب منها وآخرون ممن أصابتهم الأمراض المزمنة في عهد الرئيس السابق.. ولم تخرج أزمة البطالة من حسابات فاروق فذهب إلي وضع بدل بطالة لكل شاب قيمته ألف جنيه لتعينه علي أعباء الحياة. الحاج محمد حسن (76 سنة) بالمعاش يدير مقهي في الكيت كات، ويقول «الفلوس راحت خزنة دول تانية ومش هترجع هو اللي عند الخواجات بيرجع».. هو يري أن الاتصالات التي تتم بين أصحاب الفلوس من الوزراء السابقين والحكومات الأجنبية يمنع عودة هذه الأموال.
 ولم يغب الحلم عن خيال الرجل ذي الوجه المجعد، معلناً « أنا لا أحلم لنفسي ولكن لأبنائي وأحفادي، مضيفا: متفائلون بعودة الأموال رغم أننا لانملك أي مبشرات ونتمني عند استردادها أن تعود علينا بزياده في رواتب الموظفين والمعاشات، كل واحد يزيد 200 أو 300 جنيه, بخلاف إنشاء مصانع لتشغيل الشباب ومشاريع للدولة وفي النهاية وبالرغم من أحلامنا الكثيرة إلا أن الشعب كله من جواه متأكد أن الفلوس دي مش هترجع ولا بمحاكمات عادلة ولا غيره. «متحلموش وخلينا عايشين علي الأرض».. بهذه الكلمات عبر فاروق محمد (70 سنة) عن يأسه من هذا الحلم قائلاً: الفلوس هي ملك الدولة وليست لأشخاص وأصلها منهوب من قناه السويس والبترول والموارد فعندما تعود ستعود إلي الدولة..مضيفا: لا أريد منها أي شيء لأن ببساطة هذا النظام يشبه ما سبقه وما سيأتي بعده. بينما يحلم عيد رمضان (50 سنة) بعودة الأموال لتقسم علي الشباب وتمكنهم من الزواج ويتم توزيع شقق سكنية عليهم بجانب صرف نحو 25 إلي 30 ألف جنيه لكل منهم ليتمكنوا من الإنفاق علي زواجهم قائلا: هذا أقل واجب بعد معاناة سنوات في هذا البلد وحق لابد يرد إلي الشباب يعينهم علي الحياة. وانضم مصطفي النوبي إلي أحلام رمضان بعودة الأموال لتتمكن مصر من إقامة مشاريع قوية تضمن عودة فوائدها علي المصريين بالمساواة والعدل كما يطبق حدا أدني للأجور يكون عادلا فضلا عن حلمه الخاص بأن يضع النظام القادم النوبيين في عين الاعتبار بأي شيء من الاشياء سواء مادياً أو معنوياً. وعلي عربة تين شوكي يقف محمود يونس (70 سنة) متحملا الشوك من اجل الورد.. والورد هنا هو المكسب الذي يعود عليه (25 قرشا ثمن الثمرة الواحدة)..هو يري أن «50 ألف جنيه لكل مواطن رضا قوي من الله.. حتي وصلت لعشرة آلاف أو ألف، فهي رزق يرحمه من وقفة الشارع وترحم شيبته وعجزه عن عمل آخر».
