الجمعة، 3 يونيو 2011

‮ ‬ثورة الجياع لا تبقي‮ ‬علي‮ ‬نظام أو قيم أو مؤسسات‮.‬.فيديو



؛؛ الفقــر في‮ ‬مصــر ؛؛
كائن حي‮ ‬يمشي‮ ‬علي‮ ‬قدمين‮ ‬يعرفه الملايين 
الذين‮ ‬يعيشون معه ويعيش معهم فيحبهم ويكرهونه

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiH440xMcHnMYKV5Oxp_iN6BNiceW4Vrj4aOzcCWv4GRpGgfzjXq3Dvvy9eYpYKdDjW_XOUrnviWCu2fVdBfnJ5veI_zqEIbHihyphenhyphenRCic0uZASs9TXPq3cpGdCQFcJpn7LzfpY77PCnf2DyU/s1600/poor-children1.jpg

إزاء صرخة التحذير التي‮ ‬أطلقها المجلس الأعلي‮ ‬للقوات المسلحة مؤخرا من تردي‮ ‬الأوضاع الاقتصادية في‮ ‬البلاد خلال هذه المرحلة وتأكيد اللواء أركان حرب محمود نصر عضو المجلس الأعلي‮ ‬للقوات المسلحة ومساعد وزير الدفاع للشئون المالية فقد ارتفع معدل الفقر ليقترب الي70٪‮ ‬من السكان أي‮ ‬حوالي‮ ‬55‮ ‬مليون مصري‮ ‬يعيشون تحت خط الفقر منهم‮ ‬6٪‮ ‬معدومون تماما أي‮ ‬لا‮ ‬يجدون قوت‮ ‬يومهم ويعيشون علي‮ ‬الحاجة والتسول والدين‮!‬ وحسب تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فإن‮ ‬40٪‮ ‬من السكان في‮ ‬مصر‮ ‬يعيشون تحت خط الفقر منهم‮ ‬20٪‮ ‬تحت خط الفقر المدقع‮ ‬يعيشون بأقل من دولار واحد في‮ ‬اليوم‮ »‬6‮ ‬جنيهات‮« ‬و20٪‮ ‬آخرون‮ ‬يعيشون بدولارين أي‮ ‬12‮ ‬جنيها في‮ ‬اليوم وأن‮ ‬4‮ ‬ملايين مصري‮ ‬لا‮ ‬يجدون قوت‮ ‬يومهم لتحتل مصر المركز الـ111‮ ‬بين دول العالم الأكثر فقرا‮.‬



