سيناريو الحكم العسكري القادم لمصر
عضوا بارزا في المجلس العسكري يقول: " أيهما تفضلون اللحية ــ وأشار إلي ذقنه ــ أم الرتبة ــ وأشار إلي كتفه؟ ".
سلطة عسكرية تتواري وتراقب.. وسلطة تشريعية تنتخب وتشكل الحكومة.. وسلطة رئاسية تنحصر وتنكمش.. وسلطة دينية تلعب علي الأطراف تحالفا ما جري بين العسكريين والإسلاميين.. تجلي في تلوين لجنة التعديلات الدستورية باللون الأخضر العسكريون جادون في الانسحاب من الحياة السياسية بشرط أن يضمنوا نصا دستوريا يمنحهم سلطات وصلاحيات حماية الدولة المدنية..
- مجلس عسكري مستقل عن رئيس الجمهورية
- وينتزع بعض سلطاته الدستورية -
يتدخل لحماية الدولة المدنية من التيارات الدينية!
- تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية ليصبح منصبا شرفيا.. فلا يملك ولا يحكم
- حكومة يشكلها حزب الأغلبية بنظام برلماني منتخب
- الخيار القادم للمؤسسة العسكرية: اللحية أم الرتبة.. المرشد أم المشير.. الإخوان أم الجيش؟!
همس " الجرسون " في أذن وزير الدفاع يدعوه لصلاة المغرب خلف رئيس الحكومة.. وكأنهما في عهد الدعوة الإسلامية السرية قبل هجرة النبي من مكة إلي المدينة.
عشت بنفسي هذا المشهد علي مائدة إفطار في شهر رمضان الماضي دعا إليها رجب طيب أردوغان السفراء في بلاده.. وأتاحت لي ظروف دبلوماسية خاصة حضورها.
** اولا... لم يكن مسموحا لرئيس وزراء تركيا أن يدعو أحد وزرائه أو ضيوفه للصلاة علنا.. وإلا وقعت حكومته في المحظور ومنحت الجيش فرصة للإطاحة بها.. فالجيش بنص المادة (34) من قانون " المهام الداخلية للقوات المسلحة " الذي صدر عام 1935 وظيفته " حماية الجمهورية التركية " العلمانية التي أسسها كمال أتاتورك علي أنقاض الخلافة العثمانية.
والعلمانية ليست كفرا أو إلحادا.. وإنما تعني حرية العبادة في المسجد والمعبد.. دون تعصب.. أو تشدد.. أو تداخل بين الدين والسياسة.. فحكم القانون هو الشريعة التي ينفذها الجميع دون تمييز.
** ثانيــا .... ويتربص الجيش بالحكومات المنتخبة.. يراقبها.. يسجل تصرفاتها.. ويحصي أنفاسها.. فلو فعلت شيئا يشتم منه جنوحها ناحية سلطة دينية.. تدخل قادته بقوة السلاح للإطاحة بها.. ليدعو في وقت مناسب لانتخابات برلمانية جديدة.. تشكل علي أثرها حكومة مختلفة.. يعود بعدها الجيش إلي ثكناته.
وقد قام الجيش بأربعة انقلابات خلال الفترة ما بين 27 مايو 1960 و12 سبتمبر 1980.. وأحيانا كان التهديد بالانقلاب يكفي للتغيير. وفي الوقت نفسه توسع العسكريون في فرض حالة الطوارئ.. ودخل الجنرالات في كثير من المجالس المدنية.. مثل التعليم والتخطيط والإعلام.. بجانب زيادة سطوة الجيش علي مجلس الأمن القومي.. وهو المجلس الذي كان حتي وقت قريب يفرض سياساته علي الحكومة في مختلف مجالات الحياة.
** ثالثــا ... لكن.. مع رغبة تركيا في الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي وحرصها علي تنفيذ الشروط المطلوبة تقلص نفوذ الجيش في الحياة السياسية.. فأهم هذه الشروط هو عدم تدخل الجنرالات في شئون الحكم.. وكان ذلك بمثابة انكماش لسطوتهم السياسية.. وتراجع لمصالحهم الاقتصادية.. ووصل بهم الحال إلي حد القبض علي بعضهم ومحاكمتهم بتهمة صنع اضطرابات وانفجارات تكون مبررا للانقلاب علي حزب التنمية والعدالة.. وتعرف هذه القضية بفضيحة المطرقة.