 واستكملت جولتي لأري سيدة بسيطة تفترش الأرض أمام أحد المولات التجارية وبأسلوب المصرية الواعية تقول الحاجة فتحية «لو اللي هيمسك مصر شاطر يعرف يقسم الأموال إزاي علي الناس ويظبط الكل بالتساوي.. إحنا طول عمرنا بنحلم بيوم زي ده» هي تتمني فقط أن يزيد معاش زوجها الـ 600 جنيه إلي 1200 لتتمكن من علاج أمراضها من عائد هذه الأموال. الأحلام تنتج عن الشعور بالضعف وقلة الحيلة وعندما يستشعر الشخص أن الواقع لا يعطيه ما يمنحه له خياله فيلجأ إلي قناعات فكرية لن تتحقق.. الدكتور محمد المهدي استشاري الطب النفسي معقبا: طبيعة المصريين بشكل خاص أنهم حالمون ويعيشون علي القصص الأسطورية مثل أن يجد أحدهم كنزا أو مصباح علاء الدين وهذا ايضا مرسخ لديهم نتيجه الأعمال الفنية التي اعتادوا رؤيتها. البسطاء يتجهون إلي هذه الأحلام علي وجه الخصوص لأنهم عانوا ظلم الحكومات السابقة، في حين لا يملكون سلاحا لمقاومة الواقع غير الاتجاه إلي التفكير غير الواقعي.. هكذا يشير المهدي إلي ان هذا الحلم يمثل ايضا أسلوبا فكاهيا في التفكير لتعويض متاعبهم طوال السنين. يجب توعية هذه الفئة نفسياً وسياسياً – هو يضيف - عن طريق برامج محددة ترسخ لديهم مفاهيم الحصول علي الحق والتشبث به بشكل أكثر واقعية حتي لا يقعوا كفريسة لأحلامهم, وإضافة إلي ذلك ان المجتمع الذي قطع شوطا في الحصول علي الديمقراطية يجب ألا يتسامح في حقه أبدا مع من ظلمه بالاكتفاء بالدعوة علي الظالم وليس مواجهته، ما فاقم أزمة مصر، بالرغم من أن اللجوء إلي الله أمر حسن وعظيم إلا أن الاستعانة بالقوة والبعد عن الخيال أمر ضروري..مضيفا: نحتاج إلي سنوات ربما تكون طويلة لأعداء الطبقة الفقيرة في مصر سياسياً ونفسياً حتي تتحول إلي بشر واع بحقوقه في كافة المجالات.
 الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر يري أن المصريين تعلموا أن الأموال تأتي اليهم من السماء وليس بالعمل والجهد وهو مبدأ تراثي قديم بيننا أن المكسب لا يأتي عن طريق التفكير بقدر ما هو حظ أو صدفة..وحديثا أو ثورة، إلا أن هذه الفكرة ليست عامة فهناك البعض يقولون لا بد أن نقف علي أرجلنا في البداية.
 وأضاف بحري: المتبني لفكرة الأحلام هو لا يعي أن يضع خطة حقيقية لمستقبله وهو يختلف عن الشخص الطموح, فالفرق بينهما أن الأول لا يفكر والثاني يفكر وهي من بين خطايا النظام السابق أيضا أنها دربت كثيرا من المصريين علي السلبية واللامبالاة وفكرة الحلم التي يفيق منها «علي مفيش» عبر أسس تعليم موجودة في المناهج علمت أبناءنا ألا يفكروا أو يكون طموحاً وهذه من أذناب النظام السابق وما قبله أيضا في حق البسطاء خوفا من هذه الطبقة وثورتها عليهم. من الناحية الاقتصادية الخطوات التي تمت لاسترداد هذه الأموال المنهوبة بطيئة للغاية وتكاد تكون عودتها مستحيلة.. وعودة 10% منها فهذا كرم من الله»..الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهره يؤكد علي ذلك مضيفا: إننا تعاملنا كنظام مع القضية بمنطق الهواة لكن الفاسدين تعاملوا كمحترفين، حيث قررت الحكومة تجميد الأموال بعد أكثر من شهر ونصف الشهر من قيام الثورة وهي مدة كافية لتهريب الأموال إلي الخارج.. وهناك مؤسسات عالمية معروفة متخصصة في إخفاء الأموال بيعها لأكثر من فرد حتي يتم تمويع القضية وأتوقع أن يكون رموز النظام السابق لجأوا اليها, كما أن هناك طريقة أخري وهي تحويل الأموال إلي دول غير موقعة علي اتفاقية مكافحة الفساد في العالم وهو ما فعله مبارك بشكل قانوني. عبده يضرب مثلا: فرحنا كثيرا عندما عرفنا أن المندوب الأمريكي جاء لينحي مبارك واكتشفنا فيما بعد أنه المحامي الأجنبي الخاص به ولذلك كان لمبارك الجرأه أن يأتي ببيان في قناة العربية يحذر كل من طال ذمته المالية, وهذا بحسب عبده الذي أكد أنه لا يعلم أحد في مصر قيمة الأموال المنهوبة حتي لو عن طريق الجمع وأن الذين يطلقون أرقاما في الهواء ما هم إلا خبراء في الكلام فقط. ويضيف: قانونيا لا أستطيع أن أعيد مليما واحدا إلا بالأحكام القضائية المدنية..فضلا عن أن هذه الأموال لن تعود إلا بعد مرور وقت طويل فثورة الفلبين أعادت 8% فقط من أموال الرئيس بعد 30 سنة من اندلاعها.. وفي حالة إعادتها علي الدولة أن تقوم إما بعمل مشروعات قومية قوية تحد من البطالة التي أصبحت 12% بدلا من 9.4 % وسداد ديون مصر التي تعدت التريليون دولار تقريبا.
