عرض الحائط
وجلبوا مئات الأطنان من السلع التي تحتوى على مكونات خطرة.
المصريون في خطر.. إدخال "سلع خطرة" دون فحصٍ بـ"تريليون و٥٠٠ مليار جنيه" خلال 5 سنوات
90 مليون مواطن مصري، هم وحدهم الذين يدفعون ثمن عبث الحكومات المتعاقبة بحياتهم وصحتهم ومستقبل أبنائهم، عبر السماح بالاستيراد العشوائي لكافة السلع الرديئة والسامة دون رقابة من الجهات المختصة.
تفاصيل هذه القضية ليس لها وصف سوى أنها جريمة مكتملة الأركان، تورطت فيها الحكومة عمدًا مع سبق الإصرار والترصد، عبر الموافقة على تمرير دخول صفقات من السلع المستوردة لصالح رجال أعمال من الوزن الثقيل دون اتباع للقواعد المعمول بها عالميا وبدون شروط تحدد المواصفات القياسية أو الصلاحية لتلك السلع.
ليس سرًا أن السلع الرديئة والخطرة التي يتم استيرادها من الخارج أغرقت الأسواق المصرية، وليس سرًا أنها تلقى رواجًا في أوساط المستهلكين على اختلاف شرائحهم الاجتماعية، رغم علمهم أنها تحتوي على مكونات خطرة.
ورغم ذلك فالتقديرات الرسمية لحجم استيراد تلك السلع الكارثية ابتلعت تريليون وخمسمائة مليار جنيه خلال ٥ سنوات بواقع من ٣٠٠ - ٣٥٠ مليار جنيه سنويا، من بينها ٧ مليارات فقط لاستيراد المواد الغذائية، على رأسها القمح وزيوت الطعام، يضاف إلى هذه الأرقام الضخمة نحو ٤٠ مليار جنيه أخرى تدخل في نطاق التجارة السرية، هي عبارة عن حجم السلع المهربة بالأساليب المختلفة، منها الملابس بـ٧ مليارات والتبغ بـ١٣ مليار جنيه إلى جانب سلع أخرى خاصة المنشطات الجنسية التي ملأت الصيدليات والأرصفة.
فوفقا للبيانات الرسمية بسجلات مصلحة الجمارك والأجهزة الرقابية يتم ضبط ما قيمته ٤ مليارات جنيه سنويا، وعلى حسب القاعدة المتعارف عليها من الناحية الأمنية بأن المضبوطات لا توازى سوى ١٠٪ وبالتالي يصبح حجم السلع المهربة ٤٠ مليار جنيه سنويا.
أما السلع المستوردة الخطرة التي تدخل الموانئ بصورة رسمية فحدث عنها ولا حرج، لأنها تملأ الأسواق والبيوت ودواوين الحكومة والمصانع وشركات البترول.
وهى عبارة عن مواد إطفاء الحرائق «البودرة الرغاوى» وقطع غيار السيارات والمعدات ومواد التنقية المستخدمة في محطات مياه الشرب «المرشحات » والكيماويات بأنواعها المختلفة وأدوات المائدة والملابس ولعب الأطفال والأدوات الكهربائية، إلى جانب الألعاب النارية رغم حظر استيرادها وتداولها وفق القانون المصرى... إلخ.
والخطورة المترتبة على تلك السلع أصبحت الشغل الشاغل في أوساط المتخصصين وخبراء معامل الرقابة على الواردات بعد أن تبين عدم صلاحيتها.
هنا سنتوقف أمام نوع معين من السلع المستوردة وهى «مواد الإطفاء» عقب الحرائق التي اندلعت في كثير من المنشآت لعل آخرها مركز المؤتمرات وشركة النصر للبترول.
فقد ثبت أن المواد المستخدمة سواء البودرة أو الرغاوى ليست فعالة بما يكفي لإخماد النيران أو الحد من انتشارها، ليس هذا وحسب بل تحمل في ذات الوقت مخاطر تتمثل في احتوائها على مواد شديدة السمية «بيكربونات الصوديوم - الأمونيوم» الأمر الذي دفع لطرح التساؤلات حول ظروف دخولها للبلاد مع غيرها من السلع والمواد الكيماوية.
والشهادة اللغز التي أشار لها وزير التجارة والصناعة، كانت ترجمة لقرار أصدره رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة في عهد مبارك.
القرار يحمل رقم ١٥٩، نشر بجريدة الوقائع المصرية بتاريخ ٢٨ فبراير ٢٠١٠. مفاده «الإفراج عن جميع السلع غير الغذائية بالفحص الظاهرى فقط، أي مطابقة شهادات البيانات المرفقة بما هو مدون على العبوات».
أما مضمونه فهو أمر كارثي، يتيح للمستوردين إدخال السلع بصورة عشوائية لا تخضع للمعايير والمواصفات المطلوبة، فضلا عن غل يد الجهات المختصة بالرقابة عن أداء دورها بفحص الواردات أو التأكد من سلامتها معمليا.
والكارثة الحقيقية التي تقف وراء دخول تلك السلع هي قرار حكومى يتيح عدم الرقابة عليها بما يعنى تحصين ارتكاب الجرائم وحمايتها بقرار وزارى، فضلا عن التشجيع على ارتكاب أعمال التزوير في البيانات.
التفاصيل وحدها كاشفة وفاضحة لأبعاد الجريمة وحجمها وتداعياتها على الشأن العام بكل تفاصيله المتعلقة بالصحة والأوضاع الاقتصادية وغيرها من الأمور المرتبطة بالحماية من الكوارث.
إن مراكز القوى في هيئة الرقابة على الصادرات والواردات ومافيا الاستيراد ضربوا بالمواصفات القياسية عرض الحائط، وجلبوا مئات الأطنان من السلع التي تحتوى على مكونات خطرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
..للقراء كامل الحرية فى التعبير عن آرائهم عن طريق التعليقات..
.. ولكن يمنع استخدام ألفاظ مسيئة أو السباب أو التعرض لحريات الآخرين.