** رابعــا .. ويساند الجيش في حماية الدولة المدنية المجلس الأعلي للقضاء الذي لا يتردد في الحكم بشطب الحزب الذي يلجأ إلي وسائل دينية في الدعاية أو العضوية أو البرنامج الانتخابي.
** خامســا .. ويبدو مما يجري في الكواليس أن التجربة التركية تهفو ــ ولو من بعيد ــ علي مصر وهي تقف حائرة في مفترق طرق تبحث عن اتجاه سليم ناحية مستقبل مستقر.. تبدأ به مسيرة ديمقراطية.. دون مخاوف من فرض دولة دينية.. ينقلب فيها الرئيس إلي أمير مؤمنين.. والقاضي إلي مسرور السياف.. والمرأة إلي جارية تلحس قدمي أكبر بلطجي في التاريخ ينبطح علي بطنه اسمه شهريار. لقد لعبت الفئران في " عب " القوي السياسية الليبرالية واليسارية والقومية عندما بدا لها أن تحالفا ما جري بين العسكريين والإسلاميين.. تجلي في تلوين لجنة التعديلات الدستورية باللون الأخضر.. وتدعم بالدعوة إلي انتخابات برلمانية مبكرة عن الدستور.. وقبل أن تستعد الجماعات والأحزاب الأخري لخوضها.. لتبدو النتيجة معروفة مسبقا.. أغلبية سلفية إخوانية جهادية في البرلمان.. تفرض علي لجنة الدستور التي ستشكلها نصوصا تصبح البلاد بعدها صورة أخري من إيران أو السودان أو طالبان."
** ســادسا ... لكن.. يبدو أن العسكريين ــ الذين كانوا مبعدين عن السياسة سنوات طوال ــ أدركوا هذه المخاطر التي صنعوها ببراءة وحسن نية.. ولا نقول لقلة خبرة.. شعروا أنهم القوة الوحيدة التي يمكنها فرملة الإسلاميين "المسروعين" لالتهام الغنيمة وحدهم.. ووضعهم في حجمهم الذي لا يزيد علي عشرين في المائة من مقاعد البرلمان في أفضل الأحوال.. فراحوا يفكرون في كيفية الخروج من المأزق الذي وجد الجميع أنفسهم فيه.
ويشهد عدد من زملائي الصحفيين والمثقفين أنهم سمعوا عضوا بارزا في المجلس العسكري يقول: " أيهما تفضلون اللحية ــ وأشار إلي ذقنه ــ أم الرتبة ــ وأشار إلي كتفه؟ ".
والمقصود هو الاختيار بين الإسلاميين (اللحية) والعسكريين (الرتبة).. أو بين المرشد والمشير.. دون التفكير في طريق ثالث.. تأسيس نظام حكم ديمقراطي مدني علي قواعد دستورية يصعب تغييرها أو العبث بها.. وإن كان ذلك يحتاج وقتا طويلا.. كما حدث في تركيا التي بدأت تجربة الدولة المدنية في منتصف عشرينيات القرن الماضي.
سلطة عسكرية تتواري وتراقب.. وسلطة تشريعية تنتخب وتشكل الحكومة.. وسلطة رئاسية تنحصر وتنكمش.. وسلطة دينية تلعب علي الأطراف تحالفا ما جري بين العسكريين والإسلاميين.. تجلي في تلوين لجنة التعديلات الدستورية باللون الأخضر العسكريون جادون في الانسحاب من الحياة السياسية بشرط أن يضمنوا نصا دستوريا يمنحهم سلطات وصلاحيات حماية الدولة المدنية..
- مجلس عسكري مستقل عن رئيس الجمهورية
- وينتزع بعض سلطاته الدستورية -
يتدخل لحماية الدولة المدنية من التيارات الدينية!
- تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية ليصبح منصبا شرفيا.. فلا يملك ولا يحكم
- حكومة يشكلها حزب الأغلبية بنظام برلماني منتخب
- الخيار القادم للمؤسسة العسكرية: اللحية أم الرتبة.. المرشد أم المشير.. الإخوان أم الجيش؟!
همس " الجرسون " في أذن وزير الدفاع يدعوه لصلاة المغرب خلف رئيس الحكومة.. وكأنهما في عهد الدعوة الإسلامية السرية قبل هجرة النبي من مكة إلي المدينة.
عشت بنفسي هذا المشهد علي مائدة إفطار في شهر رمضان الماضي دعا إليها رجب طيب أردوغان السفراء في بلاده.. وأتاحت لي ظروف دبلوماسية خاصة حضورها.