 **تسجيل صوتي يكشف أوامر «مبارك» بتصفية أعضاء الجماعات الإسلامية ..
 يبدو أن جراب الرئيس السابق «حسني مبارك» لايزال يتسع للكثير من الاتهامات والبلاغات، إذ كشف بلاغ جديد للنائب العام برقم 8977 قدمه مدرس اللغة الإنجليزية «إيهاب عبدالرحمن عطا» أن مبارك متهم بالقتل العمد وإصدار أوامر بالتصفية الجسدية إلي اللواء زكي بدر وزير الداخلية آنذاك بضرب من يتم القبض عليهم من أفراد الجماعات الإسلامية أو غيرها بتهمة الإرهاب «في سويداء القلب» وذلك بالاستناد إلي تسجيلات صوتية لعالم الاجتماع الراحل د. «أحمد المجدوب» المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
 وفي تصريحات لـ «الوفد الأسبوعي» عقب تقديم البلاغ أكد إيهاب عبدالرحمن أنه وبناء علي صداقة جمعته لسنوات بعالم الاجتماع الراحل د. أحمد المجدوب أثناء عمله الصحفي بمجلة «نصف الدنيا» قام بتسجيل ما يقرب من 40 ساعة للدكتور المجدوب عن شهادته علي عصر مبارك ورؤيته لحالات التعذيب والقتل للعشرات من أفراد الجماعات الإسلامية وخصوصاً أنه كان علي علاقة وثيقة باللواء «زكي بدر» و«عبدالحليم موسي» و«حسن الألفي» وغيرهم من قيادات الداخلية أثناء قيامه بالتدريس في أكاديمية الشرطة.
 وحسب البلاغ المقدم للنائب العام، فقد سجل د. أحمد المجدوب تفاصيل لقاء جمعه باللواء «زكي بدر» وزير الداخلية في منتصف الثمانينيات في أعقاب تصريحات شهيرة له هدد فيها أعضاء الجماعات الإسلامية بالضرب في سويداء القلب، إن لم يتراجعوا وعندما راجعه المجدوب في تصريحاته آنذاك واستفساره عما إذا كانت سياسة متبعة قال «بدر» للدكتور المجدوب هل يمكن أن أقول شيئاً من هذا من دماغي، مؤكداً أنها تعليمات مبارك، إذ قال له: يا وزير الداخلية «هؤلاء الأولاد عندما نقبض عليهم ويذهبون للقضاء العسكري تقوم الدنيا علينا ولا تقعد وعندما يذهبون للقضاء المدني.. يحكم لهم بالبراءة وعليه فنحن لا نريد هذا أو ذاك لتقم بتصفيتهم».
 وحسب شهادة المجدوب المسجلة فقد جري إصدار العديد من أوامر التصفية والقتل داخل السجون والمعتقلات أثناء وزارة «زكي بدر». ويطالب «عبدالرحمن» في بلاغه النائب العام بالاطلاع علي التسجيلات الصوتية الموجودة عنه للدكتور المجدوب والتحقيق فيما جاء فيها وتحديداً فيما يخص الأداء الأمني لوزارات الداخلية في عهد مبارك.


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛
(مصـر اليـوم)


 



ليست هناك تعليقات: