عندما يطول العمر بالإنسان ويشعر بدنو أجله
فمنهم من يدعو الله
أن يعيش أكثر وأن يعطيه الصحة
ليستطيع
أن يستمتع أكثر بالحياة
ومنهم من لا يريد أن يعيش أكثر من ذلك ويتمنى الموت
وعندما ينظر الأول بالمرآة يجد أن صورته قد تغيرت ولم يعد يعرف حتى نفسه، هل هذا هو الشخص الذى يعرفه منذ خمسين عاما أو أكثر،
لا يجد الصورة التى كان عليها، ولكن يرى صورة أخرى يحاول أن يتكيف معها ويرضى بها، فهى كل ما تبقى له غير عمله، ولقد عمل الزمن مفعوله وأصبح لا يستطيع حتى الوقوف مصلوب الطول كسابق عهده، وتأخذه الذاكرة إلى الوراء عندما كان بكامل صحته وعنفوان شبابه يظلم هذا ويسب هذا و يفترى على خلق الله، ولم يكن يهتم بمشاعر الآخرين ولم يردعه رادع إلا الله.
ولكن الزمن قد غلبه ولقد فارقه الأحبة والمقربون من قلبه ولم يعد من أخوته وأبنائه وأهله سوى القليل منهم، يعدون على الأصابع، وتداعبه الذكريات عندما كان صغيرًا شقيًا يلعب ويلهو ويضرب أصحابه بالمدرسة، وعندما كبر قليلا إذا خاطبه أحد كان يتمنى أن يعامله هذا الشخص أكبر من سنه ويعطى نفسه عمرًا أكبر كى يعامل باحترام كالرجال، لكن جاءت اللحظة التى يتمنى أن يكون فيها أصغر سنا ويعيش الحياة مرة أخرى بحلوها ومرها، ولكن هيهات هيهات العمر ولى وفات ولم تتبق إلا الذكريات والتنهدات ويرجو من الله أن يعينه على قضاء أبسط الأشياء فلقد أصبح يمشى بعكاز يسانده ولا يقوى على تذكر أبسط الأشياء، فكان الله معه يعينه ويساعده فهو يعيش على الذكريات.
والآخر من يتمنى أن يرحل ويلحق بالأخوات والأولاد ويترك الدنيا وآلامها وأحزانها ويصل إلى رحمات الله، ولكنه فجاءه يتذكر أن عمله لم يكتمل وأن دوره فى الحياة لم ينته بعد، لأنه لم يفعل شيئا كبيرا فى الحياة يدخله جنة الرحمن، فيبدأ فى التفكير ماذا يفعل ليدخل به جنة الرحمن ويستحق دخولها ويفكر ويفكر كثيرا ولا يجد شيئا يقدر عليه الآن فإن صحته ضاعت وعمره قارب على الانتهاء ولا تساعده صحته على فعل الخير فكيف يصل رحمه الذى قطعه منذ زمن بعيد وكيف يصالح من أغضبه فى فترات من حياته.
كل هذا يحتاج منه أن يكون قوى البنيان صحيح الجسد كي يستطيع أن يقوم بذلك، فإن قدراته أصبحت ضعيفة وخطواته أصبحت بطيئة ولم يعد قادرا على شيء من هذه الأشياء ويلتمس من غيره المساعدة والمساندة، ولكن الكل مشغول بهمه فقط ويعمل جاهدا ويحاول أن يخلص فى عمله كى ينال رضى ربه، وإذا وجد من يساعده على فعل الخير يدعو له، فهذا الذى يقدر عليه الآن، فتكون هذه المساعدة من رضى الرحمن عليه كي يدخل جنته بعمل من الأعمال التى ترضى الله عليه.. فإن الله عفو وغفور يحب العفو فيعفو عنه، وقد يكون ذلك بسبب رغبته الشديدة ومحاولته فى إرضاء ربه حتى لو كان فى آخر عمره، فالعبرة بخواتيم الأعمال فيا ليتنا جميعا نعتبر قبل فوات الأوان ولا ننتظر أن نتوب فى آخر العمر والزمان فلا نضمن أن يطول العمر بنا، وإن طال فقد لا نتمكن من أن نرضى ربنا رب الأكوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
..للقراء كامل الحرية فى التعبير عن آرائهم عن طريق التعليقات..
.. ولكن يمنع استخدام ألفاظ مسيئة أو السباب أو التعرض لحريات الآخرين.