الأربعاء، 20 يناير 2016

شخاليل إعتزلت الكلام - أشكيك لمين - !.



 المســألة فيهــا إن وأخواتهـــا


هو مقال اعتزالك امتي يابابا؟
هكذا فاجأتني الصغيرة كلمات آخر عنقود البنات - لحين إشعار آخر- بهذا السؤال الغريب، في البداية ظننت أنها أخطأت وأنها ربما تسألني عن موعد اعتزال نجم من نجوم الكورة العالميين الذين تتابع أخبارهم وتعلق صورهم فوق سريرها وعلي باب التلاجة مثل ميسي ورونالدو.
لكني عندما سألتها عن النجم الذي تسأل عنه متعللاً بأن سمعي لم يعد بنفس القوة حيث أصبحت أسمع كلمة وعشرة لأ وأن نظري لم يعد كما كان فاعتزلت مشاهدة مباريات الكرة مكتفياً بمعرفة النتائج، ولا تركيزي أصبح يساعدني علي متابعة النجوم وأن آخر من عرفت أنه اعتزل وشاهدت مباراة اعتزاله كان محمود الخطيب.
لكنها أكدت كلامها بأنها تقصدني أنا بالفعل،وقبل أن أشرح لها أن الكاتب ليس مثل لاعب الكرة الذي يجب أن يودع الملاعب وهو في القمة فوجئت بها تستطرد قائلة:الكاتب يابابا زي لعيب الكورة بالظبط لازم يختار امتي يسكت ويكتب مقال اعتزال يودع بيه القراء ويلمله قرشين حلوين يقب بيهم بقي وهو وعياله علي وش الدنيا بدل ما القراء يحدفوه بالبيض والطماطم!
هنا أدركت أن المسألة فيها إن وأخواتها وأن كلام كلمات كان ينطوي علي فهم خاطيء حيث كانت الصغيرة تعتقد أن كل صاحب حرفة يجب عليه أن يعتزل يوما ما وهو ما يعني أنه سوف يجمع له (قرشين) يكفوه شر السؤال بعد الاعتزال،كما كان كلامها يحمل آمالا عريضة في أن أبيها لو اعتزل الكلام فسوف يجمع من الأموال ما يؤمن لها هي وشقيقاتها مستقبلا مرموقا وهي لا تدري أن حتي البيض والطماطم قد يصبحان عملة نادرة في حياة الكثيرين ممن اتخذوا الكتابة أكل عيش ثم تركوها لسبب أو لآخر وأن أقسي مايتعرض له الكاتب ليس هو الضرب بالبيض والطماطم ولكن أن ينفض القراء من حوله ولا يقرأون مايكتبه ولا يتفاعلون معه سواء اتفقوا مع ما يكتبه أو اختلفوا.
حاولت أن أشرح كل ذلك لكلمات بلغة بسيطة تناسب عمرها لكن بدا واضحا أنها لم تفهم قصدي حتي عندما قلت بكل وضوح:لو تضمنيلي قرشين كويسين مستعد ابطل فوراً مش بس الكتابة لأ والقراية كمان وكل حاجة متعلقة بالورقة والقلم لكن بدا واضحاً أن تأثير الأفلام الهندية التي تدمنها قوياً جداً حيث استمرت في شرح أحلامها الخيالية التي من الممكن أن تتحقق إذا ماقمت أنا بالاعتزال وجمعت لها من(القرشين)مايكفي للسكن في قصر من قصور المسلسلات المصرية أو علي الأقل فيلا في التجمع الخامس وامتلاك سيارة لا يمتلك مثلها سوي بيل جيتس أو علي الأقل نجيب ساويرس وشراء طائرة خاصة تستطيع أن تذهب بها للمدرسة بدلا من ركوب ميكروباص تنحشر فيه مع زميلاتها ورفضت كلمات أن تتواضع لتركب طائرة ربما يمتلك مثلها بيل جيتس أو ساويرس وقالت أن المصنع الذي سيصنع لها طائرتها لابد من نسفه بعد أن ينتهي من صناعة طائرة لا تنبغي لأحد من بعدها!.
سرحت بخيالي مع أحلام كلمات وأوشكت أن اصدقها لدرجة أني قلت لنفسي: وليه لأ؟ .. ماتجرب ياض تكتب مقال اعتزال تقول فيه للقاريء الكريم أنك قررت الاعتزال مطمئناً إياه بأنه لن يكون في حاجة لمقالات ساخرة بعد انتخاب البرلمان الجديد الذي يقدم وجبة من السخرية لن يستطيع كاتب مهما بلغت موهبته أن يقدم للناس ولو ربعها،وهكذا أوشكت علي الاقتناع بالفكرة التي سوف تضرب عدة عصافير بحجر أولها هو الفرحة التي قد تشعر بها كلمات عندما أعود للبيت صائحا:خلاص ياكالي اعتزلت الكلام والثاني أني أسوق الهبل علي الشيطنة واعلن عن حفل كبير في ستاد القاهرة لتوديع القراء وتخصيص الإيراد لتحقيق أحلام كلمات،مين عارف مش يمكن بجد أخرج من اعتزال الكتابة بقرشين بينما لم أخرج من احترافها سوي بعظم قد وهن مني ورأس قد اشتعل شيبا؟
وهكذا تمكنت مني الفكرة واستمتعت وأنا أتخيل ردود فعل كل من سيعرف بخبر اعتزالي الكتابة سواء ممن يحبوني حتي لو كتبت أي كلام أو ممن لا يعتبرون كلماتي سوي سراب بقيعه كانوا يحسبونه ماء فلما قرأوها لم يجدوها شيئا..
وفي لحظات لملمت أوراقي وأقلامي وقبل أن أصرخ بها مدويا:اعتزلت الكلام إذا بتليفون من صديقي العزيز السيد النجار رئيس تحرير أخبار اليوم أعقبه تليفون من فنان أخبار اليوم المتميز هاني شمس يحمل دعوة لكتابة مقال في هذا الملحق الرائع فوجدتني دون تردد أضرب بأحلام كلمات عرض الحائط وامزق قرار الاعتزال واسرع للورقة والقلم لاكتب هذه(الشخاليل) وقد جاء اختيارهذا العنوان لعدة أسباب منها ارتباط الشخللة بالفلوس حيث دائماً ماتقول لي زوجتي:شخلل جيبك،يعني هات فلوس فالجيب الفارغ من النقود لا يصدر أي شخللة فقلت ربما تكون الشخللة بداية علاقة جيدة بيني وبين الفلوس التي تخاصمني من زمان كما أن الشخللة هي هذا الصوت الذي نصدره عندما نجد طفلا يبكي ونريد أن نلفت نظره ليدع البكاء ويترك همومه وراء ظهره ويبتسم من جديد وأظننا كلنا في هذه المرحلة هو هذا الطفل الذي يحتاج إلي (شخللة)!






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..للقراء كامل الحرية فى التعبير عن آرائهم عن طريق التعليقات..
.. ولكن يمنع استخدام ألفاظ مسيئة أو السباب أو التعرض لحريات الآخرين.