ورغم فجاعة الرقم ومأساويته فإن العديد من الخبراء الاقتصاديين وفي‮ ‬مؤتمر عن الفقر عقد في‮ ‬القاهرة في‮ ‬مايو‮ ‬2010‮ ‬أي‮ ‬قبل عام واحد أكدوا ارتفاع نسبة الفقراء في‮ ‬مصر لتصل الي‮ ‬55٪‮ ‬من الشعب المصري‮ ‬قابلة للارتفاع في‮ ‬ظل عدم مقدرة الحكومة في‮ ‬السابق والحاضر علي‮ ‬مواجهتها أو التقليل منها عبر إجراءات وحلول جذرية وبانضمام ملايين العاطلين الذين فقدوا وظائفهم لتوقف السياحة والاستثمارات خلال الثلاثة أشهر الأخيرة لترتفع النسبة لتصل الي‮ ‬70٪‮ ‬حسب تأكيد المجلس العسكري‮.‬ واللافت أن العلاقة بين النمو الاقتصادي‮ ‬وتراجع الفقر في‮ ‬مصر لم تكن أكيدة بل إن سوء الأحوال الاقتصادية والسياسية كانت البدايات الأولي‮ ‬لثورة‮ ‬25‮ ‬يناير التي‮ ‬رفعت شعارات القضاء علي‮ ‬الفساد والفقر وإلغاء قانون الطوارئ وإنهاء التوريث ثم تطورت لتقتلع النظام من جذوره في‮ ‬النهاية‮.‬
وتجمع كافة الدراسات الدولية علي‮ ‬أن أغلب الفقراء في‮ ‬مصر‮ ‬يعيشون في‮ ‬محافظات الوجه القبلي‮ ‬وفي‮ ‬المقدمة منها سوهاج وبني‮ ‬سويف وأسيوط والعديد من محافظات الوجه البحري‮ ‬كالمنوفية والدقهلية‮.‬ وبحسب اللواء أبوبكر الجندي‮ ‬رئيس الجهاز المركزي‮ ‬للتعبئة والاحصاء فإن هناك نحو‮ ‬10‮ ‬ملايين مصري‮ ‬يسكنون نحو‮ ‬1000‮ ‬قرية هي‮ ‬الأكثر فقرا في‮ ‬مصر ضمن‮ ‬4040‮ ‬قرية علي‮ ‬مستوي‮ ‬الجمهورية وأن متوسط خط الفقر في‮ ‬مصر بلغ‮ ‬1992‮ ‬جنيها أي‮ ‬نحو‮ ‬350‮ ‬دولارا في‮ ‬السنة أي‮ ‬160‮ ‬جنيها للإنفاق علي‮ ‬أسرة كاملة في‮ ‬الشهر،‮ ‬وحسب مختلف التقارير الاقتصادية المنشورة للبنك الدولي‮ ‬فإن‮ ‬61٪‮ ‬من الفقراء‮ ‬يعتمدون في‮ ‬طعامهم علي‮ ‬البقوليات مثل الفول والعدس،‮ ‬و58‭.‬8٪‮ ‬منهم‮ ‬يكتفون بوجبتين،‮ ‬و51٪‮ ‬منهم لا‮ ‬يشترون اللحوم والأسماك إلا حسب حسب الظروف ولا‮ ‬يعرفونها و33٪‮ ‬منهم لا‮ ‬يشترون الفواكه لعدم قدرتهم عليها‮.‬
وفي‮ ‬مقابل دولة الفقراء فهناك ميليشيا الطبقة الغنية التي‮ ‬يمثل اعضاؤها‮ ‬20٪‮ ‬من المصريين‮ ‬يمتلكون‮ ‬80٪‮ ‬من الثروات و1٪‮ ‬منهم أي‮ ‬أقل من‮ ‬800‮ ‬ألف فرد‮ ‬يملكون‮ ‬50٪‮ ‬من حجم ثروات هذه الطبقة بينما‮ ‬يشترك الـ99٪‮ ‬من أفراد الطبقة الغنية في‮ ‬ملكية الـ50٪‮ ‬الباقية‮.‬ ويؤكد الخبراء أن مشكلة الفقر في‮ ‬مصر سياسية في‮ ‬المقام الأول وليست قضاء وقدرا كما‮ ‬يحلو لبعض الأنظمة الديكتاتورية أن تشيع ومنها نظام الريس السابق حسني‮ ‬مبارك الذي‮ ‬انحاز منذ اللحظة الأولي‮ ‬الي‮ ‬الأغنياء دون‮ ‬غيرهم وكان‮ ‬ينظر الي‮ ‬الفقراء علي‮ ‬أنهم مجموعة من‮ »‬الشحاتين‮« ‬يستحقون الصدقة دون أن تكون لهم أي‮ ‬حقوق‮!‬ ويري‮ ‬د‮. ‬فرج عبدالفتاح أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن نسبة الـ70٪‮ ‬صادقة وأن الفقر قد اتسع نطاقه وزادت اعباؤه وليس هذا بسبب الثورة كما‮ ‬يحلو لبعض المغرضين ترديده ولكن بسبب السياسات الفاشلة والمدمرة للحزب الوطني‮ ‬المنحل طيلة‮ ‬30‮ ‬سنة‮.‬
فنظام مبارك تخصص في‮ ‬إفقار المصريين وإذلالهم وهو ما‮ ‬يحتاج الي‮ ‬مساءلة سياسية وتحقيق سياسي‮ ‬كما أن بعض وزرائه تخصصوا في‮ ‬تزوير أعدادهم والكذب عند الحديث عن نسبة الفقراء ومعاناتهم لتبييض وجه النظام والحفاظ علي‮ ‬كراسيهم‮.‬
ويؤكد عبدالفتاح أن الاعتراف بالمشكلة وتوصيفها توصيفا دقيقا أولي‮ ‬خطوات الحل وعلي‮ ‬المدي‮ ‬القصير فعلي‮ ‬وزارة المالية أن تدبر مبالغ‮ ‬لمساندة الفرقاء ومحدودي‮ ‬الدخل،‮ ‬أما علي‮ ‬المدي‮ ‬الطويل وخلال الـ‮ ‬3‮ - ‬5‮ ‬سنوات القادمة فنحن في‮ ‬حاجة الي‮ ‬مشروعات تنموية كبري‮ ‬تحتاج الي‮ ‬عمالة مكثفة لاستيعاب البطالة ومحاصرة الفقر،‮ ‬ويؤكد د‮. ‬مصطفي‮ ‬السعيد وزير الاقتصاد الأسبق أن الفقر في‮ ‬مصر أصبح بالوراثة،‮ ‬فالفقير ليس عنده شيء‮ ‬يعطيه أو‮ ‬ينفق عليه كما‮ ‬ينبغي‮ ‬فيظل في‮ ‬حالة الفقر منتقدا العديد من السياسات الاقتصادية الخاطئة طوال عصر مبارك التي‮ ‬أدت الي‮ ‬افقار المصريين وكانت تقوم علي‮ ‬محاباة رجال أعمال والتحيز لهم من منطق انهم في‮ ‬هذه الحالة سيقومون بالاستثمارات ويصبح عندهم فائض وهو ما سيعود علي‮ ‬الفقير لكنها كانت نظرية خاطئة تماما‮.‬ ويلفت‮ »‬السعيد‮« ‬الي‮ ‬الوضع الاقتصادي‮ ‬الصعب الذي‮ ‬نعيشه الآن وهو طبيعي‮ ‬بعد قيام أي‮ ‬ثورة لكن المشكلة اذا بقينا في‮ ‬هذا الوضع لفترة أطول من اللازم فلابد من عودة عجلة الإنتاج لأنه الضمانة الوحيدة للقضاء علي‮ ‬الفقر،‮ ‬مشيرا الي‮ ‬أن زيادة اعداد الفقراء له أثر سيئ جدا علي‮ ‬الميزانية العامة للدولة فالفقير‮ ‬يحتاج الي‮ ‬الدعم ولا‮ ‬يشتري‮ ‬ولا‮ ‬يدفع الضرائب وهنا تكون المعاناة والمشكلة للطرفين‮.‬
من جانبه‮ ‬يري‮ ‬الخبير الاقتصادي‮ ‬د.أحمد‮ ‬غنيم بجامعة القاهرة أن عدم وجود سياسات عادلة لتوزيع الدخل وعدم وجود شبكة ضمان اجتماعي‮ ‬قوية كتأمين صحي‮ ‬محترم وتعليم جيد وإعانة بطالة،‮ ‬أسباب أساسية أدت الي‮ ‬زيادة نسبة الفقراء وزيادة معاناتهم،‮ ‬كما أن توزيع الدعم خاصة في‮ ‬المنتجعات التموينية والبترولية بشكل عشوائي‮ ‬يؤدي‮ ‬الي‮ ‬إهداره وعدم الاستفادة منه وتوجيهه الي‮ ‬الطبقات الأكثر احتياجا‮.‬ وبخصوص الحد الأدني‮ ‬للأجور الذي‮ ‬يقترحه البعض بنحو‮ ‬1200‮ ‬جنيه كطوق نجاة للهروب من الفقر وتقليل عدد الفقراء،‮ ‬يؤكد‮ ‬غنيم أن مبلغ‮ ‬الـ1200‮ ‬جنيه‮ »‬مخترع‮« ‬ولا‮ ‬يستند علي‮ ‬أي‮ ‬دراسات اقتصادية حقيقية كما انه‮ ‬يثار في‮ ‬غير وقته فلو زاد الحد الأدني‮ ‬للأجور الآن فإنه سيؤدي‮ ‬الي‮ ‬عملية تسريح كبيرة من جانب الكثيرين من أرباب العمل خاصة في‮ ‬القطاع الخاص الذين توقفت أحوالهم وأعمالهم الآن،‮ ‬فكيف‮ ‬يدفع‮ ‬1200‮ ‬جنيه حدا أدني‮ ‬للعامل لديه،‮ ‬كما أن إقرار هذا الرقم الآن وفي‮ ‬ظل الظروف الصعبة وتوقف الانتاج ستؤدي‮ ‬الي‮ ‬زيادة نسبة التضخم‮.‬
ويري‮ ‬د‮. ‬عبدالرحمن عليان استاذ التكاليف بكلية التجارة ـ عين شمس أن الفقر في‮ ‬مصر أصبح بالوراثة مثل الإنجاب تماما خاصة في‮ ‬الطبقات الفقيرة والمعدمة،‮ ‬فالفقير لا‮ ‬يستطيع تعليم أولاده أو الاهتمام بهم ويدفع بهم الي‮ ‬الشارع منذ سنواتهم الأولي،‮ ‬والقاعدة الاقتصادية تقول‮: »‬الفقر‮ ‬يولد فقر والغني‮ ‬يولد‮ ‬غني‮« ‬محملا نظام مبارك المسئولية كاملة كما حدث في‮ ‬مصر خلال الـ3‮ ‬عقود الأخيرة بعدما زاد الفقر وزادت الأمية وزاد الاحباط وتفاقمت الجريمة وزاد الإحساس بالخوف وعدم الأمان‮.‬
وحول أثر الفقر علي‮ ‬الشخصية المصرية وعلي‮ ‬المجتمع‮ ‬يقول د‮. ‬أحمد خيري‮ ‬حافظ أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن شريحة الفقراء في‮ ‬أي‮ ‬مجتمع هي‮ ‬شرعية المعاناة والاضطرابات النفسية والجريمة والعدوان،‮ ‬فالفقر في‮ ‬أي‮ ‬مجتمع‮ ‬يؤدي‮ ‬الي‮ ‬تأجيج الطاقات العدوانية عند الناس لذلك،‮ ‬فمن المنطقي‮ ‬أن نجد معظم المظاهرات التي‮ ‬تتسم بالتدمير والفوضي‮ ‬وقطع الطرقات الآن تأتي‮ ‬من العشوائيات ومن الأحياء الفقيرة،‮ ‬فأزمة أي‮ ‬مجتمع في‮ ‬حقيقة الأمر هي‮ ‬أزمة الفقر والغني‮.‬ والديمقراطية التي‮ ‬نسعي‮ ‬اليها لا قيمة لها ولا تأثير في‮ ‬تغيير المجتمع إن لم‮ ‬يسبقها بالضروة عدالة اجتماعية توفر للإنسان أبسط حقوقه المادية والإنسانية ولقمة العيش‮.‬ ويرصد خيري‮ ‬حافظ ثلاثة مؤشرات خطيرة للفقر خلال السنوات الأخيرة فشخصية المواطن المصري‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يتسم منذ سنوات بالعزة والكرامة والصدق ولديه مجموعة من القيم الأصيلة لم تعد موجودة الآن بعدما هزه الفقر فأصبحت الشخصية المصرية تعاني‮ ‬متاعب نفسية لاحدود لها‮.‬ كما أن المواطن المصري‮ ‬لم تعد لديه رؤية للمستقبل فهو‮ ‬يعيش‮ ‬يومه ولا‮ ‬يفكر في‮ ‬غده بعدما أصبح منهكا للحصول علي‮ ‬لقمة العيش أو الوقوف في‮ ‬طوابير طويلة للحصول علي‮ ‬الخبز أو البوتاجاز أو السولار‮.‬ أما الأخطر فهو زيادة نسبة الاحباط في‮ ‬المجتمع فكلما زاد الفقر زاد الاحباط وكلما زاد الاحباط زاد العدوان ولذلك فالفقراء في‮ ‬مصر لغم علي‮ ‬وشك الانفجار سواء أردنا أو لم نرد وإذا انفجروا فهذه هي‮ ‬النهاية وكافة علماء النفس والاجتماع‮ ‬يقولون إن أكثر الثورات خطرا هي‮ ‬ثورة الجياع التي‮ ‬لا تبقي‮ ‬علي‮ ‬نظام أو قيم أو مؤسسات‮.‬



؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


ليست هناك تعليقات: