الثلاثاء، 21 يونيو 2011

الجنسية المزدوجة للهروب من مواجهة المساءلة أمام القضاء


الجنسية المزدوجة‏ ... لعبـــة دهـــاء‏ ...!! 
للهروب من المحاكمات 

ما حدث في قضية رجل الاعمال الهارب في اسبانيا حسين سلم كشف عن كيفية استخدام لعبة الجنسية المزدوجة في الاحتماء بدولة أخري للهروب من مواجهة المساءلة أمام القضاء. من خلال الحصول علي جنسية دولة أخري تظل في الخفاء ولا يعلن عنها إلا وقت اللزوم! فالحصول علي الجنسية من دولة أجنبية أحيانا يكون هدفا غايته الهروب من مواجهة القضاء في الدولة التي ينتمي إليها الشخص الذي قام بارتكاب الجرائم علي أرض الدولة التي يعيش فيها.
وعندما توجه اليه أصابع الاتهام يفر هاربا الي الدولة الأخري التي يحمل جنسيتها ليعيش حرا لا يحاسبه أحد علي جرائمه, فورقة الجنسية غير المصرية هي الجوكر الذي يكسب به الماهر في اللعبة بعد أن يجمع الثروات التي لا حصر لها ولا عدد والتساؤل الذي يطرح نفسه, هل بهذه الطريقة يتمكن المتهمون من الهروب أم أن القانون يلاحقهم والاتفاقيات الدولية تمكن من الوصول اليهم ومحاكمتهم؟ في البداية يوضح د.أبو العلا النمر رئيس قسم القانون الدولي الخاص بكلية الحقوق جامعة عين شمس أن قانون تنظيم الجنسية يحكمه مبدأ رئيسي وهو حرية الدولة في تنظيم جنسيتها الوطنية وفقا لظروفها بدون النظر إلي موقف القوانين الأجنبية الأخري, وقانون الجنسية المصرية يسمح للمواطن المصري أن يكتسب جنسية دولة أجنبية ولا يترتب علي هذا الاكتساب فقده للجنسية المصرية الا بشرط موافقة الدولة علي فقده لها, ومن يطلب الاذن من الدولة للحصول علي جنسية دولة اخري فإنه يعني أنه يريد أن يتخلي عن جنسية المصرية فإذا نجح في حصوله علي الجنسية الأجنبية يترتب علي ذلك فقده للجنسية المصرية في نفس اللحظة, فان الحكومة أعلم بأنه يتخلي عن الجنسية المصرية ومعظم رجال الأعمال يحسبونها صح ولديهم مستشارون قانونين يحاولون الاستفادة من القصور في القانون الدولي, فيحصل رجل الأعمال علي الجنسية من الدولة الأخري وتظل هذه الجنسية سرا لا يعرفه أحد وتظهر فقط عند اللزوم!
تنازع بين الجنسيات ويستطرد د. النمر قائلا أن في حالة حسين سالم فهو لم يحصل علي اذن من مصر بحصولة علي الجنسية الأسبانية وهذا يعني أنه يظل محتفظا بالجنسية الأسبانية ولكن يجوز لمجلس الوزراء معاقبته ـ إذا أراد ـ بإسقاط الجنسية عنه أخذا بمبدأ احترام هيبة الدولة والحكومة, ونحن لا نهتم ولا يعنينا بصفة أساسية قانون الجنسية الأسباني ونعامل حسين سالم بإعتباره مصريا أي أن منحه أو اسقاط الجنسية عنه مرجعه أحكام قانون الجنسية المصري, وإذا كان قد حصل علي جنسية دولة أجنبية فهذا لا يترتب عليه اسقاط الجنسية المصرية ونحن الأن امام قضية صعبة وشائكة لأن تسليم حسين سالم من أسبانيا لمصر سوف يتم في إطار الاتفاقيات الدولية لتسليم الهاربين وهي تحدد ضمانات لحماية المجرم كإنسان, والمشكلة التي نواجهها أيضا أن أسبانيا تعامله كمواطن أسباني ومصر تعامله كمواطن مصري, وهذا يعد تنازعا بين الجنسيات واذا احتدم الخلاف بين الدولتين ووصل الأمر للقضاء الدولي لابد أن تحسمه جهه دولية مثل محكمة العدل الدولية - وهو ما حدث في كثير من القضاياالتي ترجع الأمر في حالة تنازع الجنسيات الي ما يطلق عليه الجنسية الفعلية وبالنسبة لحالة حسين سالم فان جنسيتة الفعلية هي المصرية.

ونحن لسنا بحاجة لأن نفكر في آليات لمعالجة ظاهرة تعدد الجنسيات لأن قانون الجنسية الحالي رقم154 لسنة2004 به ضوابط لعلاج هذه المشكلة ويقرر تسع حالات لاسقاط الجنسية. ويطالب د.ابو العلا النمر بأن تنتبه البلد لخطورة ظاهرة ازدواج الجنسية باعتبار أنها وسيلة من جانب قلة عديمة الانتماء لمصر لتتخذ من كسب الجنسية وسيلة للأحتماء والاستقواء بدولة اجنبية علي حساب المصلحة الوطنية, ولابد من اعلاء شأن الجنسية المصرية باعتبارها شرفا لنا يجب الحفاظ عليه. ويري د.عنايت عبد الحميد ثابت أستاذ القانون الدولي الخاص بحقوق القاهرة أن مجرد رغبة مواطن مصري في التمرد أو التنازل عن جنسيتة المصرية ليس من شأنه أن يفقده الجنسية, لأن هذا الأمر له شروط, فإذا أراد أن يتخذ من هذه الذريعة وسيلة للهروب من جرم ارتكبه فهي وسيلة غير مجدية, ولا يشترط في معظم الجرائم أن يكون الجاني مصريا بل يقع تحت طائلة العقاب حتي لو كان مزدوج الجنسية, فهناك اتفاقيات تنظم هذه المسائل لتسليم المجرمين, والمواطن الذي يسعي لاكتساب جنسية أخري غير الدولة التي ينتمي اليها, فهو مجرد طلب للحماية منها, ولكن هذا يتم دون التجرد من الجنسية المصرية, وأعتقد أنها قاعدة منطقية أنه لا يجوز للدولة أن تتمسك بمبدأ عدم جواز تسليم مواطنيها في مواجهة الدولة التي ينتمي اليها هذا المواطن وأري انه يجب المطالبة باسترداد حسين سالم لنقوم نحن بمحاكمته فنحن المعتدي علينا وأصحاب الشأن في العقاب, كما أن استرداد الأموال المنهوبة لا ترتبط باسترداده كشخص, ولكن الأمر يقتضي الحصول علي أحكام نهائية من القضاء المصري الازدواج ليس جريمة ويوضح د.حسام لطفي المحامي الدولي وأستاذ القانون بحقوق بني سويف جامعة القاهرة ان القانون المصري تم تعديله في أوائل التسعينات تيسير ازدواج الجنسية بعد أن كانت القوانين السابقة المنظمة للجنسية لا ترحب بازدواجها ولكي نسترد متهما هاربا ومزدوج الجنسية لابد أن تكون هناك محاكمة جدية وضمانات جدية في تحقيق العدالة والا لن يقبل ملف الاسترداد, ومصر الأن خاضعة لحكم عسكري والمحاكمات تتم تحت ضغط الشارع, فالطلب الذي يقدم لأي دولة قد تكون فرصة قبوله ضعيفة لدرجة أن المحامي عن المتهم الهارب سيبذل كل جهده للتأكيد علي أن هذه الجريمة سياسية وليست قضائية عادلة.
قواعد صارمة ولو طبقنا هذا سنجد أنه لابد أن هذه الأمور تحكمها قواعد صارمة ـ كما يقول د.حسام لطفي من هنا يجب أن تأخذ المحاكمات وقتها لا نقول التباطؤ فيها لكن قد تستغرق عدة أسابيع, كما يجب علي الجهاز الأمني داخليا وخارجيا أن يعد ملفات مستوفية لشروط كل دولة معنية حتي لا نفاجأ برفض التسليم ولدينا تجربة سابقة في اليونان مع المرأة الحديدية والتي رفض تسليمها لأن الشروط لم تكن مستوفاة. لذا يجب اعداد الملفات اعدادا جيدا وهذا مرتبط بمعرفة القواعد الخاصة بتسليم المجرمين الهاربين بالنسبة لكل دولة علي حدة في ضوء الاتفاقيات الدولية والاقليمية, والمجهود تتم مضاعفته اذا كانت الدولة لا تربطنا بها أتفاقيات دولية, وهذا يتطلب التعاون مع مكاتب أجنبية للمحاماة حتي يراعي البعد الخاص بالبيئة القانونية. واسقاط الجنسية المصرية أو اكتساب جنسية أجنبية لا تمنع من محاسبة حسين سالم لأنه مطلوب في قضية جنائية, ولكن يجب التركيزعلي استيفاء الاجراءات القانونية للتسليم, والعبرة بتاريخ ارتكابه للجريمة, حتي لو كان أجنبيا لابد أن نطالب بتسليمه فنحن نحاكم أجانب, وهناك ثلاثة معايير للأختصاص معيار الاقليمية أي ارتكب الجريمة علي أرض مصر, معيار العينية أي هناك جرائم بعينها يحاكم مرتكبها أمام القضاء المصري ولو كان ارتكبها بالخارج, ومعيار الشخصية أي نتعقب المصري أيا كان مكانه مادام الفعل المنسوب اليه يشكل جريمة طبقا للقانون المصري, والأصل في المحاكمة هو الاقليمية والاستثناء هو العينية أو الشخصية, والقانون يسمح بمحاكمة حسين سالم علي أرض مصر حتي لو سقطت عنه الجنسية المصرية.
ويقول د. محمود لطفي مدرس القانون الخاص بحقوق عين شمس التخلي عن الجنسية المصرية أو اكتسابها لا يخضع لارادة الشخص المنفردة لا ويجوز أن القانون الأسباني يشترط للحصول علي الجنسية الأسبانية الاقامة لمدة عشر سنوات متتالية فهل تم استيفاء هذا الشرط؟
وفي المادة25 منه ينص علي أنه يتم سحب الجنسية من الشخص الذي تبين أنه حصل عليها بالتحايل أو بأوراق مزورة, كما يشترط اكتسابه الجنسية أن يكون قد تخلي عن الجنسية المصرية, ويفقد الجنسية الأسبانية اذا ثبت أنه يحمل جنسية أخري لمدة ثلاث سنوات, فاذا أخذنا بالجنسية الأسبانية نجده قد يكون فقد جنسيه المصرية والعكس اذا أخذنا جنسيته المصرية يفقد الأسبانية, وإن كان القضاء الأسباني يحتجز حسين سالم لأنه متهم بعدة تهم وفي حالة ثبوت ارتكابه الجرائم لن يتم تسليمه الا بعد محاكمته هناك فلابد من الوقوف علي أي جنسية له الأن, وهذا يتم الوصول اليه بداية من كونه حصل علي اذن من الداخلية أم لا. أما اسلام هاشم المحامي والناشط في مجال حقوق الانسان فيري أن ازدواج الجنسية منفذ ذكي للهروب من المحاكمات لأن المتهم لو فقد الجنسية المصرية البلد الأخري لن يسلمه وفقا للقانون حيث لا يجوز للدول تسليم مواطنيها, بل تتم محاسبة المواطن في البلد الذي يحمل جنسيته وفقا لقوانينه, ولكن يمكن استرجاع الأموال عن الطريق الدبلوماسي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

..للقراء كامل الحرية فى التعبير عن آرائهم عن طريق التعليقات..
.. ولكن يمنع استخدام ألفاظ مسيئة أو السباب أو التعرض لحريات الآخرين.