** اولا... لم يكن مسموحا لرئيس وزراء تركيا أن يدعو أحد وزرائه أو ضيوفه للصلاة علنا.. وإلا وقعت حكومته في المحظور ومنحت الجيش فرصة للإطاحة بها.. فالجيش بنص المادة (34) من قانون " المهام الداخلية للقوات المسلحة " الذي صدر عام 1935 وظيفته " حماية الجمهورية التركية " العلمانية التي أسسها كمال أتاتورك علي أنقاض الخلافة العثمانية.
والعلمانية ليست كفرا أو إلحادا.. وإنما تعني حرية العبادة في المسجد والمعبد.. دون تعصب.. أو تشدد.. أو تداخل بين الدين والسياسة.. فحكم القانون هو الشريعة التي ينفذها الجميع دون تمييز.
** ثانيــا .... ويتربص الجيش بالحكومات المنتخبة.. يراقبها.. يسجل تصرفاتها.. ويحصي أنفاسها.. فلو فعلت شيئا يشتم منه جنوحها ناحية سلطة دينية.. تدخل قادته بقوة السلاح للإطاحة بها.. ليدعو في وقت مناسب لانتخابات برلمانية جديدة.. تشكل علي أثرها حكومة مختلفة.. يعود بعدها الجيش إلي ثكناته.
وقد قام الجيش بأربعة انقلابات خلال الفترة ما بين 27 مايو 1960 و12 سبتمبر 1980.. وأحيانا كان التهديد بالانقلاب يكفي للتغيير. وفي الوقت نفسه توسع العسكريون في فرض حالة الطوارئ.. ودخل الجنرالات في كثير من المجالس المدنية.. مثل التعليم والتخطيط والإعلام.. بجانب زيادة سطوة الجيش علي مجلس الأمن القومي.. وهو المجلس الذي كان حتي وقت قريب يفرض سياساته علي الحكومة في مختلف مجالات الحياة.
** ثالثــا ... لكن.. مع رغبة تركيا في الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي وحرصها علي تنفيذ الشروط المطلوبة تقلص نفوذ الجيش في الحياة السياسية.. فأهم هذه الشروط هو عدم تدخل الجنرالات في شئون الحكم.. وكان ذلك بمثابة انكماش لسطوتهم السياسية.. وتراجع لمصالحهم الاقتصادية.. ووصل بهم الحال إلي حد القبض علي بعضهم ومحاكمتهم بتهمة صنع اضطرابات وانفجارات تكون مبررا للانقلاب علي حزب التنمية والعدالة.. وتعرف هذه القضية بفضيحة المطرقة.
** رابعــا .. ويساند الجيش في حماية الدولة المدنية المجلس الأعلي للقضاء الذي لا يتردد في الحكم بشطب الحزب الذي يلجأ إلي وسائل دينية في الدعاية أو العضوية أو البرنامج الانتخابي.
** خامســا .. ويبدو مما يجري في الكواليس أن التجربة التركية تهفو ــ ولو من بعيد ــ علي مصر وهي تقف حائرة في مفترق طرق تبحث عن اتجاه سليم ناحية مستقبل مستقر.. تبدأ به مسيرة ديمقراطية.. دون مخاوف من فرض دولة دينية.. ينقلب فيها الرئيس إلي أمير مؤمنين.. والقاضي إلي مسرور السياف.. والمرأة إلي جارية تلحس قدمي أكبر بلطجي في التاريخ ينبطح علي بطنه اسمه شهريار. لقد لعبت الفئران في " عب " القوي السياسية الليبرالية واليسارية والقومية عندما بدا لها أن تحالفا ما جري بين العسكريين والإسلاميين.. تجلي في تلوين لجنة التعديلات الدستورية باللون الأخضر.. وتدعم بالدعوة إلي انتخابات برلمانية مبكرة عن الدستور.. وقبل أن تستعد الجماعات والأحزاب الأخري لخوضها.. لتبدو النتيجة معروفة مسبقا.. أغلبية سلفية إخوانية جهادية في البرلمان.. تفرض علي لجنة الدستور التي ستشكلها نصوصا تصبح البلاد بعدها صورة أخري من إيران أو السودان أو طالبان."
** ســادسا ... لكن.. يبدو أن العسكريين ــ الذين كانوا مبعدين عن السياسة سنوات طوال ــ أدركوا هذه المخاطر التي صنعوها ببراءة وحسن نية.. ولا نقول لقلة خبرة.. شعروا أنهم القوة الوحيدة التي يمكنها فرملة الإسلاميين "المسروعين" لالتهام الغنيمة وحدهم.. ووضعهم في حجمهم الذي لا يزيد علي عشرين في المائة من مقاعد البرلمان في أفضل الأحوال.. فراحوا يفكرون في كيفية الخروج من المأزق الذي وجد الجميع أنفسهم فيه.
ويشهد عدد من زملائي الصحفيين والمثقفين أنهم سمعوا عضوا بارزا في المجلس العسكري يقول: " أيهما تفضلون اللحية ــ وأشار إلي ذقنه ــ أم الرتبة ــ وأشار إلي كتفه؟ ".
والمقصود هو الاختيار بين الإسلاميين (اللحية) والعسكريين (الرتبة).. أو بين المرشد والمشير.. دون التفكير في طريق ثالث.. تأسيس نظام حكم ديمقراطي مدني علي قواعد دستورية يصعب تغييرها أو العبث بها.. وإن كان ذلك يحتاج وقتا طويلا.. كما حدث في تركيا التي بدأت تجربة الدولة المدنية في منتصف عشرينيات القرن الماضي.
علي أن الأهم فيما سمعنا.. أن العسكريين ليسوا الوجه الآخر للإسلاميين.. بل.. ربما دفعهما صراع متوقع علي السلطة إلي أن يقف كل منهما في وجه الآخر.. وإن كنا لا نتوقع أن يحسم الصراع بالقوة ــ كما حدث خلال عهود عبد الناصر والسادات ومبارك، وإنما يحسم بنصوص دستورية صريحة وحاسمة تمنع العبث بمصير مصر.
أما لو رفض الإسلاميون قواعد اللعبة الجديدة بإثارة الشغب والفوضي فلا مفر من أن يجدوا أنفسهم في السجون والمعتقلات مرة أخري دون استفادة من كل التجارب والخبرات السابقة التي مروا بها.. وهي عادتهم ولن يشتروها.
** ســـابعا.. وأتصور أن العسكريين لن يحكموا مباشرة.. لن يتولي أحدهم رئاسة الجمهورية.. ليمشي علي الخط نفسه الذي مشت عليه مصر نحو ستين سنة.. بين ثورة 23 يوليو وثورة 25 يناير.. وكأن شيئا لم يحدث.. أو كأن ما حدث خال من دسم الثورة.. مجرد انقلاب عسكري.
العسكريون في اعتقادي جادون في الانسحاب من الحياة السياسية.. والعودة إلي الثكنات كي يتفرغوا للمهام التقليدية في حماية البلاد.. ولن يترشح أحدهم لرئاسة الجمهورية.. لكن.. بشرط أن يضمنوا نصا دستوريا يمنحهم سلطات وصلاحيات حماية الدولة المدنية.. والتدخل بالقوة ضد من يعتدي عليها.. أو يخرب قواعدها.. أو يفسد أصولها.. وهو نص ستتحمس له كل القوي الوطنية.. إلا القوي التي تحلم بالخلافة.. وتتحدث علنا عن الولايات الإسلامية المتحدة.
ولو أضيف مثل هذا النص فإن بعضا من رياح التجربة التركية يكون قد وصل إلينا.. أقول بعضا.. لأن نص حماية الدولة المدنية عندنا لن يطبق بالصرامة التي يطبق بها هناك. فهناك لا يعترفون بالحجاب ويحرمون من تضعه علي رأسها من التعليم والتوظيف ودخول البرلمان ولو كانت زوجة رئيس جمهورية أو ابنة رئيس وزراء .. ونحن نعترف بـ«الحجاب والنقاب والشاتور» وكل الموديلات المشابهة.
وهناك لا يقرون تعدد الزوجات ونحن غارقون في الزواج العرفي «زواج المسيار وزواج الفريندز وزواج الكورنيش». وهناك لا يقبلون بدعاية انتخابية دينية.. ولو آية قرآنية عابرة.. ويخرج من المعركة الانتخابية المرشح الذي يرتكب هذه الجريمة هو وحزبه مهما كان تفوقه.. وعندنا الدعاية الانتخابية تكاد تكون دينية.. إلا قليلا. بل أكثر من ذلك.. عندنا تجاوز صريح للدولة المدنية بقبول حزب للإخوان ترأسه قيادات من الجماعة لا تتردد في ألن أن مرجعيته دينية.
** ثامنــا ... ويصر العسكريون علي تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية في الدستور.. إنهم ــ ونحن معهم ــ يرون أنها صلاحيات كفيلة بتصنيع ديكتاتور في ستة شهور.. فالرئيس يحظي بـ«13 مادة» في الدستور.. تمنحه حق إعلان الأحكام العرفية.. ويعين الوزراء ويقيلهم.. ويعلن حالة الحرب.. ويوقع المعاهدات.. وغالبا ما يأتي ببرلمان تفصيل علي مزاجه.. يشرع القوانين التي ترضيه.. ويجبر السلطة القضائية علي أن تحكم بها.. وهو ما يعني أنه وضع السلطات الثلاث في جيبه. لكن.. فور أن ينص الدستور علي أن الجيش حامي الدولة المدنية والوحدة الوطنية فإن ذلك يمنح المؤسسة العسكرية بعضا من صلاحيات رئيس الجمهورية بصفته حكما بين السلطات وبصفته قادرا علي إقالة الحكومة أو حل مجلس الشعب.. ستنقل هذه الصلاحيات إلي المجلس العسكري الذي سيتدخل في الوقت المناسب إذا ما وجد ما يهدد سلامة الدولة المدنية أو يفجر الوحدة الوطنية.
** تاســعا ... وبانكماش نفوذ رئيس الجمهورية ربما يكون الرئيس القادم مجرد رمز.. خاصة إذا ما تغير النظام السياسي من نظام رئاسي إلي نظام برلماني.. يشكل الحكومة فيه الحزب ــ أو الأحزاب ــ التي تحصل علي أغلبية في الانتخابات.. وفي هذه الحالة ربما سيعيد بعض المرشحين الكبار ــ مثل عمرو موسي ومحمد البرادعي ــ النظر في ترشحهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. فالمنصب أصبح أصغر من طموحهم وحجمهم.
** عــاشرا... ولابد أن يتغير القانون الذي يحكم المجلس العسكري.. لا نتصور أن يعين رئيس السلطة التنفيذية رئيسه.. فنفوذه أكبر من الحكومة ذاتها.. يكاد يكون الرئيس الأعلي للبلاد وألا يظهر قوته.. إلا إذا دعت الضرورة.. لكن.. الكل يعرف سلطانه.. ويأخذه في حسبانه. إن من الممكن القول بأن المجلس العسكري سيكون سلطة رابعة في الدستور.. لكنها في الحقيقة سلطة ستؤثر في السلطات الثلاث.. التشريعية والتنفيذية والقضائية.. وإن لم يتدخل في عملهم إلا عند الإخلال بها. ولاشك أن الوضع الذي فرضته الظروف الحالية علي المجلس العسكري يبدو غريبا.. متناقضا.. فرئيسه هو وزير الدفاع.. وفي الوقت نفسه مفروض أن يكون وزير الدفاع عضوا في الحكومة.. الحكومة التي حلفت اليمين أمام رئيس المجلس.. فكيف يكون في مكانة رئيس الدولة.. وفي الوقت نفسه عضو في حكومة؟
لابد أن مثل هذا التناقض سيزول في المستقبل عندما يتغير قانون المجلس العسكري.. ليعلن استقلاله عن رئيس الدولة الذي كان في السابق يعين أعضاءه ورئيسه ويقدر في أي لحظة علي إقالتهم. هذا في تصوري واجتهادي سيناريو المستقبل الذي سينفذ في مصر.. يجمع بين سلطة عسكرية تتواري وتراقب.. وسلطة تشريعية تنتخب وتشكل الحكومة.. وسلطة رئاسية تنحصر وتنكمش.. وسلطة دينية تلعب علي الأطراف وتحاول الدخول من الأبواب الخلفية إلي قصر الحكم. .....
ولو أضيف مثل هذا النص فإن بعضا من رياح التجربة التركية يكون قد وصل إلينا.. أقول بعضا.. لأن نص حماية الدولة المدنية عندنا لن يطبق بالصرامة التي يطبق بها هناك. فهناك لا يعترفون بالحجاب ويحرمون من تضعه علي رأسها من التعليم والتوظيف ودخول البرلمان ولو كانت زوجة رئيس جمهورية أو ابنة رئيس وزراء .. ونحن نعترف بـ«الحجاب والنقاب والشاتور» وكل الموديلات المشابهة.
وهناك لا يقرون تعدد الزوجات ونحن غارقون في الزواج العرفي «زواج المسيار وزواج الفريندز وزواج الكورنيش». وهناك لا يقبلون بدعاية انتخابية دينية.. ولو آية قرآنية عابرة.. ويخرج من المعركة الانتخابية المرشح الذي يرتكب هذه الجريمة هو وحزبه مهما كان تفوقه.. وعندنا الدعاية الانتخابية تكاد تكون دينية.. إلا قليلا. بل أكثر من ذلك.. عندنا تجاوز صريح للدولة المدنية بقبول حزب للإخوان ترأسه قيادات من الجماعة لا تتردد في ألن أن مرجعيته دينية.
** ثامنــا ... ويصر العسكريون علي تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية في الدستور.. إنهم ــ ونحن معهم ــ يرون أنها صلاحيات كفيلة بتصنيع ديكتاتور في ستة شهور.. فالرئيس يحظي بـ«13 مادة» في الدستور.. تمنحه حق إعلان الأحكام العرفية.. ويعين الوزراء ويقيلهم.. ويعلن حالة الحرب.. ويوقع المعاهدات.. وغالبا ما يأتي ببرلمان تفصيل علي مزاجه.. يشرع القوانين التي ترضيه.. ويجبر السلطة القضائية علي أن تحكم بها.. وهو ما يعني أنه وضع السلطات الثلاث في جيبه. لكن.. فور أن ينص الدستور علي أن الجيش حامي الدولة المدنية والوحدة الوطنية فإن ذلك يمنح المؤسسة العسكرية بعضا من صلاحيات رئيس الجمهورية بصفته حكما بين السلطات وبصفته قادرا علي إقالة الحكومة أو حل مجلس الشعب.. ستنقل هذه الصلاحيات إلي المجلس العسكري الذي سيتدخل في الوقت المناسب إذا ما وجد ما يهدد سلامة الدولة المدنية أو يفجر الوحدة الوطنية.
** تاســعا ... وبانكماش نفوذ رئيس الجمهورية ربما يكون الرئيس القادم مجرد رمز.. خاصة إذا ما تغير النظام السياسي من نظام رئاسي إلي نظام برلماني.. يشكل الحكومة فيه الحزب ــ أو الأحزاب ــ التي تحصل علي أغلبية في الانتخابات.. وفي هذه الحالة ربما سيعيد بعض المرشحين الكبار ــ مثل عمرو موسي ومحمد البرادعي ــ النظر في ترشحهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة.. فالمنصب أصبح أصغر من طموحهم وحجمهم.
** عــاشرا... ولابد أن يتغير القانون الذي يحكم المجلس العسكري.. لا نتصور أن يعين رئيس السلطة التنفيذية رئيسه.. فنفوذه أكبر من الحكومة ذاتها.. يكاد يكون الرئيس الأعلي للبلاد وألا يظهر قوته.. إلا إذا دعت الضرورة.. لكن.. الكل يعرف سلطانه.. ويأخذه في حسبانه. إن من الممكن القول بأن المجلس العسكري سيكون سلطة رابعة في الدستور.. لكنها في الحقيقة سلطة ستؤثر في السلطات الثلاث.. التشريعية والتنفيذية والقضائية.. وإن لم يتدخل في عملهم إلا عند الإخلال بها. ولاشك أن الوضع الذي فرضته الظروف الحالية علي المجلس العسكري يبدو غريبا.. متناقضا.. فرئيسه هو وزير الدفاع.. وفي الوقت نفسه مفروض أن يكون وزير الدفاع عضوا في الحكومة.. الحكومة التي حلفت اليمين أمام رئيس المجلس.. فكيف يكون في مكانة رئيس الدولة.. وفي الوقت نفسه عضو في حكومة؟
لابد أن مثل هذا التناقض سيزول في المستقبل عندما يتغير قانون المجلس العسكري.. ليعلن استقلاله عن رئيس الدولة الذي كان في السابق يعين أعضاءه ورئيسه ويقدر في أي لحظة علي إقالتهم. هذا في تصوري واجتهادي سيناريو المستقبل الذي سينفذ في مصر.. يجمع بين سلطة عسكرية تتواري وتراقب.. وسلطة تشريعية تنتخب وتشكل الحكومة.. وسلطة رئاسية تنحصر وتنكمش.. وسلطة دينية تلعب علي الأطراف وتحاول الدخول من الأبواب الخلفية إلي قصر الحكم. .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق